مشروبات الاسترخاء.. هل تساعـد على النوم؟

منتجات مثيرة للجدل تعد بتأمين الراحة والنوم

TT

في الماضي كانت «مشروبات الاسترخاء» تشمل شاي البابونينغ والحليب الدافئ والكحول. إلا أن هذا المجال يتضمن حاليا مجموعة من المشروبات الجديدة التي تعد بنوم أفضل، باستخدام مكونات مثل «الميلاتونين» (melatonin) و«جذور الناردين» (valerian root)، و«التريبتوفان» (tryptophan) الموجود في الديك الرومي.

وتحمل هذه المشروبات أسماء متماشية مع تأثيرها مثل «أن وايند» Unwind (استراحة) و«آي تشيل» iChil (برّد نفسك) و«دريم ووتر» أو (مياه الأحلام) وتتوافر بنكهات متعددة مثل «بيري بيري تايرد» و«سنوز بيري» و«لولابي ليمون». وتمثل هذه المشروبات نقيضا لمشروبات الطاقة، حيث يمكن أن يشعر المستهلكون باليقظة بشراب «ريد بول» وينامون بتناول «سلو كاو» (Slow Cow).

* «خلطات» النوم لكن هل يمكن أن يثق المستهلكون في فاعلية هذه الخلطات؟ يجيب ستيفن شارف، مدير مركز اضطرابات النوم بجامعة ميريلاند في بالتيمور بكلمة «ربما». ويقول إن «المسألة هي أن لبعضها تأثيرا حيويا، لكن لم تتم دراستها على النحو الأمثل. فلم تتم مقارنة جذور الناردين بعقار أمبين (Ambien)، الذي يساعد على النوم».

المكون الرئيسي للكثير من هذه المشروبات هو الميلاتونين، وهو هرمون يساعد على النوم وتنظيم الساعة البيولوجية في جسد الإنسان. وتفرز الغدة الصنوبرية هذا الهرمون نحو الساعة العاشرة مساء، بينما ينتهي الإفراز نحو الساعة الرابعة أو الخامسة صباحا، مما يؤدي إلى استيقاظ الإنسان، على حد قول شارف. ويفرز جسم الإنسان نحو ثلاثة أرباع ملليغرامات من الميلاتونين يوميا. ويقول منتج «سنوزين» (Snoozn)، الذي يساعد على النوم: إن حقنة من جرعة قدرها 2.5 أونصة (الأونصة 28 غراما تقريبا) تحتوي على 5 ملليغرامات من الميلاتونين، بينما يحتوي المزيج الباعث على الاسترخاء «أن وايند» على 3 ملغم لكل علبة حجمها 12 أونصة.

وحسب شارف، فقد وجدت أكثر الدراسات أن مفعول جرعات الميلاتونين التي يتم يتناولها عن طريق الفم مباشرة لم تكن تؤثر أكثر من تأثير عقار مزيف، كما أن حقنة مركزة من مواده لا تماثل عملية إفرازه في جسم الإنسان. لكن حسب دراسة نشرت في يناير (كانون الثاني) في مجلة «المجتمع الأميركي المسن»، أدى تناول مزيج من المغنيسيوم والزنك وخمسة ملليغرامات من الميلاتونين إلى تحسن النوم لدى مجموعة من 43 من كبار السن الإيطاليين الذين يعانون من الأرق.

* منتج جديد ويقول جيسون هيلي، رئيس شركة «إنتر مارك براندز»، المسؤولة عن تسويق «سنوزين»، إنه يتناول المنتج في الليالي التي يشعر فيها بالقلق والتوتر أو أثناء السفر. وقد وضعت على الغلاف الخلفي لزجاجة «سنوزين» عبارات تشير إلى أن هذا المشروب «يقاوم التوتر ومشروبات الطاقة والأرق» ويسري مفعوله بعد ثلاثين دقيقة.

عندما يتم طرح «سنوزين» محليا في مارس (آذار)، سوف يكون متوفرا لدى محال البقالة والمتاجر والصيدليات، مثله مثل أكثر هذه المشروبات. وقال هيلي: «نحن نقاوم الأرق من زاويتين. فعليك أن توقف تأثير كل المحفزات والدخول في دورة النوم الطبيعية». ويوضح أن مادة الميلاتونين تستخدم في الحالة الأخيرة، بينما تدخل مكونات مثل جذور الناردين وأزهار البابونيغ في الحالة الأولى.

