تجنب الأغذية ذات المؤشر الســـكري العالي

حوار مع خبير التغذية والسمنة بجامعة هارفارد

TT

الدكتور ديفيد إس. لودويغ Dr. David S. Ludwig باحث في مجال التغذية والسمنة بمستشفى الأطفال التابع لجامعة هارفارد في بوسطن. وهو يركز بحثه على التأثيرات الضارة للأغذية ذات المؤشر السكري المرتفع، وهو مؤلف كتاب «إنهاء حرب الطعام»، الذي يتناول تغذية الأطفال وعلاقتها بالوزن، وقد أجرينا معه هذا الحوار:

* المؤشر السكري في الغذاء

* ما المؤشر السكري وما الحمولة السكرية؟

- المؤشر السكري glycemic index هو معيار لقياس كيفية تأثير كميات محددة من الطعام على نسبة السكر والإنسولين في الدم. وتضع الحمولة السكرية glycemic load كمية الوجبات في الاعتبار وهي تعمد إلى تشكيل دليل عملي للتوجيه.

وتؤدي الأغذية ذات الحمولة السكرية المرتفعة إلى ارتفاع مستوى السكر في الدم وذلك لأنها سريعة الهضم. ويستجيب الجسم بفرز كمية هائلة من الإنسولين، لكي يمنع الارتفاع الشديد في نسبة السكر في الدم. ولكن يحدث تجاوز كبير (لمستويات سكر الدم) لدى العديد من الأشخاص، ولا ينخفض سكر الدم إلا بعد مرور عدة ساعات من تناول الطعام.

* لماذا تعد الأغذية التي تكون فيها الحمولة السكرية مرتفعة، ضارة؟

- عندما ترتفع نسبة السكر في الدم بصورة سريعة، فإن ذلك يضع خلايا «بيتا» beta cells التابعة للبنكرياس تحت الضغط، الذي قد يؤدي إلى ازدياد مخاطر الإصابة بداء السكري من النوع الثاني. ومن الممكن أن تؤدي المستويات المرتفعة من الإنسولين إلى ظهور حالة مقاومة الإنسولينinsulin resistance، وهو عامل آخر من عوامل الإصابة بمرض بالسكري.

وعندما ينخفض مستوى السكر في الدم يؤدي هذا إلى الشعور بالجوع، وإلى الرغبة في تناول الأغذية التي تسببت في هذه المشكلة في المقام الأول، وهي الأغذية الغنية بالنشويات أو السكريات التي تؤدي إلى ارتفاع مستويات السكر في الدم بأقصى سرعة ممكنة. ويؤدي النظام الغذائي ذو الحمولة السكرية المرتفعة إلى حدوث ما يماثل التكافؤ الهرموني لحالة تتأرجح بين الصيام والجوع الشديد. وتشكل كلتا الحالتين ضغطا على الجسم.

* مؤشرات سكرية عالية

* هلا تعطينا بعض الأمثلة للأغذية ذات الحمولة السكرية المرتفع؟

- معظم الأغذية المعالجة، التي يدخل في صناعتها كميات كبيرة من السكريات أو الحبوب المعدلة، ذات حمولة سكرية مرتفعة.

ويحتوى الغذاء الأول الذي يتناوله العديد من الرضع، وهو رقائق حبوب الأرز، على أكثر معدل حمولة سكرية ممكنة. أما بالنسبة للأطفال الأكبر سنا، فتعد رقائق حبوب الإفطار إحدى المشكلات. وعلى مستوى السكان عموما، فإن المشروبات المحلاة بالسكر تعتبر أكبر عامل يساهم في ارتفاع الحمولة السكرية.

* هل الأغذية الغنية بالسكر أكثر سوءا من الأغذية الغنية بالنشويات؟

- يتكون السكروز، أو سكر المائدة، وعصير الذرة المركز عالي الفركتوز من نصف غلوكوز ونصف فركتوز. وتعد النشويات المكررة غلوكوزا خالصا، تترتب في سلاسل تمسكها روابط هشة للغاية. وما من دليل على أن الفركتوز في الفاكهة له تأثيرات ضارة، ولكن الفركتوز في صورته المكررة (السكروز وعصير الذرة المركز عالي الفركتوز) له تأثيرات ضارة عندما يتم تناول كميات كبيرة منه. ومن الممكن أن يتأيض (يتمثل غذائيا) في الكبد فقط، وعندما يتعدى حدا معينا، تكون الممرات الكيميائية الحيوية في الكبد مثقلة للغاية وتتحول السعرات الحرارية هذه إلى دهون.

