استشارات

د. حسن صندقجي

TT

تكون حصاة الكلى

* عمري 46 سنة، وأصابني ألم شديد في البطن، وشخص الطبيب حالتي بأن لدي حصاة في الكلى، وأنها ستخرج مع الإكثار من شرب الماء. بماذا تنصح؟

عزيز أ. - المدينة المنورة - هذا ملخص رسالتك التي طلبت فيها معرفة سبب تكون الحصاة وما عليك فعله إزاء هذه المشكلة التي لم يسبق لك الشكوى منها.

إن الألم الذي شعرت به يُسمى المغص الكلوي، أي ألم المغص الناجم عن وجود شيء في مجاري البول يتسبب بإعاقة الحركة الدودية التي تسري في مجاري البول لكي تدفع سائل البول للخروج من الكلى عبر الحالبين ومن ثم التجمع في المثانة، كي يتم إخراج البول من خلال عملية التبول الإرادية. ولأنها حركة دودية، فإن الألم لا يستمر طوال الوقت بل يكون من نوع المغص، والمغص هو ألم شديد يتكرر في الظهور والاختفاء.

وحصاة الكلى أمر شائع، يصيب في كثير من المجتمعات نحو 12 إلى 15 في المائة من الناس، وخاصة من تجاوزوا سن الأربعين. ويمكن أن يصيب الأطفال بنسبة أقل من البالغين، والرجال في الغالب أكثر احتمالا للإصابة بحصاة الكلى من النساء. والمهم في شأن حصاة أنها تعاود التكون، وتشير الإحصائيات الطبية إلى أن احتمالات عودة ظهورها نحو 10 في المائة في السنة الأولى، و35 في المائة بعد خمس سنوات، و50 في المائة بعد عشر سنوات. ولذا من الضروري العمل على منع عودة تكوين الحصاة في مجاري البول.

وعليك ملاحظة أن حصاة الكلى مكونة من أملاح بلورية ترسبت على بعضها البعض، وكونت كتلة الحصاة. ويحتوي البول الطبيعي للإنسان مواد وعناصر تمنع فرص تكوين حصاة الكلى من الأملاح الموجودة في البول، ولكن قد تقل نسبة هذه المواد المانعة لتكوين الحصاة لدى البعض أو تحصل ظروف تعيقها عن العمل، أو تحصل عوامل ترفع من احتمالات تكوين الحصاة، ولذا فهناك أشخاص يُصابون بالحصاة وأشخاص لا يُصابون بها.

ومن أهم عوامل نشوء الحصاة هو عدم شرب الكميات الكافية من الماء بشكل يومي، وعلامة شرب المرء الكمية اللازمة من الماء هو خروج بول ذي لون أصفر فاتح جدا، وكلما زاد غمق لون البول كان ذلك دليلا على عدم تناول المرء للكمية اللازمة من الماء. وهذا الأمر مهم وخاصة للأشخاص الذين سبقت إصابتهم بحصاة الكلى والأشخاص الذين يعيشون في مناطق حارة والأشخاص الذين يتناولون أطعمة ترفع من احتمالات نشوء حصاة الكلى. وذلك مثل الأشخاص الذين يفرطون في تناول اللحوم الحمراء أو المنتجات الغذائية الغنية بالأوكسلات أو التي تغير درجة حموضة البول.

وهناك عوامل أخرى لا مجال للاستطراد فيها تتعلق بالعوامل الجينية أو الاضطرابات في العمليات الكيميائية الحيوية بالجسم التي تتسبب بزيادة إفراز الكلى لبعض الأملاح في سائل البول، أو نقص إفراز أملاح أخرى معادلة فيه. ولذا يُلاحظ أن تناول المرء للأطعمة المحتوية على فيتامين سي، يسهل وجود مادة السيترات في البول، وهي مادة تعمل كعامل مثبط لترسب بعض أنواع الأملاح، وبالتالي منع تكوين بعض أنواع الحصاة وعامل يسهل ذوبان الأملاح في سائل البول. ومما يساعد أيضا على تكوين حصاة الكلى هي تلك المواد التي تفرزها البكتيريا خلال حصول التهاب مجاري البول.

