التهاب المفاصل.. مرض الروماتويد

دراسات جديدة حول تشخيصه وعلاجه

TT

التهاب المفاصل الروماتويدي هو أحد الأمراض المزمنة التي توصف بـ«المتعددة»، لأنه يصيب عدة مفاصل. وهو أيضا من أمراض المناعة الذاتية التي تؤدي بالجهاز المناعي لمهاجمة المفاصل مسببة الالتهابات والتدمير لها، وخصوصا المفاصل الصغيرة منها بصورة متماثلة على جانبي الجسم. كما يصيب أيضا أجهزة الجسم الأخرى غير المفاصل مثل العين والقلب والرئتين وكذلك الشرايين. وقد يؤدي المرض إلى الإعاقة الدائمة وفقدان القدرة على الحركة والإنتاجية.

ويسهل الكشف المبكر للمرض استجابة المريض للعلاج والتحكم في تقدم المرض. ويمكن للأدوية البيولوجية إيقاف تطور المرض وعودة المريض لممارسة حياته الطبيعية.

قد شهدت العاصمة الإيطالية، روما، افتتاح أعمال المؤتمر الأوروبي السنوي للأمراض الروماتيزمية قبل يومين، يوم الأربعاء الماضي، الذي يستمر حتى يوم غد السبت، الذي يعقده سنويا الاتحاد الأوروبي للتصدي لأمراض الروماتيزم (EULAR) (European League Against Rheumatism).

يقول رئيس المؤتمر البروفسور بول إميري، إن هذا المؤتمر يعتبر محفلا من أعلى المستويات العلمية يجتمع فيه سنويا الباحثون المهتمون في هدا المجال من مختلف أنحاء العالم، حيث يهتم ويدعم الأبحاث والعلاج والتأهيل للأمراض الروماتزمية، ويسهل التفاعل بينهم مع المهنيين الذين يمثلون صناعة الأدوية من كل دول أوروبا وجميع أنحاء العالم، كما يوفر قنوات لتبادل المعلومات العلمية والاجتماعية في مجال الروماتيزم، والاتصال مع المنظمات ذات العلاقة مع المرضى من أجل تحقيق التقدم في الرعاية الطبية لمرضى الروماتيزم.

وأوضح الرئيس التنفيذي للجنة المنظمة للمؤتمر البروفسور موريزيو كوتولو، أن مؤتمر «EULAR 2010» قد غطى، خلال أول يومين من انعقاده مجموعة واسعة من المواضيع بما في ذلك الابتكارات السريرية الإكلينيكية والعلوم الأساسية. وبالإضافة إلى ذلك كانت هناك لقاءات نظمها العاملون في مجال الصحة وصناعة الرعاية الصحية مع أشخاص يعانون من التهاب المفاصل لخلق نوع من التقارب بينهم مع مقدمي الخدمات العلاجية لهم والتعرف على احتياجاتهم الاجتماعية.

* التهاب المفاصل الروماتويدي

* استأثر مرض الروماتويد بجزء كبير من البرنامج العلمي في المؤتمر، نظرا لزيادة نسبة الإصابة به والمضاعفات التي تعقب الإصابة والتي قد تصل إلى حد الإعاقة في كثير من الحالات. وكان هناك تركيز على المستجدات في استخدام التصوير بالموجات فوق الصوتية ودوره في التشخيص ومتابعة العلاج، كما تم التعرض لآخر المستجدات في تطبيق الأدوية البيولوجية في العلاج.

ومن داخل المؤتمر تحدثت إلى «صحتك» الدكتورة حنان العصيمي، استشارية أمراض باطنة وروماتيزم - رئيسة وحدة الأمراض الروماتيزمية في المستشفى العسكري بجدة التي شاركت في المؤتمر، وأوضحت أن التهاب المفاصل الروماتويدي يؤثر بشكل كبير على مفاصل المرافق، والرسغين، والأصابع في اليدين، والركبتين، والكتفين. وتكون شكوى المريض غالبا من آلام المفاصل والتصلب في فترة الصباح عند الاستيقاظ وتستمر الأعراض إلى ساعة أو أكثر وتتحسن مع الحركة الخفيفة. كما قد يشعر المريض بالخمول والإعياء وحرارة بسيطة وفقدان الشهية للطعام وفي بعض الأحيان إحمرار وجفاف بالعين.

وذكرت د. حنان العصيمي بعض الحقائق عن هذا المرض، فهو يصيب النساء أكثر من الرجال بنسبة 3 إلى 1 وفي أي مرحلة من العمر، ولكن الأكثر في الفئة العمرية بين 25 - 40 سنة. وتكون قابلية أي فرد من عائلة المصاب للإصابة بالمرض أكثر من غيرهم ولعدة أجيال.