لكن هناك اعتقاد خاطئ بأن الفركتوز دائما ما يكون ضارا، فيما يكون الغلوكوز مفيدا للغاية، وهذا مناف تماما للحقيقة، حيث يعمل الغلوكوز على رفع معدلات الإنسولين أكثر بكثير من الفركتوز.

في الواقع إن كلا من الأغذية الغنية بالسكريات والنشويات المعدلة ذات تأثيرات سلبية وقد يكون للتفاعل بينهما ضرر شديد. لذا ربما تكون أكثر الأشياء سوءا هي تناولهما معا وهو ما يحدث عند تناول البطاطس المقلية مع مشروب محلى بالسكر.

* تقييم النظم الغذائية

* لماذا قللت الإرشادات الغذائية التي وضعتها الحكومة الفيدرالية من قيمة الحمولة السكرية؟

- أعتقد أن الأمثلة النموذجية تتغير ببطء. لقد تم التأكيد على أهمية الأغذية قليلة الدسم لسنوات، لكن هناك الآن العديد من الأدلة التي تشير إلى أن السعرات الحرارية التي تنتج من تناول الدهون لا علاقة لها بذلك. وإن ما يهم هو جودة الدهون والكربوهيدرات. ومع ذلك، فإن الإرشادات متأثرة بالتفكير القديم؛ وهو أن أقل من 35 في المائة من السعرات الحرارية في نظامنا الغذائي يجب أن يكون مصدره الدهون.

* ما موقفك من نظام «أتكينز» الغذائي؟

- على المدى القصير، فإن النظم الغذائية التي تتضمن نسبة قليلة جدا من الكربوهيدرات أفضل لفقدان الوزن من الأنظمة الغذائية منخفضة الدسم. ولم يعد هناك أي مناقشات علمية تدور حول هذا الموضوع. وربما من أسباب جدوى نظام «أتكينز» الغذائي هو أنه يحتوي على نسبة قليلة جدا من الحمولة السكرية وأنه يحافظ على عدم تغيير معدل سكر الدم. وتعد الأنظمة الغذائية التي يقل بها مستوى الكربوهيدرات للغاية بمثابة وسائل قاسية تستخدم الهراوة بدلا من مشرط الجراح للقيام بالمهمة نفسها.

ليس علينا التخلص من جميع الكربوهيدرات، فالكربوهيدرات لذيذة وتوجد حولنا دوما. وللكربوهيدرات الكاملة وغير المعالجة صناعيا العديد من الفوائد الصحية كما أنها لا تؤدي إلى زيادة الوزن. إلا أن الكربوهيدرات المعالجة هي التي تمثل المشكلة الرئيسية.

* هل توصي بأي برنامج تجاري للتخلص من الوزن للأصدقاء أو الأسرة بصورة غير رسمية؟

- على الرغم من أن هناك بعض النظم الغذائية التجارية التي تلاقي دعما علميا أكثر من غيرها، فلا يعد أحدها أفضل من الآخر. إن الإجابة، من وجهة نظري، هي إعادة اكتشاف قيمة الطعام الحقيقي، ليس من أجل التمتع بصحة أفضل فقط وإنما من أجل الشعور بالسعادة والتواصل الاجتماعي الذي يحدث في الغالب عندما نتناول الطعام معا. إننا نخسر الكثير عندما نتجه دون وعي لتناول الأغذية السريعة في طريقنا إلى العمل أو تناول وجبات خفيفة طوال الوقت.

حياة صحية

* متى كانت آخر مرة تناولت فيها طعامك في مطعم للمأكولات السريعة؟

- كانت أخر مرة تناولت فيها مأكولات سريعة منذ عشرين عاما. ولكني أتناول طعامي في مطاعم تقدم الأغذية بصورة سريعة ولديها التزام بالجودة مثل مطعم «تشبوتلي» Chipotle.

* هل كانت لديك مشكلات تتعلق بالوزن يوما ما؟

- كان وزني يزداد رطلا (الرطل 457 غم تقريبا) أو رطلين كل عام عندما كنت في العشرينات والثلاثينات. ومع ذلك لم أكن بدينا، ولكني أدركت أنه إذا ما استمر الأمر على هذا النحو، فإن مؤشر كتلة الجسم BMI لدي سيتجاوز مقدار 25. وكان هذا هو الوقت الذي انتقلت فيه للبحث الغذائي وبدأت دراسة الحمولة السكرية. ووجدت أنه من خلال تقليل الكربوهيدرات المكررة وإضافة القليل من البروتينات والدهون الصحية، فقدت 20 رطلا دون أي عناء. وعندما قمت بوزن نفسي آخر مرة، كان مؤشر كتلة الجسم 22.

* «رسالة هارفارد الصحية»، خدمات «تريبيون ميديا»