التمارين الرياضية تحمي القلب المهدد بداء السكري

النشاط واللياقة البدنية يتسمان بأهمية حيوية للمصابين به

TT

إن الأشخاص المصابين بداء السكري يكونون على الأكثر معرضين للنوبة القلبية أو السكتة الدماغية، أكثر من الآخرين السليمين من ذلك المرض. وتعتبر أمراض القلب والأوعية الدموية السبب الرئيسي للوفيات والإعاقة بين المصابين بمرض السكري. إلا أنه يوجد جانب إيجابي في هذه المشكلة، وهو أن أي تغيرات صحية يقوم بها المصاب في ما يخص مرضه ستنعكس بشكل يساعد على تفادي المشكلة الأخرى.

الرياضة هي الأفضل

* والرياضة هي أفضل مثال على تلك التغيرات الصحية، لذا فإن النشاط البدني، والتحلي باللياقة البدنية، يقللان، أولا وقبل كل شيء، من احتمالات الإصابة بداء السكري من النوع الثاني، كما أنهما يقللان بشكل ملموس من خطر حصول مضاعفات في القلب والأوعية الدموية للمصابين بداء السكري.

ويحدث السكري عندما يظل السكر (الغلوكوز) - الذي يفترض أنه يمتص من قبل خلايا الجسم التي تمد الأنسجة بالطاقة اللازمة - موجودا في الدم، ويؤدي وجود فائض من السكر في الدم إلى حدوث أضرار في البطانة الداخلية الرقيقة لجدران الأوعية الدموية، الأمر الذي يهيئ الظروف لحدوث كتل انسدادية يمكنها أن تؤدي إلى حدوث نوبة قلبية أو سكتة دماغية. ولأن التمارين الرياضية تحفز أنسجة العضلات على امتصاص السكر من مجرى الدم، فإن بمقدورها الحفاظ على مستوى السكر في الدم في مستوياته المنضبطة.

ثلاث فوائد

* وقد ألقت أبحاث جديدة حول عدد ضربات القلب أثناء الراحة (resting heart rate) أضواء إضافية على داء السكري وأمراض القلب معا، وعززت مضمون الرسالة الموجهة القائلة إن التمارين الرياضية واللياقة البدنية تتسمان بأهمية حيوية.

ويقع عدد ضربات القلب «الطبيعي» أثناء الراحة لدى البالغين، بامتدادها في نطاق عريض، من 60 إلى نحو 100 ضربة في الدقيقة. وتؤدي التمارين الرياضية المنتظمة إلى تقليل هذا العدد - إذ قد يصل عدد الضربات لدى الرياضيين إلى 40 في الدقيقة. وعلى العموم فإن المعدل الأقل لعدد ضربات القلب أثناء الراحة يؤشر إلى حالة أفضل من اللياقة البدنية وإلى قلب أكثر صحة.

في الدراسة الأولى، قاس الباحثون عدد ضربات القلب أثناء الراحة، مرتين، بفارق فترة زمنية وصلت إلى 10 سنوات، لدى 29 ألفا من البالغين في النرويج لم تكن لديهم أي إشارات للإصابة بأمراض القلب. وقد ظهر أن المشاركين الذين ازداد لديهم عدد ضربات القلب أثناء الراحة من أقل من 70 ضربة في الدقيقة إلى أكثر من 85 ضربة في الدقيقة خلال فترة 10 سنوات، ازداد لديهم بنسبة 90 في المائة خطر الوفاة بأمراض القلب مقارنة بالمشاركين الذين ظل لديهم عدد ضربات القلب أثناء الراحة في حدود 70 ضربة في الدقيقة (مجلة «الجمعية الطبية الأميركية» - 21 ديسمبر/ كانون الأول، 2011).

في دراسة أخرى على أكثر من 3000 شخص من المصابين بشكل أو بآخر بأمراض الأوعية الدموية، ظهر أن خطر تعرض المشاركين الذين كان عدد ضربات القلب أثناء الراحة هو الأعلى لديهم للإصابة بمرض السكري، وازداد المعدل بنسبة 65 في المائة خلال 5 سنوات مقارنة بالآخرين الذين كان لديهم عدد ضربات القلب أثناء الراحة أقل.