وطبقا لقاعدة بيانات «نتشر ميديسين» الشاملة، ترتبط كل هذه الأعشاب بالتأثيرات المخدرة، فلجذور الناردين خصائص تشبه العقاقير التي يدخل فيها البنزوديازبين مثل الفاليوم وزانكس، لكن شارف يقول إنه لا يعرف كيف قارنوها بالأقراص المنومة، نتيجة الافتقار إلى الدراسات المقارنة.

* مشروبات الاسترخاء تشبه الزجاجات الحاوية لمشروبات الاسترخاء زجاجات مشروبات الطاقة، حيث تتخذ الشكل الصغير لحقنة الطاقة ذات المفعول الذي يدوم خمس ساعات أو علبة طويلة رفيعة تحمل رسومات غرافيك ذات ألوان متوهجة مثل «روك ستار» أو «مونستار». وتتنوع النكهات ما بين المشروبات الغازية الحلوة بنكهة الفواكه وبين نكهة شراب السعال.

تحتوي الكثير من مشروبات الاسترخاء على بطاقات أمان تحذر من القيادة أو استخدام آلات بعد تناولها، وكذلك من خلطها بالكحول. ويقول البعض إنه يحظر على الحوامل أو الأم المرضعة أو من هم دون الثامنة عشرة تناولها. وجدير بالذكر أن إدارة الغذاء والدواء أطلقت هذا التحذير عن الميلاتونين.

في يناير (كانون الثاني) 2010، أرسلت وكالة الغذاء والدواء خطابا تحذيريا إلى «إنوفيتيف بيفيردج غروب» التي تصنع مشروب الاسترخاء «درانك» مفاده أن الميلاتونين الذي تستخدمه يعد من «المواد الحافظة غير المصرح بها» و«لا تعتبر آمنة».

لكن لا يزال «درانك» يحتوي على الميلاتونين. وقد صرح بيتر بيانكي مخترع «درانك» في بيان قائلا: «تظل سلامة مستهلكي (درانك) على قائمة الأولويات». مشيرا إلى أن الشركة تعمل على تغيير شكل العبوة والتسويق «بحيث توضح تصنيفها كمكمل غذائي». وتضع وكالة الغذاء والدواء ضوابط تحكم مكونات المشروبات التقليدية والملصقات التي تحملها بشكل أكثر صرامة من تلك التي تحكم مكونات المكملات الغذائية. لكن ما زال يصنف «درانك» على أنه من المشروبات.

إن سوق مشروبات الاسترخاء محدودة مقارنة بسوق مشروبات الطاقة على حد قول غاريما غويل لال، كبيرة المحللين بشركة «مينتيل» لأبحاث المستهلك. وحسب مسح أجرته الشركة، قال 48 في المائة من متناولي «المشروبات الوظيفية»: إنهم يبحثون عن مشروبات تخلصهم من التوتر. يستخدم مصطلح «المشروب الوظيفي» للإشارة إلى مشروبات القوة والطاقة الاسترخاء، وهي لا تحتوي على كحول يزعم أنها تعود بالنفع على الصحة.

ويزيد عدد المشروبات غير الكحولية من المشروبات التي يقال إنها تؤدي إلى الاسترخاء، حيث تم طرح 40 اسما تجاريا في الأسواق عام 2010، حسب شركة «مينتيل». لكن غاريما تقول إن هذا المجال لا يزال ناشئا، بحيث يصعب تحديد الرابحين والخاسرين به. وتضيف قائلة: «إنهم يبحثون عن سوق».

وقد كتبت كاثرين زيراتسكي، خبيرة التغذية في مؤسسة «مايو كلينيك» في روتشيستر بولاية مينيسوتا، في مدونتها عن مشروبات الاسترخاء. وتقول كاثرين إنه على الذين يعانون من أمراض بعينها مثل ارتفاع ضغط الدم استشارة الطبيب المعالج لهم قبل تناول «أن وايند» أو أي مشروب آخر من المشروبات المنومة. وتوضح كاثرين قائلة: «يمكن لأي فرد الذهاب إلى أي متجر وشراء هذا المشروب. هناك فكرة شائعة وهي أن هذا النوع من المشروبات آمن، لكنه قد لا يكون اختيارا جيدا ويعتمد ذلك على حالة الشخص الذي يتناوله».

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»