أساطير حول فوائد «الريسفيراتول».. في إطالة العمر

وقاية شراب العنب الأحمر للقلب والشرايين لم تثبت حتى الآن

TT

الوعود التي قدمت حول فوائد شراب العنب الأحمر لا تزال غير مؤكدة، فيما يخص الإنسان.

لم تحدث أي مادة ضجة كبيرة وتضخيما هائلا لها مثلما أحدث أحد الجزيئات الكيميائية، وهو جزيء «ريسفيراتول» resveratrol الذي عثر عليه في شراب العنب (النبيذ) الأحمر، الذي افترضت بعض الأبحاث أنه مفيد للقلب والأوعية الدموية.

* ترويج وتجارة

* وقد أظهرت أبحاث أجريت في بدايات العقد الأول من هذا القرن أن «الريسفيراتول» أدى إلى إطالة أعمار الخميرة وأنواع حية أخرى بسيطة التركيب. ومنذ ذلك الحين أخذت تتوارد التقارير الإعلامية حول فوائد هذه المادة، وطالعتنا عناوين مثيرة مثل: «خذ ينبوع الشباب من زجاجة نبيذ»، أو «هل تريد إبطاء شيخوختك؟ تناول بعضا من حبوب النبيذ الأحمر»! وقد سارعت الشركات المنتجة للمكملات (حبوب الفيتامينات والمعادن وما شابه) إلى إنتاج حبوب من «الريسفيراتول» وخلاصات من النبيذ الأحمر ادعت أنها سوف تدرأ أمراض القلب والسرطان وتطيل الأعمار. وقد استجاب الأميركيون لهذه المزاعم بشراء حبوب كهذه بمبالغ وصلت إلى ملايين الدولارات! وإليكم ما نعرفه عن مادة «الريسفيراتول»، وإليكم أيضا الأسباب التي تدعونا إلى تجنب شراء المكملات الخاصة به.

* افتراضات صحية

* ينتج الكثير من النباتات مادة «الريسفيراتول» لمكافحة البكتيريا والفطريات والميكروبات المعدية الأخرى، أو بهدف تمكينها من مقاومة ظروف الجفاف أو قلة الغذاء.

وقد عثر على «الريسفيراتول» في أنواع الأعناب الحمراء والليلكية، وفي عدد من أنواع الثمار العنبية وهي «بلوبيري» و«كرانبيري» و«مالبيري» و«لنغونبيري»، وفي الفول السوداني، والفستق. كما يوجد بغزارة في جذور نوع من الأعشاب الضارة knotweed اليابانية التي اجتاحت الولايات المتحدة ويصعب القضاء عليها.

وفي عام 1992 افترض باحثان في جامعة كورنيل أن «الريسفيراتول» ربما يكون مسؤولا عن توفير النبيذ الأحمر للفوائد الكثيرة للقلب والأوعية الدموية. ومنذ ذلك الحين أشارت مئات التقارير إلى أن «الريسفيراتول» ربما يقي من السرطان، ومن أمراض القلب، ومن العته الناجم عن تضييق الأوعية الدموية، ومن مرض الزهايمر، وأنه قد يطيل العمر. إلا أن الكيفية التي ينفذ فيها «الريسفيراتول» مهمته هذه لا تزال محاطة بالغموض. وأحد الاحتمالات أن «الريسفيراتول» يؤدي إلى تنشيط الجينات التي تنتج بروتينات «سيرتوين» sirtuins، وهي بروتينات عريقة في القدم توجد في الواقع لدى كل الأنواع الحية. ويؤدي تنشيط الجينات لتحفيز الجسم لمكافحة الأمراض وإطالة العمر.

وتفترض أبحاث أخرى أن «الريسفيراتول»:

* يعمل كمادة مضادة للأكسدة، ويعمل ضد تراكم الجذور الحرة الضارة، ويمنع حدوث أكسدة للكولسترول المنخفض الكثافة LDL الضار.

* يخفف الالتهابات، الأمر الذي قد يحمي الشرايين.

* يمنع الصفائح الدموية من التجمع مع بعضها، الأمر الذي يدرأ حدوث النوبة القلبية والسكتة الدماغية.

* يستفز الخلايا السرطانية ليقود إلى انتحارها فورا.

* حقائق الواقع المرير

* ومع وجود قائمة كهذه، فإنه من الصعب على الإنسان أن ينفي فوائد قنينة من «الريسفيراتول»! ولكن، إليكم الكثير من الأسباب التي تدعونا إلى عدم الانسياق وراء ذلك:

* المختبر الإنسان. أي أن نتائج البحث المختبري أمر لا يمكن اعتباره أمرا محققا فيما يخص الإنسان. وفي الواقع فإن كل نتائج الأبحاث الإيجابية حول «الريسفيراتول» جاءت من دراسات أجريت في المختبرات على مجموعات من الخلايا المستنبتة من الخميرة، الدودة الدائرية، ذبابة الفاكهة، وأنواع من السمك الصغير القصير العمر، وكذلك على الفئران.

