المصابون بالكآبة.. لماذا يرون العالم قاتما حولهم؟

الاكتئاب يؤثر فعلا على شبكية العين

TT

قال فريق من العلماء الألمان: إنهم ربما قد توصلوا إلى فهم الدوافع التي تدفع الأشخاص المصابين بالكآبة إلى وصف العالم المحيط بهم، أحيانا بأنه قاتم، وكذلك ربما الإجابة عن السؤال: لماذا يدفع الاكتئاب الناس لأن يروا الأشياء بألوان رمادية؟

ووظف باحثون في جامعة «ألبرت لودفيغ» في فريبرغ أداة تقيس النشاط الكهربائي في شبكية العين. وأظهرت القياسات أن شبكية أعين المصابين بالكآبة لا تستجيب لبعض المحفزات المعينة، بنفس القوة التي تستجيب بها شبكية أعين غير المصابين بالكآبة.

ويعتقد العلماء الألمان الذين نشروا دراستهم في عدد مارس (آذار) الماضي من مجلة «طب الأعصاب البيولوجي» أن نتائجهم تقدم بعض الإجابات عن أصول ومنشأ الكآبة، وعن دور مادة دوبامين «dopamine» الكيميائية الموجودة في الدماغ في الإحساس بالكآبة.

كما يرى الباحثون أن الدراسة ستؤدي إلى نتائج مهمة في أبحاث الكآبة المقبلة. وقال الدكتور لودجير تيبارتز فان إيلست في مقابلة مع «رسالة هارفارد الصحية»: «إن الأمر الرئيسي هو أن النتائج يمكنها أن توفر لنا قياسات موضوعية للكآبة».

ويشير د. تيبارتز وزملاؤه إلى أن الكثير من الأبحاث قد نوهت بوجود نوع من الروابط الفسيولوجية بين الإبصار وبين الكآبة. إلا أن إحدى المشاكل كانت تتمثل في الفصل بين أمرين: هل تؤثر الكآبة على قدرة المعالجة البصرية في الدماغ - وهو احتمال وارد بالتأكيد - أو أن هذا التأثير يظهر في العين نفسها.

ولذا انتقل الباحثون الألمان إلى العمل للحصول على أنساق مخطط الشبكية الكهربائي «pattern electroretinograms» (PERGs) الذي يستخدم في أبحاث طب العيون، إلا أنه جديد على طب الأعصاب. وتتشابه عملية تخطيط الشبكية الكهربائي قليلا مع عملية تخطيط القلب الكهربائي، إلا أنها خاصة بالشبكية، حيث يوضع قطب كهربائي صغير جدا في داخل حدقة العين بهدف استشعار ورصد النشاط الكهربائي في الشبكية. وقد أكد الدكتور تيبارتز لنا أن ذلك القطب الكهربائي لم يكن مزعجا للمرضى بل كان بمقدورهم تحمله.

* عيون الكآبة

* وشمل البحث 40 شخصا كانوا مشخصين أنهم حالات كآبة شديدة، مع 40 شخصا آخرين وضعوا في مجموعة مراقبة، وقد أجريت لهم قياسات على أنساق مخطط الشبكية الكهربائي لكلتا العينين عندما كان المشاركون ينظرون إلى لوحة تحتوي على نسق من المربعات البيضاء والسوداء معروضة على شاشة كومبيوتر على مدى ساعة من الزمن تقريبا.

وقد حدد الباحثون التباين «contrast» بين المربعات السوداء والبيضاء في مستويات مختلفة خلال الاختبارات، وعند تحليل الباحثين للقياسات ظهر بها مخطط واضح، إذ ظهر أن قياسات كل المصابين بالكآبة متشابهة تقريبا، وكانت تلك القراءات مؤشرا على وجود حالة تدهور في استجابة (أي رد فعل) الشبكية للنسق في لوحة المربعات.

وفي العادة عندما نفكر في مستويات الدوبامين المنخفضة فإن مرض باركنسون هو أول ما يتبادر إلى الذهن، إلا أن د. تيبارتيز فان إيلست يقول: إن الدوبامين نشيط في الشبكية وخصوصا في الخلايا التي تحدد رؤية التباين، ولذا فإن نتائج الدراسة وغيرها من الدراسات تشير إلى أن الدوبامين هو عامل في مرض الكآبة أيضا.

ولم تكن الدراسة الجديدة سوى اختبار تجريبي، ولذا فلن يقوم الباحثون فورا بتشخيص الكآبة بإدخال أقطاب كهربائية في أعينهم. ومع ذلك فإن هذا القياس البسيط نسبيا للكآبة قد يكون مفيدا للباحثين.

* رسالة هارفارد الصحية خدمة «تريبيون ميديا»