تقنيات الإخصاب لعلاج العقم ومصاعب الإنجاب

تطورات حديثة لتشخيص الأمراض الوراثية

TT

أدى استخدام تقنيات الإخصاب المختبرية المتقدمة إلى التوسع في استخدام وسائل متطورة للتلقيح والإخصاب كالحقن المجهري فحسب، وإنما إلى تطور تقنيات لاختيار أفضل أنواع الأجنة للنقل والإعادة داخل الرحم مما أدى إلى تحسن فرص حدوث الحمل والولادة بطفل سليم.

تحدثت إلى «صحتك» الدكتورة نادية كابلي، استشارية أمراض النساء والولادة والغدد الصماء التناسلية والعقم وجراحة المناظير النسائية بمراكز الدكتور سمير عباس للعقم والإخصاب، فعرفت في البداية «مصاعب الإنجاب» بعدم القدرة على الإنجاب بعد مرور سنة على الزواج، حيث يعاني ما يقارب 30% من الأزواج من مصاعب مختلفة في الإنجاب تتراوح بين صعوبة في حدوث حمل إلى صعوبات في استمرارية الحمل أو ما يعرف بتكرر الإجهاض.

ومنذ ولادة أول طفل مما يزيد على عشرين عاما باستخدام تقنية تشخيص الأمراض الوراثية ما قبل الحمل (التنميط الجيني) أو ما يعرف علميا (Pre - implantation Genetic Diagnosis PGD) حدثت خطوات كبيرة يشهد لها في استخدام هذه التقنيات، حيث استخدمت هذه التقنية ابتداء للأزواج الذين لديهم تاريخ عائلي من الأمراض الوراثية المعروفة أو الذين سبق لهم إنجاب طفل مصاب ويرغبون في إنجاب طفل سليم، حيث تم استخدام هذه التقنية PGD لتشخيص الأمراض الوراثية المتعلقة بالكروموسوم «إكس» X الأنثوي مثل مرض الهيموفيليا الذي يقود إلى نزف الدم، ولتشخيص أمراض وراثية محددة المورث مثل التكيس الرئوي الوراثي (Cystic Fibrosis)، بالإضافة إلى تشخيص الأجنة المصابة بالثلاسيميا والأنيميا المنجلية وضمور العضلات الشوكي وغيرها، أو للكشف عن أمراض متعلقة بتشوهات محددة في الكروموسومات.

* تطور تقنية الإخصاب

* مع مرور الزمن، ازداد نطاق استخدام تقنية PGD لتشمل فحص تشوهات انقسام الكروموسومات، حيث أمكن مبدئيا فحص عدد قليل من الكروموسومات مثل الكروموسومات 13، 18، 21 والكروموسوم XY وأمكن بإذن الله تجنب ولادة أطفال يعانون من اضطرابات في انقسام الكروموسومات مثل متلازمة داون (Trisomy 21) أو متلازمة إدوارد (Trisomy 13).

كما يتم استخدام تقنية PGD لتحسين فرص نجاح الحمل عند تكرر الإجهاض أو فشل عملية الإخصاب المخبري لأكثر من مرة لدى النساء اللاتي تجرى لهن عمليات الإخصاب المساعدة بعد عمر الخامسة والثلاثين، وذلك للكشف عن أنواع الشذوذ الصبغية في الكروموسومات، وذلك لارتفاع نسبة وجودها في الأجنة في معظم حالات فقدان الحمل.

وحديثا يتم استخدام تقنيات الإخصاب المساعدة وتقنية PGD في اختيار الأجنة التي تحمل صفات جينية محددة تسمى antigen HLA وذلك للمساعدة في ولادة طفل (منقذ) لأحد إخوته، حيث يتم اختيار الجنين الذي يحمل صفات وراثية مطابقة لأخ أو أخت للاستفادة منهم للتبرع بالخلايا الجذعية لدم الحبل السري وزراعتها للأخ الذي يعاني من أمراض وراثية معينة مثل فقر الدم الفانكوني أو الثلاسيميا.

كما يمكن استغلال تلك الخلايا الجذعية استثنائيا بمفردها لعلاج حالات محددة من الأطفال المصابين بسرطان الدم. وتعتبر من العمليات الناجحة علميا بشرط خضوعها للتنظيمات الأخلاقية والقانونية لكل دولة منعا لاستغلال الطفل المتبرع.

* تمييز جنس الجنين

* إضافة إلى ذلك مكنت الأبحاث العلمية المتخصصة من تطبيق تقنية PGD في تشخيص الأمراض المتأخرة الحدوث والمتلازمات المصاحبة للإصابة بالأورام السرطانية، مثل الطفرات الجينية BRCA التي تهيئ الفرد للإصابة بسرطان الثدي والقولون مثلا. وعلى الرغم من عدم تأكيد فاعلية هذه التقنية في مثل هذه الحالات فإنها خطوة في طريق ممتد من البحوث والمعرفة.

كما توفر تقنية PGD طريقة لتمييز جنس الجنين حتى قبل غرس الأجنة والتي يمكن أن تكون مفيدة جدا للأمراض الوراثية المرتبطة بجنس المولود، حيث يتم تحديد جنس الجنين المحتمل إصابته بالمرض وغرس الجنس الآخر. وعلى سبيل المثال في الأسر التي تحمل القابلية الوراثية للإصابة بالهيموفيليا، وهو مرض يصيب الذكور فقط، يتم استبعاد الأجنة الذكور بعد تحديدها وغرس الأجنة الإناث فقط في رحم الأم. وكما هو الحال في الإجراءات الطبية الأخرى يتم تنظيم اختيار جنس الأجنة بحسب قانون كل دولة، حيث كشفت بعض الدراسات عن استخدام هذه التقنية في اختيار جنس المولود فقط من أجل «موازنة الأسرة» أو لتحديد الأجنة الذكور فقط. وتختلف الآراء حول ما إذا كان اختيار الجنس لأسباب طبية مقبولة أخلاقيا ودينيا أم لا مما لا مجال له في هذا المقال.

* طريقة الإخصاب

* ولإجراء تقنية PGD لا بد من إخضاع الزوجة لتنشيط المبيضين باستخدام هرمونات خارجية ومتابعة استجابة المبيضين بواسطة الفحص بالموجات فوق الصوتية ومن ثم يتم سحب البويضات من كلا المبيضين وحقنها مجهريا بالحيوانات المنوية وحفظها ومتابعة إخصابها ومعدل انقسامها في مختبر الأجنة. ويتم إجراء خزعة من الجنين في مرحلة الانقسام بإحداث ثقب دقيق في الغلاف المحيط بالجنين وسحب خلية أو اثنتين من خلايا الجنين لفحصها وذلك في اليوم الثالث بعد الإخصاب وعند بلوغ الأجنة النامية مرحلة الثماني خلايا. ويتم إجراء الفحوصات الوراثية على الحمض النووي من خلايا الجنين في وقت يستغرق ثماني وأربعين ساعة يتم بعدها إعادة الأجنة السليمة أو تجميدها لإعادتها لاحقا.

وما زالت التقنيات المتعلقة بالكشف عن المورثات والأمراض الوراثية في بداية طريق طويل من المعرفة، إذ لن يقتصر استعمال تقنيات الإنجاب المتقدمة على علاج حالات العقم والإخصاب، بل سيتعداها لإمكانية استخدامها في تطوير العلاج الجيني للأمراض الوراثية والسرطانية.