وبين صفوف المشاركين من الفئة بين 55 و63 سنة، ظهر أن زيادة بـ10 ضربات في الدقيقة لعدد ضربات القلب أثناء الراحة ترتبط بزيادة بنسبة 22 في المائة في خطر الإصابة بمرض السكري (الإصدار الإلكتروني من المجلة الأوروبية للغدد الصماء - 27 يناير/ كانون الثاني، 2012).

لكن هاتين الدراستين لم تقيسا نشاط المشاركين نفسه، بل نظرتا في إجراء التمارين الرياضية بشكل عام.

وتوفر عمليات النشاط البدني نفسه، ومواصلة ذلك النشاط (لأن بعض النشاط أفضل من عدم النشاط، والكثير من النشاط أفضل من القليل منه)، جملة من الفوائد، وهي:

* تقليل عدد ضربات القلب أثناء الراحة.

* تقليل خطر الإصابة بداء السكري من النوع الثاني.

* تقليل خطر الإصابة بمضاعفات أمراض القلب والأوعية الدموية للمصابين بالسكري.

فريق صحي

* وإن كنت من المصابين بداء السكري، فإن درء المضاعفات الكثيرة المحتملة للمرض يتطلب مجهودا شخصيا وجماعيا. ويتضمن فريق العمل للتحكم بالمرض شخصين آخرين على الأقل هما: الطبيب للإشراف على ضبط مستوى سكر الدم (طبيب العائلة أو اختصاصي في الغدد الصماء)، وطبيب القلب. كما يزور الكثير من مرضى السكري طبيبا في علاج القدمين وطبيب عيون. ولأن ما يتناوله المريض من طعام مهم لصحته فيجب أن يضم الفريق الصحي خبيرا في التغذية. وبما أن المريض يشغل مركز مدرب الفريق من جهة ومركز المدافع في الفريق، فعليه إذن تنسيق كل المعلومات والنشاطات الجارية بين أعضاء فريقه هذا! إن التعايش مع مرض السكري ليس بالأمر السهل، ولكن ومع إجراء بعض التعزيزات في نمط الحياة - خصوصا زيادة التمارين الرياضية - وتشكيل الفريق الصحي، فإن المريض سيحصل على فرص أفضل لدرء العواقب الأخرى الخاصة بأمراض القلب والأوعية الدموية التي تنجم عن السكري.

عقار «ميتفورمين»

* وإن لم ينجح تغيير النظام الغذائي، وإنقاص الوزن ما يكفي لتقليل مستويات سكر الدم لدى المصابين بالنوع الثاني من السكري، فإن عقار «ميتفورمين» - metformin - («غلوكافايج» (Glucophage)، «فورتامايت» (Fortamet)، الأدوية الجنيسة generic)، ينبغي أن يوصف كأول دواء يتناول عبر الفم، وفقا لتوصية كلية الأطباء الأميركية «ACP» (College of Physicians). وقد أظهرت الأبحاث أن دواء «ميتفورمين»، مقارنة بالأدوية الأخرى المتناولة عبر الفم، أكثر فاعلية في خفض سكر الدم، كما أن له آثارا جانبية أقل.

لكن، ما العمل إن لم يؤد دواء «ميتفورمين» مهمته؟ لم تعثر كلية الأطباء الأميركية على أي دليل قوي يعتمد عليه للتوصية بدواء أقوى من دواء آخر عندما تكون هناك حاجة إلى دواء ثان لضبط مستويات سكر الدم (حوليات الطب الباطني، 7 فبراير/ شباط، 2012).

وبينما تمثل عمليات ضبط مستويات سكر الدم عبر النظام الغذائي، والتمارين الرياضية، وتناول الدواء (عند اقتضاء الحاجة)، المهمة الأولى للمصابين بمرض السكري، فإن عليهم أيضا تناول أي أدوية أخرى موصوفة طبيا لهم، والحفاظ على ضغط الدم لديهم في حدود 130/80 ملم زئبق.

كيف تقيس عدد ضربات القلب؟

* لقياس معدل ضربات القلب أثناء الراحة استخدم إصبعين لجس نبض القلب في الجزء الخلفي من الرسغ، أو في جانب الرقبة. احسب عدد النبضات في خلال 10 ثوان، بالنظر إلى عقرب الثواني في ساعتك. ثم اضرب ذلك العدد في رقم 6 لكي تحصل على عدد دقات القلب في الدقيقة.

* رسالة هارفارد للقلب.. خدمات «تريبيون ميديا»