اختباران جديدان للحمض النووي.. للكشف عن سرطان القولون

يرصدان الجينات المتحورة المسببة للأورام في عينات البراز والدم

TT

يبشر اختباران جديدان للحمض النووي «دي إن إيه»، تم الحديث عن أحدهما في مؤتمر طبي بفيلادلفيا نهاية الشهر الماضي، بوعود باحتمال الكشف المبكر عن سرطان القولون والحد من الإصابة به. ويبلغ عدد الذين يصابون بمرض سرطان القولون في الولايات المتحدة 150 ألفا سنويا، وتقدر تكاليف علاجه 14 مليار دولار.

ويمكن لهذين الاختبارين الجديدين أن يساعدا الناس على تجنب الخضوع لعملية الفحص بمنظار القولون التي توصف بشكل معتاد للمرضى الذين تعدوا سن الخمسين. بدلا من فحص جميع المرضى بالمنظار، يمكن للأطباء أن يحيلوا فقط مَن كانت نتائج أحد اختباري الحمض النووي الخاصة بهم إيجابية إلى عملية منظار القولون.

ولا تعتمد اختبارات الحمض النووي على إدخال أشياء إلى داخل الجسم بعكس عملية فحص القولون بالمنظار الذي يتم خلالها إدخال وتحريك أنبوبة فحص في القولون، مما يشجع الكثيرين على إجراء تلك الاختبارات. وقد يصبح الاختباران متاحين للبيع في الأسواق خلال عامين.

ويعتمد أحد الاختبارين، الذي توصلت إليه شركة «إكزاكت ساينسيز» في مدينة ماديسون بولاية ويسكنسن، على فحص عينة من البراز بحثا عن وجود أربع جينات متحورة تدل على مرض سرطان القولون. يمكن للاختبار أن يلتقط الأورام السرطانية والأورام الأخرى التي يحتمل أن تكون «قبل سرطانية» في مرحلة مبكرة، بحيث يمكن أن تستجيب للعلاج، ما يتيح للأطباء إزالتها فورا.

ويبحث الاختبار الآخر في عينة الدم عن تغيرات في جين واحد فقط يسمى «سبتين 9» (Septin 9) ليس من ضمن الجينات الأربعة الموجودة على قائمة شركة «إكزاكت ساينسيز». وقد توصلت شركة «إيبيغينوميكس إيه جي» في ألمانيا إلى هذا الاختبار.ويعد الاختباران أرخص ثمنا من عملية فحص القولون بالمنظار، بل وقد يكونان أكثر فاعلية. ولا يوافق الكثير من المرضى على الخضوع لهذه العملية للفحص المنظاري، والتكلفة الإجمالية للفحص مرتفعة لأن صحة الكثيرين تكون جيدة ولا يستطيع الفحص المنظاري للقولون أن يكشف الأورام التي توجد في الجزء العلوي من الأمعاء في أحيان كثيرة. وتسعى شركة «إكزاكت ساينسيز» الآن إلى إدراج آلاف المرضى في تجربة تهدف إلى الحصول على موافقة إدارة الطعام والغذاء الأميركية. ومن المقرر أن تنتهي هذه التجربة في 2012، وإذا تم الحصول على الموافقة سيكون الاختبار متوفرا في الأسواق بعد ذلك بفترة قصيرة.

قال الدكتور ديفيد ألكويست، الخبير في سرطان القولون بمؤسسة «مايو كلينيك» والمستشار في شركة «إكزاكت ساينسيز»: «إذا تم استخدام الاختبار على نطاق واسع وبانتظام ستتاح له فرصة القضاء على سرطان القولون».

* دقة الاختبارات

* وتعتمد قيمة الاختبارين العملية بشكل كبير على تفاصيل مثل مدى حساسيتهما بما يعني كمية الأورام التي تكتشف ودقتها وعدد النتائج الإيجابية التي يتبين أنها غير صحيحة.

