الكولسترول.. وطريقة طهي الروبيان

أغذية تحتوي عليه مفيدة لصحة الإنسان

TT

عندما يجري الحديث عن خفض «ارتفاع كولسترول الدم» فإن الأمر لا مجال فيه لطرح معلومات طبية غير صحيحة. ذلك أن ارتفاع كولسترول الدم له تداعيات صحية تطال أرواح الناس وصحة شرايين قلوبهم وأدمغتهم وكل أرجاء جسمهم.

والملاحظ أن أول ما «يُشمّر» غالبية الناس سواعد الجد عنه عادة في سبيل خفض كولسترول الجسم، هو «الامتناع» عن تناول أي منتج غذائي يحتوي على الكولسترول.. وتحديدا تتوجه «المقاطعة» الغذائية نحو البيض والروبيان.

هذا ليس صحيحا، لأسباب عدة ستمر معنا في العرض، أهمها أن البيض والروبيان منتجان غذائيان مفيدان صحيا لعموم الناس إذا ما تم ذلك وفق الضوابط الصحية العامة لإعداد وتناول الأطعمة. ولذا بإمكان من لديهم ارتفاع في الكولسترول أو مرضى شرايين القلب، أن يتناولوهما ويستمتعوا بذلك، وفق نفس الضوابط.

لكن هذا يختلف تماما عند تناول منتجات حيوانية تحتوي على الكولسترول والدهون المشبعة، أي مثل اللحوم الحيوانية المختلطة باللحم أو الصافية منه، ومشتقات الألبان الكاملة الدسم. ذلك أن وجود الدهون المشبعة هذه يرفع من إنتاج الكبد للكولسترول، كما يُسهل امتصاص الأمعاء للكولسترول الموجود في الأمعاء.

وقصة ضرر الكولسترول على الجسم لا تنتهي بمعرفة ما يرفع نسبته في الدم، بل هناك جانب مهم يتعلق بمنع ترسب الكولسترول في جدران الشرايين، وتسهيل عملية تخليص الجسم من الكولسترول الذي ترسب من قبل في جدران الشرايين. وهنا يأتي دور الفيتامينات والمعادن والمواد المضادة للأكسدة ودهون أوميغا الموجودة بعض منها إما في الروبيان أو في البيض.

* أولويات حمية الكولسترول

* ومع معرفتنا بأن الكولسترول مادة شمعية مختلفة تماما في التركيب الكيميائي عن أي نوع من أنواع الدهون، سواء حيوانية أو نباتية، وسواء كانت مشبعة أو غير مشبعة.. ومع معرفتنا بأن الكولسترول مادة لا توجد إلا في المنتجات الغذائية الحيوانية المصدر، برية كانت أو بحرية، وأن المنتجات النباتية والزيوت النباتية جميعها خالية تماما من الكولسترول.. ومع معرفتنا بأن 80% من الكولسترول الموجود في جسم الإنسان يتم إنتاجه في الكبد، وأن 20% فقط يأتي من الغذاء، يكون السؤال: ما دور خفض تناول كمية الكولسترول التي تحتوي عليها المنتجات الحيوانية البرية والبحرية؟ أي بمعنى أنه: ضمن منظومة خطوات حمية خفض كولسترول الدم، أين تقع أهمية خفض كمية كولسترول الطعام؟

وللإجابة، تشير إرشادات الهيئات الطبية العالمية المعنية بالكولسترول وبصحة القلب والشرايين إلى أن خفض كمية كولسترول الطعام ليس أولوية في طريق خفض كولسترول الدم وتقليل احتمالات الإصابة بأمراض شرايين القلب والدماغ، بل هناك خطوات غذائية أهم وأكبر تأثيرا على نسبة كولسترول الدم.. وهذه حقيقة طالما تغيب عن أذهاننا.

أما لماذا؟.. فلأن العلاقة بين الكولسترول الموجود في الغذاء الذي نتناوله، وكمية الكولسترول في أجسامنا ليست علاقة تتناسب بشكل طردي بسيط. بمعنى أن ارتفاع كمية الكولسترول في الغذاء اليومي بمقدار معين، لا يعني تلقائيا أن نسبة الكولسترول في جسمنا سترتفع بحسب كمية ما تناولناه من كولسترول، ولا يعني مطلقا أنه كلما زادت كمية الكولسترول في أكلنا ستتبع ذلك زيادة بنفس النسبة في كمية الكولسترول الذي ستمتصه أمعاؤنا وسيدخل إلى أجسامنا.

