ازدياد إصابات سرطان الفم والبلعوم

ينجم عن فيروس ينتقل عبر ممارسة الجنس الفموي

TT

كان التهاب الحلق الذي يدوم لفترة طويلة يشكل مصدر قلق بشأن احتمال وجود إصابة بالسرطان خاصة بالنسبة للمدخنين ومتناولي المشروبات الكحولية. لكن هناك خطورة أخرى اليوم؛ إذ يؤدي فيروس ينقل عن طريق الاتصال الجنسي إلى زيادة نسبة سرطان الفم والبلعوم.

* فيروس سرطاني

* يعد فيروس الورم الحليمي البشريHPV» » أحد الأسباب المعروفة التي تسبب سرطان عنق الرحم cervical cancer. لكنه من الممكن أيضا أن يسبب سرطان في الجزء العلوي من الحنجرة، وتذكر دراسة جديدة أن الأورام التي تحمل فيروس الورم الحليمي البشري الآن تمثل أغلبية بين ما يسمى «سرطان الفم والبلعوم» «oropharyngeal cancer».

وإذا ما استمر هذا الاتجاه، فإن هذا النوع من السرطان الفموي سيصبح هو السرطان الرئيسي الذي يسببه فيروس الورم الحليمي البشري في الولايات المتحدة خلال عقد من الزمان، وسوف يفوق سرطان الرحم، حسب باحثين من جامعة ولاية أوهايو والمعهد الوطني للسرطان.

وقالت إيمي تشين من جمعية السرطان الأميركية وجامعة إموري، التي لم تشارك في البحث الجديد في حديث لوكالة «أسوشييتد بريس»: «هناك ضرورة لمحاولة اكتشاف ما يمكن أن يمنع انتشار هذا السرطان».

وعندما تصاب النساء في بعض الأحيان بسرطان الفم والبلعوم الذي يسببه فيروس الورم الحليمي البشري، فإن نسبة الخطورة تعد أكثر ارتفاعا بين الرجال، حسب باحثين في مجلة علم الأورام السريري. وما من أحد يعرف السبب وراء هذا، لكن هذا يثير التساؤل عما إذا كان اللقاح الذي يعطى للفتيات والنساء صغار السن لحمايتهم من سرطان الرحم من الممكن أن يحميهن أيضا من فيروس الورم الحليمي البشري الفموي.

إن التطعيم ضد فيروس الورم الحليمي البشري قد أجيز أيضا بالنسبة للأولاد، وذلك لمنع الثآليل التناسلية وسرطان الشرج، بالإضافة إلى مشكلات أخرى يسببها هذا الفيروس. لكن الحماية من فيروس الورم الحليمي البشري الفموي لم تتم دراستها لدى أي من الجنسين، حسب الدكتورة موارا غيليسون، المتخصصة في سرطان العنق والرأس في جامعة ولاية أوهايو ومؤلفة بارزة للبحث الجديد، التي أضافت: «هذا ضروري لأنه من الممكن أن تكون مصابا بفيروس الورم الحليمي البشري في أحد أجزاء الجسم وليس الجزء الآخر».

وذكرت المتحدثة باسم «ميرك آند كو»، الشركة المصنعة للقاح فيروس الورم الحليمي البشري «غارداسيل» أن الشركة ليست لديها أية خطط لدراسة سرطان الفم. وقد تم تمويل البحث بواسطة المعهد الوطني للسرطان وجامعة ولاية أوهايو. وقد عملت الدكتورة غيليسون مستشارة لشركة «ميرك».

* سرطانات الفم

* هناك نحو 10 آلاف حالة إصابة جديدة بسرطان الفم والبلعوم سنويا، وقد ارتفع المؤشر العام بنسبة 28 في المائة منذ عام 1988 حتى عندما كانت الأنواع الأخرى من سرطان العنق والرأس في تراجع.

ودائما ما كان التبغ والكحول الأسباب الرئيسية وراء هذه الأورام، التي تحدث في اللوزتين وقاعدة اللسان والجزء العلوي من الحنجرة. لكن خلال السنوات القليلة الماضية، أوضحت الدراسات أن فيروس الورم الحليمي البشري يلعب دورا رئيسيا في هذه الزيادة، ربما يرجع هذا إلى الزيادة في ممارسة الجنس عبر الفم (أو الجنس الفموي) حتى عندما كان استخدام التبغ في انخفاض.

