أبحاث علمية جديدة.. تفتح أبواب الأمل لمرضى الزهايمر

تطوير لقاحات لعلاجه وتناول فيتامين "سي" للوقاية منه

TT

تهدف مختلف الأبحاث العلمية التي تجرى حاليا على مرض الزهايمر إلى إيجاد وسائل فعالة للوقاية منه أو تأخير عوارضه در الإمكان نظرا لعدم توافر علاجات حالية لهذا المرض الذي ُسميّ نسبة إلى الطبيب الألمانى (ألويس الزهايمر) الذي وصفه وشخّصه لأول مرة عام 1906، وهو المرض الذي يصيب أكثر من 35 مليون شخص على مستوى العالم حاليا ومن المرجح تضاعف هذا الرقم اربع مرات بحلول عام 2050!

"عدوى" الزهايمر

في دراسة نشرت خلال شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي في مجلة Molecular phsychiatry توصل الباحثون بجامعة تكساس الأميركية إلى نتائج تشير إلى إمكانية حدوث بعض حالات الإصابة بمرض الزهايمر نتيجة عدوى مشابهة لمرض "جنون البقر"، وأشارت نتائج الدراسة إلى أن فئران التجارب التي حقنت بمستخلص من نسيج المخ البشرى مأخوذة من مصابين بمرض الزهايمر عانت من تلف دماغى انتشر مع مرور الوقت، أما الفئران التي حقنت بمستخلص من المخ البشرى السليم فلم تصب بأية عوارض مرضية، وأكد الباحثون أن الآلية الكامنة وراء حدوث مرض الزهايمر تتضمن تراكم بروتين "بيتا اميلويد" وبروتين آخر يسمى " تاى" داخل وبين الخلايا العصبية في الدماغ الامر الذي يكون "صفيحات plaques " تقلل من سرعة التواصل ونقل الاشارات العصبية وتتسبب في تلف وضمور الخلايا العصبية. وهذه الآلية مشابهة لما يحدث في أمراض مثل مثل "جنون البقر" أو مرض "كروتزفيلد جاكوب " نادر الحدوث بين البشر، وهي أمراض تحدث نتيجة عدوى تؤدي إلى تراكم جزيئات بروتينية لا تحتوي على أحماض أمينية تسمى (بريونات priones )، وتتسبب في تلف وضمور الخلايا العصبية بالمخ.

* لقاح واعد

* وفي تقدم واضح لأبحاث اللقاحات المضادة لمرض الزهايمر، أعلنت جامعة جورجيا خلال شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، عن توصل أحد باحثيها لإنتاج لقاح يمنع تكون "صفيحات بروتين بيتا اميلويد " المسؤولة عن ضمور وموت الخلايا العصبية وحدوث أعراض مرض الزهايمر، ويعتمد هذا اللقاح على استخدام المناعة الطبيعية للجسم لمنع عمل المستقبلات الموجودة على سطح الخلايا العصبية والمعروفة اختصارا باسم ( RAGE) والمسؤولة عن استقبال جزيئات بروتين بيتا اميلويد ونقلها إلى داخل الخلية العصبية. وأكد الباحثون أن اللقاح الجديد يتميز باعتماده على المناعة الطبيعية للجسم بدلا من اللقاحات التي تستهدف تكسير جزيئات بروتين بيتا اميلويد بعد تكونها وتتسبب في العديد من الآثار الجانبية بالإضافة إلى إمكانية إعطاء اللقاح عن طريق الفم.

*"نوع ثالث من السكرى"

* وفي دراسة نشرت خلال شهر سبتمبر (أيلول) الماضي في مجلة أرشيفات طب الأعصاب أكد الباحثون أن إعطاء الأنسولين عن طريق الأنف يساعد على تحسن أعراض تدهور الذاكرة والوظائف الإدراكية والمعرفية المصاحبة لمرض الزهايمر. ومن المعروف أن النقص في مستوى الناقل العصبى " اسيتيل كولين " هو سمة مميزة لمرض الزهايمر، ويرتبط بشكل مباشر بنقص هرمون الأنسولين وهبوط وظائف أحد أنواع بروتينات الجسم المعروف باسم (عامل النمو المشابه للانسولين IGF) بالمخ، وأكد الباحثون أن نوعين متوازيين من الخلل يرتبطان بهرمون الأنسولين في مرض الزهايمر يتمثل الأول في انخفاض مستوى الأنسولين مع تقدم المرض ويتمثل الثاني في هبوط وظائف عامل النمو المشابه للأنسولين مما يؤدي إلى اضطراب وظائف خلايا المخ وموتها في نهاية الأمر.

