الأشكال المتعددة.. لسرطانالخلايا الصبغية

ورم سرطاني في الجلد قطره مليمتر واحد يحمل مخاطر الانتشار

TT

أثارت حالة براندون رايان، المريض بسرطان الخلايا الصبغية (الأورام القتامية) melanoma، مناقشات حول قواعد التجارب السريرية. وقد انضم الدكتور ديفيد فيشر رئيس قسم الأمراض الجلدية ومدير برنامج الأورام القتامية في مستشفى ماساتشوستس العام التابع لكلية الطب بجامعة هارفارد، إلى مدونة «كونسلتنت» الإنترنتية للإجابة عن أسئلة القراء بشأن الأورام القتامية. وهنا يجيب الدكتور فيشر عن أسئلة القراء بشأن سرطان الخلايا الصبغية غير الطبيعي، وجينات سرطان الجلد، وسرطان الخلايا الصبغية في منشأها الأصلي، والأشكال الأخرى القاتلة من سرطان الجلد.

* انتشار سرطان الجلد

* متى ينتشر سرطان الخلايا الصبغية؟

* العام الماضي حدد لي طبيب الأمراض الجلدية بقعة سرطان الخلايا الصبغية على كتفي، وأجرى لي جراحة لإزالتها وأكد لي أن السرطان موضعي. لكني لم أستطع الحصول على تفسير حول مسألة التأكيد على أنه موضعي..

- كلمة موضعي تعني ظهور الخلايا السرطانية في منطقة محدودة للغاية، خاصة أن الخلايا لم تهاجم مساحة كبيرة حتى يمكن اعتبارها «عدوانية». وهذا المصطلح ينطبق على كثير من أنواع السرطان التي تظهر في مناطق أخرى غير الجلد أيضا.

سرطان الخلايا الصبغية المنتشر هو أخطر أنواع سرطان الجلد، لأن وصوله إلى الأنسجة المحيطة، يعني احتمالات أكبر لانتشار الخلايا السرطانية. وبالنسبة لغالبية السرطانات؛ ومن بينها سرطان الخلايا الصبغية، يتوقع أن تمثل كلمة «موضعي» حالة ما قبل الإصابة التي تحمل مخاطر التحول إلى سرطان ضار.

ونظرا للصعوبة في إمكانية التعرف تحديدا على توقيت احتمالية تحول سرطان الجلد الحميد إلى خبيث، لا بد من إزالة الخلايا المصابة كليا، ثم بعد ذلك يتابع المريض بعناية عبر اختبارات طبية دقيقة.

* هل سرطان الجلد وراثي؟

- المخاوف الجينية بشأن تطور سرطان الخلايا الصبغية، قائمة بالفعل. لكني أعتقد أنها لا تمثل سوى نسبة صغيرة من حالات سرطان الخلايا الصبغية في المجموع. ربما يكون تصنيف المخاطر الجينية الحقيقية أكثر تعقيدا من ظهور عدة حالات لسرطان الخلايا الصبغية في عائلة واحدة، لأن أفراد العائلة ربما يتشاركون في التعرض للأشعة فوق البنفسجية. وفي هذه الحالات، ربما يعكس السرطان تأثير البيئة لا الخلايا الجينية.

ويمكن القول إن هناك عوامل وراثية تسهم إلى جانب العوامل البيئية والأشعة فوق البنفسجية في زيادة مخاطر سرطان الخلايا الصبغية. فعلى سبيل المثال، فإن البشرة الخفيفة والتعرض لأشعة الشمس يرتبطان بمخاطر الإصابة بسرطان الخلايا الصبغية. هذه المخاطر المرتفعة تظهر بشكل أوضح في الأفراد الذين يعيشون في مناطق مثل ولايتي فلوريدا وأريزونا في الولايات المتحدة مثلا، وفي أستراليا حيث تزداد الأشعة فوق البنفسجية.