وقد ألقت الدراسة الجديدة نظرة مكثفة، حيث قامت بتتبع مسار فيروس الورم الحليمي البشري بمرور الوقت من خلال اختبار نسيج الورم بصورة مباشرة لعدد 271 مريضا كان قد تم تسجيلهم في سجلات السرطان في هاواي وأيوا ولوس أنجليس. وقد ارتفعت النسبة التي كانت مصابة بفيروس الورم الحليمي البشري من 16 في المائة فقط في أواخر الثمانينات من القرن الماضي إلى نحو 73 في المائة في العقد الأول من القرن الحالي.

وبتطبيق هذا على العدد الكلي للسكان، خلص الباحثون إلى أن معدلات مؤشر الأورام المصابة بفيروس الورم الحليمي البشري تضاعفت بمعدل ثلاثة أضعاف بينما انخفضت معدلات الأورام غير المصابة بهذا الفيروس إلى النصف.

ودائما ما يعد السرطان الفموي أكثر خطورة على الرجال منه على النساء. وذكرت غيليسون أن نسبة حدوثه بين النساء تشكل حالة واحدة من كل أربع حالات، وأن نسبة النساء تحتفظ بثباتها بينما ترتفع نسبة الرجال. وهذا يؤدي إلى تصاعد الأسئلة حول الاختلافات الجنسية في السلوك الجنسي أو ما إذا كانت عدوى فيروس الورم الحليمي البشري الفموي سوف تمتد لفترة طويلة لدى الرجال.

وفي حين يعد فيروس الورم الحليمي البشري هو العدوى الأكثر انتشارا التي تنتقل عن طريق الاتصال الجنسي، توضح الدراسات أن أجسام النساء تقوم في العادة بالتخلص من الفيروس من عنق الرحم بسرعة؛ وأن العدوى التي تستمر لسنوات هي التي تشكل خطورة الإصابة بالسرطان. ولا أحد يدري ما إذا كان فيروس الورم الحليمي البشري الفموي يعمل بطريقة السرطان نفسها أو بالطريقة الشائعة.

وحذر الدكتور غريغوري ماسترز من «الجمعية الأميركية لعلم الأورام السريري» وطبيب الأورام بفي «مركز سرطان غراهام هيلين» في ولاية ديلاوير قائلا: «من غير الواضح ما إذا كان الجنس الفموي هو الطريقة الوحيدة التي ينتقل من خلالها هذا الفيروس».

وبغض النظر عن هذا، فإن نحو 11 ألف حالة مصابة بسرطان الرحم سوف يتم تشخيصها هذا العام، وهو عدد ينخفض باستمرار بفضل اختبار الكشف عن سرطان الرحم ««Pap smears. (وقريبا جدا سوف نعلم الفارق الذي سيحدثه اللقاح). وقد قدر فريق غيليسون أن الحالات السنوية المصابة بسرطان الرحم سوف تنخفض إلى 7700 حالة بحلول عام 2020، مقارنة بنحو 8700 حالة مصابة بسرطان الفم والبلعوم الناتج من الإصابة بفيروس الورم الحليمي البشري حينئذ، وسوف يكون 7.400 حالة منهم من الرجال.

وقد حثت تشين، من جمعية السرطان، على توخي الحذر بشأن هذه الأعداد، قائلة إن هناك المزيد من البيانات المطلوبة. ولكنها ذكرت أن هناك شيئين واضحين: الأول هو أن المرضى المصابين بأورام فموية متصلة بفيروس الورم الحليمي البشري معدلات بقائهم على قيد الحياة أفضل من معدلات المرضى المصابين بأنواع أخرى من هذا السرطان، ربما لأنهم يكونون أصغر سنا. وقد بدأت الدراسات في فحص ما إذا كان بإمكانهم تقليل أسلوب العلاج المتبع الآن، وبهذا، تكون المعاناة أقل من الآثار الجانبية طويلة المدى مثل مشكلات في التحدث والبلع.

وقالت تشين: «إذا لم تكن مدخنا أو تشرب المشروبات الكحولية، فإن هذا لا يعني أنه لا يمكن أن تصاب بسرطان الحنجرة»، لذا توجه لفحص أعراض مثل التهاب الحلق الذي يستمر لأكثر من أسبوعين.