استشارات

د. حسن صندقجي

TT

عصير الرمان وخفض الكولسترول

* هل عصير الرمان وسيلة لخفض الكولسترول؟

سامي عماد - القاهرة - هذا ملخص رسالتك. وبداية علينا ملاحظة أمرين، الأول هو نسبة الكولسترول في الدم، والثاني هو ترسب الكولسترول داخل جدران الشرايين. وخفض ارتفاع نسبة كولسترول الدم وسيلة لخفض كمية ترسبات الكولسترول داخل جدران الشرايين. ولذا فإن معالجة ارتفاع الكولسترول تتضمن إما خفض نسبة الكولسترول في الدم، وتتضمن أيضا خفض احتمالات ترسيب الكولسترول داخل جدران الشرايين.

وليس من الثابت علميا حتى اليوم أن شرب عصير الرمان أو تناول حبوب فاكهة الرمان يؤدي إلى خفض كبير واضح في نسبة الكولسترول بالدم. ولكن إضافة إلى تأثيره المتوسط في خفض الكولسترول، فإن هناك الكثير من الدراسات الطبية التي تم إجراؤها في الولايات المتحدة والكثير من الدول الأوروبية التي أثبتت أن شرب كوب من عصير الرمان يوميا يؤدي إلى خفض تراكم الكولسترول على جدران الشرايين. والشرايين التي تمت متابعتها بالفحوصات الطبية خلال تلك الدراسات كانت الشرايين الكبيرة والمهمة في الرقبة، التي تنقل الدم من القلب إلى الدماغ. وهذه النتيجة الإيجابية لشرب عصير الرمان على شرايين الرقبة تنطبق نظريا في الغالب على بقية شرايين الجسم. وإحدى آليات هذا التأثير هو احتواء الرمان على المواد المضادة للأكسدة. وعلى الرغم من أن الرمان مثله مثل الكثير من المنتجات النباتية الطبيعية، يحتوي على المواد المضادة للأكسدة، فإن الرمان يعتبر من فئة المنتجات النباتية الغنية جدا بتلك المواد المضادة للأكسدة.

وعلينا ملاحظة أنه كما أن العمل على خفض مستوى الكولسترول والدهون الثلاثية في الدم هو أمر مهم ومطلب طبي لحماية شرايين القلب والدماغ وبقية أرجاء الجسم، فإنه أيضا من المهم جدا العمل على منع أو إعاقة ترسيب الكولسترول في جدران الشرايين منعا لنشوء التضيقات التي تؤدي إلى الذبحة الصدرية أو الجلطة القلبية أو السكتة الدماغية وغيرهم. والحقيقة أن خفض نسبة كولسترول الدم ما هو إلا وسيلة لخفض احتمالات نشوء ترسبات الكولسترول على جدران الشرايين وبالتالي تكوين التضيقات فيها. وعليه، فإن عصير الرمان مفيد للمصابين باضطرابات الدهون الثلاثية الكولسترول، ليس لخفض المعدلات بل لخفض ترسباتهم داخل جدران الشرايين.

وبالإضافة إلى ما تقدم، وعند قرار المرء الانتظام في شرب كوب من عصير الرمان بشكل يومي، فإنه ينبغي ملاحظة أن الرمان قد يتفاعل مع بعض أدوية القلب التي ربما يتناولها الكثير من مرضى القلب. ومن مجمل الدراسات العلمية، يعمل عصير الرمان على خفض ضغط الدم بدرجات طفيفة أو متوسطة لدى مختلف الناس. وهناك أدوية من فئة «مثبطات إنزيم تحويل أنجيوتنسين» مثل كابتوين أو ستاريل أو رينيتيك وغيرهم، وعصير الرمان له مفعول شبيه بهذه الفئة من أدوية خفض ضغط الدم وتحسين قوة عضلة القلب. والذي يتناول أيا من هذه الأدوية عليه استشارة الطبيب قبل الانتظام اليومي في شرب كوب من عصير الرمان لفترات طويلة. وكذا الحال عند تناول أدوية أخرى لخفض ضغط الدم. أما التفاعلات بين أدوية خفض الكولسترول من فئة «ستاتين» مثل ليبيتور أو زوكور أو كريستور، فإن هناك كلاما نظريا حول إمكانية أن يتسبب تكرار شرب كميات يومية عالية من عصير الرمان في حصول تأثيرات عكسية لأدوية الكولسترول على العضلات. ولكنه يظل توقعات علمية لم تؤكدها شواهد من حالات مرضى حصلت لديهم هذه التفاعلات. كما أن هناك توقعات علمية نظرية شبيهة مع تناول عقار «فياغرا» لتنشيط الانتصاب، أي زيادة قوة مفعوله.

