بين الخطأ والصواب

TT

* استشاري في طب المجتمع مدير مركز المساعدية التخصصي ـ مستشفى الملك فهد بجدة

* عودة السل بشكل أقوى

* من الأخطاء الشائعة بين المرضى الإفراط في استعمال المضادات الحيوية من دون استشارة الطبيب، وكذلك توجه بعض الأطباء إلى الإفراط في وصف هذا النوع من الأدوية الخطيرة من دون التقيد بالقواعد العلمية التي تضمن سلامة استعمالها.

هذه الأخطاء شكلت خطرا كبيرا على الصحة بشكل عام، وأدت إلى ارتفاع نسبة الإصابة بعدوى الجراثيم، وعودة بعض الأمراض التي كانت قاتلة قبل اختراع المضادات الحيوية ثم انحسرت بعد ظهورها، فأصبحت في هذا العصر الحديث قوية وعنيفة أكثر من السابق بعد أن تكونت لديها المقاومة للعلاجات التي كانت تعتبر مثالية في القضاء عليها.

نعم، لقد أصبحت الالتهابات البكتيرية المقاومة للمضادات الحيوية مشكلة شائعة جدا في البيئات الطبية، ومنها السل المقاوم للأدوية المتعددة ومرض السيلان (Gonorrhea) والتهاب السحايا وغيرهما مما انتشر في جميع أنحاء العالم.

ووفقا لتقارير منظمة الصحة العالمية (WHO)، فإن مشكلة السل المقاوم للأدوية على نطاق واسع (XDR TB) قد أصبحت في ازدياد مستمر، ويرجع سبب ذلك إلى عدم تناول أدوية السل بانتظام، وإلى الاستخدام المفرط لمضادات السل التقليدية.

ووفقا لتقارير المراكز الأميركية لمكافحة الأمراض والوقاية منها (CDC) فإن افتقار معظم المستشفيات إلى تطبيق إجراءات مكافحة العدوى سمح لمرض السل شديد المقاومة (XDR TB) بالانتشار بين المرضى الآخرين في عنابر المستشفيات بسهولة أكبر، وجعل خطر تعرض الناس للمرض، خاصة المخالطين، محتملا بعد أن كان صفرا، وارتفاع معدل وفيات المرض لأكثر من 40 في المائة، والتخوف من أن يصبح السل المقاوم للأدوية هو المرض السائد المقاوم لأي شكل من أشكال العلاج المتاحة في السنوات المقبلة.

ومن المثير للاهتمام، أنه قبل ظهور المضادات الحيوية لعلاج مرض السل كان السل يعالج بنجاح من خلال تعريض المرضى في المصحات لجرعات متزايدة تدريجيا من أشعة الشمس. بالطبع، فإن هذا الأسلوب من العلاج يؤدي إلى زيادة إنتاج فيتامين (دي) في أجسام المرضى، وقد عرفنا الآن أن هذا الفيتامين يملك صفات المضادات الحيوية القوية، فبدلا من الاعتماد على العقاقير القوية لقتل جرثومة هذا المرض، يمكن تطبيق هذه الاستراتيجية بتعزيز مناعة الشخص من خلال التعرض لأشعة الشمس وتحسين نظامه الغذائي.

* التهاب المفاصل الروماتويدي

* من الأخطاء الشائعة أن مرضى التهاب المفاصل الروماتويدي يصابون بالإحباط سريعا مع طول فترة العلاج وتأرجح الحالة المرضية بين التحسن البطيء والتدهور الكبير.

إنه مرض مؤلم وموهن للجسم ومدمر لبنيته، ويؤثر على واحد في المائة من سكان العالم، وهناك مليونا شخص على الأقل في أميركا لديهم نوع من التهاب المفاصل الروماتويدي، ومعظم المرضى يصابون بالإعاقة تدريجيا.

مسار هذا المرض يشير إلى أن أقل من واحد في المائة من المصابين يمكنهم الشفاء الذاتي منه، أما 50 - 70 في المائة من المصابين فيتعرضون للإعاقة في غضون خمس سنوات بعد ظهور المرض، بينما يتوقف عن العمل نحو نصف المصابين في غضون 10 سنوات.

وتشير الدراسات إلى أن التهاب المفاصل الروماتويدي يمكن أن يكون أكثر خطورة من أمراض القلب، وذلك لزيادة معدل وفيات المصابين بهذا المرض، فمعدل البقاء على قيد الحياة لمدة خمس سنوات للمرضى الذين يعانون من إصابة أكثر من 30 مفصلا لا يزيد على 50 في المائة. وهذا المعدل يماثل مرض الشريان التاجي الحاد أو المرحلة الرابعة من مرض هودجكن (أحد الأورام الخطيرة).

قبل ثلاثين عاما لم يكن هناك علاج شاف لالتهاب المفاصل الروماتويدي مثلما أصبحت عليه إمكانات العلاج المعاصرة الآن والتي أثبتت مقدرة كبيرة على تحسين النتائج على المدى الطويل.

لكن نجاح العلاج وزيادة فرص تراجع المرض وتحسن الحالة الصحية ليس بسيطا ولا سهلا، فهو يحتاج لتوفير مجموعة من العوامل منها:

* كلما كانت سن المريض أصغر، زادت فرص التحسن.

* كلما كان المريض واعيا باتباع خطة العلاج التغذوية، ارتفعت كفة التحسن وقلت احتمالات تدهور الحالة أو حدوث انتكاسات خلال العلاج.

* كلما كان المرض قديما أو من الدرجة الشديدة، أصبح العلاج صعبا والنتائج غير مرضية.

* الامتناع عن التدخين، فقد ثبت ارتباطه السلبي مع تحسن المرض.

إن مرضى التهاب المفاصل الروماتويدي يتناولون جرعات كبيرة من المسكنات ومضادات الالتهابات غير الستيرويدية (NSAID)، وبالتالي فإنهم معرضون لآثارها الجانبية، وخصوصا الفئات التالية من المرضى:

- كبار السن والذين لديهم إعاقات.

- المصابون بتقرحات في الجهاز الهضمي.

- المدمنون للكحول.

- مدخنو السجائر.

- مستخدمو البريدنيزون أو كورتيكوستيرويد.

- مستخدمو الأدوية المضادة للالتهاب الأكثر سمية.

في هذه الحالة يقوم الطبيب المعالج بتقييم الوضع الصحي للمريض وإيجاد بدائل أخرى بأقل مضاعفات.

[email protected]