وقد يستغرب البعض أن نتائج الدراسات الطبية الحديثة، وإرشادات الهيئات الطبية العالمية، لا تضع قضية «كمية الكولسترول في الطعام» كأولوية عند العمل على خفض نسبة كولسترول الجسم لدى من عندهم ارتفاع فيه، بل تضعها بعد عدة خطوات تأتي بعد الحد من كمية الدهون المتناولة.. وذلك بعد الخطوة الأولى، وهي الحد من تناول الدهون الحيوانية المشبعة.. وبعد الخطوة الثانية، وهي الامتناع عن تناول الدهون المهدرجة الموجودة في الزيوت النباتية التي خضعت تعسفا لعملية الهدرجة.. وبعد الخطوة الثالثة، وهي تقليل كمية طاقة السعرات الحرارية في مجمل الوجبات اليومية لحفظ وزن الجسم ككل ضمن المعدلات الطبيعية.. وبعد الخطوة الرابعة، وهي الحرص على تناول الدهون غير المشبعة الموجودة في الزيوت النباتية الطبيعية الموجودة في زيت الزيتون أو المكسرات.

بعد هذه الخطوات المهمة والمؤثرة بشكل قوي على نسبة كولسترول الدم، يأتي الحث على خفض كمية الكولسترول الذي يحتويه الطعام إلى ما دون 300 ملليغرام في اليوم، كخطوة خامسة في الأهمية. ثم يتبعها الحرص على تناول الألياف الغذائية النباتية، كوسيلة لخفض امتصاص الأمعاء للكولسترول، والحرص على تناول دهون «أوميغا – 3» الموجودة في الأسماك والحيوانات البحرية وبعض أنواع الخضار. وإضافة مواد «ستانول» النباتية، والمرادفة في التركيب للكولسترول الحيواني، وسيلة لمنع امتصاص الكولسترول.

* كولسترول الجسم

* ثمة شيء اسمه «كولسترول الغذاء»، وشيء آخر اسمه «كولسترول الدم» أو كولسترول الجسم. وكولسترول الغذاء نوع واحد، أما عند إجراء تحليل «كولسترول الدم» فإن النتائج تشمل أربعة أمور: الأول «الكولسترول الكلي» الضار ارتفاعه.. والثاني «الكولسترول الخفيف» الضار ارتفاعه.. والثالث «الكولسترول الثقيل» الضار انخفاضه.. وتضاف إليها «الدهون الثلاثية» الضار ارتفاعها.

ويوجد الكولسترول في الجسم لأنه مادة ضرورية لعمل أجهزته. وأهم ثلاثة جوانب هي: أولا، دور الكولسترول في البنية السليمة، والكفاءة في العمل، للجهاز العصبي.. وثانيا، كمادة خام لإنتاج مجموعات من الهرمونات والمواد الكيميائية في الجسم، ومن أمثلتها الهرمونات الجنسية. وثالثا، كمادة ذات ليونة شمعية، أساسية في بناء جدران الخلايا الحية في الجسم.

وينتج الكبد عادة أكثر من 80% من حاجة الجسم لمادة الكولسترول. وفي الحالات الطبيعية، ينتج الكبد الكمية اللازمة من هذه المادة الشمعية. ويضطرب إنتاج الكبد للكولسترول، وترتفع نسبته في الدم بفعل عاملين مهمين. الأول، وجود اضطرابات جينية وراثية تجبر الكبد على إنتاج كميات عالية وغير لازمة، من مادة الكولسترول. الثاني، تناول الإنسان لمواد تثير وتجبر الكبد على إنتاج كميات عالية من الكولسترول، منها ما هو قوي التأثير، ومنها ما هو ضعيف التأثير. والدهون المشبعة والدهون المتحولة هي من أهم تلك المواد القوية التأثير. وتوجد الدهون المشبعة في الشحوم الحيوانية واللحوم الحيوانية ومشتقات الألبان وفي نوعي زيت النخيل وزيت جوز الهند. وتوجد الدهون المتحولة في الزيوت والشحوم النباتية التي تعرضت لعملية الهدرجة الصناعية. كما أن هناك مواد تخفض من وتيرة إنتاج الكبد للكولسترول، ومن أهمها الدهون النباتية غير المشبعة، مثل تلك الموجودة في زيت الزيتون وزيت السمسم وزيت دوار الشمس وزيت الذرة وفي مكسرات الجوز «عين الجمل» والفستق واللوز. وهنا يجب التفريق بين فوائد تناول الأنواع الطبيعية من زيت الذرة ودوار الشمس والسمسم، وأضرار تناول الزيوت النباتية لتلك الثمار حينما تتعرض لعمليات الهدرجة ويتم تعليبها ووضعها في أرفف المتاجر لاستخدامها في القلي أو إعداد حلويات المعجنات أو غير ذلك.

