6 ملايين طفل قضوا نحبهم سنويا.. جراء الإصابة بالأمراض المعدية

منظمات عالمية: إنقاذ حياتهم أمر ممكن

TT

أفادت تحليلات دولية لإحصاءات الوفاة، الخاصة بنحو مائتي دولة حول العالم، بأن عدد الوفيات الخاصة بالأطفال دون الخامسة قد ناهز 9 ملايين طفل في عام 2008، وأن ثلثي هذا العدد (نحو 6 ملايين طفل) قضوا نحبهم جراء الإصابة بالأمراض المعدية، في حين أن الثلث المتبقي تعود أسباب وفاته إلى الحوادث المختلفة أو الأمراض الوراثية أو غيرها من الأسباب.

وتشير الدراسة البحثية التي نشرتها دورية «لانسيت» البريطانية المرموقة في عددها الصادر في 11 مايو (أيار) الحالي إلى الجهود التي بذلتها منظمة الصحة العالمية ومنظمة الطفل الدولية «اليونيسيف»، اللتان قامتا بتحليل البيانات الصحية الصادرة عن 193 دولة حول العالم في عام 2008، وهو ما يبرر تأخر ظهور النتائج الخاصة بالدراسة حتى الآن، لشمولية الدراسة وكبر حجم البيانات التي ارتكزت عليها.

* وفيات الأطفال

* وفي ما يخص وفيات الأطفال دون الخامسة من العمر، أشارت الدراسة إلى أن عدد الوفيات العالمية في هذا العام قد ناهز تسعة ملايين طفل، منهم ما يقرب من ستة ملايين قضوا جراء الإصابة بالأمراض المعدية، مثل: الالتهابات الرئوية، والملاريا، والأمراض المسببة للإسهال.

ويعلق البروفسور ميكي شوبرا، المسؤول الرئيسي عن الصحة باليونيسيف، قائلا إن «هذه النتائج تحمل مدلولات في غاية الأهمية للبرامج الصحية الوطنية والعالمية، إذ إنه على الرغم من كون الوقاية والعلاج من معظم هذه الأمراض أمرا ممكنا، فإنها لا تزال السبب الرئيسي للوفاة عالميا».

وتشير الإحصاءات والتوصيات المعنية بهذا الشأن، إلى إمكانية تجنب الكثير من الأمراض، وما قد تسببه الإصابة بها من حالات وفاة، عن طريق اتباع طرق الرعاية الصحية السليمة، سواء في مجال التحصين والتلقيح ضد الأمراض أو في مجال العلاج، ورفع كفاءة الأطقم الطبية المختلفة عبر برامج تنمية القدرات البشرية، والتمويل العالمي للدول الأقل ثروة ودعمها الكافي في مجال الاكتشاف المبكر للأمراض.

* أمراض إقليمية

* وعلى الرغم من شمول الدراسة على إحصاءات إقليمية متخصصة، فإن القائمين عليها يعترفون بإمكان وقوع القارئ غير المتفحص في الخطأ الحسابي المعتاد لكل الإحصاءات العالمية، إذ تشير الأرقام النهائية إلى مجمل أعداد الوفيات وأسبابها، مما قد يؤدي إلى التباس في تقدير أهمية مرض معين. فمرض الملاريا على سبيل المثال، الذي يودي بحياة نحو 16% من إجمالي الأطفال المتوفين في أفريقيا، قد لا يمثل أي أهمية من أي نوع بالنسبة إلى باقي أرجاء المعمورة، حيث يكون مسؤولا عما يقل عن نصف في المائة من إجمالي تعداد حالات الوفاة.

وهو الأمر الذي قد يحتاج إلى مزيد من الدراسات الموجهة خصيصا لمناطق بعينها، مع تخصيص المزيد من الحلول الموضوعية، والبحث في كيفية تمويل مختبرات لعلماء الإقليم ذاته المعني بالمرض، الذين خبروا «المرض الإقليمي» بالضرورة أكثر من غيرهم من العلماء في بلدان أخرى.

ويؤكد البروفسور روبرت بلاك، رئيس وحدة الصحة العالمية بوحدة الصحة العامة لجامعة جون هوبكنز المشرف العام على الدراسة، أنه «من أجل الوصول إلى هدف منظمة الأمم المتحدة الإنمائي الرابع للألفية، والخاص بالحد من عدد وفيات الأطفال حول العالم لتصل إلى ثلث حجمها عند بلوغ عام 2015 (والذي بلغ مقداره 12.5 مليون في عام 1990)، فإنه ينبغي لجميع الدول والمنظمات والهيئات المعنية أن تقوم بإمداد منظمة الصحة العالمية بالبيانات الدقيقة من أجل بلوغ الغرض المنشود من خلال الفحص والتدقيق في تلك البيانات لمكافحة الأسباب الممكنة واتخاذ الإجراءات اللازمة حيال ذلك».

