محطات صحية

د. عبير مبارك

TT

الحمى الصفراء

* الحمى الصفراء yellow fever أحد أنواع الحمى التي ربما لا يسمع عنها البعض إلا عند ذكر ضرورة أخذ لقاحها قبل السفر إلى بعض المناطق في العالم، أو عند استعراض بعض المصادر الطبية لمسميات أنواع الحمى.

والحمى الصفراء هي حمى نزيفية تظهر بشكل حاد acute، أي ليست مزمنة. وتحدث بسبب دخول نوع معين من الفيروسات إلى الجسم، ووسيلة الإصابة أو انتقال الفيروسات إلى جسم الإنسان هو نوع معين من البعوض الحامل لتلك الفيروسات. وكلمة «الصفراء» مأخوذ من أحد أعراض الحمى هذه وهو «اليرقان» أو الصفار الذي يظهر على الجلد وملتحمة العين البيضاء اللون في الحالات الطبيعية.

وتشير إصدارات منظمة الصحة العالمية إلى أن أكثر من 50% من المصابين بهذه الفيروسات، يتعرضون إلى تدهور «وخيم» في حالتهم الصحية، ما يؤدي إلى الوفاة عند عدم تلقي المعالجة اللازمة. وأن العالم يشهد سنويا أكثر من 200 ألف إصابة بهذا النوع من الحمى. وتؤدي إلى أكثر من 30 ألف حالة وفاة سنويا. كما تشير إلى أن فيروس الحمى الصفراء يستوطن المناطق المدارية من أفريقيا وأميركا اللاتينية.، أي في مناطق تشمل 45 بلدا ويفوق تعداد السكان فيها 900 مليون نسمة.

وتخلو القارة الآسيوية من تسجيل إصابات بالمرض. وهناك تقارير عن حصول إصابات وبائية به في القرون السابقة، وليس في القرن الماضي أو الحالي، في مناطق من الولايات المتحدة مثل نيويورك وفيلادلفيا وتشارلستون ونيوأولينز، ومناطق من أوروبا مثل انجلترا والبرتغال وفرنسا وإيطاليا وإسبانيا.

وضمن الحقائق الأساسية عن هذا المرض، تذكر منظمة الصحة العالمية أن العالم شهد ارتفاعا في الإصابات بالحمى الصفراء خلال السنوات العشرين الماضية. وذلك بسبب انخفاض مناعة سكان مناطق استيطان الفيروسات المتسببة به حيال العدوى بها، وبسبب العمليات المستمرة في إزالة الغابات والتوسع العمراني وتحركات السكان وتغير المناخ العالمي.

ولا يوجد حتى اليوم علاج دوائي يضمن القضاء التام على الفيروس المتسبب بالحمى الصفراء بعد دخوله جسم الإنسان. وما تقوم به المعالجة هو تخفيف الأعراض ودعم قدرات الجسم على مقاومة الفيروس، وصولا إلى زواله عن الجسم وإنقاذ حياة المصاب. ولذا يبقى اتباع وسائل الوقاية أهم وأفضل ما يمكن فعله لمنع الإصابة بالمرض، والتي من أهم عناصرها تلقي اللقاح الخاص بالحمى الصفراء. واللقاح يعتبر مأمونا، وفعالا لنحو 95% ممن يتلقونه في غضون أسبوع واحد من بعد أخذه، وزهيد الثمن، ويقدم حماية تصل إلى فترة تتجاوز 30 عاما.

ويجب على المسافرين، ولا سيما المتوجهين من أفريقيا أو أميركا اللاتينية، إظهار شهادة التطعيم ضدّ الحمى الصفراء. وتشير اللوائح الصحية الدولية إلى ضرورة تقديم إثبات من السلطات المعنية في حال وجود مبرّرات طبية تحول دون الخضوع للتطعيم. وتظل مكافحة البعوض من التدابير الأساسية التي ينبغي اتخاذها إلى أن يشرع في عمليات التطعيم. ويمكن الحدّ من مخاطر عدوى الحمى الصفراء في المناطق الحضرية بالتخلّص من الأماكن المحتملة لتكاثر البعوض ورشّ مبيدات الحشرات في المواقع المائية عندما يكون البعوض في مراحل تطوّره الأولى. كما يمكن، برشّ مبيدات الحشرات للقضاء على البعوض أثناء الأوبئة الحضرية والاضطلاع بحملات تطعيم طارئة في الوقت نفسه، الحدّ من سراية الحمى الصفراء أو وقفها، ممّا يتيح للفئات المُطعّمة «فسحة من الوقت» لتعزيز مناعتها.