* كمية كولسترول الطعام

* حينما نتناول منتجا غذائيا حيوانيا يحتوي على الكولسترول، فإن الجسم إما أن يمتص ذلك الكولسترول أو أنه يمتص جزءا منه، أو لا يمتصه بالكلية. وهناك عدة عوامل تتحكم في عملية الامتصاص هذه. وهناك عدة عوامل تتحكم في ذلك الامتصاص.

وحول تأثير تناول الدهون المشبعة وتناول الكولسترول في الغذاء، يشير التقرير الثالث للجنة الخبراء «ATPIII» في البرنامج القومي الأميركي للتثقيف بالكولسترول «NCEP»، إلى أن العلاقة بين الدهون المشبعة في الغذاء وارتفاع نسبة الكولسترول الخفيف في الدم هي علاقة تعتمد على «كمية الجرعة». وكلما زادت كمية الدهون المشبعة في الطعام، ارتفعت نسبة الكولسترول الخفيف في الدم. لذا يقول التقرير «تيبع كل زيادة بنسبة 1% لكمية الدهون المشبعة في كمية طاقة السعرات الحرارية للغذاء اليومي، حصول ارتفاع بمقدار 2% في نسبة الكولسترول الخفيف والضار. ويؤدي تقليل تناول الدهون المشبعة إلى خفض نسبة الكولسترول الخفيف».

وهذه العلاقة الطردية المباشرة لا نجدها في تناول كولسترول الطعام. وعلى الرغم من ذكر التقرير فائدة خفض تناول الكولسترول الغذائي، فإنه يقول صراحة إن «تناول كميات عالية من الكولسترول الغذائي لا يؤدي تلقائيا إلى حصول ارتفاع واضح في نسبة الكولسترول بالدم. كما أن الناس يختلفون في مقدار تأثر نسبة الكولسترول في دمائهم بفعل تناول كولسترول الغذاء».

وكانت مجلة «جورنال أوف ليبيد ريسيرتش» (Journal of Lipid Research) المعنية ببحوث الدهون والكولسترول، قد نشرت دراسة للباحثين من الولايات المتحدة حول هذه العلاقة.. وفيها أن متوسط ما يتناوله الفرد في الولايات المتحدة هو نحو 350 ملليغراما من الكولسترول يوميا.. وأن الشخص لو تناول 26 ملليغراما من الكولسترول في اليوم فإن الأمعاء ستمتص نحو 41% منه. وحينما يتناول 188 ملليغراما منه في اليوم، فإن الأمعاء ستمتص فقط 36% من تلك الكمية للكولسترول. ولو تناول 421 ملليغراما من الكولسترول في اليوم، أي ما يوازي تناول بيضتين، فإن الأمعاء ستمص فقط 25% من كمية الكولسترول تلك.

وحول اختلاف تأثير كولسترول الطعام على نسبة كولسترول الجسم، قال التقرير المتقدم الذكر «وبالمقابل هناك نتائج من دراستين طبيتين واسعتين تم إجراؤهما في الولايات المتحدة، توصلتا إلى أنه لا يوجد ارتباط جدي بين عدد البيض الذي يتم تناوله يوميا والإصابات بأمراض شرايين القلب إلا لدى الذين هم مصابون في الأصل بمرض السكري.. أي أنه لا فرق في الإصابات بأمراض شرايين القلب بين من يتناولون بيضتين يوميا ومن يتناولون أقل من بيضتين أسبوعيا».