لكن الارتباط بين الجينات وسرطان الخلايا الصبغية قائم بالفعل، على الرغم من أنه غير شائع. ووجود عدد من الإصابات بين أفراد العائلات يسترعي انتباه أطباء الأمراض الجلدية الذين يحاولون تحديد السبب الجيني أو يحيلون المريض إلى طبيب ذي خبرة بالجينات السرطانية. ويساعد التعرف على سرطانات الخلايا الصبغية الجينية التي تحدث في العائلات في بعض الحالات لأن الاختبار الجزئي ربما يتمكن من تحديد أفراد العائلة المعرضين لمخاطر الإصابة والأفراد غير المعرضين لذلك.

* الشامة والسرطان

* هل هي شامة أم سرطان؟

* * مع نجاتي من سرطان الجلد، أزور طبيب الأمراض الجلدية بانتظام. وبين الحين والآخر يتم التعرف على بعض البقع التي تبدو مقدمات سرطانية ويتم علاجها، لكني أخبرت أن البقع عندما تتحول إلى سرطان فإن هذا سيكون أكثر خطورة من سرطان الخلايا الصبغية. وسؤالي هو: هل هناك علامة مثل شامة أو منطقة يمكن وصفها بأنها مقدمة لسرطان الخلايا الصبغية.. على سبيل المثال، منطقة تحتوي على خلايا صحية بشكل كامل أو التي يتم التعرف عليها على أنها سرطان الخلايا الصبغية؟

- هناك بعض القروح التي يعتقد أنها تمثل مقدمات لسرطان الخلايا الصبغية، لكن يصعب التكهن بالخطورة الحقيقية في تحولها إلى سرطان الخلايا الصبغية. هذه التقرحات تسمي السرطان الموضعي، التي تظهر سمات خليوية معينة مشابهة لعدد آخر من سرطانات الخلايا الصبغية، إضافة إلى أنها لا تتجاوز نطاقا صغيرا حيث تظل محدودة.

وهناك عدد آخر من التقرحات الإضافية للخلايا الصبغية التي تنشط سرطان الخلايا الصبغية والتي تتسم بـ«الشذوذ»، مما يعني أنها تبدو بشكل غير طبيعي قد يثير المخاوف، لكنها لا ترقى لأن توصف بأنها مصابة بسرطان خلايا صبغية حقيقي. ومن ثم، فإن تحديات تحديد ما إذا كانت تقرحات الجلد الصبغية شامة أم سرطان خلايا صبغية قد لا تتضح بشكل كامل على المستوى الميكروسكوبي، حتى لدى أساتذة علم الأمراض المتمرسين.

في هذه الحالات المبهمة يوصى بإزالة هذه التقرحات بعناية وبصورة كاملة مع متابعة دقيقة للجلد.

ولحسن الحظ، فإن الدراسات الجزيئية بدأت في التعرف على الجينات التي تتحول في كثير من هذه التقرحات في الوقت الذي لا تزال فيه حاجة إلى مزيد من العمل في هذا المجال، فربما تسمح الاختبارات الجزيئية بتحديد المخاطر الحقيقة لقروح الخلايا الميلانية بصورة أكثر دقة.

* الصلع ومخاطر الإصابة بالميلانويا

* مع وصولي إلى سن الخمسين، كشف تراجع شعري عن جبهتي منطقة كبيرة للشمس، وقد لاحظت ظهور بعض البقع غامقة اللون التي اعتقدت أنها تكونت نتيجة لاصطدام رأسي أحيانا، لكنها لم تختفِ، فهل يشير ذلك إلى ضرورة إجراء فحص للتأكد؟

- نعم، تغيرات الجلد التي يتعذر تفسيرها وتلك التي لا تعود إلى طبيعتها مرة أخرى يجب اختبارها من قبل طبيب. يؤدي التعرض الدائم لأشعة الشمس إلى مضار كبيرة، ومن ثم، فإن انتشار سرطانات الخلايا الصبغية في المناطق المعرضة للشمس في مناطق الرأس والرقبة والأكتاف هو الأكثر شيوعا، ولذا، فإن تجنب الشمس ولبس الملابس الواقية والقبعات ووضع الكريم الواقي من الشمس وتجنب التعرض للشمس.. هي من التصرفات الجيدة التي يمكن أن تخفض من مخاطر الإصابة بأي من سرطانات الجلد.

