بين الخطأ والصواب

د. عبد الحفيظ خوجة

TT

* النحافة.. لا تدل دائما على المرض

* من الخطأ أن ينظر البعض من الناس إلى الشخص النحيف على أنه مريض ويلحون عليه بالعرض على أحد الأطباء للمعالجة مما يعاني. والحقيقة أن السمنة والنحافة أمران متعلقان بالعامل الوراثي، فإذا كان كل أو معظم أفراد العائلة نحافا فهذا يعني أن السبب هو جيني وراثي.

وعند الشك في وجود مرض أو أمراض كامنة أدت إلى النحافة، مثل فرط الغدة الدرقية، وداء السكري، وفقر الدم الشديد، وأمراض سوء التغذية، ووجود بعض الأورام.. إلخ، فيجب على هذا الشخص استشارة الطبيب وعمل بعض الفحوص الطبية للتأكد من خلوه من تلك الأمراض وسواها، وإجراء تحاليل للدم وللغدة الدرقية والكبد والكلى، وفحص البراز للطفيليات، وعمل بعض الأشعات حسب رأي الطبيب.

وفي حالة عدم وجود سبب عضوي أو نفسي للنحافة، يجب على هذا الشخص أن يستعيد ثقته بنفسه وأنه لا يحمل بداخله أي مرض له علاقة بالنحافة وأن الشكل الذي يبدو عليه هو طبيعي بالنسبة له ولأفراد أسرته.

وبشكل عام، فإن على مثل هذا الشخص الاهتمام بالتغذية الجيدة وذلك بالإكثار من تناول الفواكه والخضراوات التي لا بد منها لإمداد الجسم بالفيتامينات والمعادن الضرورية للصحة، وكذلك تناول أطعمة غنية بالطاقة، والمعجنات كالفطائر والكعك، وأن يتعود مضغ الطعام ببطء وبشكل كاف.

وعليه أيضا تجنب شرب الماء أثناء الوجبات، لأن ذلك يضعف الأنزيمات الهاضمة، ويعوق عملية الهضم، إلى جانب أنه يملأ المعدة، وأخيرا عليه بممارسة الرياضة بانتظام، فبالإضافة إلى النشاط والحيوية فإن الرياضة تجعل زيادة الوزن تتركز في العضلات بدلا من زيادة الدهون، كما أنها تفتح الشهية، وتقلل من تأثير الضغوط النفسية على الصحة العامة.

* العلاجات التلطيفية للحالات المستعصية

* هناك من الأمراض ما يطلق عليها أمراض لا يرجى البرء منها، أي ليس لها علاج شاف تماما وأنها بحسب الدراسات العلمية مميتة. ومن أمثلة تلك الأمراض الأورام الخبيثة وأمراض الأعضاء الرئيسية الحيوية في الجسم كفشل وظائف القلب، والفشل الكلوي المزمن، وتليف الكبد. وعلى الرغم من ذلك فمن الخطأ أن يستسلم المريض المصاب بمثل هذه الأمراض ويظل ينتظر الوفاة بين لحظة وأخرى.

والصواب أن يستمر المريض في تلقي أنواع العلاجات التلطيفية والوسائل العلاجية المتاحة التي من شأنها أن توقف أو تؤخر تقدم المرض.

فبالنسبة لتليف الكبد مثلا، يمكن للوسائل العلاجية الحديثة أن تحد من تليف الخلايا وبالتالي فهي تقلل من نسبة المضاعفات. كما يجب اتباع النصائح الطبية الأخرى من أجل تخفيف حدة المرض ومنع تطوره، مثل:

* التوقف عن تعاطي الكحول للمدمنين عليه، حيث إنه أحد مسببات تليف الكبد.

* الاستمرار في أخذ أدوية الستيرويد والمضادات الفيروسية، لمرضى التهاب الكبد الوبائي، حسب تعليمات الطبيب المعالج لتقليل إصابة خلايا الكبد الأخرى.

* اتباع العلاج الغذائي المناسب لتحسين الحالة الصحية العامة وتقليل نسبة حدوث أي خلل في الوظائف العقلية التي تعتبر إحدى مضاعفات التليف الكبدي التي تحدث في المراحل المتقدمة.

* تقليل الملح في الطعام.

* مراقبة السوائل الداخلة إلى الجسم والخارجة منه في الفضلات والإفرازات.

* الغدة الدرقية وزيادة الوزن

* من الأخطاء الشائعة أن يتوجه معظم الذين يعانون من زيادة الوزن إلى الطبيب الجراح من أجل إجراء إحدى عمليات المناظير الجراحية الخاصة بإنقاص الوزن، ويصر بعضهم على تفضيل العمل الجراحي عن اتباع الحلول الأخرى.

إن الصواب والتصرف العلمي هنا أن يبدأ الكشف على مثل هذا المريض في عيادة طب الأسرة، حيث يتم عمل كل الفحوصات اللازمة في هذا الشأن وتحديد السبب الذي أدى إلى السمنة ومن ثم إحالة المريض إلى العيادة المتخصصة في حالته. وهناك أسباب عضوية تؤدي إلى السمنة كاضطراب في الغدد الصماء مثلا وأخرى ناتجة عن تناول عقاقير معينة لمدة طويلة وثالثة تتعلق بنمط الحياة الغذائي والحركي.. إلخ ومن أمثلة أمراض الغدد الصماء قصور الغدة الدرقية، وهو مرض شائع بين النساء أكثر من الرجال، ويحدث نتيجة أسباب متعددة كنقص حاد في اليود، أو استعمال بعض الأدوية التي لها تأثيرات على إفراز الغدة دون استشارة، أو عقب إجراء عملية جراحية، أو لمرض أو ورم بالغدة النخامية.. إلخ ويمكن للمريض أو المريضة تمييز الحالة بملاحظة بعض الأعراض الشائعة مثل انتفاخ الوجه واليدين، الشعور بالتعب عند بذل أي مجهود، الضعف العام، جفاف الجلد وزيادة سمكه، وتساقط الشعر، وأحيانا المعاناة من الاكتئاب والشكوى من تشوش وضعف في الذاكرة، إضافة إلى زيادة الوزن.

إن العلاج في مثل هذه الحالة ليس لدى جراح المناظير وإنما يكون في عيادة الغدد الصماء حيث يتم تحديد نسبة الهرمونات التي تفرزها هذه الغدة ومن ثم يتم التعويض عن النقص بوصف الدواء والجرعة المناسبة.

استشاري في طب المجتمع مدير مركز المساعدية التخصصي ـ مستشفى الملك فهد بجدة [email protected]