وكان الباحثون من جامعة شيكاغو قد نشروا في عام 2007 دراسة وافية حول علاقة كولسترول الدم بالغذاء.. وبعد أن استعرضوا الإثباتات العلمية على الدور المهم والمباشر للدهون المشبعة في الغذاء على نسبة كولسترول الدم، تحدثوا عن دور كولسترول الغذاء. وقالوا إن الأمعاء لا تمتص إلا نحو 50% من الكولسترول الغذائي، وهناك اختلاف بين الناس في هذه النسبة، أقل أو أكثر. وأضافوا أن الكولسترول الموجود في الأمعاء يأتي من مصدرين.. الأول هو ما نتناوله من الأطعمة.. والثاني، وهو الأكبر، مما يخرج مع عصارة سائل المرارة ويصب في الأمعاء كي يعاد امتصاص جزء منه والتخلص من الباقي. وتتراوح كمية الكولسترول القادم مع عصارة المرارة إلى الأمعاء، ما بين 800 و1300 ملليغرام. أي ما يعادل الكولسترول الموجود في ما بين أربع إلى ست بيضات، أو ما يعادل الكولسترول الموجود في كيلوغرام واحد من لحم الروبيان! وأكد الباحثون على أن الأمعاء حينما تمتص الكولسترول لا تفرق بين كولسترول قادم مع الطعام أو كولسترول قادم ضمن عصارة المرارة. ولذا فإن عمل أحدنا على خفض نسبة الكولسترول في الدم يجب أن يتجه بالدرجة الأولى إلى تعطيل أو تخفيف نشاط آليات امتصاص الأمعاء للكولسترول الموجود فيها، والذي مصدره الكبير هو ما يأتي من الكبد مع عصارة المرارة. وهنا مربط الفرس في علاقة الروبيان أو البيض بنسبة كولسترول الدم، أو علاقة اللحوم الحيوانية الأخرى ومشتقات الألبان الكاملة الدسم بنفس الأمر.

وقال الباحثون إن آلية امتصاص الأمعاء للكولسترول تكتسب أهمية طبية متنامية خلال السنوات القليلة الماضية.. وتحدث الباحثون عن عدة عوامل مؤثرة، لكن يظل العامل الأهم الذي يساعد على نشاط امتصاص الأمعاء للكولسترول هو وجود الدهون المشبعة.

* الروبيان طعام صحي

* من أهم مميزات منهجية التفكير الطبي دوام المراجعة الذاتية للتأكد من صحة المعلومات الطبية. ولذا تتطور الممارسة دوما نحو «الطب الصحيح» بتلك المراجعات العلمية المبنية على الأدلة والبراهين المشاهدة.

وفي ستينات القرن الماضي، اكتشف الطب لأول مرة أن ارتفاع الكولسترول له علاقة بارتفاع الإصابات بأمراض شرايين القلب. وللأسف، توجهت النصيحة الطبية آنذاك مباشرة نحو نصح الناس بتقليل أو عدم تناول المنتجات الغذائية المحتوية على الكولسترول، أيا كان نوعها ومصدرها وطريقة إعدادها للتناول وكيفية تناولها. وأدى ذلك إلى إجحاف واضح في حق بعض المنتجات الغذائية الصحية، أسوة بما حصل من قبل مع القهوة والشاي في الحديث عن أضرار تناولهما على صحة القلب. وهو ما ثبت لاحقا أنه ببساطة «خطأ». وأسوة أيضا بحذر البعض من تناول المكسرات، التي ثبتت فائدتها الصحية علميا، وتتوجه الإرشادات الطبية اليوم نحو تناول كمية يومية منها، بنحو ما يملأ الكف، كوسيلة للوقاية من أمراض الشرايين القلبية.

وتشير إصدارات رابطة القلب الأميركية إلى القول بأن «الأسماك والروبيان والبيض من الأغذية عالية المحتوى نسبيا بالكولسترول، إلا أنها قليلة المحتوى بالدهون المشبعة». وأضافت أن «تأثيرات هذه المنتجات الغذائية قليلة في رفع كولسترول الدم. ولذا فإن تناولها أقل ضررا من تناول اللحوم الحيوانية المحتوية على الدهون المشبعة والكولسترول معا، وأقل ضررا بلا ريب من تناول الدهون المتحولة في الزيوت النباتية المهدرجة بطرق صناعية».

وفي المدونات الطبية، ثمة عشرات المقالات التي تناولت موضوع الروبيان وأنواع أخرى من الحيوانات البحرية، وفندت تأثيراتها المفترضة على نسبة كولسترول الدم.

وما يجدر أن يكون عليه النظر إلى الروبيان هو أنه منتج غذائي طبيعي، أي «عبوة» غذائية كاملة تحتوي على الكثير من العناصر الغذائية الطبيعية المفيدة. لذا حينما نتناول الروبيان، نحن لا نتناول فقط الكولسترول، أيا كانت كميته.

