تقنيات حديثة.. في تشخيص وعلاج سرطان الكبد

توظيف جسيمات الذهب النانونية والموجات الكهرومغناطيسية والحقن الموضعي للكحول النقي

TT

أكدت الإحصائيات أن سرطان الكبد يتسبب في وفاة نحو مليون شخص حول العالم سنويا، من بينهم 13 ألف حالة في الولايات المتحدة الأميركية، و57 ألفا في أوروبا، و322 ألفا في الصين، و360 ألفا في اليابان.

أما في مصر، فتوضح الإحصائيات وجود زيادة سنوية في مرض سرطان الكبد، وارتفاع ملحوظ في معدل الوفيات بسبب هذا المرض، إذ ارتفعت النسبة من 2.8 لكل مائة ألف عام 1990، إلى 4.9 لكل مائة ألف عام 1999، لتصل إلى 7.9 لكل مائة ألف عام 2009. ويحتل سرطان الكبد في المملكة العربية السعودية المرتبة السادسة بين السرطانات الأخرى، وتشير إحصائيات عام 2005 إلى أن معدلات الإصابة وصلت إلى نحو 5.7 لكل مائة ألف للرجال، ونحو 2.1 لكل مائة ألف من النساء.

* سرطانات الكبد

* هناك ثلاثة أنواع من السرطان تصيب الكبد، هي: سرطان الخلايا الكبدية، وسرطان القنوات المرارية، وسرطان الكبد الدموي.. بالإضافة إلى «الثانويات» التي تصل إلى الكبد عن طريق الدم والأوعية الليمفاوية من ورم سرطاني موجود في أي جزء من الجسم، مثل المعدة والبنكرياس والثدي والرئة.

ويعد سرطان الكبد أحد أصعب الأورام من حيث إمكانية علاجه، نظرا لعدم الاستجابة الجيدة للعلاج الكيميائي وسوء حالة وظائف الكبد نتيجة وجود تليف كبدي مصاحب لسرطان الكبد في أكثر من 90 في المائة من الحالات، بالإضافة إلى اكتشاف الورم في مراحل متأخرة عادة.

وخلال الأعوام العشرين الماضية لم تعتمد منظمة الغذاء والدواء (FDA) سوى دواء واحد لمعالجة سرطان الخلايا الكبدية اسمه العلمي «Sorafenib»، وهو يؤخذ عن طريق الفم. وتؤكد الأبحاث حتى الآن فائدته في إطالة عمر المريض بسرطان الخلايا الكبدية لمدة لا تتعدى ثلاثة أشهر فقط، كما أشارت الأبحاث إلى عدم قدرة الدواء على تحسين الحالة الصحية العامة للمريض بشكل ملحوظ. لذلك تسارعت جهود العلماء بشكل كبير في الآونة الأخيرة لمحاولة إيجاد وسائل حديثة لتشخيص سرطان الكبد في وقت مبكر يسمح بالتدخل العلاجي الناجح، بالإضافة إلى الرغبة الجامحة في توفير وسائل علاجية حديثة للتخلص من هذا الداء اللعين.

تقنيات نانوية

* جسيمات الذهب النانونية: في إطار الجهود المبذولة للبحث عن وسائل حديثة للتشخيص المبكر لسرطان الكبد بأنواعه المختلفة، أكد باحثون بجامعة «براون» الأميركية في دراسة نشرت خلال شهر يونيو (حزيران) الماضي، في مجلة الجمعية الأميركية للكيمياء، نجاحهم في استخدام تقنية جديدة تعتمد على جسيمات الذهب بحجم النانو (النانو هو جزء واحد من المليار) Nano-Gold particles مغلفة بمواد بوليمرية (Polymers) يمكن حقنها بالجسم لتمكن أجهزة الأشعة المقطعية أو الرنين المغناطيسي من تشخيص أورام الكبد بحجم دقيق جدا يصل إلى 5 ملليمترات، مقارنة بالتقنيات المستخدمة حاليا والتي تستطيع تشخيص أورام الكبد فقط عندما يزداد حجمها على 5 سنتيمترات!

* فقاعات نانونية: كما أكد باحثون بجامعة «بنسلفانيا» الأميركية في دراسة أجريت على حيوانات التجارب خلال شهر فبراير (شباط) الماضي نجاحهم في التوصل إلى تقنية تعتمد على استخدام فقاعات بحجم النانو (Nano-Bubbles) تحتوي على جزيئات من الدهون يطلق عليها اسم (ceramide-6) تستهدف خلايا سرطان الكبد بدقة عالية من دون التأثير على الخلايا السليمة، كما يمكنها أيضا استهداف الأوعية الدموية الدقيقة المغذية للورم مما يؤدي إلى ضمور الورم كليا أو جزئيا.

وأكد الباحثون عزمهم على تجربة التقنية الجديدة باستخدام الفقاعات النانونية التي أطلقوا عليها اسم «Cerasomes» كبديل للعلاجات الكيميائية شائعة الاستخدام حاليا لمعالجة سرطان الخلايا الكبدية في الإنسان.

الموجات الكهرومغناطيسية كما أكد فريق بحثي بجامعة «ألاباما» الأميركية، في دراسة نشرت خلال شهر أغسطس (آب) الحالي في المجلة البريطانية للسرطان، نجاح المرحلة الثانية من التجارب الإكلينيكية لاستخدام تقنية تعتمد على استخدام جرعات منخفضة من الموجات الكهرومغناطيسية المنبعثة من جهاز صغير يشبه الملعقة يتم وضعه في فم المريض.