ضغط الدم وكبار السن

* والدي عمره نحو 70 سنة، ولديه ارتفاع في ضغط الدم، ويتناول أدوية لمعالجته، ولكن دون نتيجة مرضية وفق ما يقوله الطبيب. والطبيب يحاول ضبطه بالأدوية. هل من الطبيعي ارتفاع ضغط الدم وصعوبة معالجته، ولماذا يحتاج عدة أدوية؟

مهندس عامر - الرياض - رسالتك طويلة وتحتوي على استفسارات مهمة حول ضغط الدم ومعالجته لدى كبار السن، وحاولت اختصارها بالصيغة المتقدمة. ومن دون أي مجاملات أو تلطيف للعبارات نظرا للأهمية، علينا ملاحظة أن كبار السن هم أكثر عرضة للإصابة بارتفاع ضغط الدم، وأيضا أكثر عرضة لاحتمالات الإصابة بمضاعفات هذا الارتفاع في ضغط الدم. والعمل باهتمام على تحقيق خفض ضغط الدم وصولا به إلى المعدلات الطبيعية، هو أمر بالفعل يستحق الجهد، لأنه سيقلل من تداعيات ومضاعفات هذا المرض على القلب والدماغ والكلى، والأهم سلامة حياة الإنسان.

والإنسان كلما تقدم في العمر، كلما زادت احتمالات إصابته بارتفاع ضغط الدم، والبعض في الأوساط الطبية يعتقد أنه جزء من عملية التقدم في العمر. وليس والدك من يعاني، بل هل هي مشكلة صحية شائعة وتشير الإحصائيات الطبية إلى أن من بين من تجاوزوا سن 65 سنة، نحو 75 في المائة من الرجال و65 في المائة مصابون بارتفاع ضغط الدم. ليس هذا فحسب، بل حتى من بين من بلغوا الثمانين من العمر، ومصابون بارتفاع ضغط ويتناولون أدوية لضبطه، فإن ثلث الرجال وربع النساء، ينجحون في ضبط هذا الارتفاع والوصول بضغط الدم إلى المعدلات الطبيعية طوال الوقت. أي أقل من 140/90.

ولذا وجود الإصابة بارتفاع ضغط الدم، ووجود صعوبات في تحقيق معالجته كما ينبغي، هي من الأمور الشائعة، التي تتطلب مزيدا من الاهتمام للوصول إلى نتيجة ليست مستحيلة بل ممكنة جدا وهي خفض ضغط الدم إلى المعدلات الطبيعية. والوصول إلى خفض ضغط الدم للمعدلات الطبيعية هو غاية تستحق العناء والصبر لأن النتيجة هي الحماية والوقاية من المضاعفات.

والمطلوب هو المتابعة لدى طبيب متخصص ومتمرس لمعالجة مثل هذه الحالات. والطبيب المتابع يحتاج إلى وصف الدواء المناسب، والأقل في آثاره الجانبية، ومتابعة تأثيراته على مقدار ضغط الدم ومتابعة أيضا آثاره الجانبية المحتملة على الكلى والأملاح والمعادن بالجسم وغيرها.

والمهم إضافة إلى تناول الأدوية، هو الحرص على فعل السلوكيات الصحية في الحياة اليومية، مثل خفض الوزن وصولا إلى المعدلات الطبيعية للوزن. ومثل الحرص على ممارسة النشاط البدني، مثل المشي اليومي وفق قدرات المرء الكبير في السن. والحرص على تناول الخضار والفواكه الطازجة. والحرص على الابتعاد عن التوتر النفسي والغضب، ومعالجة الاكتئاب أو القلق أو اضطرابات النوم وغيرها من الأمور النفسية. وفي كل هذه السلوكيات الحياتية الثلاثة، هناك دور مهم وواضح للأبناء والبنات في رعاية صحة والدهم أو ووالدتهم.