لقاحات جديدة لعلاج الالتهاب الكبـــدي الوبائي «سي»

بهدف وقاية ملايين الناس

TT

يعتبر الالتهاب الكبدي الوبائي «سي» Hepatitis C‏ أكثر الأمراض المعدية التي تصيب الإنسان شيوعا، وأكثر التهابات الكبد خطورة؛ حيث يصاب بهذا المرض في الولايات المتحدة الأميركية وحدها ما يزيد على 180 ألف شخص سنويا ويموت بسببه نحو 10 آلاف شخص سنويا. ولهذا فقد سمي «المرض القاتل».

ووفقا لتقارير منظمة الصحة العالمية، فإن حالات 80% من مرضى الالتهاب الكبدي الفيروسي تتطور إلى التهاب كبدي مزمن، يصاب منهم نحو 20 في المائة بالتليف الكبدي، و5 في المائة بسرطان الكبد في وقت لاحق.

لقد تم التعرف على الفيروس المسبب للالتهاب الكبدي «سي» في عام 1989. وتم استخدام اختبار الكشف عن الفيروس «سي» عام 1992 الذي يعتمد على كشف الأجسام المضادة للفيروس ويعرف باسم (ANTI-HCV).

وحول ما تم نشره علميا، في شهر فبراير (شباط) من هذا العام 2011، من تطوير لقاح للحماية من فيروس التهاب الكبد «سي» باستخدام تكنولوجيا جديدة على الفئران، التقت «صحتك» الباحثة في علم الفيروسات الممرضة والجزيئية عضو هيئة التدريس بجامعة طيبة الدكتورة إلهام طلعت قطان، فأوضحت أولا أن فيروس التهاب الكبد «سي» يعتبر مسؤولا عن إصابة ثلاثة في المائة من سكان العالم حاليا. ومن المعروف أن هذا الفيروس يستوطن الكبد حيث يتضاعف فيه مسببا «تليف وسرطان الكبد».

* أحدث الأبحاث

* وأشارت د. قطان إلى آخر بحثين في هذا المجال علهما يكونان بارقة أمل جديدة لمرضى التهاب الكبد «سي». فلقد تمكن الباحثون في جامعة كوبنهاغن، لأول مرة في طريق النجاح، من تطوير لقاح للحماية من هذا الفيروس. حيث ذكر الدكتور كريستنسن الأستاذ المساعد في علم المناعة بالجامعة أن «مسارات طرق الانتقال لفيروس (سي)، كما هو معلوم لدى الجميع، تتشابه مع فيروس نقص المناعة المكتسب (الإيدز)؛ حيث ينتقل بالدم وبسوء التعامل بالإبر الملوثة». وأضاف أنه في كل عام يصاب نحو ثلاثة إلى أربعة ملايين من الناس بالعدوى بهذا الفيروس نتيجة تقاسم الإبر بين مدمني المخدرات أو عند عمل الوشم. أما العدوى عن طريق الاتصال الجنسي، فتمثل فقط 15 في المائة من الإصابات الجديدة، في حين أن 10 في المائة تأتي من عمليات نقل الدم.

ووفقا لطومسون ألان، أستاذ علم الفيروسات بالجامعة نفسها، فيقول إن مصر هي أعلى نسبة لوجود التهاب الكبد «سي»، وهذا يرجع بشكل خاص لعدم وجود الحذر في الماضي، في ما يتعلق بفحص دم المتبرعين ولتقاسم العلاج الإبري للبلهارسيا. كما يذكر أن الصين والبرازيل وجنوب شرق آسيا والدول الأفريقية جنوب الصحراء توجد بها نسبة عالية من المرض، في حين أن المرض آخذ في الانتشار أيضا عبر أوروبا الشرقية ورومانيا والمالديف خاصة.

* تكنولوجيا لقاح جديد

* لقد تم تطوير تكنولوجيا اللقاح الجديد بواسطة بيتر جي هولست، وهو طالب دكتوراه الآن وقد عرض عليه العمل كزميل دراسات عليا حيث يتشارك مع كل من طومسون وكريستنسن لبحث هذا الموضوع.

تعتمد نظرية هذه التكنولوجيا على تحفيز وتسريع الجهاز المناعي، حيث تبين له أن آليات الجسم الدفاعية لأجزاء من الفيروس لا تتحول بسرعة، مثل الجزيئات على سطح الفيروس. وتعمل اللقاحات التقليدية التي تظهر في الدفاعات المناعية بصورة الضد من الفيروس. ثم الأضداد بعد ذلك تأخذ دوريتها على نسخة طبق الأصل من صورة الضد هذه وحينئذ تكون قادرة على الاستجابة بسرعة عند محاولات الفيروس الاختراق. وهذا يختلف تماما مع فيروس الإنفلونزا حيث تتحور جزيئات سطحه، وخلال موسم واحد يأخذ على مظهر جديد، بحيث إنها لم تعد تمثل صورة الملامح الأصلية، وبالتالي، يفقد اللقاح فعاليته.

* مشاركة بحثية سعودية

* يذكر أن الباحثة السعودية د. إلهام قطان تعمل الآن بجامعة طيبة بالتعاون مع القطاعات الصحية الأخرى وتقوم على تحديد الفرق بين المرضى الذين لديهم استجابة، وبين المرضى الذين يصعب تحديد الاستجابة لديهم، وذلك من خلال مقارنة العينات المصابة ومطابقة الجينوم البشري للجزيئيات نفسها التي على سطح الفيروس والذي يعمل عليها الدكتور هولست. وهنا تضيف د. قطان بأنه، إذا جاز التعبير، فإن الفيروس يحاول خداع الدفاعات المناعية بتحوره السريع وتكوين الطفرات مما يشكل صعوبة في تكوين الاستجابة، وبالتالي، صعوبة أيضا في ربط اللقاح. ولكن داخل جزيئات الفيروس لا يتم التحور بسرعة، لأن بقاء الفيروس لا يعتمد على ذلك. وبالتالي، فإن ما سوف تصل إليه هذه الجهود من نتائج سيحدث فرقا على المستوى العالمي، خصوصا أن هذا البحث يشمل أيضا مقارنة بين المرضى من الدول الأوروبية. وتعتمد التكنولوجيا الجديدة للدكتور هولست على حقن فئران التجارب، ومن ثم استخلاص النواتج ليتم اختبارها في القرود. في حين اعتمد على فحص الجينوم البشري لتحديد مواقع الاختلافات التي ترتبط مع الفيروس الذي تتحور جزيئات سطحه بسرعة فائقة، مع العلم بأننا لا نملك حتى الآن علاجا أو لقاحا فعالا مائة في المائة، ولكننا نسدد ونقارب عل الله يساعدنا في كشف أسرار لم نكن في يوم من الأيام نفطن إليها. وتجدر الإشارة إلى أن المجلس الأعلى للبحوث الطبية الدنماركية (DMRC) قد قدم منحة للدكتور هولست ليقوم بالانتهاء من بحثه ويتفاوض الآن لمنحه براءة اختراع لتطوير نقطة بحثه وهو على رأس دراسته، وقد تم نشر دراسته في مجلة «علم المناعة» المقدمة من جامعة كوبنهاغن.