وقد أكدت نتائج الدراسة، التي أجريت على 42 مصابا بسرطان الخلايا الكبدية لم يستجيبوا للعلاج الكيميائي، تضاؤل حجم الأورام واستقرارها بصورة واضحة في أكثر من 14 في المائة من الحالات، بعدما تلقت العلاج بواقع جلسة يوميا لمدة ساعة على مدار ثلاث دورات من العلاج استمرت لمدة ستة أشهر.

ويأمل الباحثون في إجراء المزيد من الأبحاث الإكلينيكية على أعداد أكبر من المرضى تمهيدا للحصول على موافقة منظمة الغذاء والدواء على استخدام هذه التقنية على نطاق واسع.

* ا تقنيات علاجية لجدير بالذكر أن هناك عدة تقنيات مستخدمة حاليا لعلاج سرطان الخلايا الكبدية، من بينها:

* الأشعة التداخلية: وتعتمد هذه التقنية على أدوات طبية دقيقة مثل الإبرة والقسطرة التي يتم إدخالها إلى جسم الإنسان عن طريق الجلد من دون أي فتحة جراحية، ويتم توجيه هذه الأدوات داخل الجسم باستخدام الأشعة التشخيصية حتى تصل إلى مكان المرض، حيث يتم العلاج سواء بحقن عقاقير علاجية أو تركيب دعامات أو سد الأوعية الدموية المغذية للمرض أو إحراق الورم.

* الحقن الموضعي للكحول النقي: وتعتمد هذه التقنية على إدخال إبرة رفيعة عن طريق الجلد (توجه بواسطة الأشعة التداخلية حتى تصل إلى داخل الورم الموجود بالكبد)، ويتم حقن الكحول النقي الذي يقوم بقتل الخلايا السرطانية. وتعطي هذه التقنية نتائج جيدة في الأورام الصغيرة التي يقل حجمها عن سنتيمترين.

* التردد الحراري: وهو عبارة عن إبرة يتم إدخالها عن طريق الجلد (توجه بواسطة الموجات فوق الصوتية أو الأشعة المقطعية حتى تصل إلى داخل الورم)، حيث يتم تمرير تيار كهربي له تردد عال يؤدي إلى إحداث حركة سريعة للأيونات الموجودة في خلايا الورم، مما ينتج عنه حرارة عالية تؤدي إلى حرق نسيج الورم.

* إحراق الأورام بواسطة الميكروويف: كما تمكن العلماء من استخدام تقنية حديثة لإحراق الأورام بواسطة الميكروويف، وفيها يتم إدخال إبرة رفيعة عن طريق الجلد (يتم توجيهها تحت الأشعة حتى تصل إلى الورم الموجود بالكبد)، ويتم تمرير تيار كهرومغناطيسي في الطرف الأمامي للإبرة لرفع درجة حرارة نسيج الورم وحرق الخلايا السرطانية.

وتتميز هذه التقنية بسرعة حرق الورم وعدم التأثر بوجود أوعية دموية ملاصقة للورم، وعدم دخول تيار كهربي إلى داخل جسم الإنسان، مما يعني أن الألم الناتج أثناء الحرق يكون ضئيلا جدا مقارنة بالألم الناتج أثناء الحرق بالتردد الحراري.

* علاج السرطان المتقدم

* القسطرة التداخلية للشريان الكبدي: تستخدم هذه التقنية في معالجة الحالات الأكثر تطورا من سرطان الكبد، من حيث الحجم والتشعب، والتي تمثل الغالبية العظمى من الحالات المكتشفة في مراحل المرض المتأخرة.

وتجرى بواسطة طبيب الأشعة التداخلية، حيث يقوم بإدخال قسطرة رفيعة عن طريق شريان الفخذ، ويتم توجيهها تحت الأشعة خلال الشريان الأورطى (الأبهر) ثم الشريان الكبدي حتى تصل إلى الشريان المغذي للورم. ويتم حقن الجرعة الكيماوية إلى داخل الورم مباشرة، ثم يتم سد الشريان المغذي للورم بواسطة جسيمات صغيرة الحجم.

* الحبيبات المشعة: كما يتم أيضا من خلال القسطرة التداخلية للشريان الكبدي المغذي للورم حقن «الحبيبات المشعة»، وتستخدم هذه التقنية في المراحل المتقدمة من سرطان الكبد.

وقد تمكن العلماء في الآونة الأخيرة من تصنيع حبيبات مشعة متناهية الصغر يمكن حقنها داخل الورم مباشرة عن طريق الشريان المغذي للورم، ويتم ذلك من خلال إدخال إبرة رفيعة من الشريان الفخذي، وتوجيهها تحت الأشعة حتى تصل إلى الشريان المغذي للورم، وتبدأ في إصدار الأشعة القاتلة للخلايا السرطانية.

ويؤكد العلماء أن تقنية استخدام الحبيبات المشعة متناهية الصغر تمثل تطورا كبيرا في استخدام العلاج بالإشعاع في معالجة سرطان الكبد، حيث إن هذا النوع من العلاج ظل لسنوات طويلة من الوسائل غير القابلة للاستخدام في علاج سرطان الكبد لصعوبة توجيه الإشعاع بدقة للورم فقط من دون الإضرار بباقي النسيج الكبدي غير المصاب بالورم.

* استشاري الجهاز الهضمي والكبد والتغذية العلاجية في كلية الطب بجامعة القاهرة