حدوث الحمل عقب فقدان الجنين.. أكثر فائدة من تأخيره

دراسة اسكوتلندية تعارض توصيات منظمة الصحة العالمية

TT

على الرغم من صراحة توصيات منظمة الصحة العالمية فيما يخص تأجيل الحمل لمدة ستة أشهر على الأقل في حالة حدوث فقدان للجنين (الإجهاض التلقائي)، أوصت دراسة اسكوتلندية بمراجعة تلك التوصيات، بل ونصحت بالتعجيل قدر الإمكان بحدوث الحمل، طبقا لما توصل إليه الباحثون فيها إليه من نتائج علمية.

وراجعت دراسة لعلماء تابعين لجامعة أبردين الاسكوتلندية، نشرت في الخامس من أغسطس (آب) في الدورية الطبية البريطانية BMJ، الأبحاث التي أجريت بين عامي 1981 و2000 في ما يخص مراجعة البيانات الصحية لنحو ثلاثين ألف حالة من النساء فقدن جنينهن الأول تلقائيا (دون تدخل خارجي أو إرادة) لمختلف الأسباب في غضون الأربعة وعشرين أسبوعا الأولى للحمل. وأشارت الدراسة إلى أنه في الحالات التي حملت فيها النساء مجددا في مختلف المستشفيات المحلية باسكوتلندا، لوحظت أفضلية واضحة لفرص حدوث الحمل في الشهور الستة الأولى عقب فقدان الجنين، على عكس ما تنص عليه توصيات المنظمة الصحية الأولى عالميا، المتعلقة بزيادة فرص الحمل، وتقليص المخاطر المحتملة أثناء الحمل والولادة، ونتائج هذا الحمل (من حيث صحة المولود) من جهة أخرى.

وأجريت الدراسة على مدار نحو عشرين عاما من القرن المنصرم، ووضعت نتائجها في لائحة جامعة أبردين البحثية عام 2008، ونشرت في عام 2010، أي بعد عامين من خروجها للنور، ولكن يجب ذكر أن دورية علمية مرموقة مثل BMJ لا تعتد بأي أبحاث إلا بعد إخضاعها لمعايير قياسية صارمة في ما يخص مراجعة طرق البحث وأماكن تنفيذها ومصداقية القائمين عليها، وهو ما يفسر تأخر عرض نتائجها حتى الآن.

* أهمية الحمل المبكر

* وأكدت الدكتورة سويني بهاتاتشاريا، المحاضرة لعلوم أمراض الحمل الوبائية - إحدى المشاركات في البحث، أن النتائج أثبتت جديتها فيما يخص صحة المرأة الإنجابية، في اسكوتلندا على أقل تقدير، وأنه ينبغي على منظمة الصحة إعادة تقييم توصياتها والنظر بعين الاعتبار للتجربة الاسكوتلندية.

وكانت الدراسة قد أظهرت أن المقارنة تميل في صف الحمل المبكر عقب فقدان الجنين، حيث إن نسبة فقدان الجنين الثاني في الحالات التي حملت قبل مرور ستة أشهر كانت أقل من تلك التي حملت بعد مرور نصف العام، وكذا من حيث الولادة المبكرة ونسب حدوث الحمل خارج الرحم، أو حدوث مضاعفات أثناء الحمل والولادة، مثل تسمم الحمل أو الولادة القيصرية.

وأشارت بهاتاتشاريا إلى أن تأخير حدوث الحمل اختياريا يصنف في عداد المشكلات بحد ذاته في العالم الغربي، نظرا لارتفاع متوسط سن الأم عند الحمل الأول في الأغلب. وبحسب ما هو مثبت علميا من أن فرص حدوث الحمل واستمراره حتى الولادة تتقلص مع تقدم الأم في العمر، حيث إن نسبة نحو 30% من النساء فوق الأربعين معرضات لفقدان الجنين تلقائيا، وتزداد هذه النسبة لتصل إلى 50% عند الخامسة والأربعين، فإن أي تأخير اختياري للحمل قد يقلص من نسب النجاح في الحصول على الحمل المرغوب لاحقا، مما يضيف أعباء جديدة على كاهل الأسرة والأطباء، في حين أن نتائج الدراسة أشارت بوضوح إلى أنه لا توجد أي مخاطر في حدوث الحمل عقب فقدان الجنين مباشرة، بل إن الفرص تزداد كما أسلفنا.

ولكن بهاتاتشاريا أكدت بوضوح أن نتائج الدراسة قد لا تتناسب مع كافة المجتمعات، كالدول النامية مثلا، وأنه يجب مراجعة كل مجتمع للنتائج في حال تجريبها على حده دونما النظر إلى ما أسفرت عنه التجربة الاسكوتلندية.

* الإجهاض التلقائي

* وتشير المراجع العلمية إلى أن متوسط نسبة حدوث فقدان الجنين (الإجهاض التلقائي) تتراوح ما بين 25% من حالات الحمل في الأسابيع الستة الأولى، وتنخفض بعد ذلك حتى نحو 8% من إجمالي عدد حالات الحمل عالميا.

وينتج الإجهاض التلقائي في الثلث الأول من الحمل (ثلاثة عشر أسبوعا) نتيجة علّة كروموسومية في نحو 50% من الحالات، في حين تتحمل أسباب أخرى مثل عجز (نقصان أو غياب) هرمون البروجستيرون، ومشكلات تتعلق بصحة الأم العامة وأمراض مثل السكري وارتفاع ضغط الدم، وبعض الأمراض المعدية مثل الحصبة، والتدخين أو إدمان العقاقير المخدرة والكحوليات مسؤولية النصف الآخر من حالات الإجهاض في تلك الفترة.

أما الثلث الثاني من الحمل، فإن أسباب الإجهاض التلقائي قد تتعلق بأسباب مثل عيوب الرحم الخلقية أو الأورام الليفية أو الأمراض المؤدية إلى نقصان ضخ الدم عبر المشيمة إلى الجنين.