استشارات

د. حسن صندقجي

TT

الأرق والأطعمة

* أواجه صعوبات في النوم بالليل، وأتأثر بهذا خلال النهار في عملي وحياتي الأسرية. جربت الأدوية المنومة وتخلصت من الاعتماد عليها، لكن المشكلة لا تزال لدي. هل من وسائل غذائية أو غير غذائية لتسهيل النوم وإزالة الأرق؟

همس الليل - الكويت.

- هذا ملخص رسالتك. والأمر الجيد أنك تخلصت من الاعتماد على الأدوية المنومة. والواقع أن الأرق حالة معقدة، وهي بالفعل مشكلة شائعة نسبيا قلما يخلو إنسان من المعاناة منها إما بشكل مزمن أو من آن لآخر أو سبق أن عانى منها في مرحلة من مراحل حياته. وهناك عوامل متعددة ومتشعبة، وفي بعض الأحيان غريبة، قد تتسبب في بدء معاناة الإنسان من الأرق وصعوبات الدخول في النوم، أو قد تتسبب باستمرار المشكلة لدية وعدم قدرته على التغلب عليها وإعادة نظام نومه إلى الحالة الطبيعية.

وبداية علينا أن نعلم ما هو الطبيعي في النوم. الطبيعي هو أن الشخص البالغ ينام بسهولة نسبية في الليل لمدة متواصلة تتراوح ما بين 6 إلى 8 ساعات، وفي الليل بالذات. وأن يستيقظ نشيطا وشاعرا أنه قد ارتاح بدنيا وذهنيا وأخذ كفايته من النوم، ما يجعله لا يشعر بالنعاس في فترات النهار.

وقبل البحث عن وسائل معالجة الأرق وصعوبة الدخول في النوم، على المرء أن يتعرف على سبب أو أسباب بدء معاناته من مشكلة الأرق، ويتعرف على السبب أو الأسباب التي تتسبب في استمرار المشكلة هذه لديه. والأسباب قد تكون أمراضا مزمنة لدى المرء، تتسبب به بعدم الراحة أو عدم القدرة على الاستمرار في النوم، كالألم أو ضيق التنفس أو تكرار الحاجة للتبول وغيرها. كما أن نقص نسبة معدن المغنسيوم، أحد الأسباب الطبية المعروفة لصعوبة النوم.

وهناك أسباب ناتجة عن سلوكياتنا الحياتية، تجعل من السهل علينا أن نصاب باضطرابات عدم القدرة على النوم بالليل والاستغراق فيه. وهنا لدينا أسباب كثيرة، ومن أهم تلك الأسباب عدم مساعدتنا أجسامنا وأرواحنا كي تتهيأ للنوم. والنوم الطبيعي يأتي للإنسان نتيجة للارتفاع التدريجي في نسبة هرمون ميلاتونين. وهو هرمون تفرزه الغدة النخامية الموجودة في قاع الدماغ، وذلك تحت تأثير تناقص وهج نور النهار. ولذا، فمن الطبيعي أن تبدأ نسبة هذا الهرمون في الارتفاع التدريجي من بعد غروب الشمس، لتصل النسبة إلى الحد الكافي لغلبة النعاس ومن ثم النوم بسهولة. ومن أهم ما يعيق هذا النظام الطبيعي للنوم هو الوجود في وهج الأضواء المنزلية بعد غروب الشمس. وإحدى أهم وسائل إصلاح النوم هي خفض وهج الأنوار المنزلية بعد الغروب. وإضافة إلى الأنوار الليلية، هناك الضجيج الصوتي في المناسبات الاجتماعية أو الحفلات أو البرامج التلفزيونية وغيرها. والنوم يحتاج إلى أن تتهيأ له ظروف أخرى تتعلق بغرفة النوم، مثل أن يذهب المرء للسرير عندما يشعر أن عليه أن يفعل ذلك للنوم، لا أن يذهب إلى السرير كي يتقلب فيه ساعات. وغرفة النوم يجب أن تكون خالية من أشياء مهيجة لليقظة، مثل التلفزيون أو المجلات أو الكتب أو المأكولات وغيرها، وإضاءة غرفة النوم يجب أن تكون خافته، والأفضل مظلمة، ودرجة حرارتها يجب أن تكون باردة، وأن تكون ما أمكن معزولة عن الضجيج الصوتي.

وأما بالنسبة للأغذية والأطعمة، فعلينا التنبه أولا إلى أن الشعور بالجوع أحد أسباب الأرق المهمة، ولذا فإن تناول وجبة العشاء في أوقات مبكرة من بدايات الليل شيء مفيد بالفعل للنوم. ومن المفيد إضافة مشتقات الألبان، كلبن الزبادي، والبيض وشرائح لحم صدر الدجاج، ضمن مكونات وجبات العشاء. ومن الأغذية المفيدة شرب كوب من الحليب الدافئ، نظرا لاحتوائه على السكريات والبروتينات، وأيضا لتحفيزه إنتاج هرمون ميلاتونين.

ما قبل السكري

* عمري 53 سنة، وذكر الطبيب لي أن لدي ارتفاعا في نسبة السكر بالدم، ولكنها ليست مرتفعة للحد الذي يقال عنه مرض السكري. والحقيقة أن الأمر لا يزال غير واضح لي أهميته. وسؤالي، نسبة السكر التي يجب أن تكون لدي في الصباح وقبل النوم؟

أحمد خ. – تبوك.