وتوضح الدراسة انخفاض معدل الوفيات العام للأطفال دون الخامسة من العمر بنسبة نحو 30 في المائة عما كانت عليه في عام 1990، وهي النسبة المستهدف وصولها إلى نحو 4 ملايين طفل عام 2015، أي بعد أقل من خمس سنوات من الآن.

ويعود الانخفاض العام في معدلات الوفيات إلى اتباع نظم أكثر صرامة في ما يخص برامج التلقيح الإجباري ضد الأمراض في الكثير من دول العالم، وإلى ارتفاع معدلات الرعاية والوعي الصحي والبيئي عامة في مختلف الأرجاء.

* الأطفال حديثو الولادة

* ولكن الدراسة تشير إلى ارتفاع معدل الوفيات الخاصة بالأطفال حديثي الولادة، بالنسبة إلى المعدل العام، من 37% عام 2000 إلى 41% عام 2008، وهو ما ترجعه الدراسة إلى عاملين أساسيين، الأول تزايد أعداد الأطفال المبتسرين (المولودين قبل انتهاء فترة الحمل)، نتيجة ارتفاع معدل الرعاية الطبية، وتدلل الدراسة على ذلك بانخفاض المعدل النسبي لوفاة الأجنة داخل الأرحام ووفاة الأمهات الحوامل في الفترة نفسها.

وفي هذا الصدد، يناشد البروفسور جوي لون، مدير برنامج حماية أرواح الأطفال حديثي الولادة العالمي، الدول المختلفة لمحاولة «اللحاق بقاطرة الألفية الجديدة في ما يتعلق بتوفير الضمانات الصحية الكافية للأطفال حديثي الولادة عبر التحول إلى وسائل أكثر فاعلية للرعاية الخاصة بتلك الفئة».

ويلاحظ في التقارير الصادرة عن المنظمات الصحية الدولية زيادة نسبة دقة البيانات والوعي الصحي عامة، وزيادة نسبة الأرقام التفصيلية التوضيحية المشتملة بالتقارير في العقد الأخير ابتداء من عام 2000 وحتى عام 2009 (الصادر به تقارير أخيرة لم يتم إجراء مسح حصري إحصائي لها بعد)، وهو ما يشير إلى تنامي الجهود العالمية والإقليمية والدولية لمكافحة الأسباب الممكن تجنبها للمرض أو الوفاة.

* تناقص أعداد وفيات الأطفال في العالم العربي

* بالنسبة إلى المنطقة العربية، منطقة شرق المتوسط تبعا لتصنيف منظمة الصحة العالمية، فإن معدل وفيات الأطفال دون الخامسة يتجه نحو التناقص المتماشي مع أهداف المنظمة الإنمائية للألفية في معظم دول المنطقة باستثناء دولة العراق، التي يرتفع فيها المؤشر بقليل عن المستوى القياسي، ويصل عدد الوفيات فيها إلى 45 طفلا، ما بين كل ألف طفل في هذه الفئة العمرية. أما في المملكة السعودية فيصل المعدل إلى 21 طفلا، وفي مصر 23 طفلا، وفي المغرب 36 طفلا لكل ألف طفل، وهي معدلات تتماشى، بل وتتفوق على التوقعات المزمعة بالنسبة إلى خفض أعداد الوفيات.

وكانت نسبة الوفيات في المملكة السعودية تبلغ 43 طفلا لكل ألف طفل دون الخامسة في عام 1990، وانخفضت لتبلغ 23 طفلا في عام 2000، ثم 21 طفلا في التقييم الأخير. وكانت الأرقام في مصر 89، و47، و23، وفي المغرب 88، و54، و36، فيما بلغ متوسط الحدود العامة المنشودة من قِبل المنظمة العالمية 46، و34، و23، والأرقام الخاصة بإقليم شرق المتوسط 105، و90، و78 على الترتيب.

أما عن أهم أسباب الوفاة في هذه المرحلة العمرية فتشير الإحصاءات إلى تصدر الأطفال المبتسرين (الخدج) للأسباب المنفصلة في كل دول الإقليم بأعداد وصلت إلى 31 في السعودية، و33 في مصر، و21 بالمغرب لكل ألف طفل.

وبالنسبة إلى الأسباب المتعلقة بالأمراض المعدية، ومن أبرزها الالتهاب الرئوي والإسهال، فتصل النسبة في السعودية إلى 15 طفلا، وفي مصر 16 طفلا، وفي المغرب 29 طفلا من كل ألف طفل.

وفيما يخص برامج التلقيح الإجبارية، تتفوق البحرين والكويت وعمان بنسبة تلقيح تصل إلى 99% من إجمالي عدد المواليد، وتليها ليبيا وتونس بنسبة 98%، ثم المملكة السعودية بنسبة 97%، والمغرب 96%، ثم مصر وقطر والإمارات بنسبة 92% من إجمالي عدد المواليد.