الجنس والتمرينات الرياضية.. ل تؤدي إلى أزمة قلبية؟

قد تعرض أصحابها لمشكلات مؤقتة

TT

لنكن واضحين بشأن هذا الأمر منذ البداية، وهو أن النشاط الجنسي الزائد، أو الركض، لن يكون سببا حتميا لتوقف عضلة القلب، لكن يمكن التماس العذر لك إن كنت تعتقد أنهما مهلكان، إذا اعتمدت على التغطية التي قدمها مقال نشر في مجلة «الجمعية الطبية الأميركية» المتخصصة الشهر الماضي.

وأشارت إحدى الصحف البريطانية إلى دراسة أوضحت أن «عطلات نهاية الأسبوع التي يمارس فيها الجنس» تضر القلب، بينما نشر مقال آخر بعنوان «احذروا أيها الزناة»! يقول الدكتور إيسا دهابرا، أحد المشاركين في البحث بمعهد البحث الإكلينيكي ودراسة سياسة الصحة بجامعة تافتس وكبير مؤلفي التقرير: «هناك الكثير من المفاهيم الخاطئة في هذا الشأن».

وجمع العلماء بجامعة تافتس وحللوا دراسات أجريت على مدار عشرين عاما عن سبب الإصابة بالأزمات القلبية. لقد كانوا يبحثون بوجه خاص عن دراسات تدقق في ما إذا كان النشاط البدني والجنسي من أسباب الإصابة بالأمراض القلبية.

* النشاطات والأزمة القلبية

* من المعروف أن بعض الأنشطة على المدى الطويل تزيد من احتمالات الإصابة بأزمة قلبية، فعلى سبيل المثال ينظر إلى أعياد الميلاد على أنها من الأسباب التي تؤدي إلى الإصابة بالأزمات القلبية نظرا لتناول كميات كبيرة من الطعام بها، والاستيقاظ في الصباح الباكر يوم الاثنين - وهو أول يوم عمل بعد العطلة الأسبوعية - وتوتر العمل، وتلوث الهواء، وتعاطي الكوكايين.

كذلك ينظر إلى النشاط البدني والجنسي باعتباره من أسباب الإصابة بأزمة قلبية، لكن تأثير هذه الممارسات على صحة القلب والإصابة بالأزمات القلبية معقد وله عدة أبعاد. فقد وجد الباحثون بعد الاطلاع على دراسة تلو الأخرى أن النشاط البدني المنتظم يحد من مخاطر الإصابة بالأزمات القلبية. لكن في الوقت ذاته، قد تؤدي أي مرة من مرات ممارسة تلك الأنشـــــــــــــــطة التي تتضمن النشاط الجنسي إلى تعرض المرء للإصابة بأزمة قلبية لفترة قصــــــــــيرة.

* طاقة العملية الجنسية

* وخلصت المراجعة إلى ما يلي: «لقد كانت هناك علاقة بين الأزمات القلبية والنشاط البدني والجنسي العرضي. وقد ضعفت هذه الصلة لدى الأشخاص الذين يمارسون نشاطا رياضيا مكثفا بانتظام». وقد اكتشف مؤلفو الورقة البحثية في الدراسات التي قاموا بتحليلها أن مرة واحدة من ممارسة التمرينات الرياضية تزيد من احتمالات إصابة المرء بأزمة قلبية بثلاثة أمثال بعدها مقارنة بعدم ممارسة الأنشطة الرياضية. لكن إذا كان هذا الشخص معتادا على ممارسة النشاط الرياضي، يقل إجمالي احتمالات الإصابة بأزمة قلبية بنسبة 45 في المائة وتقل احتمالات الوفاة بدورها بنسبة 30 في المائة.

قد أجريت الدراسات في الأساس على رجال في منتصف العمر، وكان الجهد البدني الذي يمارسونه خلال الدراسة مكافئ للركض. وقد أشارت بعض الدراسات إلى أن الجنس يمكن أن يؤدي إلى الإصابة بأزمة قلبية رغم أنه لا يعتبر في أغلب الأحوال جهدا شاقا. وقد أوضحت دراسة حديثة أجراها باحثون في البرازيل أن الطاقة التي يتطلبها القيام بالعملية الجنسية «تشبه السير الهوينى لمسافة تتخطى عدة بنايات يتخلله صعود السلالم لبضع طوابق بخطى معتدلة» مع الاختلافات الفردية.

لم يتناول الباحثون في جامعة تافتس سبب زيادة احتمالات إصابة المرء بأزمات قلبية مؤقتة، لكن من البديهي أن يكون هذا أمر ذا صلة، كما يقول دكتور غراي بالادي، مدير قسم الوقاية من أمراض القلب بجامعة بوسطن الذي شارك في تأليف البيان العلمي الصادر عام 2007 عن منظمة القلب الأميركية عن التمرينات الرياضية وأمراض الشرايين التاجية. وأضاف أن ارتفاع إفراز الأدرينالين إضافة إلى العوامل النفسية الأخرى يمكن أن يؤدي إلى عدم انتظام ضربات القلب لبعض الأشخاص المعرضين للإصابة بتلك الأمراض والإصابة بأزمة قلبية. إن ممارسة التمرينات الرياضية بانتظام «يتيح للقلب التكيف» مع ذلك الارتفاع. وقال إن النتائج التي توصل إليها الباحثون في جامعة تافتس «ذات معنى فسيولوجي مهم».

لكن يستطيع البعض تشويه ذلك المعنى. وتقول جيسيكا باولوس، أستاذة الطب المساعد في جامعة تافتس التي شاركت في الدراسة إن «النتائج لم تؤكد ضرورة تجنب الناس ممارسة التمرينات الرياضية أملا في الوقاية من التعرض لأزمة قلبية». كذلك لم تثبت الدراسة رغم أمل بعض ممن أشاروا إليها، أن المبالغة في ممارسة الجنس قد يحول دون الإصابة بأزمة أثناء تلك العملية فيما بعد. ولا توجد معلومات بشأن هذا التأثير الوقائي للجنس. وقالت إن «الجنس ليس من الأنشطة المجهدة رغم أن بعض الناس تبدو راغبة في جعله كذلك».

* خدمة «نيويورك تايمز»