- هذا ملخص رسالتك. ودعني أوضح أمرا مهما عليك أن تتذكره أو تدونه لديك، عند إجراء تحليل نسبة السكر بالدم بعد الصوم لمدة 8 ساعات، فإن من الطبيعي أن تكون نسبة السكر في الدم أقل من 100 ملغم. وحينما تكون النسبة 126 وأعلى، فإن الشخص يكون لديه مرض السكري. وإذا ما كانت النسبة بينهما، أي بين 100 و125، فإن الحالة تسمى «ما قبل السكري». أي هي ليست طبيعية ولكنها ليست أيضا مرحلة مرض السكري.

ولا يظهر مرض السكري فجأة، بل يحصل بالتدرج. وحالة «ما قبل السكري» هي تطور نحو الإصابة بمرض السكري، ولكن هذا التطور ليس حتميا، بمعنى أنه ليس كل من لديه حالة «ما قبل السكري» سيصاب لا محالة بالسكري لاحقا. بل إن بإمكان المرء وقاية نفسه من هذا التدهور والعودة إلى الحالة الطبيعية إذا ما اهتم بالأمر بشكل عملي جاد. ومن أهم ما يمكن فعله وثبتت فائدته في هذا الموضوع هو الحفاظ على وزن طبيعي للجسم، وممارسة الرياضة البدنية اليومية بشكل متوسط الجهد، والحرص على انتقاء وتناول الأطعمة الصحية.

والهدف في نسبة السكر بالدم هو الوصول إلى أن تكون نسبة السكر بالدم أقل من 100 ملغم في الصباح، أي بعد الصوم لمدة 8 ساعات خلال النوم الليلي. وأن تكون بعد ساعتين من تناول إحدى وجبات الطعام هي أقل من 180 ملغم.

الذاكرة وألزهايمر

* لدي مشكلة في تذكر الأشياء والأحداث، وكنت ناجحا في عملي ولا أعاني من هذه المشكلة في السابق. ما هو السبب، هل هو بدايات ألزهايمر؟

خالد - الرياض.

- هذا ملخص رسالتك. إن كل إنسان معرض للنسيان، وكلنا ينسى من آن لآخر أين وضع مفاتيح السيارة أو أوراقا مهمة أو متى آخر مرة تحدث مع أحد أصدقائه أو غير ذلك. ناهيك عن اعتمادنا على الهواتف الجوالة وعدم قدرتنا التدريجية على تذكر أرقام الهواتف.

ومع التقدم في العمر، تزداد مشكلة النسيان. ولكن هناك فرق شاسع بين النسيان بسبب التقدم في العمر وبين نوع النسيان المرتبط بمرض ألزهايمر. إذ أن اضطرابات الذاكرة الطبيعية التي تصاحب التقدم في العمر لا تمنع الإنسان من العيش براحة وإنتاجية في حياته اليومية. والذي يحصل هو أن المرء سيحتاج إلى وقت أطول كي يتذكر الأشياء أو أسماءها أو ما يجب عليه فعله في موضوع ما. والمرء هنا مدرك أنه ينسى ويعترف بذلك بل ربما يتندر ويضحك حول هذا الأمر.

أما في حالات اضطرابات الذاكرة غير المرتبطة بالتقدم الطبيعي في العمر، فإن المصاب يدرك ويشعر أن شيئا ما غير طبيعي مزعج له ولكنه لا يستطيع تحديد ما هو ولا يستطيع تحديد ما الذي يزعجه في الأمر. وبدلا من الحديث مع غيره عن مشكلة الذاكرة لديه، تجده يعمد إلى التصرف وكما أن ليست ثمة مشكلة.

واضطرابات الذاكرة في ألزهايمر هي جزء من مشكلة مرض ألزهايمر، وليست هي كل مظاهر مشكلة هذا المرض. وتسوء اضطرابات الذاكرة مع طول الإصابة بألزهايمر. وهناك علامات وأعراض أخرى لألزهايمر. منها أن المصاب يكرر السؤال عن نفس الأمر برغم تلقيه الإجابة عليه. وعدم تذكر بعض الكلمات الشائعة التي يستخدمها المرء في حديثه عادة. والخلط في تسمية الأشياء، حيث يسمي الطاولة مثلا بالسرير. وعدم القدرة على إكمال القيام ببعض المهام المعتادة، مثل استقبال الضيوف والترحيب بهم والجلوس معهم لحين مغادرتهم. ووضع الأشياء في غير محلها، مثل وضع المحفظة مثلا في الثلاجة. والضياع في الأماكن المألوفة والمعتاد تواجده فيها.

وبين التغيرات الطبيعية في الذاكرة بسبب التقدم في العمر، وبين مرض ألزهايمر، هناك حالات من اضطرابات الذاكرة. منها ما هو قابل للعودة إلى الطبيعي، ومنها ما لا يمكن عودته. ومن أشهر الأسباب لاضطرابات الذاكرة القابلة للإصلاح والعودة إلى الطبيعي، حالات الآثار الجانبية لبعض أنواع الأدوية أو التفاعلات فيما بينها. مثل أنواع من أدوية تسكين الألم أو علاج أمراض القلب أو المهدئات أو الأدوية النفسية وغيرها. كما تتسبب الاضطرابات النفسية، كالقلق والتوتر والاكتئاب واضطرابات النوم، بالنسيان لدى البعض. وهذه الحالات متى ما تمت معالجتها، فإن مشكلة النسيان غالبا تزول بالكلية. وتناول الكحول وغيره من المواد الضارة، هو سبب آخر للاضطرابات القابلة للتحسن في الذاكرة. وكذا نقص بعض أنواع الفيتامينات في الجسم.

ومن المهم مراجعة طبيب الباطنية المتخصص في طب الأعصاب، عند الشكوى من أي اضطرابات في الذاكرة. وحينها يمكنه تمييز الأسباب ووضع الحلول الممكنة.