السيطرة على هرمون الليبتن أساس معالجة البدانة في المستقبل

علاج شاف للسمنة قد لا يكون متوفرا قبل 20 سنة من الآن والحل هو الرياضة والحمية الغذائية

TT

* وصل المعدة بالأمعاء الغليظة مباشرة أحد حلول معالجة البدانة المفرطة * دواء زيناتل يخفف امتصاص الدسم بمعدل 36 في المائة * الحقن بهرمون «جالانين» Glanin أحد الحلول المطروحة لندن: «الشرق الأوسط» نصف سكان المجتمعات الغربية يعانون من شكل من أشكال البدانة تقريباً. ومعظم الباحثين والأطباء يبحثون عن حل لهذه المشكلة في جميع أنحاء العالم. لكن لا يوجد علاج شافٍ ومن دون اختلاطات جانبية، وقد لا يكون في المتناول قبل 10 إلى 20 سنة من الآن.

النقطة المهمة في موضوع البدانة حالياً ان الأطباء بدأوا يفهمون جزءاً من فيزيولوجية البدانة. ويعتقد العلماء ان هورمون ليبتن الذي اكتشف أخيراً قد يكون له الدور الأكبر في حدوث البدانة لدى الإنسان، إذ وجد في الدراسات الحديثة على الفئران ان هورمون ليبتن يُفرز من الخلايا الشحمية ويذهب إلى الدماغ ليؤثر في مراكز الشهية للطعام الموجودة في منطقة تحت المهاد hypothalamus التي تتحكم بمقدار الطعام الذي يتناوله الإنسان. فإذا زادت نسبة الشحوم مثلاً يرتفع معدل هورمون ليبتن في الدم ويثبط المركز الدماغي الذي يتحكم بالشهية. والعكس صحيح، وبذلك تبقى نسبة الشحوم في الجسم تحت السيطرة الدماغية وضمن نسب معتدلة. لكن قد تتبدل هذه الآلية ويفقد الجسم سيطرته على تراكم الشحوم وبالتالي تحدث البدانة.

يرى الباحثون ان السيطرة على مستقبلات هذا الهورمون في الخلايا الدماغية قد تلعب دوراً أساسياً في تثبيط الشهية، وبالتالي تخفيف الوزن. ومهمة الأطباء في السنوات العشر المقبلة هي إيجاد أدوية فعالة خالية من الاختلاطات تقوم بهذه المهمة.

الجراحة فكر الأطباء بالجراحة لحل مشكلة الذين يعانون من زيادة وزن كبيرة، لكن معظمها يترافق مع اختلاطات مهمة للجسم. فهناك جراحة استئصال المعدة، أو جراحة وصل المعدة مع الأمعاء الغليظة حيث يخرج الطعام دون المرور بالأمعاء الدقيقة لامتصاص الأغذية. لكن هذا النوع من الجراحة له اختلاطات مهمة على الجسم منها الإسهال وسوء التغذية واضطراب شوارد الجسم وسوائله.

ولتجاوز هذه الاختلاطات ابتكر العلماء البريطانيون في جامعة ليدز طوقاً سليكونياً يمكن لف المعدة به والتحكم في سعته، وبذلك لا يستطيع الإنسان تناول كمية كبيرة من الأغذية، لكن لا يعتقد الأطباء ان هذا الإجراء هو الحل الأمثل لتخفيف الوزن، إنما يجب إيجاد طريقة أفضل.

أدوية خيارات تخفيف الوزن كثيرة جداً، لكن لكل منها ثمناً يمكن ان يدفعه الإنسان من صحته وعافيته. والأمثلة كثيرة على ذلك، فقد استخدم منذ سنوات دواء «الامفيتامين» وهو يعتبر من أنواع المخدرات وحتى الآن ما زال العديد من الناس يستخدمونه، إذ يفضلون الإدمان على زيادة الوزن. وهذا العقار يؤدي إلى نقص الشهية للطعام وعدم القدرة على النوم وفقدان الرغبة الجنسية والتيقظ المستمر وبالتالي حرق كمية عالية من السعرات الحرارية.

وفي عام 1996 كان لمشاركة دواء Phentermine ودواء Fenfluramine تأثير سحري في خفض الوزن وعرف الدواء المركب بـ Phen-Fen، حيث وصفت منه خلال سنة واحدة اكثر من 6 ملايين وصفة في الولايات المتحدة فقط. لكن سحب هذا الدواء من الأسواق عام 1997 نظراً لتأثيراته السلبية القاتلة، إذ تبين انه يسبب ارتفاعاً في الضغط الرئوي، واضطرابات قلبية صمامية، إذ يمكن ان يحدث قصوراً في الدسام الأبهري أو الدسام التاجي.

حالياً هناك اعجاب عام بدواء xenical الجديد إذ ان آلية هذا الدواء تختلف عن الأدوية السابقة، فهو يعمل على مستوى الأمعاء ويمنع امتصاص ما يعادل 36 في المائة من المواد الدسمة المأخوذة، لكن قد يسبب هذا الدواء إسهالاً وحتى الآن لا تعرف تأثيراته السلبية البعيدة المدى. إضافة إلى ذلك يخفف الدواء 10 في المائة من الوزن فقط خلال 6 إلى 12 شهراً، وهذا غير كاف للمرضى الذين يعانون من زيادة وزن كبيرة.

بحوث بالطبع ليبتن واحد من الهورمونات العديدة التي قد تؤدي دوراً في آلية حدوث البدانة. ووجد في البحوث التي أجريت في جامعة واشنطن ان جميع هذه الهورمونات تؤثر في مركب يدعى جالانين galanin الذي بدوره يؤثر في نسبة تخزين الشحوم في الجسم.

ويرى براين أتكومس من جامعة واشنطن ان التركيز على دور الهورمونات فقط قد لا يكون الحل الأمثل لمعالجة البدانة، اذ يجب البحث في انتاج أنواع من الشحوم لا تؤثر في الجسم. وقد انتج العلماء شحوماً لا تمتصها الأمعاء لكن لها بعض التأثيرات الجانبية.

ويركز الأطباء حتى الآن على الحمية الغذائية والنشاط الرياضي لتخفيف الوزن، لكن يمكن ان يأتي يوم يبقى فيه الإنسان نحيفاً مهما تناول من الأغذية، لكن لن يكون ذلك ممكناً قبل سنوات عديدة.