استشارات

د. حسن صندقجي

TT

رائحة الفم

* لماذا تنشأ مشكلة الرائحة غير المحببة للفم، وكيف يمكن معالجتها؟

دلال أ. - الإمارات - هذا ملخص موضوع رسالتك، والموضوع مهم وشائع جدا، وقد يُعاني منه الأطفال والكبار والذكور والإناث، والنتيجة واحدة وهي شيء محبط لنفسية المرء ومُؤثر على طريقة تعامل الآخرين معه.

بداية، فإن كل إنسان قد يمر بمرحلة وفي أوقات من حياته يكون لديه مشكلة في رائحة فمه، وخاصة في وقت الصباح عند الاستيقاظ من النوم. كما قد يكون الأمر كذلك عند الشعور بالجوع أو عند اتباع حمية غذائية، أو بُعيد تناول أطعمة تحتوي على عناصر ذات رائحة نفاذة قوية مثل البصل أو الثوم أو الحلبة أو البسطرمة وغيرها.

ومن بين أسباب متعددة، يُعتبر نقص كمية لعاب الفم من أهم أسباب رائحة الفم غير المحببة، ذلك أن من مهام اللعاب الأساسية تنظيف الفم والحد من فرص تكون الرائحة الكريهة بالفم. وحينما تقل كمية اللعاب في الفم فإن تنظيف الفم من بقايا الطعام لا يتم بصفة كاملة، كما أن بكتريا الفم تجد البيئة المناسبة كي تنمو بشكل أسرع، ما يتسبب بالرائحة الكريهة في الفم.

ويلاحظ نشوء رائحة الفم غير المحببة نتيجة لنقص اللعاب في عدة أوقات. منها عند الاستيقاظ من النوم، ذلك أن دورة اللعاب، وإفرازه بشكل كافٍ لتنظيف الفم، يقل خلال النوم ما يُعطي الفرصة لنمو البكتيريا وما يُعطي أيضا الفرصة لتحلل بقايا الطعام أن يتسبب برائحة غير محببة للفم. وكذلك يقل إفراز اللعاب عند عدم تناول الطعام وعدم القيام بعملية المضغ التي تحفز إفراز اللعاب، أو حال جفاف الجسم نتيجة عدم شرب كمية كافية من السوائل، أو في بعض الأحيان عند وجود أمراض في الغدد اللعابية تحول دون إفرازها اللعاب بكميات طبيعية، أو عند تناول بعض أنواع الأدوية التي تقلل من نشاط الغدد اللعابية، أو تناول المشروبات الكحولية المؤثرة على إفراز الغدد اللعابية.

وهناك أسباب أخرى تتعلق بالاهتمام بصحة الفم، وتحديدا اللثة والأسنان، عند عدم القيام بعملية تنظيف الفم، هو الأمر المهم في جهود الحفاظ على رائحة طبيعية للفم. وأسباب تتعلق بتناول بعض أنواع الأطعمة ذات الرائحة النفاذة، أو التدخين الذي يُؤثر من عدة جهات في التسبب برائحة غير محببة للفم، أو وجود التهابات في اللثة أو تسوس في الأسنان أو أي أمراض ميكروبية أخرى في اللثة أو الأسنان، أو وجود تركيبات أو جسور فيما بين الأسنان ومثبتة بطريقة غير سليمة تسمح بتراكم بقايا الأطعمة أو نمو البكتيريا في الفم.

كما أن ثمة أسبابا أخرى تتعلق بصحة الحلق ووجود التهابات ميكروبية فيه أو في الجيوب الأنفية أو اللوزتين، أو وجود مرض السكري بكل تداعياته، أو وجود اضطرابات في عمل الجهاز الهضمي مثل ترجيع أحماض المعدة وغيره.

