مستجدات في علاج الجلطات الدموية

في المؤتمر الطبي الأوروبي الأول للقلب والشرايين ومعالجة الجلطات

TT

يتكون السائل الدموي من مادة البلازما، وهي محلول مائل إلى الاصفرار، تسبح فيه الخلايا الحمراء مقعرة الجانبين وهي لا تحتوي على نواة وتحمل بداخلها مادة الهيموغلوبين التي تنقل الأكسجين وثاني أكسيد الكربون، والخلايا البيضاء التي تتألف من غشاء سيتوبلازمي ونواة وتقوم بالدفاع عن الجسم ضد الأجسام الخارجية، والصفائح الدموية التي تساعد في تخثر أو تجلط الدم لمنع النزيف.

وتعتبر الجلطات، بشكل عام، من أكثر الأمراض شيوعا، وقد تؤدي في كثير من الحالات إلى مضاعفات خطيرة، بما فيها الوفاة. وتتكون الجلطة من كرة من الدم المتخثر والنسيج الجسدي والكولسترول، تنتقل مع الدم حتى تصل إلى أحد الشرايين الضيقة فتغلقه، وبالتالي يحدث انقطاع للدم عن الجزء الذي يتغذى بهذا الشريان.

* تكون الجلطة

* تتكون الجلطة، في الغالب، لأسباب وراثية، أو لأسباب مكتسبة، وتزيد خطورة ونسبة التعرض بعد: إجراء عملية جراحية تحت التخدير العام، السمنة، السرطان، وبعض الأمراض الخمجية، وبعض أمراض الدم وأمراض الأوعية الدموية والأمراض الالتهابية، الجلوس لفترات طويلة من دون تحريك الأرجل، وكذلك قلة الحركة، الحمل، زيادة الوزن، الجراحات، الارتعاش القلبي.

من ذلك يتضح أن الجلطات تتكون إما في الأوردة وإما في الشرايين، ثم تنتقل إلى مكان آخر ضيق، مسببة الانغلاق، وبالتالي تحدث الأعراض والمضاعفات حسب موقع وحجم الانغلاق مثل العمى، الشلل (سواء الجزئي أو الكلي)، أو النوبات القلبية التي تنتهي باحتشاء عضلة القلب وقد ينتهي الأمر بالوفاة، لا سمح الله.

* مسببات الوفيات

* تحدث إلى «صحتك» الدكتور منير يحيى مولوي، استشاري طب المجتمع والوبائيات الحقلي أحد المشاركين من المملكة في المؤتمر الذي عقد في أواخر يناير (كانون الثاني) الماضي، فأشار إلى أن الوفيات بسبب الأمراض المزمنة تتصدر تقارير منظمة الصحة العالمية التي تبين أن 40% من وفيات الدول النامية و75% من وفيات الدول المتقدمة تحدث بسبب الأمراض المزمنة وفي مقدمتها داء السكري وارتفاع ضغط الدم، ثم الربو، أمراض القلب والشرايين، الأمراض النفسية، السمنة، والجلطات الدماغية، والسرطان بأشكاله ومضاعفات التدخين. وقد بلغ عدد الوفيات بسبب الأمراض المزمنة في عام 1990 نحو 28 مليونا، وسوف يصل العدد إلى 49.7 مليون عام 2020.

ويضيف أن مسببات الوفيات الخمسة الأولى بأميركا في عام 2000، مرتبة من الأعلى للأدنى، كانت كالتالي: أمراض القلب، السرطانات بأنواعها، أمراض الأوعية الدماغية، أمراض الرئة، مرض السكري.

وذكر أيضا أن التقرير السنوي لمنظمة الصحة العالمية لعام 2004 صنف مسببات الوفاة بالمقارنة بدخل الأفراد، وكانت كالتالي:

* في الدول قليلة الدخل: الالتهاب الرئوي الأسفل، أمراض القلب، الإسهال، الإيدز، الجلطات وأمراض الأوعية الدماغية.

* في الدول متوسطة الدخل: الجلطات وأمراض الأوعية الدماغية، أمراض الشرايين، أمراض الرئة، السرطانات.

* في الدول عالية الدخل: أمراض الشرايين القلبية التاجية، سرطان الرئة، التهاب الجهاز التنفسي السفلي.

* خطورة الجلطات

* يقول البروفسور رافائيل دي كاترينا، أستاذ القلب ورئيس قسم القلب بجامعة إننزيو بمدينة شييتي بإيطاليا The G. d›Annunzio University - Chieti، ضمن محاضرته التي ألقاها في المؤتمر الطبي الأوروبي الأول للقلب والشرايين ومعالجة الجلطات: هناك علاقة مؤكدة بين الوفاة وحالات الجلطات الوريدية.. ففي أوروبا هناك أكثر من نصف مليون حالة وفاة بسبب الجلطات الوريدية العميقة، وهذا العدد يمثل ضعف عدد المتوفين بمرض نقص المناعة المكتسب (الإيدز)، يضاف إليه المتوفون بسرطان الثدي وسرطان البروستاتا وحوادث السيارات.

