هل يصلح البوتوكس ما أفسده الدهر؟

ما ينبغي ان تعرفه المرأة عن علاج تجاعيد الجلد بالسموم* حقن سموم البوتوكس غير مستطبة لدى الحوامل * تأثير الحقنة لا يستمر أكثر من ستة أشهر * يجب إيقاف تناول الأسبرين قبل أخذ الحقنة

TT

لا شك ان الحفاظ على الشباب والنضارة اصبح هاجس كل سيدة وحتى معظم الرجال اذا كانت السيدات في الماضي تبدأ بمعالجة تجاعيدهن عندما تظهر في أواسط الاربعينات، فاليوم اصبحت الوقاية خير علاج، اذ بدأن بأخذ احتياطهن منذ اواسط العشرينات. والكريمات والمساحيق التي تؤخر من ظهور التجاعيد كثيرة. والسباق بين هذه الشركات محموم، ويتجلى بوضوح عبر التقنن بالاعلانات لجذب المزيد من المستهلكين. فالكريمات التي تحتوي على مواد لازالة التجاعيد كثيرة.. وكل شركة تسعى لتبتدع اعلانا مبتكرا لتتميز من بين المساحيق الأخرى.. ولتجذب السيدات. ولعل من اكثر الاعلانات تميزا في الآونة الاخيرة. اعلان كريم مقاومة التجاعيد من «روك» Roc وهو عبارة عن وجه لتمثال خالٍ كليا من التجاعيد مما يعني انه بعد استعمال هذا الكريم يصبح الوجه كأنه منحوت، كما سبق لشركة «روك» ان قامت باعلان لكريم عبر بالون منفس مما يعني ايضا ان الوجه مع العمر يفقد نضارته وتقل نسبة الماء فيه فيصبح اشبه بالبالون المنفس، لكن مع استعمال هذا المسحوق من «روك» تعود نضارته اليه ويعود بكامل حيويته كالبالون المنتفخ. وكما سبق وذكرت فإن هذه المساحيق تملأ رفوف الصيدليات، والاعلانات الجذابة و«المتبرجة» تملأ صحف المجلات النسائية وواجهات محلات مساحيق التجميل، لكن هناك نوعاً من التجاعيد عندما تبلغ المرأة عمرا معينا لا تعد كل هذه المساحيق تنفع معه.

ولكن لن نقول هنا انه لا بد اذن من مقبض الجراح، لأنه باتت اليوم طرق أخرى لاخفاء التجاعيد تسبق عمليات الشد، وهي تتم عبر حقن مواد ما في مكان التجاعيد. واذا كان الكولاجين Collagen سيد الموقف، في السنوات الاخيرة (ولطالما تقاطرت النساء الى عيادات جراحي التجميل. لاخفاء تجاعيدهن عبر حقنة حول الفم أو في الخدود).

لقد خفت رهجة الكولاجين في عالم التجميل ليحل مكانه «البوتوكس» الذي اصبح هوس السيدات، واللجوء اليه اصبح كمن يذهب ليشتري زاده. لكن هذا لا يعني ان مفعول البوتوكس والكولاجين واحد. وعندما توجهت بسؤال للدكتور نبيل فليحان جراح الانف والاذن والحنجرة وتجميل الوجه، حول الفرق بين الكولاجين والبوتوكس اجابني: ان البوتوكس هو بمثابة Lifter اي يقوم بشد العضل ويزيل التراخي الناتج عن التقدم في السن، اما الكولاجين فهو بمثابة Filter، اي يستعمل لتعبئة الخطوط في الوجه، اي التجاعيد الاولى.

وعموما فإن أول تجاعيد تظهر هي تلك التي تعرف بالـ expressions wrinkles اي «تجاعيد التعابير»، وهي تلك الناتجة عن تعابير في الوجه، كتلك التي تظهر في محيط العينين والفم عند الضحك، واجمالا، تبدأ هذه التجاعيد ـ أو بالأحرى الخطوط ـ بالظهور عند منتصف الثلاثينات، وهذه الخطوط يمكن حقنها اي تعبئتها بالكولاجين فيستعيد الوجه نضارته، لكن مع تقدم السن، وعندما يبدأ الجبين والجفن بالتراخي، فإن البوتوكس هو الامثل، اذ يعمل على شد الاماكن المرتخية. ولا يقتصر استعمال البوتوكس على شد اعضاء في الوجه ارتخت مع الزمن، انما يستعمل ايضا للفتيات الراغبات بقلب أو اعلاء شفتهن العليا، كما هي الموضة اليوم.

الاسم الكامل للبوتوكس Botox هو «بوتولينوم توكسين تايب أ» Botulinum toxintype A و«توكسين» يعني «سام»، وهو بالفعل مادة سامة مستخرجة من بكتيريا البوتوليزم. اما كيف يعمل البوتوكس على اعادة الشباب للعضل؟ فهو عند حقنه بالعضل، يرتخي هذا الاخير المتشنج الذي تتجلى تشنجاته بالخطوط على الوجه (كخطوط الجبين)، وعند ارتخائه تزال الخطوط. فلذلك غالبا ما تقوم السيدات في بداية الاربعينات بحقن جبينهن بالبوتوكس لاخفاء خطوطه. فهو لا يخفي الخطوط فقط، انما يشد الاعضاء المرتخية. وهو الامثل لشد الجفن المتراخي ويعمل على شل العضل لثوان.. ليعود ويشده. ولكن من سلبيات البوتوكس، انه من الممكن ان يسبب شللا مؤقتا لو فشلت عملية حقنه.

أول من اكتشف العلاج بالبوتوكس هو طبيب الجلد الدكتور اليستير كاروذرز Alistair Carrethers بمعاونة زوجته طبيبة العيون وذلك في عام 1988.

