استشارات

د. حسن صندقجي

TT

علاج الاكتئاب

* أعالج لدى الطبيب من الاكتئاب منذ نحو ستة أشهر، ولم ألحظ أي تغيير. وقد غير لي الطبيب في زيارتي الأخيرة له نوع الدواء إلى دواء آخر.. فلماذا.. وهل هناك فائدة ممكنة؟

أسماء - الكويت - هذا ملخص رسالتك. ومن الممكن جدا ألا يكون الدواء الذي وصفه الطبيب لك في المرة الأولى مناسبا لحالتك، والدواء الثاني قد يكون مناسبا. كما أنه من الممكن أن تكون ثمة أمور نصح بها الطبيب لتخفيف تعريضك للظروف التي تسهم في زيادة الاكتئاب وأنت لم تتمكني من التعامل معها بالطريقة المخففة لك منها. ولاحظي معي أن هناك عددا من أنواع الأدوية التي تفيد في معالجة الاكتئاب أو تخفيف حدته، ويختلف كل إنسان في مقدار ونوعية تجاوبه مع الأنواع المختلفة لأدوية معالجة الاكتئاب أو الأدوية المضادة للاكتئاب. وعلى الرغم من الخبرة والمهارة التي يتحلى بها أطباء النفسية المتخصصون والحاصلون على شهادات التخصص في هذا المجال الطبي المهم والذين قاموا بنجاح بمعالجة آلاف المرضى خلال مسيرتهم الطبية، فإنه من المستحيل على الطبيب أن يعرف مسبقا ما هو نوع الدواء المفيد جدا لك أو لشخص آخر. وهنا يأتي دور اختبار مدى الاستجابة للدواء بعد تناوله لفترة معينة يحددها الطبيب المعالج ويطلب متابعة حالتك لمعرفة مقدار الاستجابة بسؤالك.

ودعيني أضف لك نقطة مهمة، وهي أنه لو أن كل أدوية معالجة الاكتئاب تُصنف بأنها متقاربة في مقدار التأثير العلاجي، فكيف يكون ذلك على المرضى أنفسهم؟ وللتوضيح لو قلنا إن دواء «أ» مفيد لـ70 شخصا من بين كل 100 شخص لهم اكتئاب، ودواء «ب» مفيد لـ70 شخصا من بين كل 100 شخص مُصاب بالاكتئاب، فهذا لا يعني أن كليهما مفيد لنفس الـ70 شخصا، بل ربما هناك شخص من بين الـ70 الأول يُفيده دواء «أ» ولا يُفيده دواء «ب». وربما هناك أشخاص يُفيدهم دواء «أ» ودواء «ب» كلاهما أو لا يُفيدهم أي منهما.

والمشكلة أكثر تعقيدا حينما نعرف أن أدوية علاج الاكتئاب ليست نوعين اثنين، بل أنواع متعددة. وهذا الأمر شبيه بالأدوية المسكنة لآلام المفاصل، إذ ربما يستفيد مريض بتناول عقار «فولتارين»، وآخر لا يستفيد منه بل يستفيد من عقار «بروفين»، وثالث قد يستفيد من عقار «موبيك» و«بروفين» ولا يستفيد من عقار «فولتارين»، وهكذا تتعدد الاحتمالات. والفيصل هو التجربة بالاستخدام ما دام الطبيب متأكدا من التشخيص ولا تُوجد لدى المريض موانع من تناول الدواء وتمت عملية المتابعة لأي آثار جانبية ولمدى الاستجابة لتأثير المعالجة.

وأحيانا قد لا يستفيد المريض من دواء معين ليس نتيجة لعدم فاعلية تأثيره العلاجي، بل ربما لظهور أحد آثاره الجانبية. وهذه الاختلافات، خاصة لدى مرضى الاكتئاب، تجعلهم ربما يتوقفون عن تناول دواء علاج الاكتئاب وربما لا يستجيبون لنصيحة الطبيب في محاولة لتناول بديل مناسب له. وأحيانا يُفرط البعض من المرضى في توقع النتائج، وعلى أي هيئة يجب أن تكون، أي في انتظام النوم أو شهية الأكل أو التعامل مع أفراد الأسرة أو الزملاء في محيط العمل وغيرها. ومن الضروري سؤال الطبيب مباشرة عن مظاهر التحسن التي يُرجى أن تتحقق من تناول الدواء، ومن ثم تقييمها بإنصاف.

ولذا من الضروري إدراك أن عملية اختيار وانتقاء دواء علاج الاكتئاب مبنية على عملية التجربة والخطأ، بمعنى أنها عملية يتم فيها تجريب دواء معين ينتقيه الطبيب بناء على عدة معطيات تجعل الطبيب، بخبرته وعلمه ودقة تشخيصه وعمق فحصه لحالة المريض، يغلب على ظنه أن هذا النوع من الأدوية من الأفضل. وثم تتم متابعة مدى حصول الآثار الجانبية، وهي أمور لا يمكن للطبيب معرفتها إلا بتجربة الاستخدام، ومتابعة مدى الاستفادة.

وقد حرصت على هذا التوضيح لأنه كثيرا ما تترد أسئلة مشابهة لهذا الموضوع في شأن الاكتئاب وأمراض أخرى، مثل ارتفاع ضغط الدم أو السكري أو غيرهما. كما أنه لا يجدر إهمال جانب العلاج النفسي والسلوكي وكيفية التعامل مع الظروف المحيطة والشؤون المتعلقة بنوعية التفاعل من المريض نفسه وغيرها من الأمور المساهمة إما إيجابا أو سلبا في الاستجابة للعلاج الدوائي في حالات الاكتئاب التي هي من الأمور الشائعة في كثير من المجتمعات.

