مبيدات الحشرات.. وعقم الرجال

مواد كيميائية خطرة رصدت في أجسام نسبة كبيرة من الأميركيين

TT

المادة الكيميائية التي هي موضع التساؤل هي مادة «كلورباريفوس» chlorpyrifos، القاتلة للحشرات، وهي سامة لنطاق واسع من الأحياء، بدلا من قتلها لنوع حي واحد.

ورغم تصنيفها على انها «غير طويلة المدى»، عند استعمالها داخل المنازل او المباني، او تسربها من الخارج إليها، إلا أنها تظل موجودة لفترات طويلة. وفي إحدى الحالات، على سبيل المثال، فقد رصدت في هواء منزل لأحدى الأسر بعد أربع سنوات من استعمالها في داخله.

في عام 1999 استعملت في الولايات المتحدة كمية تراوحت بين 13 و19 مليون رطل (الرطل يبلغ نحو 453 غراما) من «كلورباريفوس». وكانت النتيجة ان حددت وكالة حماية البيئة أطر استعمال هذه المادة للأغراض المنزلية. إلا أن مسحا اجري في عامي 1999 ـ 2000، أعلن عن رصد مادة TCPY، وهي أحد نواتج التمثيل الغذائي لـ«كلورباريفوس» داخل الجسم، في عينات البول لدى 90 في المائة من الرجال الأميركيين.

كما ان مبيدا آخر للحشرات يرتبط به، هو «كارباريل» (سيفين) (carbaryl (Sevin، لا يزال يستعمل على نطاق واسع في الحدائق. لذلك فإن احد نواتج التمثيل الغذائي له داخل الجسم، المسمى 1N، قد رصد في بول 75 في المائة من الرجال الأميركيين.

ان التعرض لهذه المبيدات الحشرية شائع من دون شك، لكن هل يهمنا ذلك؟، ان الأبحاث تفترض انه قد يهمنا. ففي سلسلة من الدراسات، أفاد الباحثون ان الرجال الذين رصدت لديهم مستويات عالية من TCPY و1N في البول، سجلت لديهم أعدادا اقل من الحيامن، ودلائل على حدوث أضرار في الحمض النووي «دي ان ايه» في خلايا الحيامن، وتدهورا في حركية الحيامن.

وقد دققت الدراسة الأخيرة في الصلة بين التعرض لمبيدات الحشرات وبين مستويات الهورمونات. وخضع للدراسة 268 من الرجال في ولاية ماساشوستس، جرى تقييم حالاتهم بين عامي 2000 و2003. وقدم كل رجل عينات من البول ومن الدم لدى زيارتهم العيادة الطبية. ثم قاس الباحثون تركيز TCPY و1N في البول، ومستويات العديد من الهورمونات التناسلية في الدم.

وربطت المستويات العالية لـTCPY و1N في البول، مع المستويات المنخفضة لهورمون التيستوستيرون في الدم. فكلما كان مستوى نواتج التمثيل الغذائي لمركبات مبيدات الحشرات أعلى، كلما كانت مستويات التيستوستيرون أدنى، فقد انخفض مستوى التيستوستيرون في المتوسط بـ83 نانوغراما لكل ديسيلتر لدى الرجال الذين رصدت لديهم مستويات عالية من نواتج التمثيل الغذائي لمركبات مبيدات الحشرات، مقارنة بالرجال الآخرين الذين كانت مستويات تلك النواتج اقل لديهم.

وكشف الباحثون من بوسطن واتلنتا عن الصلة بين التعرض للمبيدات الحشرية وبين مستويات التيستوستيرون والقياسات المتنوعة لنوعية الحيامن. وهذه المعلومات مهمة، إلا ان الدراسات لم تفلح في التأكد من العلاقة بين السبب والنتيجة. بل، وحتى إن وجدت مثل هذه العلاقة، فإن هناك حاجة لإجراء أبحاث أكثر للتعرف على تأثيرها في القدرة التناسلية وعلى الجوانب الصحية الأخرى.

الرجال الأصحاء لديهم الكثير من احتياطات الهورمونات وخلايا الحيوانات المنوية، لذلك فإن التغيرات المعتدلة قد لا تضر شخصا معينا. لكن وبما ان مبيدات الحشرات تستعمل على نطاق واسع، فإن تغيرا حتى ولو كان طفيفا، يمكن أن يكون مهما لبعض الأشخاص، وإن حدث وان ظهرت هذه التغيرات لدى عدد أكثر من الناس، فإنها قد تؤثر في عموم السكان.

وقد يتطلب الأمر وقتا أكثر كي ينجح العلماء في حل هذه المسألة. وفي الوقت الحالي فإن على الأشخاص الذين يستعملون مبيدات الحشرات، الحذر. وينبغي التعامل دوما بحذر مع المواد الكيميائية، ويجب اتباع الإرشادات. ومن المهم التذكر على وجه الخصوص عدم استعمال المواد الكيميائية المخصصة للاستعمال خارج المباني، داخلها، لأن ذلك يبعدها عن أشعة الشمس، والمطر، وتذبذب درجات الحرارة، والميكروبات، التي تؤدي الى سرعة تحللها في الحدائق. أروع الأمور ان تحمي حديقتك.. لكن تذكر ان تحمي نفسك أيضا!.

* خدمة هارفارد الطبية بريزيدانت آند فيلوز ـ كلية هارفارد