الدوسنتاريا الباسيلية.. أعراضها وسبل الوقاية منها

تتسبب فيها ميكروبات معوية تنتشر بين الأطفال

TT

مرض الدوسنتاريا الباسيلية bacillary dysentery من الأمراض البكتيرية التي تسببها ميكروب الشيجلا Shigella وهو عبارة عن مجموعه من الميكروبات التي تصيب الأمعاء ويمكنها أن تسبب الدوسنتاريا (الدوسنتاريا هي وجود دم وصديد مع البراز). وتم التعامل مع الشيجلا كمرض مستقل يسبب الدوسنتاريا في الخمسينات من القرن الماضي (كما يمكن أن يكون سبب الدوسنتاريا عدوى بكتيرية أو فيروسيه أو فطرية).

ميكروب معوي

* وتنقسم هذه الميكروبات إلى 4 مجموعات ينقسم كل نوع منها بدوره إلى عدة أنواع، وتعتبر أشهر ميكروب يسبب عرض الدوسنتاريا.

تحدث الإصابة بالشيجلا في الشهور الدافئة من العام في فصل الصيف، ويمكن أن تصيب كل الأعمار، ولكن أغلب الإصابات تحدث في الأطفال بين عمر 2 و3 أعوام. ونحو 70 في المائة من إصابات الأطفال تحدث قبل عمر الخامسة، ولكن تندر الإصابة بالمرض قبل عمر 6 شهور لأسباب غير مؤكدة طبيا، وأن كانت في الأغلب نتيجة لاحتواء لبن الأم على الأجسام المضادة للميكروب خاصة في الدول التي تتوطن فيها الشيجلا.

ويصيب المرض كلا الجنسيين بنسب متساوية، وتنتشر الإصابة في معظم مناطق العالم، ولكن تكثر في الدول النامية. ويبلغ معدل الإصابة بين الدول النامية والدول المتقدمة نحو 20 ضعفا. ونحو 60 في المائة من الوفيات التي تحدث جراء للمرض تحدث في الأطفال دون الخامسة من العمر. ولكي نعرف حجم المشكلة في دول العالم الثالث يكفي أن نعرف أنه من أصل 164.7 مليون حالة على مستوى العالم سنويا تظهر منها نحو 163.2 مليون حالة في الدول النامية.

الحالة المرضية

* ينتقل المرض عبر الطعام الملوث وفي الأغلب تكون السلطة أو أي غذاء آخر يحتوي على عدة مكونات، ويمكن لكمية قليلة جدا من الميكروب أن تسبب المرض على العكس من مرض الكوليرا على سبيل المثال، وتتراوح فترة حضانة الميكروب بين 12 ساعة وعدة أيام ثم تبدأ الأعراض بنوبات مفاجئة من تقلصات البطن وارتفاع في درجات الحرارة مصحوب بغثيان وقيء وإسهال يحتوى على كمية كبيرة من السوائل في معظمه، وأيضا يحدث ألم في منتصف البطن، وأحيانا يكون ملمس البطن كله مؤلما tenderness.

وتحدث رغبة ملحة في التبرز لدى الطفل ويحتوى البراز على المخاط ويوجد دم واضح في البراز في نحو 50 في المائة من الأطفال، ويمكن أن يستمر الإسهال إلى عدة أيام خاصة في الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية أو الأطفال من ذوي المناعة الضعيفة مثل الأطفال المصابين بمرض الإيدز. ويصبح شكل الطفل مجهدا ويظهر عليه التعب. ويمكن حدوث سرعة في ضربات القلب نتيجة لارتفاع درجه الحرارة وكذلك سرعة التنفس وتعتمد على درجة الجفاف التي تحدث للطفل جراء الإسهال والقيء وكميات السوائل التي تفقد من جسمه ويحدث جفاف في الحلق وعلى الجلد. في الأغلب لا تتعدى معظم الإصابات الجهاز الهضمي.

انتشار المضاعفات

* ولكن نادرا في بعض الأنواع تحدث مضاعفات ويمكن أن تتعدى الإصابة الجهاز الهضمي وتحدث أعراض في عدة أجهزة أخرى بالجسم، مثل:

- الجهاز العصبي. وتعتبر من أشهر الأعراض التي تحدث خارج الجهاز الهضمي وتبلغ نسبة حدوثها نحو 40 في المائة من الأطفال الذين يتم حجزهم في المستشفيات وأحيانا يمكن أن تحدث هذه الأعراض حتى قبل حدوث الإسهال، ويحدث صداع شديد وخمول والتهاب في الأغشية المخاطية للمخ وهذيان واضطراب في الوعي وتشنجات، ولكن لا تستمر أكثر من 15 دقيقة. وتحدث المضاعفات المميتة إذا تبعت هذه الأعراض بأعراض أخرى أشد خطورة مثل حدوث خلل في الإحساس وتشنجات مستمرة على شكل نوبات ثم يعقبها غيبوبة يمكن بعد ذلك أن تحدث وفاة في خلال الفترة من 6 إلى 48 ساعة.

