التهابات السحايا عند الأطفال.. أنواعها ومسبباتها

تنجم عن عدوى بالبكتيريا والفيروسات

TT

تحدثنا في عدد سابق من «صحتك» عن مرض الحمى المخية الشوكية (التهاب السحايا)، وذكرنا أنه مرض جرثومي حاد، وأن البكتيريا الرئيسية المسببة له هي المكورات السحائية (Meningococci). إلا أن هناك مسببات أخرى لا تقل أهمية مثل الهيموفلس بي (Haemophilus) والمكورات الرئوية (Pneumococci) والإصابة بالعدوى الفيروسية.. ونتطرق هنا لهذه الأنواع.

المستدمية النزلية

* التهاب السحايا بالمستدمية النزلية (Haemophilus ـ B) مرض شائع الانتشار في جميع أنحاء العالم، وأكثر حدوثا بين الأطفال في الفئة العمرية من شهرين إلى ثلاث سنوات، إلا أنه نادرا ما يحدث فوق عمر خمس سنوات. وفي الدول النامية اكتشفت أغلب الحالات دون عمر ستة أشهر، وفي الولايات المتحدة في الأطفال بين 6 و12 شهرا.

وحاليا ونتيجة لاستعمال اللقاح ضد المرض في مرحلة الطفولة المبكرة بدأت تظهر الحالات بين الكبار، وتحدث الحالات الثانوية بين أفراد الأسرة والمخالطين في مراكز الحضانة.

يتميز المرض بأنه بكتيري، ذو بدء فجائي أو تدريجي، يتميز بحمى وقيء وخمول والتهاب السحايا مع انتفاخ اليافوخ عند الأطفال الصغار وتصلب الرقبة والظهر في الأطفال الأكبر عمرا، وأحيانا تحدث غيبوبة وقد تصاحبها حمى خفيفة لعدة أيام مع ظهور أعراض التهاب الجهاز العصبي المركزي.

يسبب المرض، في أكثر الأحيان، ميكروب المستديمة النزلية النوع بي (HIB)، وقد يسبب هذا الميكروب التهاب المزمار والالتهاب الرئوي والتهاب الخلايا والتهاب غشاء التامور والتهاب العظام.

وتحدث العدوى عن طريق الرذاذ المتطاير من أنف وحلق الشخص المصاب أثناء فترة انتقال العدوى وتدخل الجراثيم عن طريق الجهاز التنفسي. ويمكن أن ينتقل المرض طوال فترة وجود الميكروب التي يمكن أن تستمر لمدة طويلة من غير حدوث إفرازات من الأنف، ويصبح الشخص غير معد بعد 24 ـ 28 ساعة من بداية العلاج الفعال بالمضادات الحيوية.

التشخيص

* يتم التشخيص بواسطة عمل مزرعة لعزل الميكروب من سائل النخاع الشوكي أو الدم أو سائل «البلورا» أو إفرازات الأذن الوسطى.. ثم فحص شريحة مصبوغة بطريقة غرام للسائل.

وتعتبر الحالة «مشتبهة» لأي طفل عمره أقل من خمس سنوات ولديه أعراض الحمى الشوكية، مثل الحمى، الصداع، تصلب الرقبة، انتفاخ اليافوخ. وتعتبر «محتملة» لأي طفل عمره أقل من خمس سنوات ولديه أعراض سريرية للحمى الشوكية مع سائل نخاعي شوكي معكر، وارتفاع مكونات البروتين في السائل النخاعي (100 mg/dl)، ونقص في مستوى السكر في السائل النخاعي (100WBC/mm3)، مع نسبة أعلى من 80% من خلايا النيتروفيل (Neutrophils).

أما الحالة «المؤكدة» فهي لأي طفل عمره أقل من خمس سنوات ولديه أعراض سريرية للحمى الشوكية مع وجود البكتيريا الممرضة في مزرعة سائل النخاع الشوكي أو التعرف على الأجسام المضادة بواسطة اختبار لاتكس.

الوقاية

* تشمل الإجراءات الوقائية:

ـ التطعيم الروتيني للأطفال: توجد عدة لقاحات بروتينية متعددة السكريات لمنع الحمى المخية في الأطفال في عمر أكثر من شهرين، ويتم إعطاء اللقاح بعد شهرين من العمر وجرعة أخرى بعد شهرين حسب نوع اللقاح. وجميع اللقاحات تتطلب إعطاء جرعة تنشيطية في عمر 12 ـ 15 شهرا وقد تعطى بالاقتران مع اللقاح الثلاثي البكتيري (DTP).

ـ توعية الآباء حول احتمال حدوث الحالات الثانوية بين الأطفال أقل من عمر أربعة أشهر.

