استشارت

د. حسن صندقجي

TT

ألم الساقين

* عمري في الأربعينات وعملي مكتبي، ولاحظت مؤخرا أنني أشعر بألم في الساق، خاصة بعد الجلوس لفترة طويلة في المكتب أو الوقوف لفترة طويلة، بماذا تنصح؟

سعود - الرياض.

- هذا ملخص أهم النقاط في رسالتك، ولكن لم يتضح لي منها هل لديك أمراض مزمنة كارتفاع ضغط الدم أو السكري، أو هل تدخن، وما وزنك، وهل حصلت لديك في السابق التهابات في المفاصل أو إصابات بالحوادث. وأفترض من عدم ذكرك لها أنها غير موجودة، كما أفترض أن الألم لديك إما في إحدى الساقين أو كلتيهما.

ألم الساق بالعموم ليس أمرا طبيعيا، والقيام بأعمال شاقة ومجهدة باستخدام الساقين، كالهرولة أو الوقوف، يؤدي عادة إلى الشعور بالتعب والإعياء، مما يدفع المرء نحو الكف عن استخدام الساقين. ولا يتسبب بالألم في الساقين، أي إن ألم الساقين ليس علامة طبيعية متوقعة من إجهاد الساقين حال الاستخدام. هذه النقطة الأولى التي يجب أن تكون واضحة في الذهن.

النقطة الثانية، أن وصف الشعور بالألم، في أي منطقة بالجسم، يتطلب معرفة الجوانب التالية عنه، وهي: مكان الألم، ونوعية الألم، وما يثير ظهوره، وما يساعد على زواله، ومدى انتقاله إلى أي مكان آخر، وهل هناك علامات ظاهرة على منطقة الألم مثل التورم أو الاحمرار أو غيره.

النقطة الثالثة، أن هناك فرقا في السبب والمعالجة، بين ألم يصيب إحدى الساقين وألم يصيب كلتيهما في الوقت نفسه وتحت الظروف نفسها.

وبالنسبة لما ذكرت في رسالتك، فإن الشعور بالألم المستمر في الساق أو الساقين، خاصة الشكوى الحديثة من تلك الآلام، تتطلب دون أدنى ريب تقييم الطبيب وفحصه لمعرفة السبب. والمصادر الطبية حينما تسوق أسباب ألم الساق أو الساقين معا، تذكر قائمة تحتوي على أكثر من عشرين سببا محتملا للألم فيهما.

وصحيح أن غالبية تلك الأسباب ترتبط بالإصابات في الأوتار أو المفاصل أو العضلات أو العظام، إلا أن هذه التراكيب ليست هي كل شيء في الساقين، بل هناك شبكة من الأعصاب وشبكة من الشرايين وشبكة من الأوردة، وهناك الجلد أيضا، أي إن ضيق الشرايين، وجلطات الأوردة، وتجمع السوائل في الساقين، واضطرابات الأعصاب الطرفية والتهابات وقروح الجلد، كلها قد تتسبب بألم في ساق أو الساقين. كما أن هناك مناطق بعيدة في الحوض أو البطن أو الظهر، تؤثر على تراكيب الساقين وقد تتسبب بالألم فيهما.

وربما يكون ألم الساقين لديك، بعد طول الجلوس أو طول الوقوف، نتيجة لتجمع السوائل في الساقين أو إحداهما، ما يتسبب في الضغط والألم على تراكيب الساقين. أي حصول تراكم للسوائل التي يجب أن لا تتراكم في الساقين مع طول الوقف لو كانت الأوردة تعمل بكفاءة على سحب السوائل تلك. وهناك أسباب عدة لاضطرابات عمل الأوردة، مثل خلل في صمامات الأوردة، المنتشرة على طول مسارها، التي تعمل على تسهيل دفع الدم من الساقين في الأسفل إلى القلب في الأعلى. وغالبية من لديهم تجمع السوائل، التي ليست بالضرورة في حجم كبير، بالساقين، يشعرون بالألم من نوعية الحرقة أو التقلصات، خاصة في عضلة ربلة «بطة» الساق وفي باطن القدمين.

وكثيرا ما يفيد جدا، ويلاحظ المرء فرقا واضحا، إذا ما حرص على ارتداء جوارب ذات ضغط معتدل، وتصل إلى ما دون الركبة أو أعلى من الركبة بشيء يسير.

ويبقى من المهم مراجعة الطبيب لفحص حال الأوردة وجريان الدم في الشرايين وتقييم كفاءة عمل الأعصاب، إضافة إلى المفاصل والأوتار والعضلات والعظام، وفحص المناطق البعيدة نسبيا التي قد تتسبب اضطراباتها بألم في الساقين.

حمية الملفوف

* عند أتباع حمية لإنقاص الوزن، أين تذهب الشحوم التي في الجسم؟ وهل حمية شوربة الملفوف ناجحة في إنقاص الوزن؟

هبة عبد العزيز – القاهرة.

