القسطرة العلاجية.. بديل قوي لغالبية جراحات القلب المفتوح

عادل إمام طبيب القلب المصري الشهير لـ «الشرق الأوسط» الرجال أكثر عرضه لأمراض القلب من النساء

TT

كشف طبيب القلب المصري الشهير الدكتور عادل إمام، عن احتلال مصر المرتبة الأولى في قائمة مرضى القلب على مستوى الوطن العربي، قائلا: «إن القسطرة العلاجية أصبحت بديلا قويا لجراحات القلب المفتوح، ومن الممكن أن تستخدم كعلاج نهائي لارتفاع ضغط الدم». وأضاف في حواره مع «الشرق الأوسط» أن «الحمى الروماتيزمية تراجعت في السنين الأخيرة بعد أن كانت في المقدمة، وأشار إلى أن المملكة العربية السعودية ولبنان سبقتا مصر بكثير في زراعة القلب».. وفي ما يلي أهم ما جاء في الحوار:

* كيف يتم التعرف على مريض القلب في ظل تشابه أعراضه مع أمراض أخرى؟

- يتم التعرف عليه من خلال الآلام المتكررة في منتصف الصدر أو إحدى الذراعين أو كلتيهما عند حدوث مجهود كالمشي أو حتى الجري، وكذلك آلام الحموضة التي تستمر لفترات طويلة، كل ذلك مؤشر على وجود مرض بالقلب يستوجب معه الذهاب إلى طبيب قلب، خصوصا أن ضيق وجلطة الشرايين التاجية وحدوث الذبحة الصدرية تبدأ أعراضها بآلام الحموضة التي تستمر لفترات طويلة.

* وهل أمراض القلب واحدة في مصر والدول العربية؟

- مصر الأولى عربيا في أمراض القلب وارتفاع ضغط الدم، يليها اليمن والسودان في أمراض الصمامات والحمى الروماتيزمية.

* ما الجديد في تشخيص أمراض القلب؟

- تشخيص وعلاج أمراض القلب شهد تطورا كبيرا في السنوات العشر الأخيرة، وتم الاستغناء عن الكثير من العمليات الجراحية التي تستغرق 6 ساعات على الأقل وفترة نقاهة 20 يوما، وتعويضها بأخرى غير جراحية بواسطة القسطرة الداخلية وتستغرق ساعتين، وفيها يكون المريض مستيقظا ويستطيع أن يذهب إلى عمله في اليوم التالي للقسطرة مباشرة. وبالنسبة لأمراض الشرايين، الآن يتم تشخيصها من غير قسطرة عن طريق الأشعة المقطعية للشرايين التاجية، يعقب ذلك استخدام القسطرة في توسيع الشرايين الضيقة وتركيب دعامات معدنية بداخلها، تجعل تلك الشرايين مفتوحة طوال الوقت دون أن تغلق، وهذا الأسلوب يوفر على المريض كثيرا من الوقت والجهد.

* الجراحة والقسطرة

* وفي ما يخص أمراض الصمامات يتم تركيب صمامات جديدة بالقسطرة ويخرج المريض من المستشفى في اليوم التالي مباشرة، وهذه الجراحة كانت تتم بعملية قلب مفتوح، كما أن علاج عضلة القلب الآن من الممكن أن تتم من خلال وضع منظمات سداسية في حجرات القلب.

أما بالنسبة لمشكلات القلب لدى الأطفال فغالبيتها عيوب خلقية تتمثل في وجود ثقب بين الأذينين أو البطينين والقناة الشريانية المفتوحة بين الأورطي والشريان الرئوي، وكان العلاج يجري بالتدخل الجراحي، ولكن الآن يتم عن طريق القسطرة بإدخال أجهزة صغيرة تعالج العيوب الخلقية.

* وما الفرق بين جراحات القلب المفتوح وعمليات القسطرة؟

- جراحات القلب المفتوح يتم فيها منح المريض تخديرا كاملا ويتم فتح الصدر وإخراج القلب، وهي عملية تستغرق نحو 6 ساعات، ولكن عمليات القسطرة يكون المريض مستيقظا ويتم توسعة أي شريان باليد أو الرجل بواسطة بالونة والوصول من خلال هذا الشريان إلى القلب والتعامل معه، وكلا النوعين يؤدي نفس الغرض.

