زيادة ملحوظة في معاناة الأطفــال الألمان من آلام الظهر

بسبب قلة الحركة والاستغراق في ممارسة الألعاب الإلكترونية وتصفح الإنترنت

TT

تحولت آلام الظهر في ألمانيا إلى «المرض الشعبي» رقم واحد بين الناضجين من النساء والرجال في السنوات الأخيرة، لكن هذا المرض تسلل اليوم إلى أطفال المدارس، بعد أن صارت معاناة الأطفال منه تتزايد باستمرار، وهو ما يثير قلق الأطباء الألمان.

* آلام الظهر للمراهقين

* وظهر من استطلاع للرأي بين أطباء الأطفال في ألمانيا، أجراه معهد «فورسا» المعروف، بتكليف من شركة التأمين الصحي «DAK» في هامبورغ، أن 40 في المائة من الأطفال من فئة أعمار 13 - 14 سنة يعانون من آلام الظهر تتزايد وتقترب نوباتها من بعضها. واعتمد الأطباء في إجاباتهم على سجلات مرضاهم من الأطفال في السنوات العشر الماضية، وعلى وصفات الأدوية التي منحوها.

علاوة على ذلك، يرى 13 في المائة من هؤلاء الأطباء، حسب سجلاتهم، أن معاناة الأطفال من آلام الظهر زادت بشكل ملحوظ خلال العقدين الماضيين. ومن فئة أعمار 8 - 13 يعاني 44 في المائة في الأقل من آلام ظهر خفيفة، لكنها تستوجب العلاج، وتهدد بالتحول إلى آلام مزمنة مستقبلا، وفي فترة النضوج على وجه التحديد.

البروفسور أنجو فروبوز، من جامعة كولون للطب الرياضي، وهي الأشهر في ألمانيا، قال إن النتائج لم تثر استغرابه قط، لأن كل المجلات العلمية تتحدث اليوم عن آلام الظهر كمرض عصري يرتبط بقلة الحركة وتوسع استخدام الكومبيوتر والألعاب الإلكترونية والإنترنت.

وحسب إحصاءات فروبوز، فإن أطفال ألمانيا اليوم لا يمشون أكثر من 900 متر يوميا كمعدل، في حين أن كلا منهم يجلس 4 ساعات يوميا كمعدل أمام شاشة الكومبيوتر.

* حث الأطفال على الحركة

* وتحتاج عضلات ومفاصل وعظام جسم الطفل إلى إيعازات تحريضية مستمرة تحثه على الحركة من أجل أن ينمو ويتطور بشكل سليم. وبينما يحب كل طفل اللعب والقفز والركض، وهذا طبيعي، فإن مسؤولية كبيرة تقع اليوم على الأهل في توفير الإيعازات التي تحدث عنها فروبوز. وحسب تعبيره فإن المسؤولية تقع على الوالدين كي يحثا الطفل على الحركة والرياضة، بل إن عليهما أن «يصيباه بفيروس الحركة» قبل أن تصيب الفيروسات أمعاءه أو تتسلل إلى كومبيوتره.

ويتفق الأطباء الذين ساهموا في إعداد الدراسة عن آلام الظهر بين الأطفال، على أن أهم أسباب هذه العلة هو قلة الحركة (98%)، في حين أشارت نسبة 97 في المائة بأصبع الاتهام إلى الكومبيوتر والشبكة الإلكترونية. وبينما حملت نسبة 91 في المائة من الأطباء أهالي الأطفال المسؤولية عن قلة الحركة، وبالتالي المسؤولية عن آلام الظهر بين أبنائهم، حملت نسبة 60 في المائة منهم المدارس وضعف مناهجها التربوية والرياضية المسؤولية. وطبيعي فإن العقل السليم في الجسم السليم، ولذلك فإن التغذية تلعب دورا أساسيا آخر في بناء عظام وعضلات سليمة في أجساد الأطفال، وقال الأطباء إن التغذية غير الصحية مسؤولة بنسبة 53 في المائة عن تفاقم معاناة الأطفال من آلام الظهر.

* مشكلة في سن مبكرة

* المشكلة أيضا هي أن آلام الظهر صارت تظهر في سن مبكرة ما كان يمكن أن تظهر فيها قبل 20 سنة. وفي حين يبقى الأطفال حتى سن 6 سنوات، بلا آلام ظهر تبدأ هذه الآلام في الظهور في سن 6 - 8 سنوات، بنحو 6 في المائة من الأطفال من هذه المجموعة. وتقفز نسبة المعانين إلى 15 في المائة في سن 9 - 10 سنوات، وإلى 21 في المائة بين الأطفال من سن 11 - 12 سنة، ثم تقفز مجددا إلى 40 في المائة بين الأطفال من عمر 13 - 14 سنة.

هذا يعني من جهة أن آلام الظهر تبدأ في الظهور لدى الأطفال مع سن دخول المدرسة وتبدأ في التصاعد مع التقدم الدراسي، لكن هذا لا يعني أن ثقل الحقيبة المدرسية هو السبب، كما يعتقد البعض، لأن عوامل الحركة والتغذية هي الأهم. ويشير فروبوز إلى أن علينا عدم إغفال دور الحقيبة المدرسية، لكنها ليست المسؤول الأول عن المشكلة كما يقر بذلك معظم أطباء الأطفال الذين ساهموا في الدراسة. فهناك الكثير من الدراسات التي تثبت دور الحقيبة في حصول الانحرافات في العمود الفقري وفي إصابة الأطفال بآلام المفاصل لاحقا أثناء فترة النضج، لكن الطفل السليم الجسم قادر على تحمل الحقيبة، لو كان وزنها معقولا، ولو كان يمارس الرياضة الكفيلة بوقاية عضلاته وعظامه من الآلام.

* الوقاية في الحركة

* يذكر أن مجلة «كوشران ليبرتي» النرويجية نشرت مؤخرا دراسة لمركز الأبحاث الصحية في النرويج، تقول إن الحركة أفضل طريقة للوقاية من آلام الظهر. وبنت الدراسة استنتاجاتها على أساس 10 دراسات أخرى مماثلة عن علاقة الحركة بآلام الظهر وساهم فيها 1923 شخصا.

وكتب الدكتور كيرستين توفه دام، الذي ترأس فريق البحث، أن هذه النتائج تنطبق أيضا على المعانين من آلام الظهر، فمعالجة هذه الآلام تتطلب الحركة البسيطة ولا تستوجب النوم في الفراش.

وقد احتاج مرضى آلام الظهر الذين لجأوا إلى الحركة بدلا من الراحة إلى أدوية أقل، وكانت نوبات الألم تداهمهم بشكل أقل وأخف مما كانت بين أفراد المجموعة التي فضلت الخلود إلى السرير والراحة وتعاطي الأدوية القاتلة للألم <