إيبولا يستمر في حصد الأرواح.. ويؤثر سلبا على اقتصادات غرب أفريقيا

إعلان ليبيريا وسيراليون ونيجيريا حالة الطوارئ الصحية

TT

أعلنت غينيا، إحدى الدول الأربع في غرب أفريقيا التي يتفشى فيها وباء إيبولا، مساء أول من أمس «حالة طوارئ صحية وطنية»، في مواجهة هذه الحمى النزفية التي أودت بحياة أكثر من ألف شخص بينهم 56 خلال يومين.

وأعلن رئيس غينيا ألفا كوندي «حالة طوارئ صحية وطنية» في البلاد، تطبيقا لطلب بهذا المعنى من منظمة الصحة العالمية. كما اتخذت عدة تدابير منها «فرض العاملين في المجال الصحي وأجهزة الأمن والدفاع طوقا على كل نقاط العبور الحدودية» في غينيا، ووضع قيود على التنقل، وتشديد المراقبة الصحية عند مختلف نقاط العبور ومنع نقل الجثث «من منطقة إلى أخرى حتى القضاء على الفيروس»، وكذا أخذ عينات «من كل الحالات المشبوهة» ونقلهم إلى المستشفى إلى أن تصدر نتائج التحاليل.

وفي نيجيريا، ارتفع عدد حالات الإصابة بالإيبولا إلى 11 إصابة، إذ قال وزير الصحة النيجيري، أمس، إن عدد حالات الإصابة المؤكدة بالإيبولا في بلاده بلغ 11 حالة بعد اكتشاف حالة إصابة جديدة. وأضاف الوزير أونيبوشي تشوكو في مؤتمر صحافي بالعاصمة أبوجا أن المصاب الجديد يعيش في لاغوس، وكان على اتصال بباتريك سواير الذي يحمل الجنسيتين الأميركية والليبيرية، وجلب المرض لنيجيريا بعد وصوله على متن طائرة يوم في 20 يوليو (تموز) الماضي.

وبحسب آخر حصيلة أصدرتها منظمة الصحة، أول من أمس، توفي 1069 شخصا من أصل 1975 أصيبوا بالفيروس (إصابتهم مؤكدة أو مشتبه بها أو مرجحة)، معظمهم في غينيا وسيراليون وليبيريا.

وفي ليبيريا، بدأت السلطات أعمال توسيع مركز معالجة مرضى إيبولا في العاصمة لمواجهة الارتفاع المستمر في الإصابات، بحسب مراسلي وكالة الصحافة الفرنسية. وأوضح مسؤول المركز في ضاحية مونروفيا نثانيال دوفيلي «نحتاج إلى توسيع هذا المكان لأن المزيد من الأشخاص يصلون يوميا بفضل أنشطة التوعية الجارية، وبالتالي يتم نقل مزيد من الأشخاص إلى هنا حتى بلا سيارات إسعاف»، مؤكدا أن «عدد المرضى الوافدين يفوق قدراتنا». كما أعلنت ليبيريا وسيراليون ونيجيريا الأسبوع الماضي حالة الطوارئ الصحية، وعمدت ليبيريا وسيراليون إلى عزل بعض المناطق التي تفشى فيها الفيروس.

ودعما لمكافحة الفيروس، طلب رئيس سيراليون ارنست باي كوروما مساعدة الأسرة الدولية لجمع 13.5 مليون يورو، وأعلنت الحكومة أنها ستطلب لقاحا تجريبيا قام مختبر أميركي خاص بتطويره وأعطى نتائج إيجابية على أميركيين أصيبا بإيبولا في ليبيريا، لكنه لم يسهم في إنقاذ قس إسباني توفي الثلاثاء الماضي.

ولم تطلب غينيا حاليا الإفادة من هذا اللقاح، وفقا لمصدر حكومي في كوناكري، حيث أعرب أطباء عن قلقهم للمخاطر التي يواجهونها بسبب عدم توافر وسائل لمكافحة فيروس إيبولا.

وأعلنت الشركة الأميركية لإنتاج الأدوية التي طورت اللقاح أنها أرسلت كل الجرعات المتوافرة إلى دول غرب أفريقيا مؤكدة أنها قدمتها مجانا.

