مؤشر كتلة الجسم.. لا يكشف الحقيقة كاملة

حجم الدهون ومقاييس نسبة الخصر والحوض مؤشرات أفضل

TT

سؤال دائما ما يتكرر بين الناس من شريحة معينة من الأعمار، هو: «لماذا يستمر خصري في التمدد، رغم أن وزني أقل أو مساو لوزني عندما كنت أصغر سنا؟». وإذا أعدنا صياغة السؤال بطريقة أخرى، فمن الممكن أن يصبح: «لماذا أبدو بدينا أكثر مما كنت عليه رغم أن مؤشر كتلة الجسم لم يتغير؟».

الجواب ببساطة، هو أن مؤشر كتلة الجسم معيار body mass index أو B.M.I. غير دقيق لقياس البدانة لدى الأفراد. وحيث إنه يحسب بقسمة الوزن بالكيلوغرام على مربع الطول بالمتر، فإن هذا المؤشر لا يفرق بين الأنسجة الدهنية والعضلية.

ويقول الدكتور كارل لافي، طبيب القلب في معهد أوشسنر للقلب والأوعية الدموية في نيو أورلينز: «تعتبر جداول مؤشر كتلة الجسم شيئا متميزا لتحديد معدلات البدانة والدهون على الجسم وسط أعداد كبيرة من الناس، لكن لا يعتمد عليها بدرجة كبيرة في تحديد البدانة عند الأفراد».

* الأنسجة الدهنية

* تحتل الدهون نحو أربعة أضعاف حجم الأنسجة العضلية، لذلك فعلى سبيل المثال، من المحتمل جدا أن تبدو وتشعر بأنك ازددت بدانة حتى ولو لم يتغير طولك ووزنك. وهذا أمر شائع خاصة بين النساء فوق سن الخمسين والرجال فوق سن الستين.

وبالنسبة للأطفال والمسنين، فإن قيمة كتلة الجسم يمكن أن تكون مضللة، خصوصا بسبب العلاقة بين كتلة الجسم العضلية وتغير الطول مع تقدم السن.

وتنتشر جداول قيم كتلة الجسم في كل مكان، في المنشورات والمنشآت الرياضة ومكاتب الأطباء. ويستخدم الأطباء هذه الجداول على نطاق واسع لتحديد ما إذا كان المرضى يعانون من نقص أو زيادة الوزن أو البدانة أم أن وزنهم طبيعي. ويعتبر الجسم الذي يقل مؤشر كتلته عن 18.5 ناقص الوزن؛ بينما يعتبر الجسم الذي يتراوح مؤشر كتلته بين 18.5 - 24.9 صحيا، والجسم الذي يبلغ مؤشر كتلته 29.9 - 25 زائد الوزن، وما بين 30 و39.9 سمينا، والجسم الذي كتلته 40 أو أكثر يعتبر مفرطا في السمنة.

إذا كانت قيمة كتلة جسمك تقع في متوسطات الوزن «الصحي» أو «الوزن الناقص»، يمكن أن يتولد لديك بسهولة شعور زائف بالأمان. ولكن النحافة ليست بالضرورة أمرا صحيا. والقيمة المنخفضة لكتلة الجسم يمكن أن تكون دليلا على سوء التغذية وفقدان الشهية والإصابة بمرض السرطان أو الدرن. ومن ناحية أخرى، إذا كنت رياضيا أو لاعب الكمال الجسماني فإن مؤشر كتلة جسمك قد يضعك بالخطأ في شريحة زائدي الوزن أو الذين يعانون من البدانة.

* درجة بدانة الجسم

* درجة بدانة الجسم هي وسيلة أفضل من مؤشر كتلة الجسم في تصنيف الأفراد. فقد عرفت كل من منظمة الصحة العالمية والمعاهد الوطنية للصحة البدانة بأنها زيادة قدرها أكثر من 25% في دهون الجسم عند الرجال وأكثر من 35% عند النساء، أي كما يقول دكتور لافي «إن امرأة طولها 5 أقدام و5 بوصات (القدم = 30 سم، والبوصة = 2.5 سم)، ووزنها 120 إلى 125 رطلا (الرطل يبلع 453 غراما تقريبا) تكون بدينة جدا، على الرغم من أن وزنها ومؤشر كتلة جسمها يبدوان على ما يرام».

وبين الأميركيين بشكل عام، فإن الرجل الذي طوله «6 أقدام ووزنه 250 رطلا يعتبر بدينا، ولكن لو كان يعمل مساعد حكم في اتحاد كرة القدم الأميركي وطوله من 6 أقدام و3 بوصات ويزن 280 رطلا، فإنه قد يكون ذا عضلات قوية ولا يحتوي جسمه إلا على 2% فقط من الدهون».

