لقاح جديد.. يهاجم السرطان في مراحله المبكرة

الأول من نوعه لحماية المرضى قبل الإصابة الفعلية بورم نخاع العظم

TT

تستهدف معظم لقاحات السرطان الحالية تدعيم جهاز المناعة لدى المريض لمقاومة الأمراض السرطانية بعد وصولها إلى مراحل متقدمة. غير أن شركة «أونكو بيب»، الكائنة في مدينة نورث أندوفر في ولاية ماساتشوستس، تطور لقاحا صُمم خصيصا لمنع الإصابة بنوع واحد معين من أمراض السرطان في العظام، وهو «ورم نخاع العظم المتعدد» (أو المايلوما المتعددة) multiple myeloma – بعلاج المرضى الذين يعانون من أعراض بسيطة تشير إلى إصابتهم بالمرض.

* لقاح موجه

* المايلوما المتعددة هو نوع من أنواع مرض السرطان يصيب خلايا بلازما الدم. وتحدث الإصابة بهذا المرض عندما تتكاثر خلايا البلازما غير الطبيعية في النخاع العظمي وتتجمع معا، وبالتالي تدمر العظام والأنسجة الأخرى في الجسم، وفي النهاية تكتسح جهاز المناعة. تستطيع أنواع العلاج المختلفة في الوقت الراهن إطالة عمر المرضى المصابين بمرض السرطان، ولكنها لن تعالج المرض.

وقد جاء ابتكار الشركة الجديد نتيجة أبحاث قام بها كل من كينيث أندرسون ونيخيل مونشي وجوين باي في معهد «دانا فاربر» للسرطان في بوسطن. فقد قام الباحثون بنشر مجموعة بيبتيدات - وهي أجزاء بروتينية صغيرة - معروفة بأنها مرتبطة بخلايا مايلوما متعددة ومهمة لحياتها، بهدف محدد يتمثل في تدريب الجهاز المناعي على التعرف على الخلايا السرطانية التي تحمل هذه البيبتيدات ومهاجمتها؛ وسيتضمن اللقاح أيضا مواد مصممة خصيصا لتعزيز الاستجابة المناعية.

وهناك خطط تدعو إلى تجربة اللقاح على الأفراد الذين تم تشخيص حالاتهم على أنها إصابة بالمايلوما المتعددة غير المصحوبة بأعراض، وهي حالة مرضية تزداد فيها خلايا البلازما بشكل غير معتاد وتنتج بروتينات غير طبيعية، غير أنها لا تتسبب في ظهور أي أعراض مرضية. وفي الوقت الحالي، لا يخضع المرضى المصابون بهذا المرض لعلاج. وعلى الرغم من أن غالبيتهم تظهر عليهم أعراض الإصابة بالسرطان بعد ذلك، فربما يستغرق الأمر سنوات عدة.

ويأمل أندرسون أن يتمكنوا من اكتشاف الإصابة بالسرطان في هذه المرحلة المبكرة والتدخل بشكل فعال لعلاجها. ويقول أندرسون في حديث نقلته مجلة «تكنولوجي ريفيو» الأميركية: «ستكون الفكرة هي تطوير لقاح فعال ضد السرطان». وربما تساعد تجربة اللقاح على المرضى قبل تلقيهم أي علاج آخر للسرطان، أي قبل معالجتهم بأنواع العلاج التي تنهك أجسامهم. ويمكن أن تزيد احتمالات فاعلية اللقاح عندما تكون أجهزتهم المناعية سليمة.

تقول دوريس بيتركين، رئيس مجلس إدارة شركة «أونكو بيب» إن اللقاح مثل الكثير من لقاحات السرطان التجريبية الأخرى، قيد التطوير، وسيتم تصميم هذا اللقاح خصيصا للأفراد الذين لديهم نوع معين من جهاز المناعة وهو «إتش إل إيه - النوع إيه 2» HLA type A2، أكثر الأنواع شيوعا في الولايات المتحدة. وتقول بيتركين إن اللقاح يكون فعالا في الأغلب في حالات هؤلاء المرضى لأنه يزيد من احتمال قدرة البيبتيدات على تحفيز استجابة مناعية لديهم.

ويقول رونالد ليفي، أستاذ علم الأورام والباحث في أمراض السرطان بجامعة ستانفورد، إنه على الرغم من مزايا إعطاء اللقاح في المراحل المبكرة، فإن استهداف هذه المرحلة المبكرة من المرض ربما يولد مشكلات عملية في اختبار اللقاح. وعلى الرغم من أن نحو 80 في المائة من مرضى المايلوما المتعددة غير المصحوبة بأعراض تتطور حالتهم للإصابة الفعلية بسرطان المايلوما المتعددة، فإن هذا لا يحدث إلا بنسبة 10 في المائة سنويا، لذلك ربما يتطلب الأمر بعض الوقت لجمع العدد الكافي من المرضى لاختبار اللقاح عليهم.

وسيساعد قصر إعطاء اللقاح على الأفراد الذين لديهم نوع معين من «إتش إل إيه» في تضييق النطاق المحدود بالأساس. ويقول ليفي إن الاختبار النهائي لنجاح اللقاح سيتمثل في مدى استثارة البيبتيدات التي وقع الاختيار عليها استجابة مناعية معينة ضد السرطان، الأمر الذي اعتبر بمثابة تحد يواجه جميع أنواع لقاحات السرطان المعتمدة على البيبتيدات.