عدوى المستشفيات.. أبحاث علمية لمقاومتها

TT

تعد «عدوى المستشفيات» أو «العدوى المكتسبة أثناء الوجود بالمستشفيات»، إحدى المشكلات الصحية الخطرة التي قد تصيب المرضى، وخاصة من كبار السن وذوي المناعة المحدودة والمبتسرين (الأطفال الخدج) ومرضى الحروق والرعاية المركزة والمرضى الذين يتلقون العلاج لفترات طويلة والمرضى الذين يعالجون ببعض الأدوية مثل المضادات الحيوية واسعة المدى، ومثبطات المناعة، والكورتيزون والعلاجات الكيميائية للسرطان.

وأكد الخبراء أن الإهمال في تطبيق وسائل مكافحة العدوى داخل المستشفيات يؤدي إلى إطالة فترة الإقامة، وفتح المجال أمام ظهور أنواع جديدة من العدوى الجرثومية المقاومة للمضادات الحيوية، وقد يرفع من معدلات الوفاة، كما يؤثر بشكل كبير على جودة العمل الطبي، بالإضافة إلى زيادة التكلفة وإشغال أسرة المستشفيات.

وأكدت الإحصائيات أن معدل حدوث عدوى المستشفيات في الدول المتقدمة يتراوح ما بين 5 إلى 10 في المائة من كافة حالات الدخول إلى المستشفيات والمؤسسات الصحية، وترتفع هذه النسبة في الدول النامية إلى نحو 10 إلى 20 في المائة.

وأكثر أنواع العدوى الجرثومية التي تصيب المرضى أثناء وجودهم بالمستشفيات هي عدوى الجهاز البولي والجهاز التنفسي وتسمم الدم وعدوى جروح العمليات، وأوضحت توصيات الجهات الصحية العالمية أن أكثر من ثلث هذه الحالات يمكن الوقاية منها باتباع القواعد الصحية والالتزام بإرشادات الوقاية من العدوى.

* ملابس الأطباء

* وتمثل ملابس الأطباء مصدرا لعدوى المستشفيات. وقد أكدت الدراسات الحديثة أن تلوث المنسوجات والمفروشات بالجراثيم إحدى المشكلات الصحية التي تواجه العالم حاليا خاصة في المجالات الصحية والطبية وفي الفنادق، التي تعد بيئة خصبة لنمو وتكاثر البكتريا والجراثيم الضارة وانتشارها بصورة كبيرة.

وتقول الإحصائيات الصادرة عن مركز مكافحة الأمراض والوقاية CDC الأميركي، إن واحدا من بين كل عشرين مريضا يصاب بعدوى المستشفيات نتيجة تلوث معاطف الأطباء وأعضاء هيئات التمريض ومقدمي الخدمة الصحية، وأقنعة الوجه وأغطية الفراش، بالجراثيم.

وفي دراسة نشرت شهر يوليو (تموز) الماضي، أعلن فريق بحثي على الموقع الإلكتروني لجامعة جورجيا الأميركية عن توصلهم إلى تقنية حديثة رخيصة التكلفة تجعل الملابس والمفروشات وأقنعة الوجه والملابس الرياضية والجوارب خالية من الجراثيم.

وأكد الباحثون أن المعالجة الجديدة تقتل بكفاءة عالية البكتريا والفطريات والخمائر التي تتكاثر على الملابس والمفروشات مسببة المرض وتلف المنسوجات، وتؤدي إلى اصطباغها بألوان مغايرة وظهور روائح كريهة. كما أكدوا أن التقنية الجديدة يمكن تطبيقها على الخامات الطبيعية والصناعية على حد سواء، كما يمكن تطبيقها أيضا أثناء عمليات التصنيع أو بالمنزل. ولا تؤدي عمليات الغسيل أو التنظيف الجاف المتكررة إلى إزالتها أو فقدان مفعولها المقاوم للجراثيم.

* الهواتف الجوالة

* وتمثل الهواتف الجوالة مصدرا آخر لعدوى بالمستشفيات. وقد نشرت في مجلة American journal of infection control خلال شهر يونيو (حزيران) الماضي، دراسة أجراها باحثون بقسم الميكروبيولوجيا الطبية بجامعة إينونو Inonu التركية، أكدت أن الهواتف الجوالة التي يستخدمها المرضى والمرافقون والزائرون تحتوي على بكتريا خطيرة، وتقدر بضعف أعداد البكتيريا الموجودة على الهواتف الجوالة للأطباء ومقدمي الخدمة الصحية بالمستشفيات.