وصرحت شركة «إكزاكت ساينسيز» في يوليو (تموز) أن الاختبار ذو حساسية عالية ويتميز بالدقة عند استخدامه مباشرة على خلايا أخذت من الأورام، لكن في واقع الأمر يجب رصد الحمض النووي للورم في عينات براز رغم أن الجزء الأكبر من الحمض النووي يأتي من البكتيريا الموجودة في الأمعاء. وتبلغ نسبة الحمض النووي البشري 0.01 في المائة، والجزء الأكبر منه يتكون من حمض نووي طبيعي، وليس من الحمض النووي المتحور للأورام.

وقد صرحت الشركة في مؤتمر للمؤسسة الأميركية لبحث السرطان بأن الاختبار كشف، في تجربة لها على 1100 مريض، عن 64 في المائة من الأورام الغددية أو السليلات (البوليب) التي يكون قطرها أكبر من 1 سم، مقابل العثور على نسبة 85 في المائة من السرطانات عندما أجري على المشاركين فحص القولون بالمنظار.

وقال الدكتور ألكويست إنه كان سعيدا بالنتائج الجديدة، خصوصا بنسبة 64 في المائة لكشف النمو لأورام البوليب التي يحتمل أن تكون أوراما قبل سرطانية، لأن هذه أفضل نسبة.

ورغم أن هذا المعدل ليس مثاليا، فإنه قد يكون فعالا إذا تم تطبيق الاختبار بشكل منتظم. وقال دكتور ألكويست: «يكتشف اختبار (Pap smear) لفحص عنق الرحم للكشف عن السرطان فيه 50% فقط من سرطانات عنق الرحم، لكن مع إجرائه بصورة مستمرة يقضي تقريبا على المرض».

* نتائج إيجابية

* وتبلغ دقة اختبار «إكزاكت ساينسيز» 88%، مما يعني أن نسبة حصول المريض على نتيجة خاطئة تبلغ 12 في المائة. ويمكن تقبل هذا الأمر بالنظر إلى أن أسوأ ما يمكن أن يحدث نتيجة لذلك هو خضوع المريض لعملية فحص منظاري للقولون غير ضرورية.

وقال الدكتور بيرت فوجيلستين، الخبير في السرطان بجامعة جونز هوبكنز والمستشار لدى الشركة: «هناك حاجة إلى أن تكون نسبة الدقة مع اختبارات البراز 90 في المائة» وأضاف: «لقد اقتربت شركة (إكزاكت ساينسيز) للغاية من هذا. هناك أمل كبير في التوصل إلى اختبار براز».

وقد تم تسجيل نتائج واعدة لاختبارات الدم هذا الأسبوع في مؤتمر طبي في برشلونة بإسبانيا. وقالت شركة «إيبيغينوميكس» إن نسبة حساسية هذا الاختبار 86 في المائة ونسبة دقته 93 في المائة.

ويشير المدافعون عن كل اختبار إلى نقاط الضعف المحتملة في الآخر، حيث قال الدكتور أكيم بلوم، نائب رئيس شركة «إيبيغينوميكس» إنه من 30 إلى 40 في المائة من المرضى لديهم سليلات صغيرة، أي أورام بوليب، لكن أقل من 10 في المائة منها تصبح سرطانية. ويمكن أن ترصد اختبارات الدم للقولون الكثير منها هذا، وترسل الكثير من المرضى لإجراء فحص القولون بالمنظار».

لكن قد تكون لاختبارات الدم مشكلات مشابهة، حيث يمكن أن تأتي إشارة إيجابية بوجود سرطان في أي مكان بجسم الإنسان، وإذا ينصح المريض بإجراء مسح شامل على جسده، يمكن أن يظهر المزيد من الإشارات الإيجابية. يقول دكتور فوجيلستين: «لذا ينتهي الحال إلى أن تضر أكثر من أن تنفع».

وقال الدكتور بلوم إن شركة «إيبيغينوميكس» لا ترى أن اختبارها بالضرورة ينافس اختبار شركة «إكزاكت ساينسيز» لأن اختبار الدم بديل جيد للذين ينفرون من اختبار البراز.

* خدمة «نيويورك تايمز»