والنظر في موضوع تحسين رائحة الفم يأخذ عدة أشكال. أولها تحسين رائحة النفس، وذلك عبر الإكثار من مضمضة الفم بطريقة كافية، وغرغرة الفم والحلق بالماء وذلك عدة مرات في اليوم. وثانيا، التنظيف بالفرشاة للأسنان واللثة واللسان، على الأقل مرتين يوميا، وخاصة بعد تناول وجبة الطعام. وثالثا، تخليل ما بين الأسنان بالخيط، على الأقل مرة يوميا، وخاصة عند تناول اللحوم أو الأطعمة الأخرى التي ربما تعلق بقايا منها ما بين الأسنان. ورابعا، تقليل تناول اللحوم والأطعمة الدسمة والحرص على تناول الخضار والفواكه الطازجة التي تُسهم أليافها أصلا في تنظيف الأسنان وإعطاء الفم رائحة لطيفة ومحببة. وخامسا دون أدنى شك الحرص على تحاشي تناول الأطعمة ذات الرائحة النفاذة كالثوم أو البصل النيئ أو الكحول مثلا. وسادسا، ترطيب الفم وتحفيز إفراز اللعاب عبر مضغ العلك أو شرب الماء أو شرب المشروبات المعطرة بالنعناع. وسابعا غرغرة الفم والحلق بغسول الفم المخصوص والمحتوي على مواد تعيق نمو الميكروبات، وخاصة قبل النوم. هذا بالإضافة إلى الحرص على مراجعة طبيب الأسنان وطبيب الأنف والأذن والحنجرة عند وجود مشكلة تتسبب برائحة كريهة للفم.

والمهم في شأن رائحة الفم هو تذكر ثلاثة أمور، الأول أن كل إنسان عرضة للمشكلة، ولا يوجد إنسان رائحة فمه زكية طوال الوقت أو مهما أهمل الأمور المتقدمة الذكر، وعلى سبيل المثال لا يوجد إنسان يستطيع تناول الثوم النيئ دون أن يتسبب له ذلك برائحة غير محببة في الفم. والثاني أن الحصول على رائحة طيبة للفم يتطلب عناية مستمرة وتطييبا مستمرا للفم، ولذا فإن الأشخاص الذين رائحة فمهم زكية هم أشخاص يبذلون جهدا صحيحا طوال الوقت. والثالث أن من الأساسي معالجة أي أمراض في الفم أو الأسنان أو اللثة أو الحلق أو الجيوب الأنفية أو المعدة إن وجدت وتسببت بمشكلة رائحة الفم.

الأطعمة العضوية

* هل المنتجات الغذائية العضوية أفضل من بقية المنتجات الأخرى، ولماذا؟

أبو عبد العزيز العيبي - الرياض.

- هذا ملخص رسالتك عن موضوع انتشار الأطعمة العضوية، وذكر البعض أنها صحية وأفضل من المنتجات الغذائية التي لا تراعي عناصر إنتاج الأطعمة العضوية. وعلينا مراجعة أمرين، الأول ما هو تعريف المنتجات العضوية؟ وذلك لنرى ما إذا كانت بالفعل تتبعها المزارع التي تقول عن منتجاتها أنها عضوية، أي تنطبق عليها شروط تصنيف الأطعمة. والثاني هل توجد أدلة علمية وتوصيات من هيئات طبية عالمية حول هذا الأمر؟

وبداية أتفق معك أن ثمة اليوم زخما إعلاميا حول الدعاية لتفضيل تناول المنتجات الغذائية، من لحوم وخضار وفواكه وحبوب وبقول ومشتقات ألبان، وأن المستهلك حريص على الحصول على الأفضل لصحته. ووفق التعريفات العالمية، فإن الأطعمة العضوية هي منتجات المزارعين الذين يحرصون على استخدام موارد متجددة ويحافظون على التربة والمياه للإبقاء على نوعية عالية من سلامة البيئة للأجيال المقبلة. أي إن سلسلة العمليات الإنتاجية لها لا تستخدم فيها طرق الإنتاج التقليدي المنتشرة حاليا. وبعبارة أخرى، بألا يكون تنشيط عملية نمو النباتات باستخدام الأسمدة المصنوعة بطريقة كيميائية، بل باستخدام أسمدة طبيعية كروث البقر أو مخلفات المواشي الأخرى. وأن القضاء على الحشرات الضارة بالمحاصيل الزراعية لا يتم باستخدام المبيدات الحشرية الكيميائية الصناعية، بل باستخدام مواد طبيعية أو استخدام الطيور للقضاء على الحشرات أو استخدام الأساليب القديمة لمنع تزاوج الحشرات وتكاثرها. ولكن هناك نقطة مهمة وهي أنه عند ظهور وباء في المحاصيل لا يُمكن السيطرة عليه، فإن بالإمكان استخدام مبيدات حشرية مأخوذة من مواد طبيعية أو صناعية، ومع ذلك يبقى تصنيف هذا المنتج الغذائي بأنه عضوي.