* سرطان داخلي

* توفي زوجي في الثالث من أكتوبر (تشرين الأول) بعد تشخيص مرضه بسرطان الخلايا الصبغية. كنا – كلانا - نزور طبيب الأمراض الجلدية، فقد كان لدى كلينا كثير من سرطانات الجلد الثانوية التي عالجناها (خلايا قاعدية وخلايا حرشفية) ولم يكن زوجي يعاني من شامات مشكوك فيها أو علامات أخرى يعتقد الأطباء أنها يمكن أن تكون سرطان خلايا صبغية. وقد انتشر المرض إلى مخه قبل ظهور أي عرض للمرض. وأظهرت التحليلات وجود سرطان الخلايا الصبغية. وبعد إجراء مزيد من الفحوصات وجد طبيب الأورام الخاص به وطبيب الأمراض الجلدية الذي يتابع حالتينا أنه على الرغم من أن الشخص قد تبدو عليه علامات في جسده، فإنه من الممكن أن يتطور الأمر إلى سرطان خلايا صبغية داخلية في الأغشية المخاطية وحتى في العين.

هل يمكن أن تفسر لي السبب في حدوث ذلك؟ يبدو أن زوجي لم يكن لديه أي فرص في مقاومة هذا العدو الخفي. وأتمنى أن يتم التوصل إلى دواء لهذا السرطان القاتل، إلى جانب اختبار تشخيص داخلي لا يعتمد على علامات غير واضحة على الجسد.

- بداية، أقدم لك التعازي. وعلى الرغم من أن هذه الظروف غير شائعة، فإنها تسمى «سرطان الخلايا الصبغية من دون مقدمات معروفة» وهو ما يمثل تحديا سريريا حقيقيا. وتعكس لفظة «أولي» الشكوك بشأن موقع ورم سرطان الخلايا الصبغية.

هناك تفسيران محتملان لما يمكن أن يكون قد حدث:

- وجود خلايا صبغية مصابة في الأعضاء الداخلية، التي ربما تكون انتشرت من دون ظهور أعراض في موقع حدوثها.

- ينشأ الورم على الجلد، لكنه غالبا ما يرتد بصورة تلقائية وينتشر أيضا (ينتشر في أماكن نائية في الجسم)، مما يجعل من الممكن التعرف على تحديد منشأه. هذا التفسير الثاني يفترض أن النكوص حدث نتيجة انهيار المناعة أمام سرطان الخلايا الصبغية الجلدي. لكن في هذه الحالة، على الرغم من ذلك، لم نتمكن من فهم جيد للسبب وراء هروب الورم وكشف المناعة له وتدميره.

وتجري الأبحاث المكثفة حاليا لفهم أوضح لآلية التحكم في قدرة نظام المناعة على التعرف على خلايا سرطان الخلايا الصبغية وتدميرها. وقد أظهرت كثير من الدراسات الحديثة أدلة على أن استخدام نظام المناعة قد يقدم أدلة ملموسة لمرضى سرطان الخلايا الصبغية.

بيد أن ما تقصدين بشأن الاكتشاف المبكر لهذا العدو الخفي، صحيح إلى حد بعيد. والحقيقة أنه عندما تظهر قروح الجلد، يكون سرطان الخلايا الصبغية أكثر السرطانات فتكا وعدوانية. ونحن نعتبر أن ورما بقطر سنتيمتر واحد، في كثير من أنواع السرطانات، ربما يكون مرحلة مبكرة يسهل علاجها. بيد أنه في حالة سرطان الخلايا الصبغية فإن ورما بقطر مليمتر واحد يحمل مخاطر واضحة بالانتشار. أنت محقة في أننا بحاجة إلى اختبار هذه القروح، كما أننا بحاجة أيضا إلى علاجات أفضل لقتل أي خلايا لم تستأصلها العملية الجراحية.

* خدمة «نيويورك تايمز»