«البولونيوم 210».. يهدد حياة المدخنين

إشعاعاته لدى المدخنين تعادل التعرض لأشعة إكس 250 مرة سنويا

TT

اكتسبت مادة «البولونيوم 210» المشعة شهرة واسعة كمادة سامة، منذ أن أثيرت الشبهات حول دور السلطات الروسية في تسميم المعارض والجاسوس الروسي السابق، ألكسندر ليتفينينكو، بها في لندن قبل 4 سنوات. ويبدو أن الاستخدام المباشر للمادة كسمّ قاتل حرك الكثير من الباحثين على البحث في أضرار وجودها بين سموم التدخين.

وذكرت البروفسورة مارتينا بوشكة - لانغر، من معهد الأبحاث السرطانية في هايدلبيرغ، أن 3300 ألماني يموتون بفعل التدخين السلبي مع المدخنين، وهذا عدد من القتلى يفوق عدد ضحايا المخدرات والاسبست وضحايا إنفلونزا الخنازير وإنفلونزا الطيور مجتمعة. والثابت هو أن «البولونيوم» يلعب دورا كبيرا في تفاقم أزمة ضحايا التدخين السلبي.

خطر «البولونيوم» وتحدثت بوشكة - لانغر عن دراسة جديدة أجريت في مركز هايدلبيرغ عن مضار «البولونيوم 210» تثبت أن خطره لا يقل عن خطر التعرض المستمر لأشعة إكس المستخدمة في الطب. ورغم أن البشر غير المدخنين يحملون كمية ضئيلة من «البولونيوم» في رئاتهم، بسبب التدخين السلبي، فإن نسبة «البولونيوم» في رئات المدخنين تبلغ 3 أو 4 أضعاف ذلك. بل إن من يدخن 20 - 40 سيجارة في اليوم طوال سنة يحمل في رئته مادة مشعة من «البولونيوم» تعادل ما يتعرض له الإنسان 250 مرة جراء الكشوفات بأشعة إكس.

وأكدت الباحثة أن الشركات المنتجة للتبغ تعرف عن مخاطر المواد المشعة في السجائر منذ خمسينات القرن الماضي، وتعرف أن «البولونيوم» أحد أخطر 70 مادة سامة من مجموع 4800 مادة ضارة في الدخان. ويعود الفضل إلى العالِمين ماري كوري وبيير كوري في تصنيف «البولونيوم» ضمن المواد المشعة في نهاية القرن التاسع عشر.

إدمان التدخين

* وهذا ليس كل شيء لأن أبحاث بوشكة - لانغر تثبت أن تفاعل نظير «البولونيوم» مع المواد الموسِّعة للقصبات الموجودة في الدخان، مثل ثيوبرومين، تفاقم الحالة لأن المركبات الناتجة عن التفاعل تزيد من امتصاص أنسجة الرئة للنيكوتين. كما أن تفاعل «البولونيوم» مع المواد الأخرى يسرع عملية إدمان السجائر، وقد تكفي بضع سجائر فقط، فيها نسبة من «البولونيوم» أكثر من غيرها، لجعل الإنسان حبيس الإدمان مدى الحياة. وتضيف الباحثة أن الهدف من التغاضي عن مكافحة «البولونيوم» في الدخان هو تسريع عملية الإدمان على السجائر قدر الإمكان.

وسبق للباحث الأميركي روبرت بروكتور، من جامعة كاليفورنيا، أن وجّه إلى شركات التبغ اتهامات خطيرة تقول إنها تنازلت عن إجراءات لحماية المدخن من «البولونيوم» بسبب ارتفاع الكلفة. وقال بروكتور إن الشركات طورت مرشحا إضافيا للسجائر، كما عملت مختبريا على خفض نسبة «البولونيوم» في التبغ، عن طريق التلاعب بالأسمدة التي تستخدم في زراعة التبغ، لكنها تخلت عنها رغبة في عدم رفع أسعار السجائر. واستشهد بروكتور بدراسة نشرت عام 2009 تقدر موت 11700 ألف أميركي سنويا بسبب السرطان الناجم عن هذا النظير المشع.

يذكر أن الخبير الأميركي في السموم جون ايمسلي يعتقد أن ابنة ماري كوري توفيت بسمّ «البولونيوم» صدفة في مختبرات أمها. ويتحدث ايمسلي عن تسرب ما لـ«البولونيوم» حدث صدفة في مختبر مدام كوري عام 1946 وأدى إلى وفاة الابنة إيرين جوليو كوري بعد 10 سنوات بأعراض تشبه أعراض وفاة المعارض الروسي ألكسندر ليتفينينكو عام 2006 إلى حد كبير.