ضغط الدم و«الأسبرين» والحمل

* هل من الممكن تناول «الأسبرين» خلال الحمل، مع العلم بأنني لدي ارتفاع في ضغط الدم؟

حلا أحمد - القاهرة - هذا ملخص رسالتك، ولم يتضح لي مقدار عمرك ولا عدد مرات الحمل السابقة، وحالة ضغط الدم لديك قبل الحمل أو في حالات الحمل السابقة، ولا لماذا تريدين تناول «الأسبرين» خلال فترة الحمل. وبالعموم، على الحامل أن تتابع مع طبيب الحمل طوال فترة الحمل، خاصة حينما يكون ثمة ارتفاع في ضغط الدم أو لديها ما يستوجب تناول «الأسبرين».

«الأسبرين» من الأدوية التي لا يُنصح بأن تتناولها المرأة خلال فترة الحمل، ومثله أيضا الأدوية الأخرى المسكنة للألم والمضادة للالتهابات مثل «بروفين» أو «فولتارين». ولاحظي معي أن «الأسبرين» والأدوية الشبيهة به تعوق عملية تخثر الدم، وتتسبب في زيادة احتمالات عدم توقف نزيف الدم، نظرا لتأثيرات «الأسبرين» على الصفائح الدموية وطريقة إسهامها في عملية تخثر الدم حال النزيف في الجروح وغيرها. ولذا، تشدد المصادر الطبية على عدم تناول الأسبرين في الفترة التي تلي بلوغ عمر 32 أسبوعا من عمر الحمل نظرا لاحتمالات تأثيره على سلامة تخثر الدم لدى الأم الحامل ولدى الجنين أيضا. كما أن «الأسبرين»، و«البروفين» كذلك، قد يتسبب في الإقفال المبكر لبعض تراكيب قلب الجنين، والتي يجب ألا تقفل قبل الولادة نفسها وتنفس الطفل للهواء برئته، وإقفال هذه الأوعية الدموية في محيط قلب الجنين قد يتسبب في ارتفاع ضغط الدم في الشرايين الرئوية له، كما يُمكن أن يتسبب في إطالة أمد عملية الولادة نفسها.

ولكن مع هذا كله، ولأسباب طبية مهمة يُقدرها الطبيب في معالجة بعض الحالات المرضية لدى الحامل نفسها، يُمكن تناول «الأسبرين» بجرعات منخفضة الكمية، وهذا وفق الضوابط السابقة الذكر في دواعيها، وترافقها متابعة لحالة الجنين ومراقبة لحالته الصحية. ولذا من الضروري معرفة ما الذي يدفعك لتناول «الأسبرين»، إن كان لعلاج حالات الصداع فهناك بدائل مفيدة يصفها الطبيب المتابع للحمل مثل «بانادول» أو «تاينينول»، وإن كان لدواع طبية قدرها الطبيب ورأى ضرورة تناولك لـ«الأسبرين» كجرعات منخفضة الكمية فإن هذا أيضا صحيح.

أما بالنسبة لضغط الدم فإنه من الطبيعي حدوث انخفاض في ضغط الدم خلال المرحلة الثانية من الحمل. وخلال الربع الثالث تحصل زيادة تدريجية في ضغط الدم وهذا أمر شائع. ولكن في بعض الأحيان تحصل تغييرات في ضغط الدم بشكل كبير، أو يستمر ارتفاع ضغط الدم لدرجة أنه يصبح مصدرا للقلق لدى الطبيب المتابع للحمل.

وهناك أنواع مختلفة من ارتفاع ضغط الدم خلال فترة الحمل. أولها ارتفاع ضغط الدم المزمن، أي الذي لدى المرأة من قبل حملها، وهو ما لا علاقة له بالحمل لجهة التسبب في الظهور. ومن الممكن أن المرأة قد حصل لديها حالة ارتفاع ضغط الدم من قبل الحمل أو ظهرت خلال ما قبل عمر 20 أسبوعا من فترة الحمل. كما يعتبر ارتفاع ضغط الدم الذي يستمر أكثر من 12 أسبوعا ما بعد الولادة هو ارتفاع ضغط الدم المزمن. وهذه الأشكال كلها لارتفاع ضغط الدم تصنف بأنها ارتفاع ضغط دم مزمن.

وهناك حالة ثانية تسمى ارتفاع ضغط الدم الحملي، أي تطور ظهور ارتفاع في ضغط الدم بعد 20 أسبوعا من عمر الحمل، وغالبا ارتفاع ضغط الدم الحملي يزول بعد الولادة.

وهناك حالة ثالثة تسمى حالة تسمم الحمل، وفيها يحصل ارتفاع في ضغط الدم المزمن أو ارتفاع ضغط الدم الحملي بما يؤدي إلى تسمم الحمل وتهديد سلامة الجنين والأم. وهذه حالة خطيرة تتميز بارتفاع ضغط الدم وخروج البروتين في البول بعد 20 أسبوعا من الحمل. وتبعا للظروف الصحية لديك ونوع ارتفاع ضغط الدم، تكون نوعية الرعاية الصحية الخاص بك من قبل الطبيب، والمهم هو الرصد الدقيق لمقدار ارتفاع ضغط الدم، واتباع نصائحه والتي منها ربما الولادة المبكرة حفاظا على سلامة الأم والجنين.