والعنصر الصحي الأهم في الروبيان هو خلوه من الدهون المشبعة. وكان الدكتور ويليام كاستيلي، مدير معهد فرامنغهام لأمراض القلب بالولايات المتحدة، قد ذكر منذ عدة سنوات أن «معظم كولسترول الدم لا يأتي من كولسترول الغذاء، بل يصنعه كبد الجسم من الدهون المشبعة التي يتناولها الإنسان في غذائه اليومي، والروبيان واللوبيستر تنعدم فيهما الدهون المشبعة، بما يجعلهما غذاء صحيا للقلب».

والعنصر الصحي الثاني هو احتواؤه على كمية جيدة من دهون «أوميغا – 3» الطبيعية، العالية الفائدة الصحية للقلب ولضغط الدم وانتظام إيقاع نبض القلب وصحة الشرايين والدماغ والتفكير والمزاج والجلد والشعر وغيرها من وظائف وأجزاء الجسم. والإنسان الطبيعي يحتاج يوميا إلى نحو 500 ملليغرام من دهون «أوميغا – 3». وهذا يتحقق بسهولة بتناول 150 غراما من الروبيان أو من اللوبيستر أو الكابوريا.

والعنصر الصحي الثالث أن كمية طاقة السعرات الحرارية قليلة في لحم الروبيان. ذلك أن 100 غرام من لحم الروبيان المشوي تحتوي على 80 سعر حراري، أي أقل من كمية الطاقة في موزة واحدة أو في شريحة من الخبز المحمص (التوست). ومن هنا يكون تأثيرها خفيفا لجهة التسبب في زيادة الوزن.

والعنصر الصحي الرابع، وهو ما يستحوذ على اهتمام طبي خاص في الآونة الأخيرة، خاصة لصحة الحوامل وصحة الأطفال، أن الروبيان من الحيوانات البحرية المتدنية المحتوى بالتلوث بمعدن الزئبق. ومعلوم أن ثمة أنواعا من الأسماك تنصح الحوامل وكذا الأطفال بتجنب تناولها، نظرا لمحتواها من مادة الزئبق الضارة على الجهاز العصبي والتفكير.

أما بالنسبة للكولسترول، فإن التحاليل الكيميائية تثبت أن في كل 100 غرام من لحم الروبيان الصافي والنيئ، هناك نحو 140 ملليغراما من الكولسترول. وبالمنسبة، اللوبيستر يحوي كمية أقل من الكولسترول، ففي كل 100 غرام من لحم اللوبيستر يوجد 90 ملليغراما من الكولسترول.

ويمكن بسهولة منع امتصاص هذا الكولسترول وتخليص الجسم من أضراره المحتملة، إذا ما تم إعداد طهي الروبيان بعيدا عن إضافة الدهون المشبعة أو الدهون المتحولة، أي بعيدا عن القلي في الزيوت النباتية المهدرجة، وبعيدا عن إضافة السمن أو الزبد خلال الطهي أو ضمن الوجبة التي يتم فيها تناول الروبيان. ولذا فإن شواء الروبيان أو غليه بالماء هو الأفضل للتناول.

ومن الخطأ نصح الناس بعدم تناول الروبيان، أو إشاعة الاعتقاد بينهم أن الروبيان أحد المنتجات الغذائية التي يجب عليهم الحذر من تناولها، حتى لو كان لديهم ارتفاع في الكولسترول أو كانوا مصابين بأمراض شرايين القلب.

وما يجب أن تكون عليه النصيحة هو ما تتحدث المصادر الطبية عنه حول الروبيان أو البيض أو اللوبيستر أو الأسماك. وهو أن الإرشادات الطبية تنصح بألا يتجاوز الإنسان تناول كمية 300 ملليغرام من الكولسترول يوميا.. أي أن للمرء تناول كمية 200 غرام من الروبيان في وجبة غداء أو عشاء أحد الأيام التي يشاؤها، إذا امتنع في الوجبة عن تناول الدهون المشبعة، أي كالتي في اللحوم الحيوانية أو مشتقات الألبان الكاملة الدسم أو السمن الحيواني. أي أن للإنسان تناول نحو عشر حبات من الروبيان المتوسط الحجم، مرتين في الأسبوع مثلا من دون الإحساس بـ«الذنب الصحي». وهناك اختيارات صحية واسعة لتحقيق وجبات صحية تحتوي على الروبيان، خاصة أن إرشادات التغذية الصحية تنصح باقتصار تناول اللحوم الحمراء على مرتين في الأسبوع، وعلى تناول مشتقات الألبان الخالية من الدسم.