أما عن سبب الإصابة بالروماتويد فما زال مجهولا، ويعتقد بأن هناك بعض العوامل الالتهابية قد تلعب دورا في بدء المرض، ولكن أكثر الأبحاث ترجع السبب إلى خلل في الجهاز المناعي وبعض الأبحاث أرجعته للإصابة بأحد أنواع الفيروسات، لكن أكثرها قبولا هي نظرية وجود أجسام مضادة.

* الروماتويد والإنجاب

* ومن الأمور التي يجب التركيز عليها أن مرض الروماتويد لا يؤثر على الإنجاب لدى النساء المصابات، بل لوحظ أن نشاط الروماتويد يقل خلال الحمل عند معظم المريضات، إلا أن هذا مؤقت ولا يلبث أن يعود نشاط المرض بعد الولادة. لذا يوصى بأن يؤجل الحمل حتى تتم السيطرة على نشاط المرض لفترة ستة أشهر قبل حصول الحمل.

وتضيف د. حنان العصيمي أن الالتزام الشديد بتعليمات أخذ الدواء يعد أحد أهم العوامل التي ينصح بها مريض الروماتويد بالإضافة للامتناع عن التدخين، حيث إنه يزيد نسبة الإصابة بأمراض القلب وهشاشة العظام. كما يجب على مرضى الروماتويد المحافظة على قوة عضلاتهم، حيث إن الألم يتسبب في قلة الحركة، لذلك ينصح بالتمارين الخفيفة مما لا يؤلم ولا يؤذي المريض وتستحب السباحة لانعدام تأثير الجاذبية وذلك للمساعدة على زيادة قوة العضلات وكثافة العظام، ولا ينصح بأي حال من الأحوال الضغط على المفصل المصاب بالتهاب حتى يهدأ تماما.

أما بالنسبة للغذاء فينصح بغذاء قليل الدهون وغني بالفيتامينات والمعادن (مضادات الأكسدة) وكذلك الخضراوات والفواكه مع الاعتدال في المنتجات الحيوانية.

* العلاج

* تقول الدكتورة حنان العصيمي إن نمط العلاج يختلف بحسب نشاط المرض ومدة الإصابة به، ففي حالة نشاط المرض يكون الهدف الأول هو التحكم في الألم وتهدئة المرض، فيتم العلاج باستخدام الأدوية المضادة للالتهاب للتقليل من الحرارة والألم، وإذا لم يستجب المريض يعطى الكورتيزون بجرعات صغيرة حسبما يقرر الطبيب المعالج. وهنا يجب على المريض الراحة والحصول على ساعات نوم كافية بجانب تناول السوائل والأغذية الغنية بالفيتامينات.

وهناك الكثير من الأدوية الفعالة في العلاج من هذا المرض، وهي تعطى عن طريق الحقن تحت الجلد، وقد تم التوصل إليها باستخدام التكنولوجيا المتطورة الحديثة ويطلق عليها الأدوية البيولوجية، حيث أعطت هذه المجموعة الجديدة من الأدوية نتائج إيجابية عالية بجانب الأدوية القديمة.

وقد أكد مؤتمر «EULAR 2010» مدى فعالية هذه المجموعة من الأدوية وأنها تحقق نتائج إيجابية كبيرة تصل في بعض الحالات إلى 80 في المائة، ويمكن بواسطتها إيقاف تطور المرض وعودة المريض لممارسة حياته الطبيعية. وقد أقرت وكالة الغذاء والدواء استخدام الأدوية البيولوجية في حالة عدم استجابة المريض للعلاج التقليدي.

ومن الأمور المهمة في العلاج، التشخيص السليم المبكر، ومن ثم الاهتمام بالتوعية الطبية من قبل الطبيب المعالج بتوعية المريض بشكل واضح وسهل الفهم عن ماهية المرض وأسبابه وأهمية العلاج والمضاعفات ومدى خطورتها حال عدم الانتظام في أخذ العلاج. إن الاهتمام بجانب التوعية يساعد المريض على فهم وتقبل حالته والاهتمام بنفسه وعلاجه. ثم تأتي مرحلة العلاج الدوائي عن طريق تناول أدوية مسكنة، بالإضافة إلى العقاقير التي تؤدي إلى تحوير في وظيفة الجهاز المناعي، بحيث يقلل من الأجسام المضادة التي تهاجم المفاصل، وكذلك تناول العقاقير البيولوجية التي تبطل مفعول المواد الالتهابية التي تهاجم المفاصل.