السمنة.. في حياة المرأة

تلعب دورا خطيرا في التأثير على خصوبتها وقدرتها على الإنجاب

TT

تشير آخر إحصاءات وزارة الصحة بالمملكة إلى أن 27 إلى 30 في المائة من البالغين يعانون من زيادة الوزن (ويكون سببها عادة زيادة حجم الخلايا الدهنية وزيادة عددها) وهذا النوع يمكن علاجه بالتغذية السليمة وتحسين نمط الحياة بزيادة الطاقة المبذولة وخفض الطاقة المتناولة.

كما تشير إلى أن 18 في المائة من الأطفال السعوديين ممن هم في سن المراهقة و15 في المائة من الأطفال ما دون سن دخول المدرسة قد ارتفعت بينهم نسبة السمنة التي يكون سببها زيادة عدد الخلايا الدهنية في الجسم وتستمر عادة طوال العمر، حيث يكون علاجها أكثر صعوبة. وهذا يفسر لنا لماذا تتسم بعض العائلات بالسمنة، إذ يمكن أن يكون السبب وراثة الجينات المسببة للسمنة إضافة إلى تشابه العادات الغذائية ونمط المعيشة لدى أفراد الأسرة الواحدة.

وتعاني النساء البدينات كغيرهن من المرضى بالسمنة من مضاعفات عديدة تأتي في مقدمتها الاضطرابات أثناء الدورة الشهرية ومن صعوبة في الحمل، إلى جانب المضاعفات الأخرى التي تصيب معظم أجهزة الجسم الحيوية مثل القلب والأوعية الدموية (الذبحات القلبية والجلطات المختلفة)، وارتفاع ضغط الدم، وأمراض الكلى، وزيادة نسبة الإصابة بالنوع الثاني من داء السكري.

دهون مخزنة

* يقول الدكتور هشام أحمد عرب، استشاري أمراض النساء والولادة وطب الأجنة وجراحة المناظير والعقم مدير «برنامج صحة المرأة» بـ«مجمع طبي الدكتور عرب» بجدة، إن السمنة هي زيادة في نسبة الدهون المخزنة في الجسم، ويتم حساب السمنة عن طريق حساب مؤشر كتلة الجسم وذلك بقسمة الوزن بالكيلوغرام على مربع الطول بالمتر. فإذا كان مؤشر كتلة الجسم أقل من 18.5 فإن ذلك يشير إلى أن هذا الشخص أو هذه المرأة لديها نحافة، وإذا كان المؤشر (18.5 ـ 24.9) فإن ذلك هو الوزن المثالي، وإذا كان (25 ـ 29.9) فإن ذلك يشير إلى الزيادة في الوزن، أما إذا كان المؤشر أعلى من 30 فتلك هي بداية السمنة.

ويؤكد د. عرب على أن زيادة الوزن لها تأثير سلبي كبير على النساء بشكل خاص ليس فقط من حيث الشكل الجمالي والحالة المزاجية، ولكن على الصحة بشكل عام، فإن زيادة الوزن تسبب الإصابة بكثير من الأمراض مثل السكري وارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب والشرايين. وأشار إلى دراسات علمية أثبتت أن 11 في المائة من حالات سرطان الثدي تكون نتيجة للسمنة، وأن زيادة الوزن تسبب اضطرابات في الدورة الشهرية لدى الفتيات في عمر 18 سنة، ومن أهم المشكلات الصحية التي تسببها زيادة الوزن هي تكيس المبايض.

وأضاف أن مرض تكيسات المبايض يصاحبه العديد من الاضطرابات، منها اضطرابات الدورة الشهرية وزيادة نمو الشعر في الأماكن غير المرغوب فيها لدى النساء. وسواء كانت السمنة سببا من أسباب تكيس المبايض أو أنها كانت نتيجة لهذا المرض، فهناك ارتباط كبير بين الاثنين.

السمنة وتكيس المبايض

* ومن أهم مساوئ هذا الازدواج المرضي الخطير ما يلي:

أولا: تتميز السمنة المرتبطة بتكيس المبايض بتراكم الدهون في منطقة البطن (شكل التفاحة) على عكس السمنة المرتبطة بالنساء عادة والتي تتراكم في منطقة الأرداف (شكل الكمثرى) ودهون منطقة البطن عادة هي التي تزيد من خطورة الإصابة بأمراض القلب والشرايين.

