TT

يرتبط الإفراط في استخدام «الأسيتامينوفين»، المسكن للآلام، أو الدواء المضاد للالتهاب غير السترويدي الأكثر مبيعا الذي يصرف من دون وصفة طبية، المعروف في أوروبا بالعلامة التجارية «باراسيتامول» والأكثر شيوعا في الولايات المتحدة بالعلامة التجارية «تيلينول»، بزيادة خطر الإصابة بأنواع معينة من سرطان الدم بمقدار الضعف، على الرغم من أنه لم يتم اكتشاف مثل هذا الارتباط مع أدوية مثل «الأسبرين» أو مضادات الالتهاب غير السترويدية خلاف الأسبرين أو «الإيبوبروفين»، وذلك وفقا لدراسة جديدة موسعة أجريت مؤخرا في الولايات المتحدة ونشرت على الإنترنت في دورية علم الأورام الإكلينيكي.

مضاعفات الأدوية وعلى الرغم من أن الباحثين قد وجدوا أن الإفراط في استخدام الأسيتامينوفين (أربع مرات أو أكثر أسبوعيا على مدار أربع سنوات أو أكثر) يضاعف من خطر الإصابة بأنواع معينة من مرض السرطان التي تصيب خلايا الدم (مثل الليمفوما أو متلازمة خلل التنسج النقوي/ MDS)، فإن الخطر لا يزال محدودا.

غير أن الدراسة لم تلق الضوء مطلقا على الآليات التي تربط «الأسيتامينوفين» بالإصابة بأنواع سرطان الدم، في حالة حدوثها. ولم يكتشف الباحثون أي ارتباط بين الإفراط في استخدام «الأسيتامينوفين» ومجموعة أخرى من أنواع سرطان الدم المعروفة باسم اللوكيميا الليمفاوية/ ليمفوما الخلايا الصغيرة (CLL/SLL).

وأشارت إميلي وايت، المشاركة في كتابة الدراسة وعضو مركز أبحاث فريد هاتشينسون للسرطان وأستاذ الأوبئة بمدرسة الصحة العامة بجامعة واشنطن في سياتل، أن خطر إصابة شخص في سن الخمسين أو أكبر بأمراض سرطان الدم يقدر بنحو 1% في عشر سنوات. وقالت وايت «تشير الدراسة التي أجريناها إلى أنه إذا تناولت دواء (الأسيتامينوفين) أربع مرات أسبوعيا لمدة أربع سنوات على الأقل، فسيزيد هذا من احتمال إصابتك بمرض السرطان بنسبة 2%، وذلك وفقا لما نشره موقع «ميديكال نيوز توداي» الطبي الإلكتروني.

وكتبت وايت وزملاؤها في معلوماتهم العامة الأساسية أن ثمة دراسات سابقة لم تؤيد فكرة ارتباط الأدوية المضادة للالتهاب غير السترويدية بالإصابة بـ«أورام الدم الخبيثة» أو أنواع معينة من سرطان الدم، لكنها مالت إلى الاتفاق على زيادة خطر حدوث ذلك في حالة تناول أدوية الأسيتامينوفين (الباراسيتامول).

دراسة تحليلية لذلك، قرر الباحثون النظر بشكل أعمق عن طريق فحص بيانات دراسة مستقبلية مجمعة أكبر، وهي دراسة الفيتامينات ونمط الحياة (VITAL).

ومن دراسة «فايتال»، حصلوا على بيانات ديموغرافية وصحية وتاريخية تشمل الاستخدام اليومي للمسكنات من قبل 64.839 رجلا وامرأة تتراوح أعمارهم بين 50 و76 عاما، قاموا بتسجيل أسمائهم في الدراسة في الفترة من 2000 إلى 2002. ومن سجل المراقبة وعلم الأوبئة والنتائج النهائية الخاص بمرض السرطان، حصلوا على بيانات خاصة بحالات الإصابة بسرطان الدم بين أفراد المجموعة، واكتشفوا 577 حالة إصابة بأورام الدم الخبيثة حتى ديسمبر (كانون الأول) 2008.