العلاج

* العلاج النوعي هو المفضل بإعطاء عقار الأمبيسلين بالوريد بجرعة مقدارها 200 ـ 400 ملغم لكل كيلوغرام من وزن الجسم في اليوم. ونظرا لوجود نحو 30% من سلالات مقاومة للعقار فيمكن إعطاء عقار سفترياكسون أو سيفوتاكسيم أو كلورامفنيكول لحين ظهور نتيجة المزرعة. ويجب إعطاء المريض جرعة وقائية من عقار ريفامبسين قبل خروجه من المستشفى لضمان القضاء على الجراثيم المسببة للمرض.

أما المخالطون للمريض فيعطون ريفامبسين عن طريق الفم جرعة واحدة يوميا لمدة أربعة أيام بمقدار 20 ملغم لكل كيلوغرام من وزن الجسم وبجرعة قصوى 600 ملغم في اليوم لكل المخالطين بمن فيهم الكبار في المنازل التي يوجد بها طفل أو أكثر بخلاف الحالة الأولى عمرهم أقل من 12 شهرا، أو في المنازل التي يوجد بها طفل عمره ما بين 1 ـ 3 سنوات ولم يتم تطعيمه تطعيما كاملا.

وتتم مراقبة المخالطين تحت عمر ست سنوات خاصة الأطفال بمن فيهم الموجودون في المنازل ودور الحضانة ورياض الأطفال لاكتشاف أعراض المرض خاصة الحمى.

المكورات الرئوية

* التهاب السحايا الناتج عن المكورات الرئوية (Pneumococcal Meningitis) هو مرض بكتيري حاد يتميز بمعدل هلاك عال، ويحدث حمى وخمولا وغيبوبة وأعراض التهاب أغشية السحايا. ويحدث بصورة فردية وسط الأطفال والكبار وبعض الفئات الأكثر عرضة للمرض مثل الأشخاص الذين ليس لديهم طحال أو نقص في معدلات الغاماغلوبين.

يحدث المرض عادة في المجتمعات ذات المستوى الاقتصادي المتدني وفي كل الفصول، ولكن تزداد معدلات الحدوث في فصلي الشتاء والربيع ويحدث في شكل أوبئة في المجتمعات المغلقة.

يوجد الميكروب في الجهاز التنفسي العلوي للإنسان الصحيح. وينتقل المرض عن طريق الرذاذ أو المخالطة المباشرة أو غير المباشرة عن طريق التلوث بإفرازات الجهاز التنفسي العلوي.

وتعتبر الحالة «مشتبهة» عند وجود أعراض ذات بدء فجائي بحمى، الآم في الصدر، ضيق في التنفس، كحة منتجة للبلغم، سرعة ضربات القلب، وتعتبر الحالة «مؤكدة» إذا أضيف للحالة المشتبهة وجود المكورات الموجبة الغرام في التفاف (البصاق) المصبوغ بصبغة الغرام أو باستفراد المكورات من الدم أو من الإفرازات التنفسية.

الوقاية

* تشمل الإجراءات الوقائية:

ـ تجنب الازدحام في المناطق السكنية.

ـ إعطاء اللقاح للمجموعات الأكثر عرضة مثل كبار السن، الذين يعانون من الأنيميا المنجلية ومتلازمة عوز المناعة المكتسب، وأمراض القلب المزمنة، وتليف الكبد، والفشل الكلوي، ومرض السكري، والذين ليس لديهم طحال.

ـ السيطرة على المريض والمخالطين والبيئة المحيطة.

العلاج

* يفضل استخدام البنسلين المائي، وفي حالة وجود حساسية للبنسلين يتم استخدام الأريثرومايسين، وفي حالة وجود فصائل متعددة المقاومة يمكن استخدام عقار فانكومايسين أو كلورامفنيكول.

وفي الدول النامية توصي منظمة الصحة العالمية باستخدام أمبيسلين أو أموكسيل أو كوترايموكسازول للحالات غير الحادة خاصة الأطفال أقل من خمس سنوات.

التهاب السحايا الفيروسي

* التهاب السحايا الفيروسي (Viral Meningitis) هو حمى فيروسية تتميز بارتفاع فجائي في درجة الحرارة مع ظهور أعراض وعلامات التهاب أغشية السحايا مع ارتفاع بروتينات سائل النخاع وطفح جلدي.

تختلف قابلية العدوى والمناعة وفترة انتقال العدوى حسب نوعية الفيروس المسبب للمرض.. وتعتبر الحالة «مشتبهة» عند وجود حمى فجائية مع علامات وأعراض التهاب أغشية السحايا. وتتأكد الحالة عند وجود زيادة في البروتين بالسائل النخاعي مع سكر طبيعي وعدم وجود بكتيريا وكذلك إيجابية مزرعة السائل النخاعي.

وتعتمد الوقاية على مسبب المرض، ويتم التبليغ عن الحالات المكتشفة للجهة الصحية المختصة، والعزل يتم بتطبيق إجراءات الاحتياطات المعوية لمدة 7 أيام من بداية المرض. أما العلاج فعادة فليس هناك علاج نوعي بالنسبة للعوامل الفيروسية المسببة.