- الجهاز الدوري. يمكن حدوث تكسير لكرات الدم الحمراء ويمكن حدوث أنيميا، كما يمكن حدوث نزيف في بعض الأحيان ناتج عن استهلاك مواد التجلط الموجودة داخل الأوعية الدموية (DIC).

- التهابات بالعين مثل حدوث التهاب في ملتحمة العين والتهاب في القزحية وقرحة في القرنية.

- يمكن أيضا حدوث التهاب كبدي كما يمكن حدوث التهاب في قناة مجرى البول، وكذلك التهاب رئوي والتهاب في عضلة القلب.

- كذلك يمكن حدوث مضاعفات مثل الانسداد المعوي أو التهاب الزائدة الدودية وعموما حتى في وجود هذه المضاعفات يكون الموت نتيجة للدوسنتاريا الباسيلية نادر الحدوث في الأطفال الذين تكون صحتهم العامة جيدة.

التشخيص

* في الأغلب يتم تشخيص المرض بالحالة الإكلينيكية ولكن نظرا لتشابه الأعراض مع مرض السلمونيلا ومرض التهاب القولون المتقرح Ulcerative Colitis يتم عمل تحليل للبراز ويتم عزل الميكروب، سواء من البراز أو من أخذ عينة من المستقيم، ويوجد دم في البراز في نحو 70 في المائة من الحالات وكذلك يتم عمل مزرعة للبراز لتأكيد التشخيص.

الوقاية

* ليس هناك تطعيم واق من مرض الدوسنتاريا الباسيلية ولكن يمكن اتباع وسيلتين لتلافي الإصابة، الأولى هي الاهتمام بالرضاعة الطبيعية لفترة كافية مما يحد من خطورة المرض ويقلل من فرص حدوث المضاعفات.

أما الوسيلة الثانية فهي التوصية بضرورة غسل الأيدي بعد التبرز وقبل إعداد أو تناول الطعام.

العلاج

* يتم علاج الحالة على اعتبار أنها حالة نزلة معوية بغض النظر عن سببها، ويكون الهدف الأساسي في حالة الاشتباه في عدوى الدوسنتاريا الباسيلية هو تعويض الطفل عن كمية السوائل والأملاح المعدنية التي فقدها والتعافي من حالة الجفاف على حسب درجتها.

وتكون التغذية هي المفتاح الأهم في العلاج خاصة في المناطق التي يوجد بها سوء للتغذية. وفي فترة النقاهة ينصح بتناول الغذاء الذي يحتوي على قدر عال من البروتين، والذي يحسن النمو، وكذلك في المناطق التي يوجد بها نقص لفيتامين إيه A، يفيد إعطاء جرعة واحدة من فيتامين إيه (200.000 I.U) في تقليل حدة المرض.

على الرغم من أن المرض في الأغلب يشفى تدريجيا من تلقاء نفسه في خلال يومين أو ثلاثة، إلا أن توصيات منظمة الصحة العالمية (WHO) تشير إلى ضرورة علاج الأطفال الذين يشتبه في إصابتهم بالشيجلا بإعطاء المضادات الحيوية الفعالة لضمان سرعة العلاج وتقليل فترة الإصابة وعدم حدوث مضاعفات وعدم انتقال العدوى للآخرين، خاصة في الدول النامية. ويتم إعطاء المضاد الحيوي المناسب لمدة 5 أيام مثل عقار الامبيسللين بجرعة 100 ملليغرام/ كيلوغرام عن طريق الفم ويمكن كذلك استخدام عقار السيفاترايكسون Ceftriaxone بجرعة 50 ملليغراما لكل كيلوغرام عن طريق الحقن مرة واحدة.

يجب عدم استعمال الأدوية التي توقف حركة الأمعاء، خاصة في الأطفال تحت عمر 3 أعوام مثل عقار (الايموديوم Imodium) حيث إنها يمكن أن تطيل من فترة الإصابة، ويمكن حسب توصيات منظمة الصحة العالمية استخدام الزنك لمدة 10 أيام كوسيلة فعالة في مقاومة الإسهال، خاصة المائي، ويجعل البراز أكثر تماسكا.

* اختصاصي في طب الأطفال