إصابات السقوط

* ضمن الحقائق الطبية اليوم أن حالات السقوط تمثّل ثاني أهم أسباب الوفيات الناجمة عن الإصابات غير المتعمّدة، أو ما تسمى الإصابات العرضية، في جميع أنحاء العالم. وأكثر من هم عُرضة لتلك الإصابات هم البالغون الذين تتجاوز أعمارهم 65 سنة وأكبر، ويُشكلون النسبة الأكثر في عدد من حالات السقوط المميتة.

وينبغي أن تركّز استراتيجيات الوقاية على التعليم والتدريب، وتهيئة بيئات أكثر أمنا، وإعطاء الأولوية للبحوث المتعلقة بحالات السقوط، ووضع سياسات فعالة للحدّ من المخاطر ذات الصلة.

ويُعرّف السقوط بأنّه حادثة تؤدي إلى انهيار الشخص دون قصد على الأرضية أو سطح الأرض أو أي مستوى متدن آخر. وقد تكون الإصابات الناجمة عن السقوط مميتة أو غير مميتة. وتشير مثلا إحصائيات الصين، وفق ما تذكره منظمة الصحة العالمية، أن كل حالة وفاة من وفيات الأطفال الناجمة عن السقوط، تقابلها أربع حالات من حالات العجز الدائم و13 حالة تقتضي المكوث في المستشفى لأكثر من 10 أيام، و24 حالة تقتضي المكوث في المستشفى لفترة تتراوح بين يوم واحد وتسعة أيام، و690 حالة تقتضي توفير خدمات الرعاية الطبية أو التغيّب عن العمل/المدرسة. وتؤكد المصادر الطبية لمنظمة الصحة العالمية أن حالات السقوط من أهمّ المشكلات الصحية العامة المطروحة في كل أنحاء العالم. وتشير التقديرات إلى أنّ 424 ألف شخص يتوفون كل عام في شتى أنحاء العالم بسبب حالات السقوط، ممّا يجعل تلك الحالات ثاني أهمّ أسباب الوفيات الناجمة عن الإصابات غير المتعمّدة. وتحدث أكثر من 80% من الوفيات الناجمة عن السقوط في البلدان المنخفضة الدخل والبلدان المتوسطة الدخل، علما بأنّ إقليمي غرب المحيط الهادئ وجنوب شرقي آسيا يشهدان حدوث أكثر من ثلثي تلك الوفيات. والملاحظ، في كل ربوع العالم، أنّ معدلات الوفيات تبلغ أعلى مستوياتها بين البالغين الذي تتجاوز أعمارهم 60 عاما. ويشهد كل عام وقوع 37.3 مليون حالة من حالات السقوط غير المميتة التي، تتسم مع ذلك، بدرجة من الشدة والضرر الذي يقتضي عناية طبية. وبعمليات حسابية معقدة، تمثل تلك الحالات أكثر من 17 مليون سنة من سنوات العمر الضائعة باحتساب مدد العجز. والمعروف أنّ التكاليف المالية المتصلة بالإصابات الناجمة عن حالات السقوط من التكاليف الباهظة.

ومقدار العمر من عوامل الخطورة الرئيسية المرتبطة بالسقوط. ذلك أن الأشخاص المسنين يواجهون أكبر مخاطر الوفاة أو التعرّض لإصابات شديدة جرّاء السقوط، وتلك المخاطر تزيد مع التقدّم في السنّ. ففي الولايات المتحدة الأميركية على سبيل المثال يعاني 20% إلى 30% من المسنين الذي يسقطون من إصابات معتدلة إلى شديدة، مثل الكدمات أو كسور في الورك أو رضوض في الرأس. وارتفاع المخاطر مردّه عوامل عدة منها التغيّرات الجسدية والحسّية والإدراكية التي ترافق التقدم في العمر، فضلا عن البيئات غير الملائمة للمسنين.

