تعليم الأطباء.. والعناية بالمرضى

الأطباء الأميركيون المؤهلون خارج الولايات المتحدة يتمتعون بكفاءة مشهودة

TT

«الشؤون الصحية» Health Affairs)) مجلة أكاديمية طبية أميركية، تعنى بالعرض المقارن لكل ما يتعلق بشؤون تقديم وتقييم الرعاية الطبية، ولها تأثير عال في هذه المجالات لدى الأوساط التشريعية والطبية. ووصفت جريدة «واشنطن بوست» الأميركية، مجلة «الشؤون الصحية» بأنهاthe bible of health policy أي الكتاب المقدس للسياسة الصحية. ويتم اللجوء إليها في الاستشارات من قبل أكثر من 55 في المائة من الموظفين العاملين بلجان الكونغرس الأميركي المتخصصة في الشؤون الصحية، قبل اللجوء إلى مجلات طبية أخرى مثل مجلة «جاما» JAMA)) الصادرة عن رابطة الطب الأميركية، ومجلة «نيو أنغلاند أوف ميديسن» ((New England Journal of Medicine وغيرهما.

وفي عدد أغسطس (آب) الحالي من هذه المجلة، نشرت دراسة جديدة للباحثين في «مؤسسة النهوض بالتعليم الطبي الدولي والبحث»Foundation for Advancement of International Medical) Education and Research FAIMER)، ومقرها في فيلادليفيا بولاية بنسلفينيا الأميركية، وذلك حول نتائج مستوى الرعاية الطبية التي يقدمها الأطباء لمرضاهم في الولايات المتحدة.

وقام الباحثون في الدراسة بتحليل السجلات الطبية الخاصة بمعالجة نحو 250 ألف مريض من الذين أصيبوا بنوبة الجلطة القلبية أو انتكاسات فشل القلب، في ولاية بنسلفينيا، خلال الفترة ما بين عام 2003 وعام 2006. وشملت الدراسة بشكل مركز، أداء الأطباء الذين قاموا بمعالجة ربع مليون شخص، وبلغ عدد الأطباء أكثر من 6100 طبيب. وبالتدقيق، بلغ عدد الأطباء الذين تلقوا تعليمهم الطبي في الولايات المتحدة نحو 4600 طبيب، وعدد الأطباء الذين تلقوا تعليمهم الطبي خارج الولايات المتحدة نحو 1500 طبيب. وبالجملة، لاحظ الباحثون أن نسبة الوفيات لدى أولئك المرضى بلغت 5.4 في المائة.

والمثير للدهشة أن الباحثين حينما قاموا بتحليل نتائج محاولة معرفة نسبة المتوفين لدى عناية الأطباء بهم، وجدوا أن نسبة الوفيات كانت أقل، وليس أكثر، لدى أولئك الأطباء الذين ولدوا خارج الولايات المتحدة وتلقوا تعليمهم الطبي خارجها أيضا، وتحديدا أقل بنسبة 9 في المائة! وذلك بالمقارنة مع الأطباء الذين ولدوا في الولايات المتحدة وتلقوا تعليمهم الطبي داخلها.

والأكثر إثارة للدهشة، هو ما لاحظه الباحثون في نتائج دراستهم حول الأمر نفسه، وهو أن نسبة الوفيات كانت أقل بنسبة 15 في المائة لدى المرضى الذين تمت معالجتهم من قبل الأطباء الذين ولدوا خارج الولايات المتحدة وتلقوا تعليمهم الطبي خارجها أيضا، وذلك لدى مقارنتهم مع نتائج عمل الأطباء الذين ولدوا في الولايات المتحدة ولكن تلقوا تعليمهم الطبي في خارجها! وعلق جون نيرسيني، الباحث الرئيسي في الدراسة والمدير التنفيذي لـ«مؤسسة النهوض بالتعليم الطبي الدولي والبحث»، بقوله: «أنا مطمئن إلى أن أداء الأطباء الذين تلقوا تعليمهم الطبي خارج الولايات المتحدة يقارب أداء الأطباء الذين تلقوا تعليمهم الطبي داخلها. ولكن نتائج الدراسة تثير تساؤلات حول تعلم المواطنين الأميركيين في كليات طب خارج الولايات المتحدة».

وفي مقدمة عرض الدراسة، أشار الباحثون إلى أن نحو ربع الأطباء العاملين في الولايات المتحدة هم بالفعل من الذين تلقوا تعليمهم الطبي خارجها. وعلى مر السنين، كان كثير من المتخصصين الطبيين في الولايات المتحدة يثير من آن لآخر تصريحات تطال بالشكوك نوعية وقدرات أداء الأطباء الذين تلقوا تعليمهم الطبي خارج الولايات المتحدة، ومدى قدرتهم على اجتياز الاختبارات الطبية الأميركية لتقييم تحصيلهم في علم الطب. وأضاف الباحثون بالقول: «إن الكثير من الدراسات الطبية الحديثة أظهرت بوضوح أن هذه المخاوف لا وجود لها، بل أظهرت أن الأطباء الذين تلقوا تعليمهم خارج الولايات المتحدة ينجحون في تلك الاختبارات بمعدلات أعلى من الأطباء الأميركيين الذين تلقوا تعليمهم الطبي فيها». انتهى كلام الباحثين.

وعلق الدكتور آجيت سينغفي (Ajeet Singhvi)، رئيس الرابطة الأميركية للأطباء من أصول هندية وطبيب الجهاز الهضمي في المركز الطبي بكلية الطب بجامعة لوماليندا في ولاية كاليفورنيا الأميركية، بالقول: إن «الدراسة تقدم إثباتا إيجابيا حول نوعية تعليم وتدريب الأطباء المقبلين من وراء البحار. ونحن كنا دائما نقول هذا الكلام، وأنا سعيد بهذه الدراسة ونتائجها حول نوعية الرعاية الطبية التي يقدمها الأطباء المتخرجون في جامعات أجنبية».

وأضاف: «الحديث عن نوعية الرعاية الطبية التي يقدمها خريجو المدارس الطبية خارج الولايات المتحدة هو موضوع نقاش. وما مر به هؤلاء الأطباء خلال مشوارهم التعليمي هو بالضبط مماثل لغيرهم، سواء في الاختبارات الطبية أو التدريب في المستشفيات. وفوق هذا، غالبية الأطباء الذين أتوا من بلدان خارجية هم بالفعل تعلموا الكثير وشاهدوا ومارسوا الكثير خلال مشوار خبراتهم الطبية».

* استشاري باطنية وقلب - مركز الأمير سلطان للقلب في الرياض [email protected]