وعلى الطبيب المعالج أن يجري الفحوصات اللازمة للتأكد من سلامة مجاري البول، وعدم وجود أي سدد جزئي أو كلي فيها، وإذا أمكن الحصول على الحصاة نفسها، فإن فحص مكوناتها يسهم في الوقاية من تكرار نشوئها. وكذلك فحص كمية ونوعية الأملاح والمواد الموجودة في البول، من خلال تجميع بول يوم واحد وإرساله للفحص في المختبر الطبي.

وإجمالا، ما عليك التأكد منه هو إجراء الطبيب فحوصات معرفة سبب نشوء الحصاة لديك، ومحاولة معرفة مكوناتها، وبالتالي العمل وفق تلك النتائج على كيفية منع تكوينها.

الغضب والقلب

* أعاني من نوبات الغضب بشكل مزعج لي ولأسرتي، وزوجتي تنصحني كثيرا ولكن لا أتحكم فيه، هل صحيح أن الغضب ضار بالقلب كما تقول لي؟

راجح خ. – بيروت - هذا ملخص رسالتك، وصدقت زوجتك فيما قالته لك. وقد لا أكون أقوى تأثيرا من كلام زوجتك المحق في شأن تأثيرات الغضب على صحتك وسلامة قلبك، إلا أن علينا مراجعة تأثيرات نوبات الغضب على الجسم كي ندرك حجم المشكلة وتأثيراتها على جسمك.

المتفق عليه طبيا أن أكثر الانفعالات تأثيرا على الجسم هو الغضب، وخاصة على القلب والأوعية الدموية في القلب نفسه وفي الدماغ وبقية الجسم، وذلك بالمقارنة مع أي انفعالات أخرى تصيب الإنسان مثل الحزن أو الفرح أو الخوف أو القلق. وحتى الاكتئاب ذو التأثيرات الصحية السيئة على الجسم هو أقل ضررا على الجسم في المنظور القريب، وإن كانت تأثيرات الاكتئاب سيئة على الجسم على المدى البعيد.

وقد لاحظت المراجعات الطبية أن تأثيرات الغضب من أقوى العوامل المؤثرة بصفة سلبية على القلب، أسوة بارتفاع الكولسترول وارتفاع ضغط الدم ومرض السكري والتدخين وغيرها من العوامل القوية في التسبب بأمراض القلب وشرايينه.

ولاحظ معي أن المرء حينما يغضب فإن ضغط الدم لديه يرتفع بنسبة نحو 25 في المائة، وهذا يشمل الضغط الانقباضي والضغط الانبساطي. وكذلك يزيد معدل نبض القلب بنسبة 30 في المائة. وبالتالي ترتفع كمية الدم التي يضخها القلب بنسبة قد تصل إلى 40 في المائة. وفي حالة الغضب ترتفع نسبة إفراز الجسم لمواد ضارة على الشرايين وعلى عمل عضلة القلب، مثل هرمونات الأدرينالين والنورأدرينالين. ولاحظ معي أن في حالة الغضب مقارنة بحالة الخوف، ترتفع نسبة إفراز نورأدرينالين بشكل يفوق إفراز أدرينالين، وبكمية تقارب ثلاثة أضعاف الطبيعي. وتأثيرات هذه الارتفاعات لهذه الهرمونات القوية هو إجهاد للقلب والأوعية الدموية والتسبب بالأذى عليها في طريقة العمل وفي تكوينها. وتحديدا ترفع من احتمالات انقباض الشرايين ومن احتمالات ارتفاع ترسب الكولسترول في الشرايين، وفي نشوء تضيقات الشرايين القلبية والدماغية، وفي إضعاف عضلة القلب لاحقا. وأضرار الغضب هذه لا تقتصر على نوبة الغضب نفسها، بل أيضا في تذكر تفاصيل النوبة أو مسبباتها.

وحقيقة، عليك أن تعمل على تخفيف انفعالات الغضب لديك، وخاصة تلك المتعلقة بالتعاملات مع الأقارب وأفراد الأسرة والأصدقاء، وأن تحاول أن تجد العون بصدق من الذين قد يساعدونك على التحكم في هذه الانفعالات، وأبسط ما يمكنك فعله هو تحاشي الظروف التي قد تتسبب بالغضب لديك والابتعاد عن أي من مسبباته. وربما من الضروري، وخاصة مع ملاحظة زوجتك إكثارك من الإصابة بنوبات الغضب، أن تستشير الطبيب النفسي الذي بلا شك قد يكون لديه ما يساعدك على التحلي بالهدوء والتحكم في انفعال الغضب.