واستخدموا أدوات إحصائية لقياس المخاطر النسبية لإيجاد علاقات ارتباط بين استخدام المسكنات والإصابة بأنواع سرطان الدم، وقاموا بتعديل النتائج في ضوء عوامل مثل السن والنوع والعرق والتعليم والتدخين والحالة الصحية (وفقا للتقدير الذاتي) وأنواع الألم المختلفة والإجهاد، وكذلك تاريخ الأسرة مع الإصابة بأمراض سرطان الدم مثل ابيضاض الدم (اللوكيميا) أو سرطان الغدد الليمفاوية (الليمفوما).

وقد عرف الباحثون «الاستخدام المفرط للأسيتامينوفين/ الباراسيتامول» بأنه تناول الدواء 4 مرات أسبوعيا أو أكثر لمدة 4 سنوات على الأقل.

وقد أظهرت النتائج المعدلة ما يلي:

* زاد خطر الإصابة بأورام الدم الخبيثة عند الاستخدام المفرط للأسيتامينوفين.

* أظهر التحليل الإحصائي أن معامل الخطر ((Hazard Ratio) (HR هو 1.84، مع وجود مجال ثقة (CI) بنسبة 95% يتراوح بين 1.35 و2.50، واتجاه الاحتمالية = 0.004.

وكان الارتباط واضحا في حالات الإصابة بابيضاض الدم النقوي والورم الليمفاوي غير الهودجكين وأمراض خلايا البلازما، ولكن ليس باللوكيميا الليمفاوية/ ليمفوما الخلايا الصغيرة (CLL/SLL).

وأظهرت الإحصاءات علاقات الارتباط التالية: معامل خطر الإصابة بابيضاض الدم النقوي = 2.26 (مجال ثقة بنسبة 95% يتراوح بين 1.24 إلى 4.12)، ومعامل خطر الإصابة بالورم الليمفاوي غير الهودجكين = 1.81 (مجال ثقة نسبته 95% يتراوح بين 1.12 إلى 2.93)، ونسبة خطر الإصابة باضطرابات خلايا البلازما = 2.42 (مجال ثقة نسبته 95% يتراوح بين 1.08 و5.41)، ونسبة خطر الإصابة باللوكيميا الليمفاوية/ ليمفوما الخلايا الصغيرة = 0.84 (مجال ثقة نسبته 95% يتراوح بين 0.31 إلى 2.28).

استنتاجات ولم يتضح تأثير الاستخدام المفرط للأسبرين ومضادات الالتهاب غير السترويدية خلاف الأسبرين أو الإيبوبروفين في زيادة خطر الإصابة بحالات أورام الدم الخبيثة بأي صورة.

وخلص الباحثون إلى ارتباط الإفراط في استخدام الأسيتامينوفين بزيادة خطر الإصابة بأورام الدم الخبيثة بمقدار الضعف عن خطر الإصابة باللوكيميا الليمفاوية/ ليمفوما الخلايا الصغيرة.

كما لاحظوا أيضا أن الأدوية المضادة للالتهاب غير السترويدية من فئة الأسبرين أو من غيرها لا تفيد في منع الإصابة بأورام الدم الخبيثة.

وقد أشارت بعض الدراسات إلى أن تناول الأسبرين يزيد خطر الإصابة بنزيف القرحة، في حين تشير دراسات أخرى إلى أنه يزيد من مخاطر الإصابة بسرطان القولون المزمن.

وقالت وايت إنهم لا يستطيعون تقديم أي توصيات اعتمادا على نتائج تلك الدراسات، وحذرت الناس من الإفراط في تناول أي دواء يصرف من دون وصفة طبية لفترة طويلة: فجميع الأدوية لها آثار جانبية كثيرة، ويجب أن يقدر الناس المزايا في مقابل المخاطر.