جوانب مختلفة.. لاهتمام الطب القديم والحديث

«لا بد من (الرجلة) ولو تعددت الأسماء»

TT

* وفق تصنيف إدارة الغذاء والدواء الأميركية لأنواع الأطعمة، تعتبر نبتة «الرجلة» عشبا ذا أوراق عريضة. وهناك عدة تفسيرات للأسماء المتعددة لنبات «الرجلة» في مختلف المناطق العربية، فقد سماها البعض «الرجلة» واشتقوا ذلك من تشبيه أوراقها بأرجل الدجاج، وهناك من سموها «الرجيلة» واشتقوا ذلك من الرجلة، وهو مسيل الماء. ومن نموها على ضفاف جداول الماء اختلفت التسمية بين «البقلة الحمقاء» و«البقلة المباركة». وهناك من يسميها «فرفح» أو «فرفحين» أو «ذنب الفرس» أو غير ذلك من التسميات التي تقصد بها تلك النبتة التي تسمى علميا (Portulacae oleracea).

و«الرجلة» عشب حولي، ينمو بكثرة في فصلي الربيع والصيف، ويحتاج إلى الماء باستمرار، مما يبرر تفضيلها النمو بالقرب من جداول ومجاري المياه العذبة. وبعض أنواعها تنمو بانتصاب، والأخرى تنبسط على سطح التربة، وأوراقها بيضاوية الشكل. وبالرغم من انتشار نموها في جميع أنحاء العالم فإن موطنها الأصلي يمتد فيما بين الهند وإيران وشرق البحر المتوسط. ووفق ما يشير إليه الباحثون من جامعة هارفارد فإن «الرجلة» أحد أكثر ثمانية نباتات انتشارا في الكرة الأرضية.

واستخدمها الطب الصيني لخفض الحمى ووقف نزيف الجروح وتخفيف أعراض أمراض التنفس، واستخدمها الطب الهندي وغيره في معالجة أمراض الجلد والالتهابات الخرّاجية فيه والحروق والتهابات الفم ونزيف البواسير ومشكلات مجاري البول وغيرها، ولذا كانت الطعام المفضل لدى غاندي.

ووصفها الأطباء العرب بأنها تمتلك قدرات على التبريد، سواء في الجلد أو البطن أو عموم الجسم، وقدرات قابضة تخفف من نزيف الجلد وما بعد الولادة والحيض، وتؤدي إلى وقف الإسهال، وعلاج قروح الفم، وغيرها. إلا أنهم حذروا من كثرة تناولها بالنسبة إلى الرجال، لأن الإكثار منها يؤدي إلى خفض مستوى الرغبة الجنسية وإلى الإمساك.

وفي الطب الحديث، هناك القليل من الدراسات العلمية الجادة حول التأثيرات المباشرة لأوراق «الرجلة» إذا ما استخدمت كعلاج، وليس فقط كغذاء صحي. وغالبيتها تمت على الحيوانات في المختبرات، مما يفرض إجراء دراسات أفضل على أمراض الإنسان إن أمكن ذلك. وسنعرض بعضا من أمثلة تلك الدراسات.

ووفق ما تم نشره ضمن عدد أكتوبر (تشرين الأول) 2003 لمجلة «إثنوفارماكولوجي» (Journal Of Ethnopharmacology)، أو الصيدلة العِرقية، قام كل من الدكتور رشيد والدكتور عفيفي، من كلية الصيدلة بجامعة الأردن، بتقييم قدرات تسهيل شفاء والتئام الجروح لدى الفئران بالمختبرات، ولاحظوا أن وضع «الرجلة» الطازجة على أطراف الجروح يسرع في التئامها.

كما نشر الباحثون من كلية الصيدلة بجامعة مشهد الإيرانية، وضمن عدد يناير (كانون الثاني) 2004 من مجلة «فايتوثيرابي ريسيرش» البريطانية (Phytotherapy Research) لأبحاث العلاج بالنباتات، نتائج فحصهم لتأثير أوراق «الرجلة» على قروح المعدة عند الفئران، وكانت ملاحظتهم أنها سهلت شفاءها. وفي عدد يوليو (تموز) 2004 من مجلة «إثنوفارماكولوجي» الأميركية، نشر باحثون آخرون من مشهد بإيران نتائج متابعتهم تأثيرات تناول شراب من أوراق «الرجلة» المغلية، على الشعب الهوائية لدى مجموعة من مرضى الربو، ولاحظوا أنها ذات تأثيرات إيجابية على تسهيل استرخاء عضلات الشعب الهوائية، وباختبار وظائف الرئة، ووجدوا أن تأثير شراب «الرجلة» مقارب لتأثير عقار ثيوفيللين (theophylline)، ولكنه أقل من تأثير عقار سالبيوتامول (salbutamol)، أي فينتولين.

أما الصينيون فنشروا في عام 2007 دراستين حول تأثير «الرجلة» على الجهاز العصبي، الأولى للباحثين من مركز الطب التجريبي في مدينة وهان، ونشرت ضمن عدد ديسمبر (كانون الأول) 2007 لمجلة «كيميكال بيولجي إنترأكشن» (Chem Biol Interact) للتفاعلات الحيوية الكيميائية، حول حماية مستخلص «الرجلة» للتأثيرات المتلفة للأعصاب لمادة «دي ـ غالاكتوز»، وقالوا إنهم لاحظوا تأثيرات وقائية عصبية إيجابية لدى الفئران التي تحقن بهذه المادة. والدراسة الثانية نشرت في «المجلة الآسيوية الباسيفيكية للتغذية الإكلينيكية»، ولاحظوا أن لـ«الرجلة» تأثيرات وقائية لحماية أعصاب الفئران من نقص تزويدها بالأكسجين حال تدني تدفق الدم إليها.

وللباحثين الصينيين واليابانيين وغيرهم دراسات أخرى متعددة حول المواد المضادة للجراثيم في أوراق «الرجلة»، سواء من جهة معالجة الإسهال أو التهابات الفم أو الجروح الجلدية أو غيرها.