كيف تحمي أسنانك ضد التآكل؟

إرشادات غذائية وصحية للوقاية منه

TT

يعتبر أحد المعتقدات الخاطئة أن الأسنان من أكثر الأنسجة في الجسم مناعة ضد الشيخوخة والتهالك، وهذا الاعتقاد السائد لدى كثير من الناس إلى الحد الذي يجعلهم يستخدمونها كأداة تستخدم لفتح قوارير المشروبات الغازية. إن هذا خطأ جسيم ننصح بالتوقف عنه، حيث إنه يسبب كثيرا من الأضرار للأسنان وأهمها تآكل طبقة المينا.

يعاني كثير من الناس من تآكل الأسنان بشكل أو بآخر. وهو عبارة عن تآكل لطبقة المينا قد يمتد ليشمل طبقة العاج، أي الطبقة الداخلية المكونة للأسنان، ونتيجة لذلك يشعر المرء بحساسية تتناسب طرديا في الشدة حسب مقدار التآكل الحاصل. ويختلف تآكل الأسنان باختلاف مسبباته وموقعه في الأسنان المصابة. فالبعض يعاني من تآكل في الجزء من التاج القريب من اللثة وقد يمتد إلى جذور الأسنان إذا كان مصاحبا بانحسار لثوي. وأحيانا تتآكل الأسنان في الأسطح الطاحنة والأجزاء القاطعة من القواطع والأنياب.

قد يكون التآكل عاما يصيب جميع الأسنان، وقد يصيب بعض الأسنان فقط. ويختلف أيضا في شدته فقد يكون بسيطا لا يسبب أي مضاعفات محسوسة وقد يكون شديدا يؤرق صاحبه بسبب المضاعفات التي من أهمها الحساسية المفرطة.

* أسباب تآكل الأسنان

* إن مسببات تآكل الأسنان عديدة، ومعظمها بيئية، تعتمد على نوعية أكل المريض وعمره وحالته النفسية. ويمكن تلخيصها في الآتي:

* عامل الوراثة: وهو أن تكون الأسنان مصابة بخلل في تكوينها أدى إلى ضعف طبقة المينا أو العاج أو كلتيهما مما يجعل الأسنان عرضة للتآكل تحت تأثير أي احتكاك عادي مثل المضغ وغيره. وهذا النوع قد يصيب الأسنان اللبنية والدائمة، ومضاعفاته كثيرة منها تلون الأسنان وحساسيتها ومشاكل في الإطباق مما ينعكس سلبا على مفاصل الفك السفلي.

* نوع الغذاء: تناول الأطعمة القاسية بصفة عامة يزيد من تآكل الأسنان الذي ظهر تأثيره جليا في أسنان القدامى في العصور السابقة، حيث أثبت العلماء تآكل أسنانهم بسبب نوعية الغذاء القاسي وغير المطبوخ على عكس العصور الحديثة. كذلك فإن استخدام المشروبات والأطعمة الحمضية له تأثير قوي على الأسنان، حيث إن تناول المشروبات الغازية والليمون وأي مأكولات حمضية وبكميات كبيرة يؤدي إلى تآكل الأسنان بسبب تأثير الأحماض على طبقة المينا والتي تسبب ذوبان المينا ومن ثم تآكلها. وتأثير الأحماض ملاحظ أيضا عند الناس الذين يعانون من أمراض معوية قد تسبب التقيؤ والغثيان المستمرين، حيث يصل حامض الهيدروكلوريك المعدي إلى الفم ومن ثم يؤدي إلى تآكل الأسنان. ويحصل ذلك أيضا أثناء فترة الحمل حيث تتعرض المرأة لعدة نوبات من الغثيان والذي بدوره يسبب تآكل الأسنان.

* الاضطراب النفسي

* الحالة النفسية: اضطراب الحالة النفسية عادة ما يلقي بظلاله على الأسنان في شكل عادات سيئة التأثير عليها مثل اصطكاك الأسنان أو طحنها خاصة أثناء النوم. واستمرار مثل هذه العادات قد يؤدي إلى تآكل الأسنان، خاصة في السطوح الطاحنة والأطراف القاطعة مما يؤدي إلى قصر الأسنان واختلال تطابق الأسنان المثالي للإنسان. وقصر الأسنان بسبب التآكل قد يؤثر على توازن عضلات الفك ومفاصله مما يؤدي إلى آلام في المفاصل والعضلات ممزوجة بآلام الحساسية المفرطة التي قد تحدث أيضا بسبب انكشاف طبقة العاج الحساسة بسبب الاصطكاك وبالتالي قد يدخل المريض في دوامة الآلام وتسوء حالته النفسية أكثر.