وبطبيعة الحال، فإن معظم الأميركيين الذين يشير مؤشر كتلة أجسامهم إلى زيادة في الوزن أو البدانة تكون نسبة الدهون إلى العضلات كبيرة جدا. وقد وجدت الدراسة التي غطت 527265 من الرجال والنساء الأميركيين الذين تتراوح أعمارهم بين 50 - 71 التي أجريت في عامي 1995 و1996 أن من بين الذين صنفوا كأصحاب وزن زائد طبقا لتقييم مؤشر كتلة الجسم من 25 إلى 29.9، كان 20 - 40% أكثر عرضة للوفاة في غضون 10 سنوات، ومن بين الذين يعانون من السمنة حسب التقييم، بمؤشر كتلة يقدر بـ30 أو أعلى، تضاعفت احتمالات وفاتهم في غضون عقد من الزمن بمرتين أو ثلاث عن أولئك الذين كانوا أقل قراءة لكنهم في منتصف عمرهم.

وفي مقال افتتاحي في عدد يوليو (تموز) من دورية «مايو كلينك»، ناقش الدكتور لافي وزملاؤه ما اصطلح على تسميته «مفارقة البدانة» بين المرضى الذين يعانون من الأزمات القلبية. والمفارقة هي أنه في حين أن الحقائق المتكررة تشير إلى أن الذين يعانون من زيادة الوزن أكثر عرضة للأزمات القلبية، ولكن معدلات الوفاة بين الذين يتعرضون للأزمات القلبية ينخفض إذا كانوا بدينين، والسبب في هذا التناقض غير واضح، فعلى الرغم من أن الدكتور لافي أشار إلى أن أحد التفسيرات يمكن أن يكون أنه عندما يصاب الأفراد بهذا المرض، فإن «الاحتياطي» الجسدي لديهم يصبح ميزة.

* تأثيرات على القلب

* وكانت هذه الافتتاحية ردا على تقرير نشرته في نفس الدورية الدكتورة أنتيغون أويوبولوس وزملاؤها من جامعة ألبرتا. وقد قام واضعو هذا التقرير بمقارنة مؤشر كتلة الجسم لـ140 مريضا من الذين يتعرضون للأزمات القلبية باستخدام مقياس أكثر دقة، على الرغم من أنه أكثر التفافا، لقياس كتلة الجسم من الدهون والعضلات باستخدام المسح الضوئي (أو الطاقة المزدوجة لقياس امتصاص الأشعة السينية)، ووجد الباحثون أن مؤشر كتلة الجسم منفرد أخطأ في تصنيف درجة بدانة الجسم عند 41% من إجمالي عدد المرضى الذين شملتهم الدراسة.

وكان استنتاجهم هو أن وجود عدد أكبر من الأنسجة العضلية وعدد أقل من الأنسجة الدهنية ربما يشير بدرجة أكثر دقة إلى فرص نجاة المريض. لذلك يقول المؤلفون إن المرضى الذين يعانون من الأزمات القلبية تكون كتلة الجسم «مؤشرا غير دقيق على درجة البدانة».

وكتب الدكتور لافي والمؤلفون المشاركون: «على الرغم من أن مؤشر كتلة الجسم هو الأسلوب الأكثر شيوعا لتحديد زيادة الوزن أو البدانة في كل من الدراسات الوبائية والتجارب السريرية الكبيرة، فإن هذه الطريقة لا تعكس بالضرورة وبشكل واضح درجة بدانة الجسم، وأن مؤشر كتلة الجسم أو بدانة الجسم قد يختلف اختلافا كبيرا بين الأفراد الذين ينتمون إلى فئات عمرية أو عرقية أو جنسية مختلفة».

* معيار دقيق

* المعيار الأكثر دقة، ولكنه لا يزال بسيطا نسبيا، لتحديد البدانة يعتمد على قياس سمك البشرة استنادا إلى قياسات تأخذ بمقياس لسمك طبقة الدهون في عدة مناطق في الجسم (عند الرجال: الفخذ ووسط الصدر والبطن، وعند المرأة: الفخذ والعضلة مثلثة الرؤوس والمنطقة فوق عظم الفخذ) وهو الذي يحدد كمية الدهون تحت الجلد.

وبما أن الدهون في البطن أكثر خطورة، نقوم بلف شريط قياس حول أوسع جزء من البطن وآخر حول الفخذين ثم نحسب نسبة الخصر إلى الفخذ، وبالنسبة للرجال يجب أن ألا تكون النسبة أعلى من 0.90، وبالنسبة للنساء يجب إلا تتجاوز 0.83.

والبطن ذو الحجم الكبير هو علامة على وجود الكثير من الدهون الأيضية (المرتبطة بالتمثيل الغذائي) النشطة بالمعدة، مما يزيد من خطر الإصابة بالنوبات القلبية والوفاة المبكرة. ويقول الدكتور لافي إذا تم استخدام قياسات الخصر فقط، ينبغي أن يكون خصر الرجل أقل من 40 بوصة والمرأة أقل من 35.

وقال الطبيب إن التمارين الرياضية هي أفضل وسيلة للحد من زيادة الدهون التي تصاحب زيادة العمر، لكن تمارين الأيروبيك رغم أهميتها في جميع الأعمار فإنها ليست كافية، ويجب أيضا القيام بتمارين الوزن من أجل بناء وحماية العضلات. وبما أن إنتاج الجسم لهرمون التستوستيرون، الذي يساعد على بناء العضلات، يقل مع تقدم السن عند كل من الرجل والمرأة، فيتعين عليهم زيادة تمارين التقوية كلما تقدم بهم العمر للحفاظ على حيويتهم.

* خدمة «نيويورك تايمز»