من جهتها، أعلنت كندا، أول من أمس، أنها ستمنح منظمة الصحة العالمية ما بين 800 وألف جرعة من لقاح قيد التجربة ضد فيروس إيبولا أطلق عليه «في إس في إيبوف». وأوضحت وزارة الصحة الكندية أن هذا اللقاح الوقائي لم يسبق أن جرب على بشر لكنه «بدا واعدا في البحوث على الحيوان».

وبسبب فيروس إيبولا نقل مكان خوض مباراة بين سيراليون وجمهورية الكونغو الديمقراطية، استعدادا لكأس أفريقيا للأمم في 2015، كانت مقررة في فريتاون في العاشر من سبتمبر (أيلول) المقبل، إلى أكرا.

وفي أوروبا، دعت ألمانيا مواطنيها، باستثناء العاملين في المجال الصحي، لمكافحة الفيروس، والدبلوماسيين إلى مغادرة غينيا وسيراليون وليبيريا، كما اليابان أيضا إجلاء 24 من رعاياها من هذه الدول الثلاث، في حين أقفلت غينيا بيساو حدودها مع غينيا المجاورة. وعلقت غامبيا من جانبها الرحلات القادمة من غينيا وليبيريا وسيراليون.

وقال الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون «علينا تجنب الهلع والخوف، يمكننا وقف تقدم إيبولا.. لقد تم احتواء إيبولا في أماكن أخرى، ويمكننا أن نفعل ذلك اليوم». وأضاف «في الأيام المقبلة ستعزز الأمم المتحدة تحركاتها لمكافحة الوباء»، مشيرا إلى إرسال معدات طبية ومواد وقاية.

وأعلنت الشركة الصيدلانية الأميركية التي أنتجت عقار «زد ماب» أنها أرسلت كل الجرعات المتوافرة إلى غرب أفريقيا، من دون أن تذكر إلى أي بلد، مؤكدة أن «العلاج قدم مجانا لكل المصابين».

وعلى أطراف القارة الأفريقية عند مضيق جبل طارق وجيب مليلية الإسباني شمال المغرب، ارتدى بعض خفر السواحل، الذين أنقذوا في الأيام الأخيرة أكثر من ألف مهاجر غير شرعي من دول أفريقيا جنوب الصحراء، قفازات وأقنعة للوقاية من الإصابة بالفيروس.

من جهتها، حذرت وكالة «موديز» للتصنيف الائتماني، أمس، من أن وباء إيبولا قد تنجم عنه عواقب اقتصادية ومالية واسعة على بلدان المنطقة التي تعول كثيرا على المواد الأولية وتعاني أوضاعها المالية من التبعية والهشاشة. وذكرت الوكالة في دراسة أن «تفشي الوباء قد ينجم عنه تأثير مالي مباشر على ميزانيات الحكومات عبر زيادة النفقات الصحية».

وذكر وزير المالية الليبيري أمارا كوني أن النفقات المتصلة بوباء إيبولا بلغت 12 مليون دولار في الفصل الثاني، ومن المتوقع أن «ترتفع لا محالة بالتوازي مع انتشار الوباء في الفصل الثالث».

وعلى الرغم من إعلان البنك الدولي عن خطة مساعدة بقيمة 200 مليون دولار لوقف نزيف الاقتصادات في غرب أفريقيا، ستشهد غينيا وسيراليون اللتان يتخطى عجز ميزانيتيهما 3 في المائة من إجمالي الناتج المحلي «تدهور ميزانيتيهما على الأرجح أيضا بسبب النفقات الصحية الكبيرة»، كما أوضحت وكالة «موديز». ويفيد تقييم أولي أجراه البنك الدولي وصندوق النقد الدولي بأن النمو في غينيا قد يتراجع نقطة واحدة بسبب الوباء، ليصبح 3.5 في المائة بدلا من 4.5 في المائة.

وتتخوف سيراليون من جهتها من أن تشهد «تباطؤا بعد نسبة النمو القياسية التي بلغت 16 في المائة في 2013»، كما ذكرت «موديز». كما حذرت «موديز» من أن «العواقب على صناعة المحروقات في غرب أفريقيا ستكون كبيرة» إذا ما تفشى الوباء في لاغوس المدينة الأكثر اكتظاظا في أفريقيا. واعتبرت وكالة التصنيف الائتماني أن «ظهور الوباء سيلحق ضررا باليد العاملة المحلية، ويحمل الشركات النفطية على الأرجح على الاستغناء عن موظفيها الأجانب»، مشيرة إلى أن «عواقب هذه الخطوة ستتمثل في الحد كثيرا من إنتاج المحروقات».