كما يشمل التعريف ضرورة عدم استخدام التقنيات الحديثة في الحفظ والتغليف كالمواد الحافظة وغيرها من أساليب الكيمياء الحيوية أو التعقيم باستخدام المواد المشعة أو غيرها. ولا تُستخدم أيضا فيها تطبيقات التعديل الجيني بالهندسة الوراثية. والأمر الآخر المهم في تعريف المنتج العضوي هو أن تربة المزرعة يجب أن لا تكون قد تعرضت خلال السنوات الثلاث الماضية لأي من تلك المواد الممنوعة، أي الأسمدة العضوية والمبيدات الحشرية والفضلات البشرية وغيرها. بعبارة أخرى، لا يستطيع المزارع تحويل مزرعة تقليدية إلى مزرعة عضوية بين ليلة وضحاها.

وفي شأن منتجات اللحوم والدواجن ومشتقات الألبان والبيض، فإن العضوية منها هي التي لا تستخدم في إنتاجها مضادات حيوية أو هرمونات النمو أو أعلاف تقليدية، بمعنى أنه منذ الثلث الأخير للحمل بالعجول أو غيرها، وبدءا من اليوم الثاني لتفقيس البيض بالنسبة للدواجن، يجب أن تتلقى الحيوانات والدواجن تغذيتها بأعلاف عضوية المصدر 100%. ويجب أن تُترك الحيوانات لترعى في المراعي الخارجية، أي خارج أماكن مبيتها. ولزيادة نمو حجمها ووقايتها من الأمراض يمكن إعطاؤها فيتامينات أو معادن، وحتى لقاحات الأمراض التي قد تصيب الحيوانات. مع الحرص على توفير أماكن مبيت ذات مواصفات خاصة من ناحية الشكل والتصميم والتهوية والتنظيف وسعة المكان لحركتها وغير ذلك. ولذا علينا ملاحظة أمر مهم، أن هناك فرقا بين المنتجات العضوية الحقيقة التي تنطبق عليها شروط التعريفات العالمية وبين كل مما تراه في السوبرماركت ويقال عنه إنه منتجات عضوية طبيعية، أو التي يكتب عليها أنها من مزارع مكشوفة وغير محمية، أو الخالية من الهرمونات، أو مغذاة بسماد طبيعي أو غير ذلك.

وبعض الناس قد يفضل المنتجات العضوية ويجد فيها طعما أفضل أو أقرب لما كان عليه الحال قديما، ولكن من الناحية الطبية ووفق تعليقات الهيئات الطبية العالمية على الموضوع، لا يوجد أي تأكيد علمي يصف المنتجات العضوية التي تلتزم بالقيود والشروط اللازمة لإنتاجها بأنها صحيا أفضل من غيرها.

وفي شهر سبتمبر (أيلول) الحالي نشرت مجلة أرشيفات الطب الباطني الأميركية مراجعة علمية لمئات الدراسات الطبية التي تناولت بالبحث هذا الأمر، وخاصة في جانبين. الأول مدى تلوث المنتجات العادية غير العضوية بالأسمدة الكيميائية والمبيدات الحشرية الكيميائية وتأثيرات ذلك الصحية على متناوليها. والثاني مدى توفر المعادن والفيتامينات وغيرها من العناصر الغذائية في المنتجات العضوية مقارنة بالمنتجات الأخرى. وخلص الباحثون إلى نتيجة مفادها أنه لا إثباتات علمية من كل تلك الدراسات على أن صحة الناس الذين يحرصون على تناول المنتجات العضوية هي أفضل من غيرهم الذين يتناولون منتجات عادية. بل طرحوا مشكلة ارتفاع سعر المنتجات العضوية مقارنة بأي منتجات أخرى.