النيكوتين يزيد احتمالات الإصابة بالاكتئاب

يقلل فعالية الكثير من أدوية علاج الأمراض النفسية

TT

يعتبر تعاطي التبغ من أكبر الأخطار الصحية العمومية التي شهدها العالم على مر التاريخ، حيث يودي التبغ كل عام بحياة ستة ملايين نسمة تقريبا، منهم أكثر من خمسة ملايين ممن يتعاطونه أو سبق لهم تعاطيه وأكثر من ستمائة ألف من غير المدخنين المعرضين لدخانه غير المباشر، وفقا لتقارير منظمة الصحة العالمية.

ضمن حديثه إلى «صحتك» أوضح الدكتور محمد توفيق الجندي، استشاري الطب النفسي وطب الإدمان، أن التبغ تسبب في 100 مليون وفاة في القرن العشرين، وإذا استمرت الاتجاهات السائدة حاليا فسوف يتسبب في نحو مليار وفاة في القرن الحادي والعشرين. وأضاف أن إحصائيات منظمة الصحة العالمية تشير أيضا إلى أن هناك شخصا واحدا يموت كل ست ثوانٍ تقريبا من جراء التبغ، مما يمثل عُشر (1 / 10) وفيات البالغين. والجدير بالذكر أن نحو نصف من يتعاطون التبغ حاليا سيهلكون في آخر المطاف، بسبب مرض له علاقة بالتبغ.

* النيكوتين والأمراض النفسية

* أوضح الدكتور محمد الجندي أن العلاقة بين مادة النيكوتين والأمراض النفسية معقدة ويمكن إيضاحها بمراجعة نتائج عدد من الدراسات العالمية في هذا المجال. فقد وجد معظم الدراسات أن التدخين بذاته يزيد من احتمال الإصابة بالاكتئاب بصورة مباشرة. وأشار عدد منها إلى أن التدخين ينتشر بين بعض المرضى النفسيين أكثر من غيرهم، فقد دلت الإحصائيات مثلا على أن 40 - 50% من مرضى الاكتئاب وأن 70 - 80% من مرضى الفصام هم مدخنون. ويعتقد أن السبب في ذلك (جزئيا على الأقل) قد يعود لمحاولة هؤلاء علاج أنفسهم أو تقليل الأعراض الجانبية للأدوية، وذلك باللجوء إلى التدخين، فيكونون بذلك «كالمستجير من الرمضاء بالنار».

هل يمكن للمريض النفسي أن يتوقف عن التدخين؟ وجدت بعض الدراسات أن مرضى القلق والاكتئاب يجدون صعوبة أكثر من غيرهم في التوقف عن التدخين، ووجدت دراسات أخرى أن مرضى الفصام على الخصوص قد يصعب عليهم تحمل الأعراض الانسحابية الناتجة عن ترك التدخين أو تقليله.

* التدخين والأدوية

* ويقلل تدخين السجائر من مستوى الكثير من الأدوية النفسية (مثل الكثير من مضادات الذهان ومضادات الاكتئاب والمهدئات الصغرى وغيرها) في الدم، مما قد يقلل من فعاليتها حتى نسبة 50%، وفقا لدليل ماودسلي للوصفات الطبية في الطب النفسي – الطبعة الحادية عشرة، 2009 (The Maudsley Prescribing Guidelines in Psychiatry 11th edition 2009). وعليه يجب أخذ ذلك بعين الاعتبار عند محاولة إيقاف التدخين، إذ إن المريض عندها قد لا يحتاج إلى نفس الجرعة العلاجية من الدواء الذي يأخذه، بل قد يحتاج إلى تقليل الجرعة العلاجية تدريجيا. لذا فالنصيحة المقدمة هنا أنه ينبغي للمريض المدخن الذي يعالج بأدوية نفسية أن يستشير طبيبه النفسي المعالج ويلتزم بنصائحه العلاجية حول ذلك قبل البدء في ترك التدخين.

* الإقلاع عن التدخين

* أفاد الدكتور الجندي بأن الأعراض الانسحابية من النيكوتين تحدث في العادة خلال 12 - 14 ساعة من التوقف عن التدخين، وتشمل: المزاج الاكتئابي، الأرق، القلق، الإحساس بعدم الراحة، الهياج وحدّة الطبع، صعوبة التركيز، زيادة الشهية. أما بالنسبة للأشخاص الذين لديهم تاريخ اكتئابي، فإن أعراض الاكتئاب لديهم قد تنشأ أو تزيد في فترة الأعراض الانسحابية من النيكوتين.

ويمكن الإقلاع عن التدخين في شهر رمضان، إذ يؤكد الدكتور محمد الجندي على أن المدخن يستطيع الاستغناء عن التدخين تماما ما دام أنه استطاع الاستغناء عن السيجارة طوال فترة صيامه التي تمتد لساعات طويلة قد تتجاوز الاثنتي عشرة ساعة، وخصوصا في البلاد التي يكون نهارها طويلا.

وعلى الرغم من الحقيقة العلمية المعروفة حاليا بأن النيكوتين، وهو المادة الرئيسة المغيرة للمزاج في التبغ، تسبب الإدمان وأن القوة الإدمانية للنيكوتين عالية جدا، فإن ترك التبغ والعلاج من إدمانه ممكن، وهناك الكثير من الأشخاص في حياتنا تركوا التدخين عندما قرروا ذلك وعانوا بعض الشيء في الفترة الأولى إلا أنهم نجحوا. وهناك الكثير من الأشخاص الذين تركوا التدخين بمساعدة طبية نفسية متخصصة يمكن الاستعانة فيها بالعلاج النفسي، بالإضافة إلى وجود عقاقير في الوقت الراهن ثبت علميا أنها تساعد على التعافي من هذا الداء، وهذه العلاجات متوفرة.