العلماء يعثرون على مفتاح الخوف والقلق

اكتشاف دارة في المخ ترتبط بزيادتهما

TT

بنقرة على مفتاح إنارة كان موضوعا بشكل دقيق، أمكن حث الفئران على الانحشار في زاوية بفعل الخوف، أو الانطلاق بهدف استكشاف بيئتها بشجاعة. وتعزز الدراسة من قوة تقنية «الجينات الضوئية»، أي الحساسة للضوء - وهي التقنية التي تسمح لعلماء الأعصاب بالتحكم في خلايا عصبية معدلة وراثيا - بهدف استكشاف وظائف الخيوط العصبية المعقدة، وللتحكم في السلوك.

* دارة القلق

* وقال كيري ريسلر، عالم الأعصاب في جامعة إيمروي، الذي لم يشارك في الدراسة إن «فهمنا للدورة الأكثر دقة داخل لوزة المخيخ بدأ الآن فقط في الانطلاق. وينقل علم الجينات الضوئية، الذي يمكن العلماء من تنشيط كائنات خلوية معينة وحتى أجزاء من الخلايا، توجها فعالا لتفسير كيفية تنظم لوزة المخيخ الخوف والقلق».

وتقول كي آن غوزينز، عالمة الأعصاب في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا التي لم تشارك في الدراسة، إن هذا البحث قد يساعد على توضيح التغير الفردي في مستويات القلق الأساسية. وأفادت بقولها: «نتائج الأبحاث تخبرنا بأن هذه الدارة تساهم في التعرف على نقطة فردية محددة للقلق».

يقول ديسيروث: «قد تكون فكرة أن بعض المصادر الكبرى للاختلال الوظيفي في الاضطرابات النفسية تكمن في تدفق المعلومات بين مناطق المخ المختلفة. وهذا شيء من المناسب أن يتناوله علم الجينات الضوئية بشكل فريد».

ويأمل الباحثون في أن يساعد هذا الاكتشاف في نهاية الأمر في تطوير طرق علاج جديدة لاضطرابات القلق الخالية من الآثار الجانبية للعقاقير الموجودة. وعقاقير «البنزوديازيبين» مثل عقار الفاليوم هي عقاقير مسكنة وتحمل خطر الإدمان.

تقول تاي: «أصبحت الفئران التي حصلت على عقاقير (البنزوديازيبين) أقل خوفا وأكثر ميلا للاستكشاف، ولكن العقار أثر أيضا على حركتها، وجعلها خاملة. ولا يبدو أن تنشيط الدارة بالضوء يثير هذه المشكلة. وتقوم هذه الحيوانات بالشم والاستعداد وفعل كل شيء بشكل طبيعي».

ومن أجل صناعة عقاقير مقاومة للقلق أكثر انتقائية، فسوف يحتاج العلماء إلى استهداف المجموعة الفرعية للخلايا التي تكون هذه الدورة فقط، وقد يجابه القيام بهذا الأمر بصعوبات من الناحية الكيميائية.

* تحفيز مغناطيسي

* ولكن ديسيروث يعمل بالفعل حاليا على طريقة أخرى، باستخدام طريقة غير توسعية لتحفيز المخ تعرف باسم (التحفيز المغناطيسي داخل الجمجمة). وتستخدم هذه التقنية مجالات مغناطيسية تنشط الخلايا العصبية على سطح المخ، وهي معتمدة من قبل وكالة الغذاء والدواء الأميركية لعلاج الاكتئاب. ومن خلال دمج التحفيز المغناطيسي داخل الجمجمة والتصوير الوظيفي للمخ، يدرس ديسيروث الآن ما إذا كان من الممكن تحفيز دوائر معينة بطريقة غير جراحية في مخ الإنسان. وسوف يركز دراسته الأولى، التي بدأت للتو، على دارة كان فريقها قد ربطها من قبل بمرض «باركينسون».

وتعمل تاي على فهم الدور الذي تلعبه الدارة العصبية، التي تم التعرف عليها في الدراسة الحالية، بشكل أفضل في حدوث مشاعر الخوف مقارنة بالقلق. وبينما يميل المصطلحان إلى التقاطع في استخدامات الحياة اليومية، يعرف علماء الأعصاب الخوف على أنه ردة فعل لشيء محدد – مثل صوت عال أو مرور قادم. وعلى الجانب الآخر، يمكن القول بأن القلق هو خوف مزمن وعام. وقالت تاي: «الخوف يمكن أن يكون مهما للبقاء، ولكن اضطرابات القلق غير متهيئة» مع العالم المحيط.

* جينات ضوئية

* في الدراسة، تعرف الباحث كارل ديسيروث وزملاؤه في جامعة ستانفورد على دارة معينة في لوزة المخيخ، وهي جزء من المخ مهم في تحديد مشاعر الخوف والعدوان ومشاعر أساسية أخرى يبدو أنها تنظم عملية القلق لدى القوارض. ويأمل الباحثون في أن تلقي نتائج أبحاثهم، التي نشرت اليوم في دورية «نتشر»، الضوء على الأساس الحيوي لاضطرابات القلق لدى الإنسان، وأن تشير إلى أهداف جديدة للعلاج.

وقال ديسيروث: «نريد أن نصور المرض النفسي من خلال كيانات بدنية حقيقية بركائز بدنية. ومثل الأشخاص الذين يعانون من الربو والذين يمتلكون مسارات هوائية تفاعلية، قد يمتلك الأشخاص المصابون باضطرابات القلق، بروزا درقيا في لوزة المخيخ»، كما نقلت عنه مجلة «تكنولوجي ريفيو» الأميركية.

وعدل الباحثون الفئران وراثيا من أجل إفرازها للبروتينات الحساسة للضوء في خلايا معينة داخل لوزة المخيخ ترسل خيوطا عصبية، تعرف باسم المحاور العصبية، إلى تركيبات فرعية مختلفة. وباستخدام كابل من الألياف البصرية مصمم بشكل خاص مزروع في مخ الفئران، توصل الباحثون إلى أن توجيه الضوء من أجل تنشيط دارة عصبية محددة كان له تأثير فوري وقوي على سلوك الفئران.

وقالت كاي تاي، الباحثة في مختبر ديسيروث وقائدة فريق البحث في هذه الدراسة: «لم أر على الإطلاق أمرا مثل هذا». وأوضحت أن الفئران كانت خائفة بشكل طبيعي من استكشاف الأماكن المفتوحة. وصرحت تاي بقولها: «في ظل الظروف العادية، تطل الفئران بأنفها، وبعد ذلك تهرول إلى أحد الأركان. ولكن عندما كنا نشغل الضوء، كانت الفئران تبدأ في استكشاف المكان مع عدم وجود إشارات واضحة على الشعور بالقلق. وعندما كنا نطفئ الأضواء، كانت الفئران تسرع مرة أخرى عائدة إلى الركن». ويمكن للباحثين أن يثيروا أمرا معاكسا باستخدام بروتينات حساسة للضوء تخرس الخلايا بدلا من تنشيطها. ولم يترك سطوع الضوء على أجسام الخلايا، الذي ينشط بدوره المحاور العصبية في دورات متعددة، أي تأثير على سلوك الحيوانات، وهو ما يعزز من أهمية القدرة على استهداف دوائر فردية في المخ.