ثانيا: يؤدي تكيس المبايض إلى تأخر حدوث الحمل وليس العقم، نتيجة اضطرابات الهرمونات وضعف التبويض، الأمر الذي يحتاج إلى علاج دوائي مكثف وتدخل جراحي أحيانا لحدوث الحمل.

ثالثا: يصاحب تكيس المبايض اضطراب في إفراز الأنسولين، وهو هرمون يفرز من البنكرياس، استجابة لحرق الطعام لسكريات وبروتينات ودهون. ويساعد الأنسولين على تخزين الدهون لضمان مصدر مستمر للطاقة. ويقوم أيضا بحرق السكريات، وبالتالي فإن اضطرابات إفراز الأنسولين تؤدي إلى زيادة في الوزن، ولذلك فإن الأدوية التي تعمل على تقليل معدلات الأنسولين في الدم أو على تقليل مقاومة الأنسولين، لها دور مهم في علاج مثل هذه الحالات.

رابعا: مشكلات البشرة: إن ظهور البثور وحب الشباب والشعر على الوجه من الأمور المزعجة جدا للمرأة المصابة بتكيس المبايض وقد لا تستجيب لعلاج البشرة المعتاد ما لم تعالج السمنة والتكيس في آن واحد.

لذا فإن نزول الوزن يساعد بشكل كبير على تحسين الوظائف الحيوية بشكل عام لمرضى تكيس المبايض.

وتكمن مشكلة مرضى السمنة في اعتمادهم على كميات كبيرة من الطعام وكذلك تناول الطعام بين الوجبات، والعشاء المتأخر مع قلة الحركة. ومن أخطر العادات المكتسبة حديثا الجلوس أمام التلفاز أو الكومبيوتر لأوقات طويلة وعدم القيام بأي نشاط بدني.

العلاج

* الحمية وممارسة الرياضة: يجب الالتزام بهما بشكل منتظم للمحافظة على نزول الوزن بمعدل منتظم أيضا. وهنا يشار إلى برنامج «وازن حياتك» الذي نفذته بنجاح وزارة الصحة السعودية، وكان له الأثر الكبير في تغيير حياة الكثيرين، سواء الرجال منهم أو النساء، بل حتى الأطفال الصغار الذين لم تتجاوز أعمارهم العاشرة. وكان الهدف منه تنمية الوعي الغذائي لدى أفراد المجتمع وتحويله تدريجيا إلى عادات غذائية وسلوكية جديدة ومفيدة.

* الأدوية، وهي تلعب دورا مهما في نزول الوزن والمحافظة عليه لمدة أطول من الحمية والرياضة بمفردهما. ومن أدوية تخفيض الوزن التي أثبتت فعاليتها مع مرضى تكيس المبايض كما جاء في بعض الأبحاث مؤخرا هي تلك التي تحتوي على مادة «سيبوترامين» والتي تعمل على تسريع عملية الشبع والمحافظة على معدلات الأيض (التمثيل الغذائي) في المستوى الطبيعي لها مما يساعد على نزول الوزن ويؤدى أيضا إلى تقليل مقاومة الأنسولين مما يلعب دورا مهما في نجاح علاج مرضى تكيس المبايض.

وأخيرا أشار د. هشام عرب إلى التوصيات التي أعلنت عنها الجمعية السعودية لأمراض النساء والولادة في ختام اجتماعها العلمي السنوي الثامن عشر والذي عقد في الثامن والعشرين من مايو (أيار) 2009 بجدة، حيث أوصت الجمعية في أول وأهم توصياتها هذا العام بأن السمنة داء خطير لا تتوقف خطورته بالنسبة للمرأة على الأعضاء الحيوية في الجسم فقط بل تتعداها لتؤثر على خصوبتها وقدرتها على الإنجاب ناهيك عن التأثيرات السلبية على نمط حياة المرأة الأسري والاجتماعي والنفسي.