ومن الفئات الأخرى الشديدة العرضة للإصابة بحالات السقوط، فئة الأطفال. وتحدث معظم حالات سقوط الأطفال نتيجة مراحل تطوّر نموهم، والفضول الفطري لدى الأطفال حيال البيئات المحيطة بهم، وتزايد مستويات الاستقلالية لدى الأطفال، والتي يرافقها عادة اتباع سلوكيات تتسم بالمخاطرة. كما يمثّل نقص الرقابة من قبل الوالدين والبالغين أحد عوامل الخطورة.

ومن عوامل الخطورة الأخرى، العمل في المرتفعات أو غير ذلك من ظروف العمل الخطرة، وتعاطي الكحول أو المواد المخدرة، والحالات المرضية المزمنة، مثل الأمراض العصبية أو القلبية أو غيرها من الأمراض المسبّبة للعجز، والآثار الجانبية للأدوية والخمول البدني وفقدان التوازن، لا سيما بين المسنين، وتدني القدرة على التحرّك والقدرات المعرفية وحاسّة البصر، لا سيما بين من يعيشون في دور رعاية المسنين أو مرافق رعاية المصابين بأمراض مزمنة.

التفاعلات الدوائية الضارة

* لا تزال التفاعلات الدوائية الضارة وغير المقصودة، من أسباب الوفاة الرئيسية في العديد من البلدان. وعبارة «غير المقصودة» يعنى بها أنها تلك التي تحدث جرّاء تناول جرعات من أحد أنواع الأدوية التي تُستعمل عادة لعلاج أمراض معروفة، وباستخدام كميات معتادة، أي ليس بكميات عالية غير التي يصفها الطبيب.

وموضوع «مأمونية الأدوية» هو أحد العناصر الأساسية في سلامة المرضى. وتشير إصدارات منظمة الصحة العالمية إلى أنه لا يوجد دواء عديم المخاطر، فجميع الأدوية تتسبّب في حدوث آثار جانبية يمكن أن تؤدي بعضها إلى الوفاة. ويعاني الناس في جميع البلدان من التفاعلات الدوائية الضارة. وفي بعض البلدان تفوق التكاليف المرتبطة بالتفاعلات الدوائية الضارة، كدخول المستشفيات وإجراء العمليات الجراحية وفقدان الإنتاجية، تكاليف الأدوية نفسها. ومن الممكن توقي ما لا يقلّ عن 60% من التفاعلات الدوائية الضارة، ويمكن أن تحدث تلك التفاعلات بسبب العوامل التالية:

* الخطأ في تشخيص حالة المريض

* إعطاء وصفة بدواء غير مناسب أو بجرعة غير ملائمة من الدواء المناسب

* وجود حالة طبية أو وراثية غير مكتشفة لدى المريض قد تسبب تفاعلا سيئا مع الدواء

* تناول الأدوية التي تُعطى بموجب وصفة طبية دون استشارة الطبيب

* عدم الامتثال للتعليمات الخاصة بتناول الدواء

* التفاعلات مع أدوية أخرى (بما في ذلك الأدوية التقليدية/الشعبية) وبعض الأغذية

* استعمال أدوية متدنية النوعية لا تستوفي محتوياتها ومكوناتها المتطلبات العلمية الصحيحة، وقد تصبح بالتالي عديمة الفائدة بل وغالبا ما تشكّل خطرا على صحة المريض

* استعمال أدوية مزيّفة لا تحتوي على أي مكونات فاعلة أو تحتوي على مكونات غير مناسبة، ممّا قد يشكّل خطرا على صحة المريض أو تؤدي إلى وفاته.

* استشاري بقسم الباطنية في المستشفى العسكري بالرياض [email protected]