من جهته، يقول البروفسور رونالد فلتكامب وركس، أستاذ المخ والأعصاب بجامعة هيدلبرغ بألمانيا: إن الارتعاش القلبي يعتبر أحد أهم أسباب تكوين الجلطات التي تتسبب في وفاة 50% من المصابين به، وعليه فهي أخطر بكثير عما ينتج من غير الارتعاش القلبي.

* دور الأسبرين

* يؤكد البروفسور جي ميشائيل قازينو، أستاذ القلب ووبائية الأمراض المزمنة وطب الباطنة بكلية طب هارفارد بالولايات المتحدة الأميركية، أهمية وفعالية الدواء السحري «الأسبرين» في الوقاية من الجلطات؛ حيث أشار، في بحثه الذي قدمه في المؤتمر نفسه، إلى أنه من خلال 400 تجربة دراسية عن دواء الأسبرين تبين أنه دواء آمن وفعال وقليل التكلفة، يعالج حالات الجلطات القلبية الحادة ويمنع حدوث المرض لدى المصابين به سابقا.

وقال البروفسور هارولد داريوس، أستاذ طب الباطنة والقلب والعناية المركزة بجامعة برلين في ألمانيا: إن إعطاء الأسبرين مضافا إليه الهيبارين يعتبر العلاج الأول الناجح لتقليل حدوث الذبحة الصدرية لمن لديهم انغلاق جزئي أو كلي للشريان التاجي.

لقد عُرف الأسبرين بأنه من الأدوية الفعالة ضد تجلط الدم وأنه يعطَى للوقاية من النوبة أو الذبحة القلبية؛ حيث يساعد في منع انغلاق الشرايين التاجية المغذية لعضلة القلب. وقد عرف قدماء المصريين والهنود الحمر نبات الصفصاف والمادة الفعالة الصفصافين، وعرفه الإنجليز بـ«السالي سين» وحامض «الصف صافيك» بـ«سالي سيلك أسيد» وعرفه الألمان بـ«سبيرسور» واستخدموه لعلاج الصداع وارتفاع درجة الحرارة.

ويجب ألا يتناوله المصابون باضطرابات الجهاز الهضمي أو من يعاني قرحة في المعدة أو الاثني عشر ولا يعطى لمن سوف تجرى له عملية جراحية أو للمصابين بنزيف كما لا يعطى للحامل والمرضعة لما له من مضاعفات عليهم.

* دور «ريفاروكسابان»

* دواء جديد وواعد اسمه ريفاروكسابان Rivaroxaban، دواء فموي مانع للتخثر الدموي سريع المفعول بالتركيز الموحد وبجرعة واحدة يوميا ولا يحتاج إلى التحكم أو لقياس سيولة الدم، كما أنه لا يُحدث تفاعلا مع الطعام أو الأدوية الأخرى، يسوق باسم تجاري هو زارلتو Xarelto لمنع التجلطات، خاصة الناتجة عن جراحة الركبة والحوض لدى الشباب.

وقد أكد البروفسور روبرت بايورساشس، أستاذ طب الباطنة رئيس قسم الأوعية الدموية بألمانيا، في بحثه الذي قدمه في المؤتمر، أن دواء ريفاروكسابان ذو فعالية وسرعة لسيولة الدم.

وقد أثبت الدواء فعاليته في أكثر من 100 دولة حول العالم وبدأ استخدامه التجاري في 75 دولة عبر الشركة الألمانية المصنعة «باير»، وقد تمت تجربته على 65 ألف مريض في منع حوادث التجلطات الحادة والمزمنة. ومن أهم هذه التجلطات التي تحدث في الأوعية الدموية العميقة التي تعرف بـDVT Deep Vein Thrombosis. وأشار المشاركون في المؤتمر إلى أن هذا العقار وافق عليه الاتحاد الأوروبي وكندا ولجنة الدواء ووزارة الصحة.

وبينت الدراسة، التي نشرت في المجلة الطبية البريطانية في عددها الصادر في شهر ديسمبر (كانون الأول) 2010 وأجريت على 3449 مريضا مصابا بجلطة الساق العميقة DVT، أنه عولج 1730 مصابا بجلطة وأعطوا دواء ريفاروكسابان في حين أعطي 1718 مصابا بجلطة الساق العميقة دواء أنوكسابرين + فيتامين ك، فبينت الدراسة أن دواء ريفاروكسابان دواء بسيط وفعال ويعطى بمفرده ولمدة قصيرة ولم تسجل له آثار سلبية أولية.