وسيلة جديدة واعدة لتشخيص الحمل خارج التجويف الرحمي

تمتاز بالدقة والسرعة وقلة التكلفة

TT

على الرغم من أن نسبة حدوث الحمل خارج التجويف الرحمي Ectopic pregnancy قليلة للغاية، إذ تمثل نحو 1 في المائة فقط من إجمالي عدد حالات الحمل على وجه العموم، فإنه يظل على الدوام إحدى أبرز المشكلات التي قد تواجه أي سيدة في شهور حملها الأولى.

ونظرا لخطورته الفائقة على صحة الأم، وخاصة في الدول النامية، حيث لا تتاح الوسائل التشخيصية الكافية سواء لأسباب مادية أو علمية، لا يكل العلماء من محاولة البحث عن وسائل أكثر دقة وتطورا لاكتشافه المبكر على أن تكون تلك الوسائل رخيصة وبسيطة حتى يمكن توفيرها في كل بقاع العالم.

من تلك المحاولات، ما أوردته دورية علوم الغدد الصماء والأيض الإكلينيكية Journal of Clinical Endocrinology & metabolism على موقعها الإلكتروني في الثالث من نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري، والتي تشير إلى توصل علماء جامعة ادنبره بالمملكة المتحدة إلى اكتشاف مبشر لإحدى الوسائل التشخيصية الجديدة للتأكد من وجود حمل خارج التجويف الرحمي.

* عامل نمو المشيمة

* وأشارت الدورية إلى أن البحث الذي قام به فريق من العلماء التابعين للجامعة الاسكوتلندية المرموقة بقيادة الدكتور أندرو هورن، الباحث العلمي والاستشاري الشرفي لأمراض النساء والتوليد، توصل إلى نتائج مفادها أن نسبة أحد الجزيئات الرئيسية في تكوين الأوعية الدموية ينخفض بنسبة كبيرة في دم السيدات اللواتي يعانين من الحمل خارج التجويف الرحمي.

وأشار هورن إلى أن التجربة المختبرية على عينات نسيجية مشيمية تم أخذها من سيدات تعرضن لعمليات جراحية لإنهاء الحمل، سواء في موعدها الطبيعي أو في حالات الإجهاض أو في حالات الحمل خارج التجويف الرحمي، قد أثبتت أن قياس نسبة وجود الجزيء المعروف علميا باسم «عامل نمو المشيمة Placental Growth Factor»، والمرتبط بالحمل، في دماء السيدات اللواتي حملن خارج التجويف الرحمي أقل من مثيلاتهن اللواتي حملن داخل الأرحام، بغض النظر عن مدة الحمل.

ويشير هورن إلى أنه في حال نجاح التجارب اللاحقة على نطاق أوسع في إثبات ذات النتائج، فإن اختبارا بسيطا للدم قد يمكن الأطباء من تشخيص حالات الحمل خارج التجويف الرحمي بدقة بالغة وفي زمن قصير للغاية عما هو متاح حاليا.

* اختبارات الحمل الخارجي

* ويعتمد المتخصصون حاليا في تشخيص الحمل خارج التجويف الرحمي على عدة وسائل دقيقة، وإن شابها بعض المشكلات المتعلقة بالوقت أو الاحتياج للتدخل الجراحي بما قد يتبعه من مضاعفات.

ومن ضمن الوسائل المتبعة للتشخيص، القياس «الكمي» لهرمون الحمل بالدم Quantitative B - HCG، وهو يختلف عن اختبار الحمل العادي بالدم الذي يحدد فقط وجود الحمل من عدمه Qualitative B - HCG. وتظهر نتيجة هذا الاختبار معدل وجود الهرمون بدماء الأم، ويجب أن يتم إجراؤه بالتوازي مع «الموجات فوق الصوتية على الرحم عبر المهبل Vaginal U/S» للتأكد من خلو الرحم من كيس الحمل رغم وجود الهرمون بنسب تشير إلى وجوده، مما يعني أن الحمل موجود خارج التجويف الرحمي.

ويعيب هذه الطريقة أن الحمل في أيامه الأولى قد لا يظهر باستخدام الموجات فوق الصوتية، إلى جانب أن إجراء ذلك الفحص يتطلب طبيبا ذا خبرة في إجراء الموجات فوق صوتية للتأكد من النتائج.

البديل الآخر هو تكرار الاختبار بعد مرور 48 ساعة، ومقارنة نتائج الاختبارين، فإن كانت نتائج الاختبار الثاني أقل من الأول، فذلك يعني أن الحالة هي حالة إجهاض. أما في حال زيادة الاختبار الثاني عن الأول بنسبة الضعف، فيعني ذلك أن الحمل طبيعي، وإن كانت النسبة أقل من الضعف، فيشير ذلك إلى احتمال قوي بأن الحمل خارج التجويف الرحمي. ويعيب تلك الطريقة أنها تستهلك الكثير من الوقت (يومين)، وقد تحتاج تكرارها في حال كانت النتائج غير قاطعة «Borderline results» بالحد الكافي، وهو ترف قد لا يكون متاحا في حالات الطوارئ.

خيار آخر أكثر دقة وأقل استهلاكا للوقت، هو استخدام مناظير البطن الجراحية أو حتى اللجوء إلى عمليات البطن المفتوحة من أجل تشخيص الحالة على أرض الواقع، ولكنه خيار يحمل كل مخاطر واحتمالات التعرض لمضاعفات التدخل الجراحي المعروفة.

وهناك أنماط عدة للحمل خارج التجويف الرحمي، مثل الحمل داخل تجويف البطن، أو بالمبيض أو بعنق الرحم، ويعد أخطرها وأكثرها حدوثا (بنسبة نحو 98%) الحمل بالقناة الرحمية (قناة فالوب Uterine tube) التي تصل بين تجويف البطن - بالقرب من المبيض - وفراغ الرحم الداخلي.

وتكمن خطورة الحمل خارج التجويف الرحمي الرئيسية في ما قد يسفر عنه من انفجار بالقناة الرحمية، وما قد يتبع ذلك من نزف داخل الغشاء البروتوني للبطن، قد يؤدي في بعض الأحيان إلى الوفاة.

ويمثل التشخيص المبكر لمثل تلك الحالات علامة فارقة في الحفاظ على حياة المريضة.. وتعتمد خطة العلاج، والذي قد يكون علاجا دوائيا عن طريق استخدام بعض العقاقير المضادة للانقسام الخلوي، مثل الميثوتريكسيت Methotrexate، والتي تؤدي إلى وفاة كيس الحمل ومن ثم إجهاضه تلقائيا في أغلب الحالات. وقد يحتاج الأمر للتدخل الجراحي، سواء عبر المناظير أو التدخل المفتوح لاستئصال كيس الحمل.