وأشار الباحثون إلى أن نتائج دراسات سابقة أكدت انخفاض مستوى هرمون الأنسولين ومستقبلاته بشدة في المخ خلال المراحل المبكرة من الاصابة بمرض الزهايمر ووجود علاقة طردية بين مستوى الانخفاض ودرجة تقدم المرض مما دعا الباحثين إلى اعتبار مرض الزهايمر بمثابة نوع ثالث من مرض السكرى.

* فيتامينات للوقاية

* وفي دراسة نشرت خلال شهر أغسطس (آب) الماضي في مجلة الكيمياء البيولوجية، أزاح العلماء الستار عن وظيفة جديدة لفيتامين "سي" C وهي القدرة على إذابة تكتلات بروتين بيتا اميلويد التي تتراكم بالمخ والمسؤولة عن التلف التدريجي للخلايا العصبية، خاصة خلايا مركز الذاكرة في مرض الزهايمر، وأكدت نتائج الدراسة أن معالجة النسيج المخي لفئران التجارب المصابة بمرض الزهايمر بجرعات عالية من فيتامين C أدت إلى إذابة تجمعات بروتين بيتا اميلويد المتراكمة داخل وبين الخلايا العصبية، وأكد الباحثون أن نتائج الدراسة سوف تفتح مجالات جديدة للمزيد من البحث عن الدور المحتمل لفيتامين C للوقاية من مرض الزهايمر قبل حدوثه أو تأخير العوارض المرضية في المراحل المبكرة من المرض.

وفي سياق متصل، أكدت دراسة يابانية نشرت خلال شهر يوليو (تموز) الماضي في مجلة BioMed أن حقن جرعات عالية من فيتامين "دي" D في حيوانات التجارب تؤدى إلى تنشيط بروتينات يطلق عليها (البروتينات الناقلة مسؤولة عن نقل جزيئات بروتين " بيتا أميلويد" عبر أغشية الخلايا العصبية من داخل الخلية إلى خارجها، مما يؤدى إلى تناقص كميات البروتين المتراكمة بالمخ والوقاية من مرض الزهايمر. وأكد الباحثون أن هذه الألية تفسّر العلاقة بين انخفاض مستوي فيتامين D وضعف الذاكرة والقدرة الإدراكية المرتبطة بتقدم السن ومرض الزهايمر.

* اتصالات المخ

* ونشرت مجلة " نيتشر" خلال شهر يوليو (تموز) الماضي دراسة أجراها باحثون بقسم بيولوجيا الأعصاب بجامعة (يل) الامريكية، وتعد الأولى من نوعها، عن أهمية إعادة شحن وتحديث بيانات شبكة الاتصالات المُخّية للتغلب على فقدان الذاكرة وتدهور الوظائف الإدراكية المصاحبة لمرض الزهايمر، وأكد الباحثون أن شبكة الاتصالات بين الخلايا العصبية بالفص الجبهي لقشرة المخ مسؤولة عن استمرار إطلاق شحنات من البيانات التي يتلقاها المخ من الوسط المحيط للإنسان مع استمرار تحديث هذه البيانات بصفة دائمة بما يضمن حالة من الانتباه الدائم واستعادة المعلومات، وهذا النشاط المخي يطلق عليه اسم (ذاكرة التشغيل)، وقد اثبتت الاختبارات التي أجريت على ستة قرود مختلفة الأعمار أن ذاكرة التشغيل المخية تتباطأ مع التقدم في السن نتيجة تراكم كميات كبيرة من مادة cAMP مما يؤدى إلى استمرار فتح الممرات الآيونية بين الخلايا العصبية وضعف التواصل بينها، وأكد العلماء أن منع تكون مادة CAMP أو إغلاق الممرات الآيونية بين الخلايا العصبية يساعد على إعادة تنشيط معدلات إطلاق الشحنات العصبية إلى سابق عهدها خلال سنوات الشباب، واثبتت نتائج الدراسة أن مادة "جوانفاسين" المستخدمة في علاج ارتفاع ضغط الدم تساهم في تنشيط إطلاق الشحنات العصبية الصادرة عن الشبكة المعلوماتية بالمخ وإعادة الذاكرة المفقودة والتغلب على أعراض ضعف الوظائف الادراكية الناجمة عن التقدم في السن ومرض الزهايمر.

* استشاري الجهاز الهضمى والكبد والتغذية العلاجية، كلية الطب – جامعة القاهرة.