وقام الباحثون بعمل مزارع بكتيرية لعينات أخذت من مناطق مختلفة لمائتي هاتف جوال (132 هاتفا يخص المرضى والمرافقين والزائرين، و67 هاتفا يخص الأطباء وموظفي الخدمة الطبية)، وجاءت نتائج المزارع إيجابية في نحو 40 في المائة من هواتف المرضى والمرافقين والزائرين، (مقارنة بنحو 20 في المائة من هواتف الأطباء ومقدمي الخدمة الطبية)، كما احتوت هواتف سبعة مرضى على بكتريا متعددة المقاومة للمضادات الحيوية («مرسا» MRSA).

حملة عالمية لغسل الأيدي كما أكدت دراسة أجراها باحثون بجامعة كيوتو اليابانية، نشرت خلال شهر مايو (أيار) الماضي أن عدم الالتزام بغسل الأيدي يتسبب في حدوث ما لا يقل عن 75 في المائة من عدوى المستشفيات، التي تبلغ نحو 8 في المائة.

وأشار الباحثون إلى ضرورة تفعيل الحملة العالمية لغسل الأيدي، التي تتبناها منظمة الصحة العالمية تحت شعار (لننقذ مرضانا بغسل أيدينا) وتنعكس إيجابيا على صحة المرضى والكوادر الصحية على حد سواء.

وأكد الباحثون أن نحو 44 في المائة فقط من الأطباء والكوادر الطبية والتمريضية يلتزمون بالمداومة على غسل الأيدي، بينما تصل طموحات مؤسسات مكافحة العدوى بالمستشفيات ومنظمة الصحة العالمية إلى ضرورة التزام ما لا يقل عن 95 في المائة من الكوادر العاملة بالمؤسسات الصحية بغسل الأيدي بصفة دائمة.

وأشار الباحثون إلى ضرورة تدريب الكوادر الطبية ومقدمي الخدمة الصحية بالمستشفيات، وكذلك المرضى ومرافقوهم، على عملية غسيل الأيدي بالطريقة والإجراء الصحيح.

* أفضلية المطهرات

* وأكدت دراسة نشرت خلال شهر فبراير (شباط) الماضي في مجلة Infection control and hospital environment، أجراها فريق بحثي بجامعة «رود ايلاند»، أن استخدام مطهر يحتوي على نسبة 2 في المائة من مادة «جلوكونات كلورهيكسيدين» لغسيل وتطهير الملابس والمفروشات ومعاطف الأطباء يوميا يساهم في الإقلال من مخاطر العدوى الجرثومية بالميكروبات المقاومة للمضادات الحيوية (ميرسا MRSA) بنسبة تصل إلى أكثر من 64 في المائة، مقارنة بطرق الغسيل التقليدية باستخدام الماء والصابون.

كما أكد فريق بحثي هولندي في دراسة نشرت خلال شهر مايو 2011 بمجلة أرشيفات الطب أن الاستعانة بمركب لومينول Luminol، والمعروف باسم الطلاء الفوسفوري المضيء الذي يستخدم في التحقيقات الجنائية لاكتشاف آثار الدماء، يساهم في اكتشاف آثار الدماء التي لا ترى بالعين المجردة وتحسن مستويات السيطرة على العدوى بالمستشفيات.

وأجريت الدراسة على وحدات الغسيل الكلوي والتي تبدو نظيفة أمام العين المجردة، لكن عندما اختبرت بمادة - لومينول - شوهدت آثار الدماء على أسطح عديدة، من بينها لوحات التحكم في أجهزة غسيل الكلى وأجهزة الهاتف والأرضيات على الرغم من نظافتها الظاهرة.

وأشار الباحثون إلى أن نسبة كبيرة من العاملين في وحدات غسيل الكلى ليسوا على علم بالمخاطر التي يواجهها مرضاهم من العدوى التي يحملها الدم، وعلى رأسها فيروسات الكبد «بي» و«سي» وفيروس الإيدز، وأن الكثيرون لا يلتزمون بصرامة اتباع التعليمات الصحية لمكافحة العدوى.

ويرى الباحثون أن رؤية آثار الدماء غير الظاهرة، التي تلوث الوسط المحيط بالعاملين بالقطاع الصحي، ربما تعزز الوعي الأساسي بشأن المسارات المحتملة للعدوى الجرثومية، وقد يؤدي هذا إلى تحسين السلوك الإيجابي لمكافحة العدوى الجرثومية بالمستشفيات.