- هذه باختصار أهم الأسئلة في رسالتك. وبالنسبة لحمية شوربة الملفوف، فهناك فرق بين نجاح حمية معينة في تحقيق مجرد خفض وزن الجسم وبين النجاح في خفض وزن الجسم بطريقة لا تؤذي الجسم. ولاحظي معي، أن عدم الأكل أو أكل كميات ضئيلة من صنف غذائي محدد، أي المرور بنوع من حالة المجاعة الاختيارية، سيؤدي بلا شك إلى إنقاص عدد كيلوغرامات وزن الجسم. ولكن هل هذا هو المطلوب؟ أم المطلوب إنقاص عدد كيلوغرامات الجسم بطريقة لا تؤذي الجسم وتعوق قيام الأعضاء المختلفة فيه بأداء وظائفها بكفاءة؟

هناك طبيا ما يطلق عليه «موضات» حمية خفض وزن الجسم، وهذه لا علاقة لها بالنصائح الطبية التي، كما تهتم بإنقاص عدد كيلوغرامات وزن الجسم، تهتم أيضا بسلامة محتويات الجسم من الفيتامينات والمعادن والبروتينات وغيرها من العناصر اللازمة لحياة الجسم ونمو وعمل أعضائه، لأنك لا تريدين إزالة السمنة الضارة وجلب سوء التغذية الضار أيضا.

والجسم حينما ينقص وزنه، يمر بمرحلة تكسير وتفتيت للأنسجة الشحمية الموجودة في الأرداف والفخذين والأكتاف والبطن والثدي وغيرها. وعملية التفتيت هذه تتطلب تفاعلات كيميائية تحرق المركبات الكيميائية الدهنية ضمن عمليات إنتاج الطاقة. ولا سبيل لإزالة الدهون إلا عند احتياج الجسم لإنتاج الطاقة دون وجود بديل للدهون في إتمام هذه العملية. ولاحظي معي أن المواد الخام المستخدمة في إنتاج الطاقة هي السكريات والدهون والبروتينات. والجسم يستخدم أولا السكريات عند توفر هذه المصادر الثلاثة، ولا يلجأ إلى استهلاك الدهون إلا عندما لا تتوفر السكريات بكميات كافية. والذي يسهل خفض الوزن عبر حرق الدهون هو عدم توفير السكريات للجسم، بالدرجة الأولى. ولذا، فإن تقليل كمية الأكل، خاصة السكريات، يسير جنبا إلى جنب مع ممارسة الرياضة لإنتاج الطاقة وحرق الدهون. والمواد الناتجة عن عمليات حرق الدهون هي الماء وغاز ثاني أكسيد الكربون. وهما ما يتخلص الجسم منهما عبر البول أو العرق أو هواء زفير التنفس.

وهناك مقالات وحتى كتب عن حمية شوربة الملفوف. ويقول واضعو حمية شوربة الملفوف إن على المرء تناول كميات كبيرة يوميا من شوربة الملفوف، ولمدة أسبوع. ويقولون إن هذا كفيل بإنقاص نحو خمسة كيلوغرامات من الوزن في أسبوع. والحقيقة أن أي حمية غذائية ذات كمية منخفضة جدا من الطاقة، ستؤدي إلى النتيجة نفسها. أي يمكن اختراع حمية الخيار أو الكوسا أو غيرهما من الخضراوات مثلا، للحصول على نتائج مشابهة ومن دون التسبب بالغازات في البطن.

ولكن لا يمكن للجسم الاستمرار في هذه الحمية، وهذه الخضراوات لن تستطيع أن تقدم للجسم حاجته من الطيف الواسع للفيتامينات والمعادن اللازمة لعمله وعمل أعضائه. ولذا، فإنه حتى مروجو هذه الموضة من الحمية الغذائية، ينصحون بالتوقف عنها بعد أسبوع، والعودة لتناول كميات معتدلة ومتنوعة من الأطعمة لمدة أسبوعين.

وإضافة إلى هذا، وإضافة إلى مشكلة غازات البطن، فإن الملفوف يحتوي على كميات عالية نسبيا من عنصر الصوديوم، ولا ينصح صحيا بتناول الصوديوم بكميات عالية. كما أن برنامج حمية شوربة الملفوف لا يتضمن ممارسة الرياضة البدنية، لأنها ستكون مجهدة جدا على الشخص حال التزامه بالاقتصار على تناول الملفوف.

ولاحظي معي أيضا، أن غالبية الوزن الذي يفقده المرء بسرعة عند البدء في أي نوع من الحمية الصارمة، ليس بسبب زوال وحرق الشحوم، بل هو بسبب نقص كميات السوائل بالجسم ونقص كمية بروتينات العضلات.

وما هو مطلوب، تقليل كميات طاقة السعرات الحرارية للأطعمة اليومية في الوجبات الثلاث الرئيسية، والحرص على تناول وجبة الإفطار، وتنويع الأطعمة مع التركيز على الخضراوات والفواكه والحبوب الكاملة، والاعتدال في تناول اللحوم، وتقليل تناول الشحوم الحيوانية، وممارسة الرياضة البدنية يوميا. والهدف هو التدرج في إنقاص الوزن، بشكل مستمر؛ أي استمرار فقد كيلوغرام أو كيلوغرامين كل شهر مثلا، وطوال السنة. والمحصلة تدرج معتدل في إنقاص الوزن دون إنهاك الجسم والتسبب في الضرر له.