* تفريش الأسنان

* تفريش الأسنان بطريقة خاطئة: إن تفريش أسنانك بطريقة خاطئة وعنيفة وذلك عن طريق استخدام طريقة النحت، أو تفريشها بفرشة أسنان ذات شعيرات خشنة قد يضعف طبقة المينا على سطح الأسنان، خاصة في منطقة الضروس والأنياب. وهذا يؤدي بدوره إلى تآكل طبقة المينا وانحسار اللثة مما يجعل طبقة العاج عرضة للمثيرات الخارجية.

* عادات أخرى: عندما يستخدم الإنسان فيها أسنانه للقيام ببعض الأعمال مثل فتح قوارير المشروبات الغازية ووضع القلم بين الأسنان أو عادة عض الظفر وغير ذلك من العادات التي قد تسبب تآكلا في أسنان معينة مثل القواطع.

* فقدان الضروس الخلفية: وهو ما يجعل الإنسان يستخدم القواطع لطحن ومضغ الطعام وبالتالي يتسبب ذلك في تعرضها لضغوط زائدة تتسبب في طحنها.

* كيف تعرف أن لديك هذه المشكلة؟ الإجابة عن هذا السؤال مهمة، كون هذه الظاهرة خطيرة جدا بسبب أن تآكل طبقة المينا لا يمكن تعويضه بسهولة، والوقاية خير من العلاج. لذلك فإذا كنت تعاني من مثل هذه العلامات التالية فلا تتردد في زيارة طبيب الأسنان لمنع حدوث مشاكل أكبر وهذه العلامات هي:

- المظهر العام للأسنان. حيث يتغير لون الأسنان المصابة وحجمها أو شكلها بالتدريج - الشعور بحساسية مفرطة خاصة عند التعرض لمؤثرات باردة أو حارة.

- آلام الوجه والفكين وأصوات في مفاصل الفك.

- تغيير في إطباق الأسنان مصاحب بتغيير في شكل الذقن والشفاه.

- تكسر الحشوات من دون التعرض لأي نوع من الحوادث الظاهرة.

* العلاج

* بالطبع فإن الوقاية خير من العلاج. ويمكن تدارك أي نوع من التآكل البسيط، حال رصده، باكتشاف المسبب والعمل على عدم التعرض له. ولكن هناك خطوطا عريضة يجب اتباعها للتقليل من فرص حدوث أي نوع من التآكل وبالتالي إعطاء الأسنان عمرا افتراضيا أطول وهذه الإرشادات كالتالي:

* اتباع أسلوب غذائي صحي وعدم الإفراط في تناول الحمضيات والمشروبات الغازية. وعادة ما يتكون غذاؤنا من كثير من المواد الحمضية والتي نستخدمها كنوع من النكهات المشهية وأحيانا لتسريع الهضم. وهذه بدورها تجعل الوسط الفمي حامضيا، الذي يقوم بدوره بالتأثير في الطبقة الخارجية للأسنان وذوبان الأملاح منها مما يجعلها عرضة للتآكل. ويؤدي تفريش الأسنان مباشرة بعد تناول وجبة كهذه، إلى تآكل الطبقة الخارجية تدريجيا ومن ثم الإصابة بحساسية الأسنان المفرطة. ولذلك ننصح بغسل الفم والمضمضة بعد الأكل والتريث قليلا إلى أن تتم معادلة تلك الأحماض في الوسط الفمي، ومن ثم القيام بتفريش الأسنان بعد ذلك. كما أن أكل بعض أنواع الفاكهة مثل التفاح والموز والتقليل من المشروبات الغازية يساعد على تعديل الوسط الحامضي.

* الحرص على عدم تكرار الغثيان والتقيؤ، وعلاج أي اضطرابات معوية وذلك باللجوء إلى الطبيب المختص.

* اتباع أسلوب صحيح لتفريش الأسنان. وهناك مبادئ عامة يجب اتباعها لتفريش الأسنان وهي كالآتي:

- اختيار الفرشاة المناسبة لفمك وأسنانك، فالفرشاة المثالية تكون ذات حجم مناسب تصل إلى آخر ضرس في فمك. والحجم الشائع هو المتوسط. كذلك يجب أن لا تكون الشعيرات خشنة لتفادي تآكل طبقة المينا من كثرة الاستخدام والأنسب استخدام فرشة ذات شعيرات متوسطة الخشونة أو ناعمة وطويلة وذلك لضمان انسيابها مع منحنيات الأسنان والفراغات البينية لها.