أما الدراسات القليلة التي أجريت على الإنسان فقد دققت فقط في علامات وسيطة محددة مثل مستوى المواد المضادة للأكسدة، تغيرات معدل نبضات القلب، تدفق الدم نحو المخ، ومقادير بروتينات السرطان. ولم تقم أي من تلك الدراسات بدراسة الصحة على المدى الطويل، أو نجاة الإنسان وديمومته.

* آثار جانبية

* آثار جانبية غير معروفة. يؤثر «الريسفيراتول» على الكثير من الأنسجة المختلفة للجسم. وهو قريب إلى الإستروجين من الناحية الكيميائية، وفي بعض الأحيان فإنه يقوم بتعزيز نشاط الإستروجين، بينما يقوم في أحيان أخرى بمنع تأثيره. وحتى الحين الذي يتم فيه التعرف أكثر على «الريسفيراتول» والإستروجين، فإن على النساء اللواتي يعانين من سرطانات الثدي، المبيض، الرحم وغيرها من الأمراض التي تكون فيها الأنسجة حساسة للإستروجين، الابتعاد عن «الريسفيراتول» وكذلك النساء اللواتي يرغبن في الإنجاب أو اللواتي يتناولن حبوب منع الحمل.

ولأنه يقلل من تلاصق الصفائح الدموية، فإن «الريسفيراتول» بمقدوره زيادة خطر النزف الدموي لدى الأشخاص الذين يتناولون أدوية «وارفرين» (كاومادين)، «كاوبيدوغريل» (بلافيكس)، الإسبرين، إيبوبروفين، أو أي دواء من الأدوية غير الستيرويدية المضادة للالتهاب.

و«الريسفيراتول» مثل ثمرة الغريبفروت يثبط إنزيما رئيسيا يسمى «سيتوكروم بي - 450 3 إيه 4» cytochrome P - 450 3A4، ولذا فإن كميات كبيرة من «الريسفيراتول» قد تزيد من الآثار الجانبية لأنواع من أدوية الستاتين وعقاقير أخرى.

وأخيرا فإن التجارب الإكلينيكية على عقاقير مضادة للسرطان تم تطويرها على أشكال من «الريسفيراتول»، تم إيقافها بشكل مبكر عندما لاحظ فريق السلامة المشرف عليها حصول أضرار أكثر من المعتاد على الكلى.

* حذار من الشراء

* حذار من الشراء فإن المكملات مثل تلك الحاوية على «الريسفيراتول» لا تخضع إلى القواعد والضوابط التي تضعها وكالة الغذاء والدواء الأميركية FDA التي تراقب إنتاج وتسويق الأدوية والعقاقير المبيعة بوصفة طبية، ولذا فإنك لا تعرف ماذا تشتري؟! كما أشارت مراجعة أجراها مختبر المستهلك ConsumerLab، وهو منظمة مستقلة، لوجود فروق كثيرة في الأسعار بين ماركة وأخرى، إذ يبلغ ثمن إحداها 20 سنتا لكل 100 ملليغرام من «الريسفيراتول»، بينما يصل إلى 45 سنتا للمقدار نفسه في ماركة أخرى.

* تساؤلات بلا إجابة

* يبدو «الريسفيراتول» وكأنه حبة مدهشة. إلا أن هناك تساؤلات مهمة حوله ينبغي الإجابة عنها:

* هل أن «الريسفيراتول» يحمي من أمراض القلب، السرطان، والأمراض المزمنة الأخرى أو يطيل الأعمار لدى الإنسان؟

* ما مقدار «الريسفيراتول» الذي نحتاجه للوصول إلى تلك الأهداف؟ إذ استخدمت الأبحاث مقدار 300 قدح من النبيذ الأحمر.

* ما الآثار الجانبية لـ«الريسفيراتول» وكيف يتفاعل مع الغذاء والأدوية؟

* هل يؤدي «الريسفيراتول» النقي مفعوله، أم أن مفعوله يعتمد على وجود مركبات أخرى؟

وحتى الحين الذي سنعثر فيها على أجوبة لهذه التساؤلات، فإن علينا على الأقل تجنب تناول مكملات (حبوب) «الريسفيراتول».

* رسالة هارفارد للقلب، خدمات «تريبيون ميديا»