وتم ذلك خلال معالجتها لتشنج في عضلات الجفن. واهم ما يجب ان تعيه السيدة قبل القيام بحقن البوتوكس، هو تأكدها من مهارة طبيبها، لأن هذه العملية تستلزم الكثير من الدقة من ناحية الكمية المحقونة والتحديد الصائب لنقطة الحقن. وبعد حوالي عشر سنوات على استعمال البوتوكس، تتعدد الآراء حوله، مثل اي مادة خلال استعمالها في الفترة الأولى. وهل لنا ان ننسى الضجة التي اثيرت حول السيليكون وتأثيراته السلبية. ابرز الاسئلة التي تدور اليوم حول البوتوكس هي عن مدى فعاليته، والى اي مدى يدوم تأثيره؟ والسؤال الثاني هو: باختصار ما هي تأثيراته السلبية على الجسم؟

لا شك، ان البوتوكس هو الحل المثالي والاسرع للتخلص من التجاعيد دون اللجوء الى الجراح.. هذا ما يؤكده كثيرون من اطباء التجميل. فأي طبيب تجميل اصبح اليوم جدوله مليئا بالسيدات اللواتي يأتين لحقن البوتوكس، فالامر اصبح اشبه بالذهاب لدى طبيب الاسنان، لا سيما ان عملية الحقن تتم خلال فترة قصيرة.

والنتيجة فعالة الى حد ما. وحين سئل الدكتور «كاروذرز» مكتشف البوتوكس، عما تحويه هذه المادة، اجاب: «انها تتألف من اجزاء من البروتين، وان الجسم معتاد على البروتين، لأنه يتخلل الكثير من وجبات طعامنا يوميا، وبما ان الجسم يهضمه، فهو بالتالي قادر على استيعاب وهضم البوتوكس».

واذا كان الدكتور كاروذرز قد بدأ باستعمال البوتوكس منذ عام 1988، فزوجته تستعمله على مرضاها منذ عام 1983، ولم يشك احد من اي عوارض جانبية، على المدى الطويل. واهم ما يجب معرفته عن البوتوكس انه يُحقن في العضل وليس في الدم.

ومرارا ما تتساءل السيدات عن مدى الفترة التي يظل خلالها البوتوكس فعالا، وهنا يجيب الاختصاصيون، بأن البوتوكس يخدم لفترة طويلة، فمثلا اذا حقنت سيدة جبينها بالبوتوكس فلن تعود التجاعيد بالظهور بعد ستة اشهر او سنة. ولكن السيدة التي لا تجد نتيجة، او التي تشعر بأن حقنة البوتوكس لم تخدمها لفترة طويلة فإن هذا لا يعني ان البوتوكس ليس ثم تا، انما يعود ذلك الى قلة الكمية المحقونة. وعموما تبدأ نتائج حقن البوتوكس بالظهور بعد حوالي 5 ايام على الحقن. والجدير ذكره، ان عددا قليلا من الاشخاص يملكون مناعة ضد البوتوكس، مما يحول دون تفاعل جسمهم معه، وبالتالي لا يمكنهم الاستفادة منه.

واذا كانت سيدات كثيرات يسألن عن التأثير السلبي لهذه المادة التي سيدخلنها على اجسامهن، فالاختصاصيون يجيبون انه لغاية اليوم لا توجد احصاءات او دراسة متعلقة بالتأثير السلبي على المدى الطويل، كما انه ما من طبيب تعرضت مريضته لاي مضاعفات. ويرجح الاطباء عدم وجود تأثيرات سلبية للبوتوكس لكون الجسم لا يخزنه.

ويقع على عاتق المرأة دور كبير في الحفاظ على شباب ونضارة بشرتها، سواء قبل او بعد خضوعها لحقن البوتوكس. فالتعرض الكثير لاشعة الشمس يعمل على ظهور التجاعيد مبكرا كما يضاعف من انتشارها، وقلة شرب الماء وعدم ترطيب البشرة يؤذيانها كثيرا، كما ان الحميات الغذائية المنحفة خلال فترة وجيزة تصيب بشرة الوجه والجسم على حد سواء بالترهل. كذلك للنوم مفعول كبير في المحافظة على نضارة البشرة، ويجب على الفتاة ان تبدأ بالاهتمام ببشرتها منذ سن الثانية عشرة. فالوقاية خير علاج، ويتوجب على الفتيات في هذه السن تنظيف بشرتهن يوما، لان الخلود الى النوم ببشرة تحمل ملوثات النهار، اكبر عدو لها، كما يترتب عليهن في ما بعد استعمال الكريم المرطب يوميا، والقيام كل اسبوعين وبمفردهن بازالة البثور والجلد الميت واستعمال «الماسك» لفتح مسام الوجه. وكل هذه الطرق كفيلة بتأخير التجاعيد. والجدير ذكره ان البشرة الجافة تشيخ قبل البشرة العادية او الدهنية، لأن كمية المياه في داخلها قليلة، مما يجعل تقدم السن يظهر جليا عليها. واذا كنا اليوم نسمع بشكل مكثف بالبوتوكس كحل سحري لاخفاء التجاعيد، فهذا لا يعني انه الوحيد الذي يفي بهذا الغرض، فكما سبق وذكرت فالكولاجين له مفعوله ايضا في هذا المجال، وكذلك الـ «ريستالين» Restylane، لكن مثلما ان لكل جديد رهجة.. فهذا هو سبب هذه الضجة حول البوتوكس، خصوصا، انه اليوم «قوت» غالبية نجمات هوليوود وعارضات الازياء. وختاما لا يسعنا الا ان نتساءل هل يصلح البوتوكس ما افسده الدهر؟