«حليب ولحوم».. من بذور «الترمس»

بدائل نباتية للبروتين الحيواني

TT

تؤكد الإحصاءات العالمية تضاعف الاستهلاك العالمي من اللحوم الحيوانية 4 مرات منذ أوائل الستينات من القرن العشرين، وعلى الرغم من توقعات خبراء منظمة الغذاء والزراعة (FAO) بتضاعف الإنتاج العالمي من اللحوم الحيوانية بحلول عام 2050، تتزايد مخاوف العلماء من عدم استطاعة موارد الكرة الأرضية من المزارع والمراعي الطبيعية توفير متطلبات الاستهلاك العالمي من اللحوم، بالإضافة إلى ارتفاع التكلفة الاقتصادية لإنتاج اللحوم الحيوانية.

بدائل البروتين الحيواني

* لذلك يسعى الباحثون لإيجاد بدائل صحية قليلة التكلفة للبروتين الحيواني، ومن أبرز الأمثلة على ذلك: بذور الترمس Lupin seeds، التي يمكن استخدامها لإنتاج حليب ولحوم صحية قليلة الدهون، كبدائل للبروتين الحيواني.

ونشرت دراسة في شهر يناير (كانون الثاني) 2011 بعنوان «يمكنك تناول طعام قليل الدهون.. والفضل لبروتينات بذور الترمس» أجراها باحثون ألمان بمعهد Fraunhofer Gesellschaft المتخصص في أبحاث تكنولوجيا الغذاء.

يقول دكتور بيتر إيسنر Peter Eisner أحد أعضاء فريق البحث: «إن إنتاج كيلوغرام واحد من اللحم الحيواني يستهلك ما بين 7 و16 كيلوغراما من الحبوب أو الصويا كأعلاف للحيوانات.. فعلى سبيل المثال تستهلك الولايات المتحدة الأميركية نحو 80% من إنتاج الحبوب كأعلاف للحيوانات. وبينما يحتاج إنتاج كيلوغرام واحد من اللحم الحيواني إلى مساحة 40 مترا مربعا من التربة، يمكن إنتاج 120 كيلوغراما من الجزر أو 80 كيلوغراما من التفاح على المساحة نفسها».

ويضيف إيسنر أن «النباتات بجميع أنواعها مصادر اقتصادية جيدة للطعام الصحي، ويمكن أن توفر الكثير من المواد الخام اللازمة للتطبيقات التكنولوجية المتعلقة بصناعة الغذاء.. فمثلا تستخدم بذور دوار (عباد) الشمس في إنتاج زيت دوار الشمس، بينما تستخدم بقاياه الناتجة عن التصنيع كأعلاف للحيوانات؛ لذلك فإن العائد الاقتصادي من زراعة الفدان الواحد تصل إلى نحو 450 يورو، ويرتفع عائد المساحة نفسها من الأرض إلى الضعف في حالة تصنيع جميع مكونات الزراعة وتحويلها إلى مواد خام عالية الجودة لتصنيع الطعام والمستحضرات التجميلية وصناعة الطاقة».

حليب نباتي

* وأكد إيسنر تمكن فريق البحث من الحصول على حليب نباتي عالي البروتين من بذور الترمس كبديل عن الحليب الحيواني، وبالتالي يمكن استخدام هذا الحليب في صناعة الأيس كريم أو الجبن الصحي.

ويتميز الحليب النباتي المصنوع من بذور الترمس بطعمه المتوازن واحتوائه على الأحماض الدهنية غير المشبعة التي تحمل الكثير من الفوائد الصحية، بالإضافة إلى عدم احتوائه على سكر اللاكتوز المسبب لتحسس اللاكتوز وعدم احتوائه على الكولسترول.

كما استطاع الفريق البحثي، باستخدام تقنية خاصة، الحصول على محلول عالق بروتيني لزج يتمتع باتساق دهني، تتشابه جزيئاته تحت المجهر مع جزيئات الدهن الموجودة في اللحم المستخدم في تصنيع النقانق. وبالتالي يمكن الحصول على نقانق قليلة الدسم تحمل الخصائص المذاقية نفسها للنقانق المصنوعة من اللحوم الحيوانية التي تحتوي على نسبة عالية من الدهون.

ويؤكد الباحثون أن إحلال الدهون الموجودة في النقانق بمكونات بروتينية صحية من مصادر نباتية تحمل الخصائص المميزة للطعام الأصلي نفسها يعتبر خطوة على الطريق الصحيح لأطعمة المستقبل القريب.

نبات الترمس

* والترمس هو نبات بقلي شهير، وينتمي إلى الفصيلة القرنية (نفس فصيلة الفول السوداني)، وينبت بريا وبستانيا في الكثير من بلدان العالم، خاصة جنوب أوروبا وأميركا اللاتينية وحوض البحر الأبيض المتوسط وأفريقيا.

تقدم عشبته طعاما للأبقار والخراف والخيول، كما تؤكل بذوره أو تطحن للحصول على الدقيق الذي يستخدم في الكثير من المخبوزات والمنتجات الغذائية بشكل واسع على مستوى العالم، خاصة أوروبا.

وتحتوي بذور الترمس على بروتينات بنسبة 30% وكربوهيدرات بنسبة 40% وألياف غذائية بنسبة 1%، بالإضافة إلى مادة ليثيسين Lecithin وأملاح معدنية. كما تحتوي على قلويدات Alkaloids مسؤولة عن مرارته، وقد تتسبب في حدوث الحساسية؛ لذلك تؤكل بذور الترمس بعد السلق والنقع في الماء لعدة أيام.

وقد تزايد استخدام بذور الترمس الحلو على نطاق واسع في أوروبا خلال السنوات الأخيرة بديلا عن الصويا، كونها أحد الأطعمة المهندسة وراثيا التي تتمتع بسمعة سيئة بين الكثير من المستهلكين، بالإضافة إلى أن بذور الترمس خالية من مادة «الغلوتين» المسببة لتحسس الغلوتين Gluten sensitive enteropathy، كما أثبتت الدراسات الحديثة فائدة بروتين الترمس للإقلال من الكولسترول بالدم.

* استشاري الجهاز الهضمي والكبد والتغذية العلاجية - كلية الطب - جامعة القاهرة

* استشاري الجهاز الهضمي والكبد والتغذية العلاجية في كلية الطب بجامعة القاهرة