أروى إبراهيم يعتبر سرطان القولون «الأمعاء الغليظة»، أكثر أورام الجهاز الهضمي الخبيثة انتشاراً، ويشكل مع سرطان الرئة والثدي أكثر الأورام الخبيثة على المستوى العالمي، وينظر إليه في الدول الغربية والصناعية المتقدمة بصفته معضلة صحية كبرى. وللوقوف على هذا المرض وتشخيصه وعلاجه كان لنا هذا اللقاء مع الدكتور فايز صبيح، مستشار الجهاز الهضمي والكبد والمناظير في الأردن.
* في البداية ما هو سرطان القولون؟
ـ نشوء سرطان القولون مرتبط بتقدم العمر، حيث يزداد بشكل حاد بعد سن الخمسين، خاصة لدى الذين يعانون من مرجلات في القولون، أو السليلة التي تعرف طبياً أيضاً باسم «بوليب» Polyp، وهي عبارة عن كتلة نسيجية حميدة تبرز في تجويف الأمعاء يمكن أن تحدث فيها مع مرور الوقت تحولات سرطانية خبيثة، ومن هنا تكمن أهمية هذه اللحميات وخطورتها، على الرغم من أن معظمها تكون حميدة عند اكتشافها.
* ما هي العوامل البيئية التي تزيد من سرطان القولون؟
ـ من الأمثلة على العوامل البيئية التي ارتبطت مع خطر نشوء سرطان القولون، تناول أطعمة تحتوي على نسبة عالية من الدهنيات (خصوصاً الدسم الحيواني المشبع)، وكميات كبيرة من اللحوم الحمراء والأطعمة التي تولد نسبة عالية من السعرات الحرارية مقترنا بتناول كميات قليلة من الألياف وبعض الفيتامينات مثل (أ) و(ج) و(هـ)، كذلك الكالسيوم، بالإضافة إلى مواد ضارة أخرى تدخل الأمعاء أو يتعرض لها الإنسان.
* ما أعراض سرطان القولون ولحمياته؟
ـ من المهم التأكيد أن الغالبية العظمى من اللحميات الغدية لا تتسبب بأي أعراض أو شكوى، وهو ما ينطبق أيضاً على اللحميات التي بدأت فيها التحولات السرطانية، كذلك السرطان خصوصا في بدايته. وفي حالة ظهور أعراض من وجود اللحميات فإن أكثرها يكون بشكل نزيف عن طريق الشرج أو وجود كميات غير مرئية من الدم مخلوطة مع البراز، وغالبا ما يحدث كل ذلك بشكل متقطع، أما بالنسبة لسرطان القولون فعندما يعاني المصاب من شكوى مثل ألم البطن، نزيف شرجي، أعراض فقر الدم، نقصان الوزن أو انسداد الأمعاء، يكون الورم قد وصل مرحلة متقدمة في معظم الأحيان، ومن هنا تكمن أيضاً الأهمية القصوى للكشف المبكر.
* ما هي طرق العلاج؟
ـ على مدى السنوات العشر الماضية، دار جدل واسع في الأوساط الطبية المتخصصة في البلدان المتقدمة عن كيفية الوقاية أو التقليل من الإصابة بسرطان القولون وارتكز ذلك على وجود عدة صفات لسرطان القولون تجعله من أكثر الأورام ملاءمة للتقصي والكشف المبكر ، أولها أنه ورم شائع وخطير، ولكون معظم لحميات سرطان القولون لا تتسبب بشكوى أو أعراض إلا في طور متأخر، ثم إن معظم أورام القولون الخبيثة تنشأ من نمو اللحميات الغدية التي تحتاج لفترة سنوات للتحول إلى ورم خبيث، وهذه الفترة الزمنية كافية لتقصيها، واستئصالها مما يمنع حدوث السرطان. إن استئصال اللحميات التي تحوي تغيرات خبيثة، وحتى السرطان الذي لم ينتقل خارج جدار الأمعاء يكون شافياً، ولا يحتاج لأي إجراءات علاجية إضافية لاحقة، وآخر هذه العوامل هو توفر وسائل أمينة وفعالة للتقصي والعلاج المبكر. وبالاعتماد على كل ذلك تم وضع برامج واستراتيجيات تحدد طرق التقصي والاكتشاف المبكر للحميات وسرطان القولون وعلاجها ومتابعتها على المدى البعيد، وقد تم اعتماد هذه البرامج من قبل المؤسسات الصحية الرسمية وصناديق التأمين في بعض بلدان العالم.
* وما هي وسائل التقصي من أجل تشخيص المرض؟
ـ المتفق عليه أنه في حال توفر الإمكانيات فإن أدق وأنجع الوسائل هو إجراء منظار لكامل القولون، وأهمية المنظار تكمن ليس في كونه أداة لفحصه من الشرج إلى الأعور، أي بطول حوالي 80 سم، فهو ليس أداة تشخيصية دقيقة فقط، بل وسيلة علاجية غاية في الأهمية ومتعددة الأغراض منها الاستئصال الآمن لأية لحميات يتم اكتشافها أثناء عمل المنظار، حيث ترسل بعد ذلك للفحص النسيجي. وهو ما ينطبق أيضاً على اللحميات التي يظهر فحصها النسيجي وجود تغيرات ورمية خبيثة لم تصل جدار القولون بعد، ويجري كل ذلك من دون الحاجة لدخول المريض المستشفى، وفي حالة وصول التغيرات السرطانية للجدار، أو وجود ورم كبير يصار إلى التدخل والعلاج الجراحي.