- تأكد من تفريش جميع أسنانك بانتظام ثلاث مرات يوميا. وذلك بالنظر إلى المرآة أثناء التفريش والتأكد من عملية التنظيف وأنك فعلا قمت بتنظيف جميع أسنانك.

- قم بوضع الفرشاة بزاوية خمس وأربعين درجة باتجاه الطرف اللثوي للسطح المراد تفريشه، وتحريك الفرشاة في مكانها لضمان تحريك الشعيرات دون نحت للأسنان. كذلك يجب التأكد من تفريش أسطح الأسنان بالكامل والتأكد من تفريش منطقة التقاء طبقة المينا باللثة وذلك لضمان سلامة اللثة من أي تراكم جيري. ويجب أيضا أن تصل الشعيرات إلى مناطق ما بين الأسنان لتنظيفها.

- أما إذا كنت ممن يعانون من انحسار في اللثة وحساسية الأسنان وتآكلها الشديدين، فيجب استخدام طريقة مختلفة نوعا ما وذلك باستخدام فرشاة ناعمة الشعيرات وتحريك الفرشاة باتجاه عمودي ابتداء من الجانب اللثوي باتجاه السطح الطاحن وذلك لضمان إيقاف الانحسار والتقليل منه ومن حساسية الأسنان.

- كما يجب التقليل من استخدام مبيضات الأسنان وأي معاجين تبييض قد تزيد من تآكل الأسنان.

- هناك من الناس من لا يملك المهارات الكافية لاستخدام الفرشاة اليدوية بالطريقة الصحيحة أو لديه مشكلة في يديه من ضعف أو نقص في الأصابع أو غير ذلك، ولهؤلاء يحبذ استخدام الفرشاة الكهربائية أو الفرش المائية الضاخة للماء، وهي مفيدة جدا لهم بشرط اتباع نفس المبادئ السابقة الذكر. وهذا لا يعني أن هذه الفرش لا تنفع لغير هؤلاء بل على العكس تماما فإن لها فوائد جمة وذلك كونها تسهل عملية التفريش وتسرعها.

* الامتناع عن استخدام الأسنان في غير وظيفتها واستخدامها كأداة في الأعمال اليدوية، فهي لم تخلق إلا لمضغ الطعام ولبعض الوظائف الفمية فقط.

* عند وجود مشكلة اصطكاك الأسنان أو جزها وطحنها أثناء النوم وعند وجود أي من العلامات المصاحبة فإن العلاج يكون جزءا من علاج عام للتقليل من أي آلام أعراض قد تحصل في عضلات الوجه ومفصلي الفك ويتم ذلك بالتقليل من الإجهاد الحاصل لعضلات الوجه والفكين وغضاريف المفاصل وعظامها، وذلك بإعطاء المريض بعض الأدوية المضادة للالتهاب مثل بعض المسكنات والتي لديها تلك الخاصية، مثل الفولتارين أو البروفين. وفي الوقت نفسه يعطى المريض دواء مرخيا للعضلات وذلك للتقليل من تشنجات عضلات الوجه.

كذلك فإن عمل كمادات ماء حارة يساعد في بعض الأحيان على التقليل من الآلام والتهابات المفاصل. وأهم ما في هذا العلاج هو عمل جهاز مانع لاصطكاك الأسنان Hard Mouth Guard وذلك لارتدائه خاصة أثناء الليل، حيث إنه أيضا يقلل من تشنج العضلات ويساعد على إراحتها. ويتم عمله بمواصفات خاصة تناسب كل مريض وحالته.

* أما في الحالات المتقدمة وعند حدوث التآكل فعليا، فيمكن استعاضته عن طريق حشو الأجزاء المتآكلة، أو تلبيس الأسنان والعمل على وضع الأسنان في الإطباق المناسب. وأحيانا يتطلب العلاج إعادة تأسيس للإطباق الأصلي للمريض ووضع الفك في وضعه الصحيح وذلك عند تعرض الضروس إلى تآكل شديد. ويتم عمل ذلك بفتح العضة ومن ثم تلبيس جميع الأسنان وخاصة الضروس لإعادة تأسيس الإطباق المناسب للمريض.

* أستاذ مشارك واستشاري تقويم الأسنان [email protected]