* وأيهما أكثر انتشارا في مصر بين أمراض القلب المختلفة؟

- أنا أعمل في معهد القلب منذ 1970، وكان في ذلك الوقت يتردد على المعهد ألف مريض في اليوم الواحد، 300 منهم مصابون بأمراض الشرايين و700 بالحمى الروماتيزمية والصمامات، والآن تبدلت النسبة فأصبح 70 في المائة من المترددين على المعهد من مرضى الشرايين والذبحات الصدرية و30 في المائة من مرضى الصمامات والحمى الروماتيزمية، ويرجع السبب في تراجع مرضى الحمى الروماتيزمية والصمامات إلى زيادة نسبة الوعي، ولكن مرضى الشرايين زاد عددهم بسبب التدخين وضغوط الحياة اليومية.

* الحمى الروماتيزمية

* حدثنا عن الحمى الروماتيزمية ومضاعفاتها على القلب.

- الحمى الروماتيزمية مرض مناعي يأتي نتيجة الإصابة بالميكروب السبحي بعد التهاب اللوزتين، وتكرارها يؤدي إلى ضيق أو ارتجاع صمامات القلب وحالاتها كثيرة الحدوث في الأطفال، ويتعين معها أخذ دواء بنسلين طويل المفعول كل ثلاثة أسابيع حتى سن 25 عاما، وفي حالات قليلة يصيب الميكروب السبحي الكبار ويسبب لهم حمى روماتيزمية وضيق صمامات.

* وما نسبة حدوث العيوب الخلقية في قلوب الأطفال؟

- العيوب الخلقية لدى الأطفال نسبتها واحدة في كل دول العالم، وهي أكثر في المجتمعات الفقيرة بسبب زواج الأقارب وقلة الوعي، وتشكل العيوب الخلقية نسبة 3 في المائة من جملة العيوب الخلقية بشكل عام.

ارتفاع ضغط الدم

* ماذا عن ارتفاع ضغط الدم؟

- ارتفاع ضغط الدم مرض عالمي ونسبته واحدة في دول العالم، و27 في المائة من المصريين فوق سن 25 عاما مصابون بضغط الدم، نصفهم لا يعرف أنه مريض بهذا المرض إلا بالصدفة، وعلاج ارتفاع ضغط الدم الشديد العنيد يتم الآن بواسطة القسطرة العلاجية عن طريق «كي» الأعصاب السمبتاوية حول الشريان الكلوي بموجات مغناطيسية.

* ما وجه المقارنة بين أمراض القلب في أميركا وأوروبا من ناحية، والوطن العربي من ناحية أخرى؟

- أمراض الشرايين أكثر في أوروبا وأميركا، في حين أمراض الحمى الروماتيزمية والصمامات أكثر في البلاد العربية.

* وما أكثر الدول العربية التي تطبق وسائل التشخيص والعلاج الحديث مثل باقي دول العالم؟

- بالترتيب.. مصر ولبنان والمملكة العربية السعودية والأردن.

* زراعة القلب

* وماذا عن زراعة القلب في مصر والدول العربية؟

- مصر متأخرة جدا في زراعة القلب، ومعهد القلب المصري مهتم منذ الستينات بزراعة القلب وذلك بعد أول عملية زرع قلب على يد العالم كريستيان بارنر، فهي الملاذ الأخير للكثير من مرضى القلب الذين يموتون بعد أن تتفاقم حالاتهم، وقد أخذنا خطوات جادة منذ منتصف الثمانينات في هذا الشأن وكنا قاب قوسين من إجراء أول جراحة زرع قلب لمريض داخل مصر، وذلك من قلب شخص آخر كان قد حُكم عليه بالإعدام، واتفقنا معه ومع أسرته على الحصول على قلبه بعد تنفيذ حكم الإعدام مباشرة، وبمجرد الإعلان عن العملية في الوسط الطبي ووسائل الإعلام هددتنا نقابة الأطباء بشطبنا من النقابة بحجة أنه لا يوجد قانون لزرع الأعضاء في مصر، في حين أن بلادا مثل السعودية ولبنان والأردن، عمليات زراعة القلب فيها مستمرة منذ 25 عاما.

* أيهما أكثر إصابة بأمراض القلب، الرجال أم النساء؟

- الرجال أكثر عرضه لأمراض القلب من النساء، لأنهم أكثر حركة وعملا وبالتالي توترا وقلقا، خصوصا كبار السن، ويأتي الأطفال في المرتبة الأخيرة.

الدكتور عادل إمام من مواليد عام 1941، حاصل على الدكتوراه في أمراض القلب والأوعية الدموية، ويعمل أستاذا في معهد القلب القومي، ويمارس عمله في عدد من المستشفيات في مدينة القاهرة. ومن أبرز أعماله تقديمه لتقنية جديدة لتوسيع الصمام المترالي.