متابعة انتشار الأمراض المعدية حول العالم.. ومحاصرتها

خطة أثبتت نجاحها في دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في كندا

TT

تثير التجمعات البشرية العالمية الكبيرة قلق العلماء دائما، بخصوص زيادة فرص انتقال الأمراض المعدية بين الناس، كما هو الحال في أوقات انعقاد الدورات الأولمبية، أو حتى اجتماعات قادة الدول، مثل مجموعة «العشرين» أو «الآسيان». ما يثير القلق بالفعل، هو تجمع كتل بشرية من كل صوب وحدب في مكان واحد، حيث تسنح الفرصة بتحول الأمراض المعدية المتوطنة في دولة أو إقليم، لتصبح وباء عالميا حقيقيا، كما حدث أثناء وقائع دورة الألعاب الأولمبية الصيفية لذوي الاحتياجات الخاصة (وهي دورات أولمبية خاصة، بخلاف دورات الأصحاء والمعاقين، يتم تنظيمها كل أربع سنوات)، التي نظمتها ولاية مينيسوتا الأميركية عام 1991، حين تفشى وباء الحصبة بين اللاعبين والجماهير بعدما نقل رياضي أرجنتيني الفيروس المتوطن في بلاده إلى الأولمبياد، محولا الحدث الرياضي إلى ما يشبه المأساة الإغريقية.

* محاصرة العدوى

* ورغم الجدل العالمي حول فيروس إنفلونزا الخنازير، وما إذا كان الأمر يستحق بحق ما أثاره من ذعر، أم أنه كان مجرد فقاعة كبيرة وانفجرت، فإن التجربة لم تخل من فائدة، حيث نبهت العالم إلى ضرورة الحذر والمبادرة بحصار أي مرض معد خلال فترة انتشاره الأولى، وقبل أن يغادر حدود موطنه أو الإقليم المصاب على أقصى تقدير. ومن هنا، تعاون العالمان؛ البروفسور كمران خان، أستاذ مكافحة الأمراض المعدية بمستشفى سان مايكل بتورنتو في كندا، وجون براونشتاين، أستاذ طب الأطفال المسؤول عن برامج المعلومات بمستشفى الأطفال في بوسطن بالولايات المتحدة، ووضعا خطة استراتيجية مستحدثة وبسيطة لمكافحة الأمراض المعدية خلال التجمعات البشرية العالمية، على هامش دورة الألعاب الأولمبية الشتوية بفانكوفر (كندا)، وقاما بنشر نتائج بحثهما وخطة العمل التي نجحا في تنفيذها في العدد الصادر في الأسبوع الأخير من فبراير (شباط) بدورية الجمعية الطبية الكندية. خطة العمل تعتمد على عنصرين رئيسيين: خارطة الحركة البشرية العالمية عبر الطيران (bio.DIASPORA)، التي أسسها خان، وخارطة الصحة العالمية (HealthMap)، التي أسسها براونشتاين، وكلاهما يعتمد على المتابعة المعلوماتية الآنية (المتزامنة Real-Time) الدقيقة، التي ترصد كلا الأمرين حول العالم ويتم تحديث بياناتها كل ساعة على مدار اليوم. وبمشاركة العالمين، أمكن رصد أي احتمالية لانتقال العدوى عبر البشر المسافرين إلى التجمعات العالمية، والاستعداد التام لاستقبال مثل هذه الحالات عبر تجهيز الفحوصات المختبرية المناسبة لأي ظرف طارئ، وقطع الشك باليقين دونما الحاجة إلى إجراء جميع التحليلات والفحوصات الطبية لكل مسافر على حدة، وهو الأمر الذي يستنزف أموالا طائلة، ويستهلك وقتا ومجهودات بشرية كبيرة.

التجربة نجحت طبيا واقتصاديا إلى حد بعيد، وقد نصحت الدوريات العلمية بإعادة تطبيقها في يونيو (حزيران) القادم في حدثين منفصلين، وهما بطولة كأس العالم بجنوب أفريقيا، واجتماعات مجموعة «العشرين» بأونتاريو (كندا)، لوضع تقييم نهائي للبحث، ودراسة تعميمه فيما بعد في كل المناسبات المماثلة.